إستحقاقات لا تحتمل الانتظار

إغتيال الشهيد زياد ابو عين عجل في طرح ملفات عديدة، كانت مطروحة على بساط البحث في اوساط القيادة الفلسطينية، رغم ان الاجتماع القيادي مساء الاربعاء لم يتخذ قرارا محددا، وترك الباب مفتوحا لكل الخيارات، لاسيما وان الاجتماع بقي في حالة إنعقاد. مع ان الضرورة كانت تملي إتخاذ بعض القرارات، التي لا تؤثر على الموقف الفلسطيني. خاصة وان فرصة إستشهاد القائد ابو طارق فتح الباب امام القيادة على الاقل للانضمام للمنظمات والمعاهدات الدولية ال (522) دون ان تترك اي ردود فعل اميركية او اسرائيلية.
مؤكد ان المراقب للتطورات السياسية غير صانع القرار، الذي يستطيع من خلال ما لديه من معلومات، وما يواجهه من تحديات، وما تصله من تهديدات شخصية ووطنية. وبالتالي قد تكون محاولات إستشراف الموقف فيها خضوع لابتزاز اللحظة السياسية، وتماهي مع مزاج الشارع، الذي تغيب عنه الرؤية الواقعية في المسائل السياسية العميقة المرتبطة بمصالح الشعب العليا. لذا محاكاة الاستحقاقات لاتكون نتاج ردات فعل تحت ضغط هذه اللحظة او تلك. لان الغالبية العظمى من القوى السياسية بما في ذلك غالبية اعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح، ليست على تماس دقيق مع ما يجري في اروقة صناعة القرار. مما يؤثر على قراءتها للموقف السياسي، ويؤثر على التشخيص الدقيق.
لكن المرحلة السياسية، كما يعلم الجميع، تقف على اعتاب إنعطافة نوعية في العملية السياسية والحراك الشعبي. ولا تقاس معاييرها بميزان الذهب. لان هناك تطورات فلسطينية واسرائيلية وعربية واممية، تدفع الامور دفعا نحو مآلات صعبة ومعقدة. اضف إلى ان مرور واحد وعشرين عاما على اتفاقيات اوسلو، وانسداد افق التسوية السياسية على اساس خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 67، ومواصلة جرائم الحرب الاسرائيلية وغيرها من الانتهاكات الخطيرة ضد ابناء الشعب الفلسطيني، وانغماس العرب في قضاياهم الداخلية، وغياب دور اميركي جدي للجم النزعات الاسرائيلية، جميعها تفرض على صانع القرار الفلسطيني المزاوجة بين المعطيات المتوفرة ونبض الشارع، الذي بدأ يميل إلى الانعتاق من الحالة السائدة. وولوج مرحلة جديدة.
لهذا طرحت القيادة عدة خيارات، منها: الاول التوجه لمجلس الامن لانتزاع قرار يضع سقف زمني لانهاء الاحتلال الاسرائيلي قبل نهاية 2016؛ ثانيا الانضمام للمنظمات والمعاهدات الاممية ال522، بما فيها معاهدة روما، اي محكمة الجنايات الدولية؛ ثالثا تطوير وتصعيد المقاومة الشعبية؛ رابعا الحصول على إعترافات دولية جديدة وخاصة في اوروبا بدولة فلسطين. خامسا  تأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني؛ سادسا  طبعا موضوع المصالحة ومرفقاته : تكريس دور ومكانة حكومة التوافق الوطني، اعادة اعمار محافظات الجنوب؛ رفع الحصار وفتح المعابر. هذا موضوع ساخن دائما، ولدى القيادة استعداد للتقدم نحوه بقدر ما تفتح حركة حماس ابواب المصالحة، لاسيما وانها توصد الابواب والنوافذ حتى الان.
هذه الاستحقاقات وغيرها، تحتاج الى تفعيل، وعدم الانتظار طويلا للشروع بدفعها للامام في المنابر الاممية والاقليمية والوطنية لحماية المشروع الوطني من التبديد. ولا يجوز ربطها بالتطورات التفصيلية الجارية هنا وهناك، رغم ان تلك التحركات لها صلة بالعملية السياسية. ولكن القيادة تعلم ان بعض تلك الاحداث لها علاقة بتعطيل الحراك الفلسطيني، ووضع العصي في دواليب الاستحقاقات الوطنية. مع ذلك إن وجد هناك تطور ما ينسجم مع الرؤية الفلسطينية، تستطيع القيادة البحث عن القواسم المشتركة معه، لتعزيز تحركها. على سبيل المثال لا الحصر، إن إستجاب المشروع الفرنسي مع المصالح الوطنية، ولم تتمكن القيادة من تأمين عرض المشروع الفلسطيني العربي على مجلس الامن، ليس من الخطأ التعامل معه، شرط ان يربط بين المفاوضات والسقف الزمني النهائي للاحتلال الاسرائيلي، وتأكيده على وقف كل اشكال الاستيطان كمقدمة طبيعية لانهاء الاحتلال. وإن كان غير ذلك، فعلى صانع القرار التدقيق في المشروع قبل الموافقة عليه، وايضا على العرب عدم الضغط على القيادة الفلسطينية أكثر مما يجب. وفي نفس الوقت، وقف بعض الدول التطبيع مع اسرائيل، لانها، هي عنوان الارهاب الاول في المنطقة والعالم.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن