الغول: في ظل تفرد الرئيس لا يُمكن ضمان تنفيذ أي قرار وطني

كايد الغول
كايد الغول

أكّد عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، كايد الغول، أنّ “الجبهة ستعمل بقوّة كي تُفضي اجتماعات المجلس المركزي المُقبلة إلى قراراتٍ تعكس نبض الشعب الفلسطيني، وألّا تكون “شكليّة استخداميّة”، كما ستُحارب من أجل تنفيذها.

وقال الغول، في مقابلة مع موقع “بوابة الهدف” التابع للجبهة الشعبية قُبيل بدء انعقاد لقاءات المجلس المركزي الأحد المُقبل،:” إنّ مُساءلة الرئيس الفلسطيني والقيادة التنفيذية على عدم تنفيذ قرارات المجلس المركزي الأخيرة، هو أمرٌ نظاميّ ضمن مهام المجلس، وهذا ما ستطرحه الجبهة في اللقاءات المُرتقبة، كمدخلٍ لتصويب الحالة الفلسطينية والخروج من دوامة عدم تنفيذ قرارات المؤسسات الوطنية، وعدم انتظام اجتماعاتها.”

وكانت آخر دورة للمجلس المركزي (27) انعقدت مطلع مارس 2015 بمقرّ الرئاسة في مدينة رام الله المُحتلّة، على مدار يومين، وتضمّن بيانه الختامي 12 قراراً. في مقدّمتها التأكيد على التمسّك بالثوابت الوطنيّة، ووقف التنسيق الأمني بكلّ أشكاله مع الاحتلال الاسرائيلي، وتطبيق المصالحة، واتّخاذ إجراءات عمليّة لدعم صمود القدس والمقدسيين. كما جرى الإقرار بأن تنتظم دورة اجتماعات المجلس مرةً كل 3 أشهرٍ، وأن تتولّى اللجنة التنفيذية مُتابعة تنفيذ قراراته.

في هذا الصدد شدّد الغول على ضرورة التصدّي لطريقة التعامل مع القرارات الوطنية باعتبارها “استخدامية غير مُلزِمة”، يجري اتّخاذها فقط لمعالجة تطوّرات ما في فترة مُعيّنة، بدون أن تكون جزء من سياق سياسة تُدير صراع مفتوح مع الاحتلال.

وقال “يتم في بعض الأحيان اتخاذ قرارات من أجل امتصاص ردود فعل الشارع، ثمّ يتمّ العمل فيما بعد على تجاوزها بوضعها في الأدراج، أو الالتفاف عليها وعدم تطبيقها”. وهُنا شدّد على أنّ الشعبيّة “ستُناضل لتكون قرارات المركزي المقبلة انعكاسٌ لنبض الشعب الفلسطيني، كما ستُناضل من أجل تطبيقها”.

وتطرّق إلى ما يجري عقب الاجتماعات المُغلقة للمؤسسات الوطنيّة، بشأن صياغة البيان الختامي وقراراته ومُحتواه، الذي لا يعكس بالضرورة كافة المواقف والمطالب التي يتم طرحها خلال الاجتماعات، إذ ينشدّ البيان الختامي غالبًا لتبنّي وجهة النظر الرّسمية التي يرغبها الرئيس.

“هذه الآلية في الصياغة دفعت الشعبية في أكثر من مرّة لتقديم اعتراضها بعد قراءة البيان الختامي في الجلسة العامة، لعدم تضمّنه المواقف الغالبة التي تم عرضها في الاجتماعات أو القواسم المشتركة” بحسب الغول.

الدورة المُرتقبة للمجلس المركزي لها خصوصيّة، وفقَ ما رآه الغول “ارتباطًا بالتطوّرات السياسية الحاليّة، في مُقدّمتها وصول ما يُسمى العملية السياسّية لطريق مسدود، وتسارع الإجراءات الصهيونية لتعميق الاحتلال في الأراضي الفلسطينية، ومنها قرار فرض السيادة “الإسرائيلية” على مُستوطنات الضفّة، وقانون (القدس المُوحّدة)، إضافة للقرار الأمريكي بالاعتراف بالقدس المحتلة عاصمةً للكيان، وهذا كلّه مُقدّماتٍ لمشروع تصفية القضيّة الفلسطينية.

وقال عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية إنّ “الردّ على هذه التحدّيات والمخاطر يستوجب مُجابهتها بسياسة فلسطينية مُغايرة للسياسة الرسمية القائمة تحافظ على الحقوق الوطنية، وتقطع الرهان على أي مبادرات لاحقة هدفها إجهاض القرارات الوطنية وتصفية حقوق شعبنا”.

وفي هذا السياق، أشار إلى أنّ الجبهة ستُجدّد دعوتها لضرورة الخروج الكُلّي من مجرى المفاوضات، وبناء الاستراتيجية الوطنيّة التي تنطلق من أننا شعب تحت الاحتلال يخوض نضالًا وطنيًا تحرّريًا لإنهائه وتأمين حقوق شعبنا في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة. بما تتطلّبه هذه الإستراتيجية من إعادة الإمساك بكامل الأهداف الوطنية والحفاظ عليها من جهة، وفتح الخيارات كافّة في مواجهة الاحتلال، وبناء الوِحدة الوطنية من جهة ثانية كعنصر لا غنى عنه في توحيد قوى الشعب وتوحيد طاقاته في مواجهة الاحتلال، وكشرطٍ لازم لتحقيق الانتصار عليه.

كما ستجدد الجبهة مطالبتها ومعها فصائل أخرى بسحب الاعتراف بالكيان الصهيوني، والانسحاب من الاتفاقات المُوقّعة معه، والتنصّل من أيّة التزامات ترتّبت عليها، بما فيها التنسيق الأمني. وهو ما وجبَ فعلُه منذ نحو ربع قرن، ودعت إليه الشعبية في دورة المركزي بالعام 1999، مع انتهاء الفترة الانتقالية التي نصّ عليها اتفاق أوسلو، كما طالبت بإعلان تجسيد الدولة الفلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس.كما قال

“لم تأخذ القيادة الفلسطينية بهذه المطالب، وعملت على تمديد فترة المفاوضات حتى يومنا هذا، استجابةً للضغوط العربية والدولية، وبسبب ضعفها وخشيةً على انهيار خياراتها التي رهنَتها بالمفاوضات مع إسرائيل” وفقَ الغول.

وعليه، ستدعو الجبهة إلى تبني عملية سياسية بديلة لما هو قائم من خلال الدعوة لعقد مؤتمر دولي كامل الصلاحيات بمرجعية الأمم المتحدة هدفه إنفاذ قراراتها ذات الصلة بحقوق الشعب الفلسطيني، إلى جانب العمل على تحشيد دول العالم لنُصرتنا في هذا المسعى. يترافق مع ذلك الانضمام لكلّ المؤسسات الدولية التي يُمكن أن تنتصر لحقوقنا الوطنية، خاصةً في هذا الوقت الذي بات يُدرك فيه المُجتمع الدولي أن “إسرائيل” هي المسؤولة عن تدمير ما راهن عليه من عمليةٍ سياسية.

وشدّد الغول على “أهمّية إدارة الصراع مع العدوّ الصهيوني بأداة قياديّة وطنيّة واحدة، بما يضمن تطبيق القرارات التي يتمّ اتّخاذها وتذليل العقبات أمامها.”

وأوضح “حاليًا يُمكن أن تكون هذه الأداة (لجنة تفعيل وتطوير منظمة التحرير) باعتبارها إطار قيادي موحّد، ستُطالب الجبهة بالدعوة لانعقاده، من أجل إدارة الشأن الوطني لحين عقد مجلس وطني توحيدي، كما ستُطالب بانتظام اجتماعات المركزي وتنفيذية المنظمة والالتزام بمتابعة وتطبيق قراراتها.

وتابع عضو المكتب السياسي للشعبية بالقول إنّه “إلى جانب الآليات الرسمية التي تضمن تطبيق القرارات الوطنية، والتي أنِف ذكرُها، يجب العمل من أجل الوصول لصيغة شعبيّة تضغط لذات الهدف، وتضم ممثلين عن مكونات الشعب الفلسطيني، لحمل لواء الدفاع عن القرارات الوطنية”.

وهُنا شدّد الغول على” أهميّة الاستناد إلى الشعب الفلسطيني والثقة بقدراته والرهان عليه أوّلاً في الإقدام على تنفيذ القرارات الوطنية وفي التعامل مع العدو الصهيوني وحلفائه”. وقال “يجب أن يقتنع الرئيس والقيادة الفلسطينية عمومًا، بأنّ الشعب قادرٌ على مواجهة التحديات التي يتعرّض لها، وكذلك الصعوبات التي يُمكن أن تنجم عن القرارات التي يتّخذها، وهو ما أثبته منذ النكبة حتى اليوم”.

وأضاف “كما يجب الاقتناع بأنّ تعقيدات وصعوبات القضية الفلسطينية لا يُمكن أن تُحلّ بالرهان على العامل الخارجي، إنّما يكون الرهان أوّلًا على الشعب ونضالاته في الميدان، وهذا بدوره سيشجع ويرفع من سقف مواقف القوى المُناصرة”.

وفي هذا الصدد، استهجن توجّه القيادة الرسمية الفلسطينية، عقب قرار ترامب، لعقد المشاورات واللقاءات مع أطراف إقليميّة ودولية، قبل أن يتحدّد الموقف الرسمي الفلسطيني من خلال انعقاد الإطار القيادي المؤقت أو من خلال اجتماع اللجنة التنفيذية، مُنتقًدا تغيبهما وعدم انعقاد أي اجتماع للتنفيذية بصفتها القيادة الأولى لمنظمة التحرير، رغم خطورة القرار الأمريكي.

وفي السياق ذاته، أكّد الغول أهميّة “التقاط القيادة للحالة الجماهيرية المُنتفِضة في وجه سياسات الاحتلال والقرار الأمريكي، والعمل على توفير مقومات نجاحها وتطويرها، من خلال: تحديد الهدف السياسي لها، وأدوات تنظيمها وإدارتها من خلال قيادة موحدة لها على الصعيد الوطني وكذلك على صعيد المحافظات والمدن والمخيمات والقرى الفلسطينية”.

كما شدّد على أنّ ضرورة دعم صمود الشعب الفلسطيني كأولويّة، ابتداءً بالرفع الفوري للإجراءات العقابية التي فرضتها السلطة على قطاع غزة، واستكمال الاتفاقات الموقعة لإنهاء الانقسام.

وتطرّق الغول إلى ما اعتبره “المُعضلة الكُبرى –فلسطينيًا-، وهي أننا أمام قيادة رسمية لا زالت تعتبر التفاوض خيارًا استراتيجيًا، كما لا زالت تعتمد سياسة التفرّد في كل ما يتعلّق بالشأن الوطني الفلسطيني، خاصةً من قبل الرئيس” مُبيّنًا أنّه “في ظلّ التفرّد لا يُمكن ضمان تنفيذ أيّ قرار وطني، فتقدير أولويّة التطبيق من عدمه يبقى مرهونًا بشخص الرئيس”.

وأضاف “نحن نخوض نضالاً ضد التفرّد، الذي يعتبر إشكاليّة كبيرة يجب طرحها عنوانًا رئيسيًا وصريحًا في اجتماعات المركزي المقبلة، وكذلك الاتفاق على أسس وقواعد الشراكة الوطنية”.

وأعرب الغول عن تمنّيه بأن تكون مُشاركة حركتيْ “حماس” و”الجهاد الإسلامي”، فاعلة ومُؤثّرة، وألّا تقتصر على المُشاركة الرمزيّة الشكلية.

وأكد أن مُشاركتهما ستُؤثر إيجابًا على الحوارات المُقبلة في المجلس المركزي، وستُضاعف وزن القوى والفصائل التي تُعارض نهج المفاوضات وتدعو لسحب الاعتراف بـ”إسرائيل” والانسحاب من الاتفاقات الموقّعة معها والالتزامات المترتبة عليها.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن