ابومازن في الجامعة الروسية للصداقة: الخداع والتضليل الإسرائيلي لم يعد ينطلي على أحد

الرئيس محمود عباس
الرئيس محمود عباس

غزة / الوطن اليوم

قال رئيس دولة فلسطين محمود عباس، إن سياسة الخداع والتضليل والدعاية، التي دأبت إسرائيل على إتباعها، لم تعد تنطلي على أحد أو تقنع أحداً.

وأضاف الرئيس في كلمة في الجامعة الروسية للصداقة بين الشعوب، التي منحته شهادة الدكتوراه الفخرية اليوم الثلاثاء، أن العالم يشاهد عدوان إسرائيل على شعبنا، ويرى بأم عينه عنصريتها، مشيرا إلى أن دولة فلسطين العضو المراقب في الأمم المتحدة تحظى اليوم باعتراف 135 دولة.

وقال إن شعبنا يعيش منذ قرابة سبعة عقود مأساة تشريده وتهجيره من وطنه فلسطين، وما زال يكافح من أجل إحقاق حقوقه الوطنية، ورفع الظلم التاريخي الذي وقع عليه، باقتلاعه من وطنه ودياره.

وشدد الرئيس على أن إسرائيل ما زالت تصر على أن تضع نفسها فوق القانون الدولي، وتصر على الاستمرار في احتلالها لأرضنا ومقدساتنا، وتنتهج سياسة الدوران في حلقة مفرغة من المفاوضات، التي لم تكن تهدف من ورائها إلا للتهرب من استحقاقات السلام، ومن أجل كسب المزيد من الوقت لفرض الأمر الواقع على الأرض وجعل إقامة دولة فلسطين أمراً مستحيلاً عبر الاستيطان وتكريس الاحتلال.

وأضاف سيادته: نعمل بكل ما أوتينا من إرادة وتصميم وإمكانيات على بناء أسس دولتنا المستقلة القادمة، وفقاً لمبادئ القانون والعدل والشفافية، والمسؤولية والمساءلة، وأن أكبر معيقات البناء والتنمية في فلسطين، هو استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا.

وقال: ‘نطمح لرؤية السلام يعم ربوع منطقتنا لتنعم وكافة الأجيال القادمة في وطننا ودول الجوار بما في ذلك إسرائيل بثماره، ويعيش الجميع بأمن وأمان وسلام واستقرار وجوار حسن’.

وفيما يتعلق بتكريمه ومنحه الدكتوراه الفخرية، قال الرئيس ‘إن هذا التكريم وسام أعتز به وأعتبره تكريماً لشعبي الفلسطيني حيثما وجد’، واعتبره عربون مودة وصداقة بين الشعبين الروسي والفلسطيني.

وفيما يلي كلمة الرئيس:

‘بسم الله الرحمن الرحيم’

سعادة الأستاذ الدكتور ألكسندر بتروفتش يفريموف، القائم بأعمال رئيس الجامعة،

الأساتذة الأفاضل، سعادة السفراء،

الطلبة والباحثون،

يسعدني أن ألتقي بكم اليوم، أثناء زيارتي الهامة إلى موسكو، هذه المدينة الشامخة والرائعة بتاريخها وحاضرها ومستقبلها، والتي أحمل لها في نفسي ذكريات جميلة، وإنني أحرص سنوياً على زيارتها ولقاء قيادتها، وأعتز بأنني قد حصلت على درجة الدكتوراه من معهد الإستشراق في موسكو، وبهذه المناسبة، أبعث بالتحية للأستاذ الدكتور يفغيني بريماكوف وللمرحوم الأستاذ الدكتور فلاديمير كساليوف.

وقد كان لي بالأمس شرف عقد جلسة مباحثات ناجحة مع فخامة الرئيس بوتين، حيث تبادلنا وجهات النظر حول سبل حل الصراع العربي الإسرائيلي، ودعم روسيا القوي لبرامجنا السياسية وتحركاتنا الدبلوماسية، وبما في ذلك في الأمم المتحدة، المستندة لقرارات الشرعية الدولية، والداعية لنيل الشعب الفلسطيني حريته واستقلاله.

كما وبحثنا ما يجري في المنطقة العربية من صراعات وتفشٍ لظاهرة الإرهاب، وخاصة من الجماعات الإرهابية التي تتخد الدين ستاراً ومبرراً لجرائمها، وهنا أود الإشادة بالدور الفاعل لروسيا الاتحادية في حفظ الأمن والسلم العالميين، مؤكداً على وقوفنا إلى جانب روسيا في دفاعها عن وحدة أراضيها وشعبها.

السيد القائم بأعمال رئيس الجامعة، السيدات والسادة

يشرفني أن أزور اليوم، جامعتكم العتيدة التي قررت التكرم بمنحي درجة الدكتوراه الفخرية، وإن هذا التكريم وسام أعتز به وأعتبره تكريماً لشعبي الفلسطيني حيثما وجد.

وهاأنذا أرى هذه الجامعة ذات التاريخ العريق وقد زادت ازدهاراً وتطوراً واتساعاً في حقول المعرفة العلمية والإنسانية كافة، وهي تمضي قدماً في حمل رسالتها العلمية والتعليمية والتربوية، إلى الدرجة التي أصبحت واحدة من أشهر الجامعات الروسية والعالمية، وهي طيلة مسيرتها وعمرها المديد، منذ تأسيسها عام 1960 ظلت محافظة على شعارها وأهدافها النبيلة في خدمة العلم والمعرفة، وتعزيز أواصر الصداقة بين الشعوب، وإنه لأمر يبهج القلب أن نرى هذه التعددية في صفوف الطلبة، والذين ينتمون لأكثر من 145 دولة من جميع أنحاء العالم، يأتون لينهلوا من نبع المعرفة في كليات وأقسام جامعتكم الشهيرة، على أيدي نخبة من الطواقم الأكاديمية ذات السمعة المرموقة والرفيعة التأهيل في مختلف التخصصات.

فهنيئاً لكم بما أنجزتموه، وكم علمتم من الشباب المتميز من أبناء العائلات الفقيرة والكادحة في آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية، وظللتم أوفياء لاسم جامعتكم وشعاراتها السامية بتوحيد الأعراق والأجناس والألوان البشرية المختلفة عبر العلم والمعرفة، وساهمتم في تدريب وتأهيل مختصين في فنون العلم كافة. وكنتم ولا زلتم تحرصون على تعزيز انتماء طلابكم لأوطانهم وصداقتهم لروسيا وشعوبها.

وقد كان ولا زال للعديد من بناتنا وأبنائنا الطلبة الفلسطينيين نصيب وافر من عطاءات جامعتكم التي على مدى العقود تخرج منها ولا زال يتخرج الأفواج العديدة في التخصصات والمستويات العلمية كافة، حيث عادوا لوطنهم ليسهموا في بنائه وتوظيف خبراتهم العلمية المكتسبة فيه.

السيد القائم بأعمال رئيس الجامعة، السيدات والسادة

إنني أحمل إليكم رسالة محبة ومودة وصداقة من شعبي الفلسطيني، الذي يعتز وإيانا بالعلاقات التاريخية القائمة بين شعبينا ومنذ عهد بعيد، والتي نتطلع للمزيد من التنمية والتطوير لها، لما فيه خير ومصلحة بلدينا وشعبينا الصديقين.

تعلمون، أيها الأصدقاء، أن شعبنا الفلسطيني يعيش منذ قرابة سبعة عقود مأساة تشريده وتهجيره من وطنه فلسطين، وقد مر على احتلال ما بقي من فلسطين التاريخية أي احتلال أراضي الضفة الغربية، والقدس الشرقية، وقطاع غزة ثمانية وأربعون عاماً، ولا زال شعبنا يكافح من أجل إحقاق حقوقه الوطنية، ورفع الظلم التاريخي الذي وقع عليه، باقتلاعه من وطنه ودياره.

وإن خمسة ملايين فلسطيني يعيشون في ديار المنافي والشتات، ولا زالوا ينتظرون العدل من المجتمع الدولي، وقواه الفاعلة والمؤثرة، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية وخاصة القرار الأممي 194 المتعلق باللاجئين الفلسطينيين، وأنا واحد من أولئك اللاجئين حيث شـردت وأسرتي من بيتنا في صفد، وأنا في سن الثالثة عشرة، وأنا الآن جد لثمانية أحفاد، ولا زلت أبحث لي ولهم ولشعبي عن وطن آمن سيد مستقل مثل باقي شعوب العالم، فهل هذا كثير؟

السيد القائم بأعمال رئيس الجامعة، السيدات والسادة،

إن شعبنا الفلسطيني، هو واحد من أكثر شعوب منطقة الشرق الأوسط تعليماً وتحصيلاً علمياً، فعلى الرغم من التهجير والاحتلال ومعوقاته، فإن لدينا عشرات الجامعات والمعاهد والكليات، وفي مختلف التخصصات، والتي أصبحت تخرج سنوياً آلاف الطلبة، ونحن شعب يؤمن بالحرية والتعددية والديمقراطية ويتوق دوماً للعلم والمعرفة.

ونعمل بكل ما أوتينا من إرادة وتصميم وإمكانيات على بناء أسس دولتنا المستقلة القادمة، وفقاً لمبادئ القانون والعدل والشفافية، والمسؤولية والمساءلة، وإن أكبر معيقات البناء والتنمية في فلسطين، هو استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا ولكم أن تتصوروا بأننا لا نسيطر على حدودنا مع دول الجوار والعالم وليس لدينا ميناء، ولا مطار، ونمنع من عمل ذلك، فلا نستطيع استخدام المطار الفلسطيني الواقع بين رام الله والقدس والمعروف باسم مطار قلنديا وكما أن المطار الصغير الذي أقيم في تسعينات القرن الماضي في قطاع غزة قد دمرته إسرائيل بالكامل، ولا نسيطر بسبب الاحتلال أيضاً على مواردنا الطبيعية، ولا حتى على مواردنا المالية.

السيد القائم بأعمال رئيس الجامعة، السيدات والسادة،

يعلم العالم بأسره بأننا قد وقعنا على جملة من الاتفاقات مع حكومات إسرائيل، غير أن تلك الاتفاقات قد تم تقويضها وإفراغها من مضامينها من قبل إسرائيل على مدى العقدين الماضيين ورغم كل ذلك قمنا بالاستجابة لمطالب المجتمع الدولي وقبلنا خارطة الطريق التي وضعتها الرباعية الدولية، والتي تضم الاتحاد الروسي، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة الأميركية، والأمم المتحدة، وقد التزمنا بكل ما هو مطلوب منا.

ولكن إسرائيل لا زالت تصر على أن تضع نفسها فوق القانون الدولي، وتصر على الاستمرار في احتلالها لأرضنا ومقدساتنا وكم فرصة وفرصة أعطيناها للمفاوضات وفي كل مرة راحت الحكومة الإسرائيلية، تنتهج سياسة الدوران في حلقة مفرغة من المفاوضات، التي لم تكن تهدف من ورائها إلا للتهرب من استحقاقات السلام، ومن أجل كسب المزيد من الوقت لفرض الأمر الواقع على الأرض وجعل إقامة دولة فلسطين أمراً مستحيلاً عبر الاستيطان وتكريس الاحتلال.

وفي العام الماضي قمنا بمنح فرصة أخرى للسلام ودخلنا في مفاوضات برعاية أميركية مشكورة من الرئيس أوباما ووزير خارجيته جون كيري، غير أن إسرائيل تعمدت الإخلال بشروط تلك المفاوضات من خلال تسريعها لوتيرة الاستيطان، ورفضها إطلاق قدامى الأسرى الفلسطينيين وفق الاتفاق، ولا بد من التذكير أن لدينا اليوم ستة آلاف أسير وأسيرة في السجون الإسرائيلية نسعى لإطلاق سراحهم.

الأمر الذي دفعنا للتوجه إلى مجلس الأمن، وتقديم مشروع قرار من أجل وضع سقف وجدول زمني محدد وواضح لإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطين المستقلة على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وقمنا بالانضمام إلى العديد من المعاهدات الدولية وبما فيها الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية وذلك من أجل حماية شعبنا والدفاع عن حقوقه وصون كرامته، وحماية مقدساته المسيحية والإسلامية.

وأؤكد أن صراعنا لا يجب أن يتحول إلى صراع ديني، بسبب محاولات إسرائيل تهويد القدس الشرقية عاصمة دولتنا الفلسطينية، وهو الأمر الذي لا نقبله، وكذلك لا نقبل ما يطلقونه عليه اسم الدولة اليهودية.

وأغتنم فرصة التحدث إليكم أيها الأصدقاء، لأتوجه من على منبر هذا الصرح العلمي للشعب الروسي الصديق بمسيحييه ومسلميه لزيارة القدس وبيت لحم والحج إليهما مثلما كان الأمر عليه في القرنيين التاسع عشر والعشرين وقبلهما، وهم مرحب بهم من شعبنا ومنا.

وهنا أود الإشادة بدور الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الروسية الفلسطينية بالقيام بالعديد من المشروعات والمبادرات الطيبة في فلسطين وأنتهز الفرصة لأتقدم بالشكر الجزيل للرئيس بوتين على توجيهاته ودعمه النبيل لإنشاء أكبر مركز متعدد النشاطات لخدمة أهالي بيت لحم، والذي أصبح جاهزاً للعمل.

ومن جانبنا فقد قمنا بإعادة عدد من الممتلكات الروسية الموجودة على أرض دولة فلسطين إلى الجهات المعنية في روسيا الاتحادية.

السيد القائم بأعمال رئيس الجامعة، السيدات والسادة،

وأمام ما يتعرض له شعبنا في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وقطاع غزة من حرب وعدوان، وخرق للاتفاقات الموقعة، وممارسات عدوانية وعنصرية من الجيش الإسرائيلي والمستوطنين وسلب السلطة الفلسطينية لجميع صلاحياتها، والتي كان آخرها حجز أموالنا من الضرائب، الأمر الذي يؤكد صحة توجهاتنا السياسية نحو تدويل القضية الفلسطينية، فلا يمكن أن تستمر الأوضاع على ما هي عليه، ولا بد من توفير حماية دولية لشعبنا.

وفي نفس الوقت، فأيدينا لا زالت ممدودة للسلام وفق قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية، على الرغم من تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي الأخيرة التي أكدت أنه يعمل على تدمير خيار الدولتين، لصالح إبقاء الأوضاع على ما هي عليه.

السيد القائم بأعمال رئيس الجامعة، السيدات والسادة،

إن سياسة الخداع والتضليل والدعاية، التي دأبت إسرائيل على إتباعها متظاهرة بأنها واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط لم تعد تنطلي على أحد أو تقنع أحداً، فالعالم يشاهد عدوانها على شعبنا، ويرى بأم عينه عنصريتها، وأن دولة فلسطين العضو المراقب في الأمم المتحدة تحظى اليوم باعتراف 135 دولة.

وإن العديد من البرلمانات الأوروبية قد صوتت وأوصت حكومات بلادها بالاعتراف بدولة فلسطين كما فعلت مملكة السويد، وقد كانت روسيا سباقة بالإعترفات بدولة فلسطين منذ أمد بعيد.

وإننا نطمح لرؤية السلام يعم ربوع منطقتنا لتنعم وكافة الأجيال القادمة في وطننا ودول الجوار بما في ذلك إسرائيل بثماره، ويعيش الجميع بأمن وأمان وسلام واستقرار وجوار حسن.

مرة أخرى أحييكم سعادة القائم بأعمال رئيس الجامعة، راجياً نقل تحياتنا وتقديرنا لرئيس الجامعة الدكتور فلاديمير فيليبوف، المتواجد في خارج البلاد، ونهنئه بعيد ميلاده الذي يحتفل به يوم الغد، وأتمنى لجامعتكم تحقيق المزيد من النجاحات والتقدم وشاكراً لكم مرة أخرى هذا التكريم الذي حظيت به في حرم جامعتكم من خلال منحي درجة الدكتوراه الفخرية، التي أعتز بها وأعتبرها عربون مودة وصداقة بين الشعبين الروسي والفلسطيني.

والسلام عليكم

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن