إسرائيل: تهديدات نصر الله صادقة وتكشف عن نواياه

6cbae7d32fc8baa9ff5c4d32260f36d0

الوطن اليوم / القدس المحتلة

قالت دراسة جديدة صادرة عن مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ إنّه على الرغم من الانعكاسات المحتملة الخطيرة لكلام نصر الله في خطابيه الأخيرين، فيما يتعلق بالبعد الإسرائيلي، فمن أجل فهم جوهر ظهوره ومغزى تصريحاته في الإطار الأوسع، يجب فحصها على خلفية مجمل التطورات على الصعيد الاستراتيجي، وتفسير كلامه بوصفه موجهًا إلى خصومه المختلفين، وعلى صلة بأربعة أبعاد: الحرب في سورية، خصوم حزب الله، الساحة الداخلية-اللبنانية، وإسرائيل. البعد الأول، الذي يؤثر بصورة طبيعية وإلى حد كبير على نصر الله هو الحرب في سورية، ووقوفه في إطارها إلى جانب حلفائه، وفي مقابل ذلك تحديه لخصومه في هذه الساحة، وأوضحت أنّ الخطاب الأوّل جاء في ذروة محاولة دولية ضمن إطار محادثات جنيف للتوصل إلى اتفاق لوقف النار في سورية.

وكعادته أثنى نصر الله على نظام الأسد وأهمية المحافظة على وحدة سورية، وحاول الضغط على المفاوضين في جنيف من أجل التوصل إلى تفاهمات تضمن مصالح حزب الله في الدولة المجاورة. ولكن، عند ظهوره في المرة الثانية كانت الصورة الكبرى قد تغيّرت، بعد أنْ بدأ وقف إطلاق النار، وأعلنت روسيا عن انسحاب لقواتها من سورية.

وأثارت المفاجأة الروسية تساؤلات لدى واشنطن وحلفائها في المنطقة بشأن مستقبل وحجم قتال المحور الشيعي في سورية، وهذا ما استدعى تطرق نصر الله إلى المسألة مدعيًا أنه أبلغ مسبقًا بالخطوة، مثلما جرى إبلاغه مسبقًا بدخول الروس إلى المعركة، وكان من المهم بالنسبة إليه أنْ يشدد على فعالية التدخل الروسي وعلى حقيقة أنه حقق تفوقًا مهمًا للأسد وحلفائه على أعدائه، الأمر الذي يصور تدخل حزب الله وكأنّه مفيد ويساهم في حماية لبنان.

البعد الثاني، بحسب الدراسة، يتركز على نشاط خصوم حزب الله ضده، أضاف نصر الله عنصرًا مهمًا إلى المعادلة هو سلسلة الخطوات الجديدة التي اتخذتها السعودية ضد حزب الله: قرار الرياض سحب المساعدة المالية للجيش اللبناني، وتهديدها باتخاذ خطوات أخرى في هذا الاتجاه؛ وفرض قيود على مواطني دول الخليج الذين يزورون لبنان؛ وتصنيف الجامعة العربية حزب الله تنظيمًا إرهابيًا. ومن المعلوم أنّ للمال السعودي أهمية كبيرة في الاقتصاد اللبناني، ويُشكّل تقليص الدعم خطوة دراماتيكية تفرض على نصر الله الذي يوجه إليه أصبع الاتهام الرد على الانتقادات الداخلية.

البعد الثالث، المرتبط ارتباطاً وثيقًا بالبعدين الأول الثاني هو البعد الداخلي- اللبناني. على الرغم من سيطرة حزب الله والضعف التدريجي لخصومه في لبنان، فإنّ الحزب لم ينجح بعد في إنهاء مسألة انتخاب المجلس النيابي لرئيس الجمهورية.
وتابعت الطريق المسدود ظل مسدودًا ولم يظهر حل في الأفق، ممّا يبرهن على حدود القوة السياسية لحزب الله في لبنان على الرغم من تعاظمه.

وأخيرًا، في الإمكان الافتراض أنّ تهديدات نصر الله صادقة وتكشف عن نواياه، مثلما ثبت أكثر من مرة في الماضي.
وفي الحقيقة ليس هناك جديد دراماتيكي في جوهر الكلام. فالقدرة النارية لحزب الله في الوصول إلى الأهداف المعلن عنها، لجهة الدقة، معروفة جيدًا، كما أنّه لا يُفهم من تصريحاته أنّ الحزب سيُسارع إلى التصويب نحو الأهداف المذكورة، ومن الواضح أنّه سيضطر إلى أن يأخذ في اعتباره رد إسرائيل.

لكن يجب أيضًا عدم الاستخفاف بالقدرة النارية لحزب الله والمطلوب الاستعداد لها عسكريًا، كما يجب على إسرائيل الاستعداد لمفاجآت إستراتيجيّة أخرى، مع ذلك، قالت الدراسة، فإنّ السؤال المطروح في الوقت الحالي ليس إذا كان حزب الله قادرًا على مهاجمة منشآت حساسة داخل إسرائيل، بل السؤال لماذا يتطرق نصر الله إلى هذا الموضوع الآن؟ كما يفهم من مجمل الأمور، يخوض حزب الله معركة بقاء في الساحة الإقليمية ضد أعدائه، وصراع قوة في الداخل اللبناني، والانشغال بإسرائيل هدفه تذكير جميع مؤيدي الحزب ومنتقديه بأنّ جوهر وجوده هو المقاومة، وأنّ هدفه هو محاربة إسرائيل. إن تباهي نصر الله بقدرات الحزب العسكرية تنبع مباشرة مما يصوّره كنجاحه الأكبر في صراعه ضد إسرائيل في حرب لبنان الثانية صيف 2006، عندما نجح في المس بروتين الحياة الطبيعية في الجزء الشمالي من إسرائيل وعرقله إلى حد كبير بواسطة إطلاق الصواريخ الذي استمر أكثر من شهر.

ولم يكن صدفة تذكير نصر الله بذلك، فلم تكن هذه الحرب الانجاز المهم والأخير للعالم العربيّ في ساحة القتال ضدّ إسرائيل فحسب، بل لأنها تلك كانت المرة الأخيرة التي حصل فيها الحزب على إجماع عربي شامل. وبمناسبة الاحتفال بذكرى مرور عشر سنوات على هذه الحرب، يبدو أن نصر الله يحاول أنْ يذكر نفسه ولاعبين في الشرق الأوسط بهذه الحقيقة، ويحاول من خلال ذلك أنْ يعيد للحزب بعض الشرعية التي لم يعد يحظى بها بعد 2006.

بالإضافة إلى ذلك، على الرغم من تشديد نصر الله على أنه لا يرى في المستقبل القريب مواجهة مع حزب الله، من المحتمل جدًا أنّه يتحرك انطلاقًا من شعوره بأنّ إسرائيل قد تبادر إلى مواجهة مع حزب الله، وهو يحاول إقامة سور رادع صلب يُثني إسرائيل عن نيتها شن هجوم. بناءً على ذلك، خلُصت الدراسة التي نقلتها للعربيّة مؤسسة الدراسات الفلسطينيّة ببيروت، خلُصت إلى أنّه عندما يحاولون في إسرائيل فهم كلام نصر الله الموجه إليها، يتعيّن عليهم النظر إلى الصورة الشاملة الموجودة في خلفية الأمور واستخلاص النتائج: إنّ جوهر كلامه ليس فقط تحذير إسرائيل، والضرر المنتظر أنْ يصيبها في الحرب المقبلة، بل هو بصورة أساسية عدم وجود نية للتصعيد والرغبة في إبعاد المواجهة المقبلة من خلال ردع إسرائيل، على حدّ تعبيرها.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن