المنظومة الأمنية الإسرائيلية توسع اعتمادها على العملاء في الاغتيالات

عملاء الاحتلال

تستخدم المنظومة الأمنية الإسرائيلية منذ عقود العملاء المحليين كأداة لجمع المعلومات بدرجة أساسية، ومن ثم إعداد التحضيرات اللوجستية ومهمات النقل وأحياناً زرع أجهزة التنصت، كما توكل إليهم بعض المهمات الأمنية الأخرى كتقديم الدعم وغيره أثناء تنفيذ عمليات الاغتيال، داخل فلسطين أو خارجها. لكن المعطيات الأخيرة لدى المقاومة في غزة، خاصة بعد عملية اغتيال القائد في “كتائب القسام”، الذراع العسكرية لحركة “حماس”، الأسير المبعد من الضفة إلى غزة مازن فقها، في الثلث الأول من العام الماضي، ثم ما تكشّف بشأن محاولة اغتيال قائد قوى الأمن في القطاع اللواء توفيق أبو نعيم (قبل شهور)، تظهر أن الاحتلال الإسرائيلي بات يوسع اعتماده على العملاء، ما بين التنفيذ الكلي أو شبه الكلي.حسب تقرير لصحيفة “الأخبار” اللبنانية

وطبقاً للمعلومات التي حصلت عليها صحيفة “الأخبار” اللبنانية من مصدر أمني في غزة، فإن قضية الشهيد فقها لم تغلق بعد لدى الأجهزة المختصة داخل القطاع، والسبب اعتراف عملاء جدد بعلاقتهم بالعملية فضلاً عن ثلاثة عملاء أعدمتهم “حماس” في أيار الماضي، أحدهم أقرّ بالقتل المباشر، فيما كانت مهمة العملاء الجدد وفق اعترافاتهم “المراقبة الأمنية ونقل المجريات لضباط المخابرات الإسرائيلية حول الأحداث عند مسرح الجريمة”.

وحسب الصحيفة، اللافت أن المقاومة وقت اكتشافها استشهاد فقها استنفرت على الحدود البحرية والبرية للقطاع في محاولة لرصد خروج أي مجموعة تنفيذ، لاعتقادها أن مجموعة إسرائيلية خاصة قد تكون دخلت ونفذت المهمة، على ما جرت عليه عادة العدو في الاغتيالات، ولم تنهِ ذلك الاستنفار إلا بعدما تأكدت من أن التنفيذ كان بأيدي العملاء الذين رصدتهم كاميرات مراقبة في المنطقة.

ومنذ تشرين الأول الماضي، استمرت الأجهزة المعنية في متابعة محاولة اغتيال أبو نعيم، إذ كان الإعلان المبدئي أن الاثنين المعتقلين آنذاك كانا من “الجماعات السلفية التكفيرية”، خاصة في ظل الحرب القائمة بين “حماس” وتلك الخلايا، خاصة التي بايعت “داعش”. لكن معلومات حصلت عليها “الأخبار” حول مجريات التحقيق في محاولة اغتياله بيّنت أن من يقف وراء العملية هو الاحتلال الذي استخدم عملاء محليين في صناعة وتركيب العبوة الناسفة داخل سيارته.وفق الصحيفة

ولولا مناداة شخص كبير في السن على أبو نعيم، بعدما همّ بركوب الجيب الخاص وفتحه باب سيارته ثم الرجوع مترجّلاً لخطوات معدودة عن السيارة، لأدّت العبوة إلى إنهاء حياته من الفور، لكنه أصيب بجراح طفيفة في أنحاء مختلفة من جسده. وتتّهم إسرائيل أبو نعيم بأنه قائد العملية الأمنية التي تعرض لها عملاء جهاز “الشاباك” في غزة بعد اغتيال فقها، وأدت إلى اعتقال 45 عميلاً وإعدام ثلاثة منهم، فضلاً عن هرب ثلاثة غيرهم باتجاه فلسطين المحتلة عبر الحدود الشرقية للقطاع، وكانت تلك العملية من أكبر الضربات للعملاء في غزة.حسب تقرير الصحيفة

خلال التحقيقات المستمرة، اعتقل الأمن مشتبهاً فيهم على ارتباط مباشر بالمخابرات الإسرائيلية، تبين أنهم استغلوا الإشكال القائم بين الخلايا السلفية و”حماس” كعنوان لتنفيذ الاغتيال، خاصة أن المقاومة رصدت في تلك اللحظات تحليقاً مكثفاً لطائرات الاستطلاع. وإن كانت محاولتا اغتيال أبو نعيم، والقيادي في “حماس” محمد حمدان في صيدا، تتشابهان في النتيجة، إذ نجا الاثنان جراء مصادفة أدت إلى بعدهما عن العبوة المزروعة لكل منهما، فإن التشابه الأكبر هو في طريقة زراعة العبوات وآلية الاغتيال واستخدام عملاء محليين لتقديم الدعم اللوجستي على أكمل وجه، باستثناء أن المنفذ الرئيسي في غزة كان عميلاً (مباشراً أو عبر قيادي سلفي) ولم يكن عنصراً إسرائيلياً.

ومثّل الإخفاق في اغتيال حمدان وأبو نعيم، مع تزامن المحاولة الأولى مع الإخفاق الأمني والميداني في اقتحام جنين قبل أسابيع، ضربات متوالية للأجهزة الأمنية الإسرائيلية، التي تعمل ثلاث منها في مهمات خاصة، من ضمنها تنفيذ عمليات الاغتيال: الأول هو الأمن الداخلي “الشين بيت” أو “الشاباك”، وعمله داخل فلسطين. والثاني جهاز الأمن الخارجي “الموساد” صاحب أكبر عدد من عمليات الاغتيال، إذ يمتلك وحدة تابعة لقسم العمليات يطلق عليها “ريمون”، والتي، وفق موقع القناة العبرية الثانية، ينسب إليها تنفيذ عمليات الاغتيال في أنحاء العالم، وعدد أعضائها لا يتعدّى 40، منهم خمس نساء، كما ينسب إليها اغتيال القيادي في “حماس” محمود المبحوح في الإمارات، وعلماء الذرّة في إيران. والثالث شعبة الاستخبارات العسكرية “أمان”، التي هي جزء من جيش العدو وتعمل في الأماكن التي للجيش عمل فيها، ولديها وحدة خاصة تسمى “سيريت متكال”، أي “سرية الأركان”، وهي منتخبة في الجيش وخاضعة مباشرة لهيئة الأركان العامة وتصنف مع دائرة المخابرات، وهدفها الأساسي تجميع معلومات استخبارية وتنفيذ عمليات خاصة.

ومنذ عملية اغتيال المبحوح في 19 كانون الثاني 2010 على أيدي عملاء لـ”الموساد الإسرائيلي” في أحد فنادق دبي، وكشف الأجهزة الأمنية الإماراتية أكثر من 27 عميلاً شاركوا في تنفيذ العملية، تبيّن أن الأجهزة الإسرائيلية لجأت إلى تغيير استراتيجيتها في تنفيذ الاغتيالات عبر تقليل عدد الإسرائيليين المشاركين والمنفذين مقابل رجحان الكفة للعملاء المحليين، وذلك ما حدث في حالة اغتيال القيادي في “حماس” محمد الزواري في تونس في 15 كانون الأول 2016.

وبينما تكشّف استخدام أكثر من 10 عملاء في اغتيال مازن فقها بتنفيذ صافٍ ومباشر من العملاء دون أثر ــ حتى اللحظة ــ لعناصر إسرائيليين، يبدو أن العدو قرر بناءً على خطورة الوضع الأمني في غزة الاتجاه نحو هذا النوع من العمليات، لكن الإخفاقات الأخيرة قد تجعله يراجع أسلوب الاعتماد الكلي على العملاء. حسب الصحيفة

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن