غزة / الوطن اليوم / تسنيم الرنتيسي

في الوقت الذي تشهد فيه معظم أسعار السلع ارتفاعاً حاداً، أقدم عدد من الجزارين في قطاع غزة على الإعلان عن “تنزيلات” على أسعار اللحوم الحمراء وصلت إلى خمسة وثلاثين شيقلاً للكيلو غرام الواحد من لحم العجل، بعد أن كان يباع من 40-50 شيكل، وتأتي هذه الخطوة الفجائية من قبل تجار اللحوم، بسبب انخفاض القدرة الشرائية لدى المستهلك الغزي إلى أدنى مستوياتها، نتيجة تشديد الحصار المفروض على قطاع غزة بعد إغلاق الأنفاق.

كما شهدت أسعار اللحوم البيضاء والحمراء في قطاع غزة اختلافات جنونية، حيث ارتفع سعر الدجاج من 9 شيكل إلى 14 شيكل للكيلو الواحد، والبيض أيضاً ارتفع من 13 شيقل إلى 17 شيقل للكرتونة، أما بالنسبة للحوم الحمراء الطازجة فقد انخفض سعرها من 50 شيكل إلى ما بين 30 -35 شيكل للكيلو الواحد .

ويعزو بائعو اللحوم المجمدة هذا الانخفاض إلى كثرة عرض اللحوم في المقابل يوجد قلة في الطلب عليها، جراء الأوضاع الاقتصادية التي تعصف بالقطاع.

“الوطن اليوم” إلتقت بعدد من المواطنين الذين تجمعوا أمام أحد محلات الجزارة في البلدة، والذين أعربوا عن ارتياحهم لهذه الأسعار وأخذوا بشراء كميات منها كما لو أنهم مقبلون على العيد، خاصة وأن هذه العروض جاءت في الوقت الذي تشهد فيه أسعار اللحوم البيضاء ارتفاعاً حادا، الأمر الذي دفع بالمواطنين للاصطفاف على أبواب هذه المحال ليشتروا ما أمكنهم منها.

“علاء راضي” وهو صاحب أحد الملاحم في قطاع غزة يقول:” إن سبب تخفيض الأسعار جاء تماشيا والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها أبناء الشعب الفلسطيني كي يتمكن كل مواطن من وضع اللحمة على مائدته ولأطفاله”.

وبين راضي أن الحملة جاءت نتيجة تأخر رواتب الموظفين والوضع السيئ الذي يعيشه القطاع، بالإضافة إلى تراجع الإقبال على اللحوم نتيجة ارتفاع أسعارها.

وأوضح راضي أنه ومنذ الإعلان عن تخفيض أسعار اللحوم شهد محله قدوم مئات المواطنين ومن بينهم الكثير من الناس الذين لم يكونوا من زبائنه، مؤكدا أن التخفيض ما زال ساري المفعول.

وحول تخوفات أطلقها بعض المواطنين حول صلاحية هذه اللحوم، قال راضي هذه العجول دخلت إلى الأراضي الفلسطينية بطريقة قانونية وبعد أن خضعت للشروط الفلسطينية وأن عملية الذبح تتم أمام المواطنين لقطع الشك باليقين.

وأشار راضي إلى أن مربو اللحوم الحمراء وبائعوها يتكبدون خسائر يومية جراء قلة الإقبال على شراء اللحوم، دفعتهم إلى البيع بخسارة لكي يحافظوا على تواجدهم في الأسواق، بالإضافة إلى تغطية الالتزامات المالية المتراكمة عليهم من ديون للتجار والبنوك والشركات أيضاً، على حد تعبيره.

وأكد أن التجار هم الأكثر تضرراً من الأزمة الاقتصادية، حيث دُفعوا إلى بيع اللحوم بأسعار مخفضة ليغطوا العجز الذي يعانون منه بعد الاتفاق والإجماع فيما بينهم لتنزيل الأسعار، “وهناك فئة قليلة من التجار لم تتأثر وحافظت على البيع بالأسعار القديمة”، بحسب راضي.

ولفت إلى أن انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة وارتفاع أسعار الوقود، كلها أسباب تتحكم في الأسواق وتؤثر على العرض والطلب، وبالتالي خفض الأسعار لتفادي المزيد من الخسائر.

بائعي الدجاج

ومن جهته، يقول وائل أبو كرش أحد أشهر بائعي الدجاج في قطاع غزة ، أن الارتفاع الكبير في أسعار الدجاج يرجع إلى الظروف الجوية السيئة التي مر بها القطاع ، حيث أدى منخفض اليكسا لنفوق أعداد كبيرة من الدجاج ، وخسارة أصحاب المزارع بشكل كبير، مما دفعهم لرفع أسعار بيعها للتجار محاولة منهم لتعويض خسارتهم .

وأضاف أبو كرش أن شح غاز الطهي ، وارتفاع أسعاره ، ساهم أيضاً في ارتفاع أسعار الدجاج، حيث يستخدم أصحاب المزارع الغاز في تدفئة الدجاج ، وارتفاع سعره وشحه زاد التكلفة على كاهل أصحاب المزارع فرفعوا سعر الدجاج في المقابل ، أما بالنسبة للبيض فهو مرتبط بسعر الدجاج ، يرتفع تلقائياً معه وينخفض أيضاً.

تخفيض الأسعار نتيجة ضعف القدرة الشرائية

وفي ذات السياق عزا مدير عام التسويق بوزارة الزراعة تحسين السقا انخفاض أسعار اللحوم الحمراء، إلى الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها قطاع غزة والتي اشتدت منذ خمسة شهور، والتي أضعفت القدرة الشرائية لدى المواطنين.

وبين السقا أن تجار اللحوم الحمراء هم من اتخذوا قرار خفض أسعار اللحوم، لتصريف كميات اللحوم المتراكمة لديهم، وعزوف المواطنين عن شرائها دفعهم إلى خفض أسعارها لترغيبهم في شرائها.

ونوه إلى أن أسعار اللحوم المجمدة انخفضت داخل (إسرائيل) بسبب ضعف القوة الشرائية لدى المواطنين لديها، بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد.

ويعاني قطاع غزة من أزمة اقتصادية خانقة جراء إغلاق معبر رفح البري وهدم الكثير من الأنفاق التي تعد المدخل الوحيد للبضائع والمواد اللازمة لغزة، بعد الأحداث السياسية التي تشهدها الساحة المصرية.