أبو شهلا: الكهرباء تتقلص في غزة لوجود تجاذبات سياسية

أبو شهلا

كشف وزير العمل الفلسطيني مأمون أبو شهلا عن عدم قدرة الحكومة على تعيين موظفين جدد في ظل حالة ترهل وظيفي بمؤسسات السلطة، مؤكدا في حوار مع صحيفة “العربي الجديد” أن حكومته مستعدة لتسلم قطاع الطاقة في غزة.

وهنا نص المقابلة:

– حدثنا عن واقع البطالة في فلسطين المحتلة خلال السنوات الأخيرة الماضية؟

للأسف هناك آفتان في المجتمع الفلسطيني هي الفقر والبطالة التي تزداد بفعل الاحتلال الإسرائيلي وممارساته على الأرض، إلا أن مشكلة البطالة ليست وليدة السنوات الأخيرة، بل هي متراكمة منذ عام 2000 وبالذات في قطاع غزة وارتفعت بفعل الحروب الثلاثة والحصار الخانق ومنع العمال الغزيين من الوصول للعمل داخل الأراضي المحتلة ومنع إقامة مشاريع كبرى ومنع إجراء أي نوع من أنواع الحراك الاقتصادي.

– كم يبلغ عدد الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية ضمن نطاق البطالة؟

الدراسات تقول بأن هناك 400 ألف فتاة وشاب لا يعملون في كل من الضفة الغربية وغزة والقدس، ونحو ثلث الشعب الفلسطيني يعيش تحت خط الفقر بواقع 320 ألف أسرة فقيرة، وكل ذلك بفعل المخططات والضغوطات الإسرائيلية على الفلسطينيين.

– بكم يقدر متوسط دخل الفرد في فلسطين وفقاً لتقديراتكم؟

في قطاع غزة لا يتجاوز متوسط دخل الفرد سنوياً 1800 أو 1900 دولار أميركي، في حين الضفة الغربية ليست أفضل حالاً من غزة فيصل متوسط دخل الفرد سنوياً إلى 2000 أو 2100 دولار في الوقت الذي يقفز دخل الفرد في إسرائيل لأكثر من 40 ألف دولار.

– هل هناك نية لديكم لفتح المجال لطرح وظائف جديدة أمام الشباب الفلسطينيين؟

الحكومة حالياً غير قادرة على إعطاء وظائف جديدة للشباب في ظل الترهل الوظيفي الحاصل في المؤسسات الحكومية، أما القطاع الخاص فهو الآخر غير قادر، وهناك بعض المشاريع والمؤسسات التي توظف بشكل عائلي فقط، وفي ظل الواقع الاقتصادي الحالي فإنه من الطبيعي أن غول الفقر والبطالة سيتفاقم.

– ما هي أهم المشكلات التي تؤدي إلى انضمام أعداد كبيرة من الخريجين إلى صفوف البطالة؟

البطالة أكثر ارتفاعاً في صفوف الخريجين الجامعيين والذين أكثرهم في التخصصات الإنسانية، فعلى سبيل المثال في الضفة الغربية ستجد مهندساً عاطلاً عن العمل، لكن لا تجد حرفياً في مجال السباكة أو الحدادة أو مجالات البناء عاطلاً عن العمل كونهم يجدون فرصاً داخل الأراضي المحتلة عام 1948.

ولا بد من الإشارة إلى أن أكبر نسب البطالة في صفوف خريجي الكليات النظرية والإنسانية والذين يشكلون أكثر من 80 % من إجمالي الخريجين سنوياً في الوقت الذي لا تتجاوز نسبة خريجي التخصصات المهنية 3 %، مع الأخذ بعين الاعتبار أن ألمانيا على سبيل المثال يدرس بها أكثر من 60 % في المجالات الحرفية وكذلك أوروبا التي تتراوح نسبتها من 50 إلى 60 % يدرسون تخصصات مهنية، وفي العالم لا تتجاوز نسبة من يدرسون تخصصات إنسانية 10%.

– كم تبلغ نسبة البطالة وفقاً للإحصائيات الرسمية في الضفة الغربية وقطاع غزة؟

نسبة البطالة في الضفة الغربية تبلغ نحو 18% أما في قطاع غزة فتصل إلى 42%، وأكثرها شراسة في أوساط خريجي الجامعات والشباب، ومنذ العدوان الأخير على غزة فإن نسب البطالة تزداد بشكل ملحوظ.

– ما هو عدد الخريجين من الجامعات المحلية في الأراضي الفلسطينية؟

الجامعات تخرج سنوياً ما بين 30 و40 ألفا في الضفة وغزة في حين أن سوق العمل لا يستوعب منهم إلا ما بين 3 و4 آلاف فقط في أفضل الأحوال ويجب أن نستوعب أن نسب البطالة في الأراضي الفلسطينية مقاربة لدول الجوار.

– لماذا لا تتم الاستعانة بالسوق الخليجي لمعالجة أزمة البطالة؟

هناك صعوبات تواجه دخول الفلسطينيين إلى هذه الدول، فضلاً عن الحصار الإسرائيلي الموجود في غزة وصعوبة الحركة، كذلك دول الخليج تحتاج إلى فنيين وحرفيين كونها في مرحلة بناء وتطور ولا تحتاج إلى حملة شهادات العلوم الاجتماعية والإنسانية.

قديما كان الفلسطيني يحصل بسهولة على فرصة عمل في دول الخليج، أما الآن فالظروف اختلفت حتى إن كثيرا من الشباب يمنعون من اصطحاب عائلاتهم، وأجرة البيوت مرتفعة، وسوق المنافسة هناك شرس في ظل عدم مواكبة التخصصات الموجودة في الجامعات المحلية لها.

– في ظل كل هذه الصعوبات والواقع… ما هي خياراتكم في الحكومة الفلسطينية لمعالجة مشكلة البطالة؟

وضعنا حلولاً عديدة منها عدم تقديم وظائف للشباب، ولكن نقوم بتشغيلهم عبر قروض مباشرة يتحصل عليها الشاب أو الفتاة عبر الصندوق الفلسطيني للتشغيل والحماية المجتمعية الذي أنشئ عام 2003 بقرار من الرئيس الراحل ياسر عرفات وكان معطلاً.

الصندوق يستهدف الحصول على تمويل يصل إلى مليار دولار خلال السنوات الثلاثة، حتى نمنح 70 ألف قرضاً للشباب خلال هذه السنوات، وهي كفيلة بأن تعطي 250 ألف وظيفة، إذ سيوظف المشروع الواحد بمعدل 4 وظائف تقريباً، والقرض الواحد سيكون في حدود 15 ألف دولار، وسيترك للشاب التوجه لإنشاء المشروع الخاص به وفقاً لطبيعته وميوله.

– من أين ستوفرون مبلغ مليار دولار لصالح الصندوق الفلسطيني للتشغيل والحماية المجتمعية؟

الحكومة الفلسطينية تعمل جاهدة حالياً لتوفير هذه الأموال إما من الدول الصديقة أو أموال الوقف الإسلامي لدعم هذا الصندوق، وخصوصاً أن هناك قرارا في مجلس الوزراء لاعتبار الصندوق هو مظلة التشغيل الأولى في فلسطين.

– وماذا عن نظرتكم لمشاريع التشغيل المؤقتة التي تطرح عبر مؤسسات عدة؟

وكيف ستتعاملون مع العديد من المؤسسات المحلية التي تقدم قروضاً صغيرة؟

مشاريع التشغيل المؤقتة والوظائف بنظام البطالة لمدة محدودة لا تحل المشكلة وهي عبارة عن مسكنات للأزمة تماماً كحبوب تسكين الآلام.

أما المؤسسات التي تقدم قروضاً للمشروعات الصغيرة فهي موجودة وتعمل منذ سنوات وتمتلك أكثر من 250 مليون دولار في السوق بمختلف الأراضي المحلية، وتعمل وفق ترتيبات مع سلطة النقد الفلسطينية إلا أننا ننظر نحن إلى مشروع أكبر وتسهيلات أكثر وسنعمل على إلزامهم حال تعاونوا معنا بأن تكون الفوائد فقط في حدود 5 % ومنح الشاب أو الفتاة فترة سماح تصل إلى عام لتسديد القسط الأول.

ومنحنا 7 ملايين دولار عبر مؤسسات الإقراض وتم صرفها في شتى أنحاء القطاع والضفة الغربية وهناك خطة لمضاعفة هذا الرقم ونشاط الصندوق سيكون ملموسا بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة، ومنذ أبريل/ نيسان الماضي صرفت 7 ملايين لصالح 3 آلاف قرض.

 – ماذا عن الواقع المالي الذي تعيشه حكومة التوافق الفلسطينية؟

الحكومة مواردها ذاتية يجري تحصيلها من الشعب الفلسطيني بنسبة تصل لأكثر من 90 % جميعها من الضرائب والرسوم وما يجري تحصيله من خلال الطرف الإسرائيلي المتمثلة في أموال المقاصة والتجارة وغيرها.

إذ شهدت المساعدات الدولية تناقصا واضحا، ففي عام 2015 كنا نتوقع ملياراً و200 مليون دولار جاء منها فقط 700 مليون دولار، أما العام المنصرم 2016 فكنا نتوقع مليار دولار أميركي لكن جاء فقط 500 مليون دولار، وبالتالي يجب أن يكون مفهوماً أن ما ينفق من الموارد المالية المحلية، ولم يعد الدعم الدولي كما كان سابقاً.

– ملف أزمة الكهرباء الشغل الشاغل للغزيين مؤخراً… هل من تحرك لكم على صعيد الحكومة الفلسطينية؟

دعني أقول بحذر أننا ندفع لغزة ما لا يقل عن مليار شيكل سنوياً، وما يعرفه المواطن أن الكهرباء تتقلص في ظل وجود تجاذبات سياسية في هذا الملف، فنحن لا نحصل أي شيء من غزة ومن يحصل هم المسؤولون في غزة الذين يشترون به وقودا ومن الممكن أن يزداد إنتاج غزة من الكهرباء لو ضاعفوا التحصيل من المواطنين.

والمفترض أن يتوفر 100 مليون شيكل مع خصم الفاقد والتالف، إلا أن ما يحُصّل يتراوح بين 20 و25 مليون شيكل في أفضل الأحوال، وهناك معضلة حقيقية في التحصيل ترجع لعدم وجود عداد للمستخدمين وإسرافهم الشديد في استهلاك الكهرباء، والحكومة هنا بغزة تسحب دون أن تسدد وهناك ديون تصل لأكثر من ملياري شيكل.

 – وماذا عن مشروع خط الربط مع الشبكة الإسرائيلية 161 الذي يجري الحديث عنه؟

خط 161 من الممكن أن يوفر أكثر من 100 ميغاواط، لكن إسرائيل تريد من يسدد ثمن هذه الكهرباء، وفي حال أرادت سلطة الطاقة بغزة تشغيله فعليها أن تدفع أو تقوم بتوفير خطاب ضمان من أحد البنوك لتمديد الشبكة، إسرائيل تنتظر من حكومة التوافق أن تقدم طلباً إلا أننا لا نستطيع أن نقدم أكثر من مليار شيكل.

– هل حكومة التوافق أو السلطة الفلسطينية مستعدة لتسلم قطاع الطاقة بغزة؟

الموضوع يحتاج إلى قرارات حاسمة ونحن في حكومة الوفاق مستعدون لتسلم قطاع الطاقة بشرط أن يكون هناك احترام كامل لتنفيذ القانون وأن تكون الحكومة الموجودة بغزة وأجهزتها الأمنية وتمنع سرقة الكهرباء وتمنع التدخل في شبكات الكهرباء وتمنع أي إنسان من الحصول عليها إلا بدفع ثمنها، ولو حصل ذلك فنحن جاهزون لتسلمها.

ويجب أن يكون معلوماً أن غزة تحتاج إلى استثمارات مالية ضخمة في مجال الكهرباء خصوصاً حال زيادة الطاقة الكهربائية عبر أي مصدر جديد، إذ نحتاج إلى نصف مليار دولار استثمارات لتأهيل الشبكة وجعلها قادرة على زيادة الإنتاج والتوزيع، والملف خطير وعميق وليس بسيطاً، وفي حال نزع البعد السياسي من الممكن أن يجري حله.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن