إسرائيل: بصديق مثل بولتون.. نحن جاهزون لكل الأعداء؟

جون بولتون
جون بولتون

شكل تعيين جون بولتون، كمستشار لرئيس الولايات المتحدة للأمن القومي، أخبارا سارة جدا لدولة الاحتلال، كما جاء على لسان وزيرة القضاء الإسرائيلية، إيليت شاكيد.

كما أثنى زملاؤها في حكومة الاحتلال على رأيها بالقول “إن جون بولتون صديق عظيم لإسرائيل”.

في سياق حديث في مؤتمر صحيفة “يديعوت أحرونوت”، الذي نظم في القدس، قبل عدة أيام، أعاد شاؤول موفاز، رئيس أركان ووزير جيش الاحتلال السابق، شاؤول موفاز، الذاكرة الى محادثة كان قد أجراها معه جون بولتون، مستشار الامن القومي الأمريكي الجديد. قال موفاز ان بولتون توجه اليه بسؤال جدي، وبطريقة احتجاجية، عندما قال له: “لماذا لم تهاجموا إيران بعد؟

من بين مجموعة صغيرة من الساسة الأمريكيين المشاركين في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، ينظر الى بولتون على انه شخصية استثنائية مثيرة للاهتمام. فهو ينتمي إلى مجموعة المحافظين الجدد، وهي مجموعة تضم مفكرين جمهوريين يشيرون على الرؤساء الأمريكيين من اجل مشاركات أميركية نشطة حول العالم، حتى وان شمل ذلك دخول الولايات المتحدة في حروب وقائية، او الشروع في عمليات عسكرية ضد “دول متمردة” او “منظمات مقاومة”. وعبر عدة أجيال، بدا تأسيس مجموعة المحافظين تلك خلال حرب فيتنام. ووصل أعضاؤها إلى أعلى مستويات النفوذ خلال ولاية الرئيس الأمريكي الأسبق، جورج بوش، ونائبه ديك تشيني، الذي تولى مهمة اختلاق مبررات لغزو العراق وتزويد بوش بها.

ولعل أبرز المحافظين الجدد الذين صنعوا تأثيرا كبيرا هم اليهود الموالون لإسرائيل، ومن بينهم: بيل كريستول، وجون بودوريتز، وروبرت كاغان، وإليوت أبرامز. وقد وصل هؤلاء الى حد من الانغماس في الشأن الإسرائيلي، ودعمه والترويج له، الى ان أصبح الناس يخلطون بينهم وبين اللوبي اليهودي الناشط في الولايات المتحدة. وبالتالي، يلومون إسرائيل على التورط الأمريكي في العراق (أي انطلاقا من اعتقاد الأمريكيين ان “المحافظين الجدد” هم أنفسهم “اللوبي اليهودي” في الولايات المتحدة).

بولتون ليس يهوديا. ولا يعتبر على ذات المستوى من الذوق بالمقارنة مع زملائه في معسكر المحافظين الجدد، فهو أكثر فظاظة في أحاديثه وتعليقاته. وعندما عمل سفيرا للولايات المتحدة الامريكية في الأمم المتحدة، في عهد رئيس أمريكا جورج دبليو بوش، كان يطلق عليه اسم “الدبلوماسي الأقل دبلوماسية” في تاريخ الدبلوماسية الأمريكية على الاطلاق. فقد كان لدى بولتون “حل واحد ووحيد” لكل مشكلة ظهرت امامه، وهي إطلاق عملية عسكرية، لدرجة ان عبارة “عملية عسكرية” أصبحت كلمة السر المميزة له في كل الأوساط، الامريكية وغير الامريكية.

ففي عهده، تم إطلاق عملية عسكرية واحتلال العراق، وتم طلاق عملية عسكرية ضد كوبا، وضد كوريا الشمالية، وضد إيران. ومما يلفت الانتباه ان بولتون ما يزال واحد من الأشخاص القليلين جدا في الولايات المتحدة، الذين ما زالوا يعتقدون أن غزو العراق واحتلاله كان عملا صحيحا ومبررا.

يعتبر اليمين الأمريكي منقسما في موقفه تجاه الساحة العالمية، فالمحافظون الجدد يواجهون الانفصاليين. يميل الانفصاليون الى أساليب اقل عنفا مثل كسر التحالفات، ونقض الاتفاقيات الدولية او الخروج منها، وإطلاق الحروب التجارية، وإعادة الجنود الأميركيين إلى بلادهم.

وقد عزز الفشل في حروب أمريكا في أفغانستان والعراق من راي الانفصاليين، ودفع بالمحافظين الجدد وآرائهم الى الزاوية.

وليس ادل على ذلك من حالة ستيف بانون وبيل كريستول. فقد تواجه هذان المستشاران واختلفا في آرائهما. فقد واجه ستيف بانون، الذي يدعو إلى طريقة الانفصال، بيل كريستول، الذي يدعو إلى طريقة التدخل العسكري المباشر. وفي النهاية فاز راي بانون، الذي دعم دونالد ترمب في الانتخابات، بينما خسر كريستول، الذي دعم هيلاري كلينتون في الانتخابات.

وخلال حملة الانتخابات الرئاسية، كان ترمب أكثر “الانفصاليين” راديكالية. فقد قلل من شان السياسة الخارجية للرئيس الجمهوري جورج دبليو بوش، تماما مثلما وجه انتقادات لاذعة الى سلفه الديمقراطي باراك أوباما. اما شعار حملته الانتخابية “أمريكا أولا”، فقد تمت استعارته من شعار احدى الحركات القتالية، التي انضمت الى امريكا في حربها ضد ألمانيا النازية، في سنوات الثلاثينات.

وخلال سنة ونصف منذ دخول ترمب الى البيت الأبيض، تم استبدال معظم الموظفين الكبار في البيت الأبيض.

وإن أية محاولة لتقديم تفسيرات إيديولوجية لهذه التعديلات التي قام بها ترمب في ادارته، لا يمكن التكهن بنجاحها، وعلى الأقل ستكون تفسيرات متناقضة. والشيء المؤكد في كل ما يجري هو ان الرجل الحاكم في البيت الأبيض هو ترمب، بما يحمله من غرور، وامزجة متقلبة، وصبر قصير، والاهم من كل ذلك هو جهله بكل ما يحدث في العالم من حوله.

أما الحركتين التوظيفيتين الأخيرتين (أي مايك بومبيو كوزير للخارجية، وجون بولتون كمستشار للأمن القومي)، فيشيران إلى تغيير كبير في النهج. فقد تم فصل اثنين من كبار المسؤولين البراغماتيين من منصبيهما (أي تيلرسون ومكماستر، على التوالي). وبدلا منهما، تم تعيين اثنين من الصقور وكبار المحاربين، ومروجي الحلول العسكرية. وبالتالي، فقد استعاد المحافظون الجدد السيطرة على السياسة الخارجية للولايات المتحدة. وسيقود بومبيو وبولتون الولايات المتحدة الى حرب ضد إيران.

ترجمة: ناصر العيسة، عن: موقع “واي نت” بالإنجليزية

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن