داعية بغزة يزوج إبنته لإبن عميل بعدما رفض القريب والبعيد تزويجه!

زواج

لم تكتمل أجواء الفرحة لدى الشاب العشريني «محمد . ش» الذي أقام مراسم الاحتفال بتخرجه من كلية الطب بتقدير جيد جدًا، حاول فيها جاهدًا إسعاد والدته وذويه، بعد أعوام ظنت فيها العائلة أن الفرحة لن تزور بيتهم مجددًا، ولكنها أجواء اصطدمت بنظرات بعض الأقارب والجيران التي تلاحقهم ككابوس يقض مضاجع فرحتهم في كل مرة.

انتهى الاحتفال سريعًا وأوشك محمد على النوم، غير أنه سرعان ما طار النعاس من عينيه عندما تذكر دعوة والدته له بـ»الزواج»، فكيف؟ ومن سيقبل أن يزوجه ابنته وهو موصوم بعار « ابن العميل».

ليبدأ معركة الصراع بين عقله وقلبه، دفع ثمنها غاليًا، فأذبلت قلبه وعينه وجعلته صريع الذكريات المريرة.

ومع مرور الأيام بدأت رحلة البحث عن عروس تليق بـ»الدكتور»، محاولات عديدة باءت بالفشل، دونما أن يشفع له ذكاؤه، أو وظيفته، أو حتى ظروفه المادية المريحة، فالاتصال يتكرر « آسفون فش نصيب، البنت بدها تكمل تعليمها».

قرر محمد أن يغادر إلى الخارج، وأن يتزوج من فتاة غير فلسطينية، تخلصًا من العار الذي لحق به لجريمة ارتكبها والده، وكان هو وقتها يحبو على قدميه، إلى حين أن اخترق أحد دعاة منطقته الحاجز، وقرر أن يزوجه ابنته بعيدًا عن حسابات العرف والعادة التي أهلكته.

قصة محمد واحدة من القصص التي تواجه أبناء وأسر من تخابروا مع الاحتلال، الذين يدفعون ثمن فاتورة أخطاء غيرهم، لا لشيء إلا لقرابة دم جمعتهم بأناس خانوا أوطانهم.

حينما يقع المتخابر فريسة لضابط الاستخبارات، في لحظة ضعف تمتد لتصبح حياة ضعف وليس لحظة، فيستمرئ كل ما يفعله، وتتماهى معه معايير الحلال والحرام، والخطأ والصواب، فلم تعد في قاموس حياته، ويملأ الفساد قلبه، فلا يفكر حتى في أبنائه وعائلته، مقابل حفنة من الأموال تكون ثمنًا لدماء تزهق ولأرواح بريئة حملت همَّ وطنها؛ فطالتها صواريخ الغدر الصهيوني بيد المتخابر، الذي باع دينه ووطنه، وألحق العار بذويه بلا أدنى مسئولية.

نبْذ المجتمع لذوي المتخابرين، نظرًا لجسامة النتائج المترتبة على جريمة المتخابر وضررها الكبير الذي لحق المجتمع، دفعت ببعض عوائل وأسر المتخابرين اللحاق -بذويهم كما يتذرع بعضهم- على الأقل عددهم محدود، وبعضها أدّى إلى حدوث رحيل « طوعي» لبعض العوائل عن مناطق سكناها هروبًا من نظرات وكلمات العار بحقهم، بحسب مراكز حقوقية وقانونية.

وذهبت بعض العوائل بعيدًا في انتقامها من أقارب المتخابرين، فبعضهم وضع حدًا للنسب والمصاهرة ولجأ الى الطلاق فورًا.

عنف مجتمعي

«المجد الأمني» يفتح سجل العنف ضد عوائل وأسر» المتخابرين»، ليتكشف عن شبه غياب للقوانين والنظم والحواضن الراعية والداعمة لها ماديًا ومعنويًا، في ظل محاولات الاحتلال المتكررة لإسقاط عوائل وأقارب متخابرين هاربين تم تجنيدهم بغرض إقناع ذويهم للتخابر لصالح الاحتلال.

لا يوجد عدد دقيق حول المتخابرين الذين تم إعدامهم، ولكن تشير المعطيات أن قضية المتخابرين من القضايا الرئيسية التي تستحوذ اهتمامًا كبيرًا لدى الجهات المختصة، وتعدَّ من أخطر القضايا الأمنية وأكثرها تعقيدًا بالنسبة للجهات المسؤولة على قلة عدد المتورطين فيها، بحسب إحصائيات الجهات المختصة.

وشكّلت الإحصائيات التي حصل عليها «المجد الأمني» ، خلال رحلة التحقيق علامة فارقة بيّنت حجم المعاناة بالنسبة لعوائل المتخابرين، بفعل تدهور الظروف النفسية والاجتماعية والاقتصادية لها نتيجة لجرم المتخابر لديهم.

وبدأ التحقيق في الحصول على عينة عشوائية من عوائل متهمين بالتخابر، تبيّن خلالها أن حوالي (%80) من أسر المتخابرين تعرضوا لعنف مجتمعي، وأن حوالي (%35) منهم فكر بالرحيل عن منطقة سكنه هروبًا من نظرة المجتمع، الذي لم يغفر للمتخابر ذنب الأرواح التي ازهقها مقابل حفنة من المال.

وتشير الإحصائيات، التي أجراها مراسل «المجد الأمني»، إلى (%65) أن من أطفال المتخابرين تعرضوا لأذى نفسي بسبب نظرات المجتمع.

وحصل «المجد الأمني»، على دراسة أعدها أمن المقاومة، تبيّن من خلال بحث ميداني، صعوبة الظرف الاقتصادي لعوائل المتخابرين؛ إذ أن (%81)من عوائلهم، لا يتجاوز مستوى الدخل لديهم (333%)، بمعنى أن معظم هذه الأسر تعيش تحت خط الفقر، وأن (%58) من هذه العوائل يتراوح عدد أفرادها من (13-6) فردًا، ما يفاقم المعاناة.

وأثبتت الدراسة أن العديد من عوائل المتخابرين لجأ إلى القروض والديون، ما جعله محطًا للابتزاز والضغوط، وتبيّن أن (%55)من ذوي أسر المتخابرين عليهم التزامات مالية تفوق أكثر من (1300) دولار، وأن (%63) من أسر المتخابرين يعيشون في ظل منازل تصنف ما بين الرديء والمقبول، وغير قادرة على حمايتهم، ما يزيد من صعوبة الأوضاع لديهم.

وتشير الدراسة إلى أن عدد العاملات من زوجات المتخابرين لا يتجاوز (%6)، ما يفاقم الظروف الاقتصادية لدى عوائل المتخابرين، خاصة في ظل غياب رب الأسرة.

وأوضحت الدراسة أن نسبة الزوجات الراغبات في العمل وصلت (%33)، من أجل تحسين ظروفهم الاقتصادية، وأن (%47) منهن غير قادرات على تحديد رغباتهن نتيجة ظروفهن النفسية.

الجانب النفسي

ويلعب الجانب النفسي دورًا مهمًا وفاعلًا في حماية الأسرة من ابتزاز مخابرات الاحتلال، فيما تؤكد الدراسة أن الزوجات يتعرضن لضغط نفسي أشد؛ نظرًا للتبعات الملقاة على عاتقهن بعد غياب رب الأسرة.

وتبيّن الدراسة أن (%57) من الزوجات يعانين من نفسية سيئة جدًا، فيما بيّنت أن (%55) من الفتيات يعانين من حالة نفسية سيئة، دفعت بعضهن لمحاولة الانتحار بسبب نظرة المجتمع لهن، وعزفت بعضهن عن الزواج خوفًا من معايرة الزوج وأهله لها، فيما اتضح أن (%59)من أسر المتخابرين تعاني من اشكاليات في ترابط العلاقة الأسرية.

وأشارت الدراسة إلى أن (%52) من أسر المتخابرين يقع عليها ظلم من قبل أقاربهم والمجتمع، وتحميلهم مسؤولية ما حصل مع ذويهم.

ما ورد من إحصائيات وأرقام يظهر المعاناة التي يعانيها ذوو المتخابرين جراء جريمتهم بحق أنفسهم وذويهم، والمجتمع الذي طاله الدمار بسببهم؛ حيث المباني التي تقصف على رؤوس ساكنيها  والدمار الذي يلحق بالمناطق السكنية المأهولة، بالإضافة إلى الإضرار بالمقاومة الفلسطينية والمقاومين الذين يواصلون الليل بالنهار لصد العدوان عن غزة، تاركين أطفالهم وعائلاتهم، فيكونوا نقاط استهداف للعدو الصهيوني من خلال المتخابرين الذين يدلون بمعلومات عن أسمائهم ومناطق سكناهم وعملهم، وتحركاتهم… فأضحوا اهدافا سهلة للمحتل بفعل المتخابرين.

الجانب الأكاديمي

ووصولًا إلى الجانب الأكاديمي والتعليمي، فتشير الدراسة إلى أن (%41)من أبناء المتخابرين الذين تفوق أعمارهم عن 16 عامًا، قد تركوا مقاعد الدراسة، نظرًا لسوء حالتهم النفسية، وحرجًا من مواجهة أقاربهم والمجتمع.

وتشير الدراسة إلى أن (%23) من طلبة الجامعات استمروا في دراستهم، وهي نسبة قليلة مقارنة بمن يرغبون باستكمال مقاعد الدراسة؛ نظرًا لتعقيدات الظروف الاقتصادية وتراكم الظروف النفسية كذلك.

ورغم ذلك، تبين الدراسة أن (%89) من أبناء المتخابرين لا يزالون قيد الدراسة، ما يزيد من العبء النفسي والاقتصادي على الأم التي تقوم بدور رب الأسرة.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن