إيران تطرح مبادرة لتقليل الكلفة الباهظة لحرب سوريا

إيران تطرح مبادرة لتقليل الكلفة الباهظة لحرب سوريا

من النادر أن يمر يوم دون أن نسمع خبرا عن قتلى من الشيعة سواء من حزب الله أو من المسلحين الشيعة القادمين من إيران والذين يساندون الجيش السوري.

ويربط مراقبون بين زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى إيران وبين هذه الكلفة البشرية الباهظة للحرب الدائرة منذ أربع سنوات بالنسبة لطهران ودمشق.

وأقرّ الرئيس السوري بشّار الأسد وللمرة الأولى، في خطابه الأخير، أنّ جيشه يعاني من “نقص في الموارد البشرية”، معترفاً ضمناً بالضحايا التي لحقت بمختلف القوات التي تساعد جيشه.

لكن الجهات الرسمية السورية، بمن فيهم الأسد، تتحفظ عن الإشادة بفضل القوات المقاتلة باسم إيران، وتصر بدلاً من ذلك على الإدعاء بأنّ مشاركة طهران تقتصر على توفير “خبراء عسكريين” لا غير.

وتتزامن زيارة المعلم مع حديث عن مبادرة إيرانية جديدة تتضمن، وفقا لبعض التسريبات، وقفا فوريا لإطلاق النار، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وتعديل الدستور السوري، بما يطمئن المجموعات الإثنية والطائفية في سوريا، وإجراء انتخابات بإشراف مراقبين دوليين.

وقال حسين أمير عبد اللهيان نائب وزير الخارجية الإيراني الأربعاء إن إيران ستقدم إلى الأمم المتحدة خطة للسلام في سوريا  بعد استكمال مناقشات مفصلة بين طهران ودمشق.”

وعلق عبد اللهيان على التسريبات حول المبادرة في لقاء مع تلفزيون الميادين، المقرب من إيران: إنها مجرد تكهنات، في إشارة إلى أن بنود الخطة ليست واضحة بعد.

ورغم أن المبادرة تأتي بعد توقيع إيران لاتفاق نووي مع ترجيحات بوجود ملاحق سرية حول الأزمة السورية، غير أن خبراء يرون أن هذا الاستنفار الإيراني بحثا عن حل سياسي نابع من خسائرها الباهظة في جبهة بعيدة قد تضحي بها طهران في حال الحصول على الثمن المطلوب.

ودأبت طهران على إنكار العدد الفعلي لقتلاها في سوريا، وهي تعلن أن المواطنين الإيرانيين الذين قتلوا في سوريا ليسوا عناصر عسكرية قتالية، بل متطوعين يدافعون عن مقدسات ومزارات شيعية في دمشق وغيرها.

ولا يُعرف ما هي الأرقام المحددة لعدد الخسائر البشرية الإيرانية في سوريا، فلدى طهران أسباب كثيرة تدفعها إلى التقليل من قيمة مشاركتها وخسائرها هناك.

ورغم هذا التكتم، جرى مسح لمآتم المقاتلين الإيرانيين والأفغان والباكستانيين الشيعة الذين لاقوا حتفهم في الحرب السورية، وهو يوفّر بعض المؤشّرات حول التورّط العسكري لإيران.

ووفقاً لبيانات نشرها معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى فقد قُتل 113 مواطناً إيرانياً و 121 من الرعايا الأفغان، و 20 من الرعايا الباكستانيين في المعارك التي جرت في سوريا منذ مطلع 2013، وهذه الأرقام لا تشمل العدد الهائل من الضحايا العراقيين واللبنانيين الشيعة الذين يقاتلون بدورهم في سوريا.

وتشير المعلومات إلى أنّ جميع الضحايا الإيرانيين الـ 113 كانوا قد خدموا في “الحرس الثوري الإسلامي” الإيراني.

واستناداً إلى تعليقات القرّاء في المواقع الإلكترونية التي أحيت ذكرى القتلى، فقد كان من بين هؤلاء مستشارين تقنيين، ومدرِّبين في القتال، وأفراداً مشاركين في القتال، وقوات العمليات الخاصة، وضباط مخابرات، وحتى صحفيين ومعدّي أفلام تلفزيونية وثائقية.

وفي المقابل، يبدو أنّ الأفغان والباكستانيين خدموا كجنود مشاة لا غير.

وفي جميع الأحوال، فإن المعلومات شحيحة عن العمليات التي انخرط فيها هؤلاء المقاتلون. ولزيادة الأمور تعقيداً، فقد ذُكر مكان مقتل معظمهم على أنّه “سوريا” أو “الضريح في دمشق”، الأمر الذي يُقصد منه دعم رواية “استشهادهم” وهم يدافعون عن مواقع الحج الشيعية، دون ذكر أية مواقع أخرى مثل حلب في الشمال، أو درعا في الجنوب.

ورغم أعداد القتلى الإيرانيين المتزايدة، فمن غير المرجّح أن تتخلى إيران عن التزامها تجاه حليفها في دمشق على المدى القصير، فقد ضحت إيران بالكثير من الدماء واستثمرت الكثير من المال في هذه الحرب، وربما لهذا السبب هي تنشط لأجل حل سياسي.

ويمكن القول إنّ سهولة نفاذ إيران إلى العملات الأجنبية المجمدة في أعقاب الاتفاق النووي سوف تترجم بزيادة في تمويل عمليات “الحرس الثوري” الإيراني في سوريا، لكن “إيران الجديدة والبراغماتية” ستجري تقييما لهذا العبء وستتصرف بما يتلائم مع مصالحها الاستراتيجية، ولعل المبادرة الإيرانية الوشيكة تأتي في هذا الإطار.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن