اتفاقية الخليل.. إجحاف لمواطنِيها وإرضاء لمستوطنيها

الخليل

لم تحافظ مدينة الخليل على خصوصيتها من الناحية التاريخية والسكانية فحسب، بل وحتى عندما أبرمت اتفاقية السلام، ومعاهدة أوسلو، استمرت الخليل في حفاظها على خصوصيتها.

كانت الخليل المدينة الفلسطينية التي يستوطن الإسرائيليون قلبها، لمعتقدات مزعومة في شريعتهم، فهم يدعون كذبا أن لهم صلة دينية بدرة المدينة المقدسة ” المسجد الإبراهيمي الشريف” مما اضطر صانعو أوسلو إلى منح المدينة اتفاقا خاصاً، عرفت لاحقا باتفاقية الخليل أو بروتوكول الخليل.

وبغض النظر عن التحليل السياسي للاتفاقية وتفنيدها، فقد صبغت الاتفاقية المدينة بصبغة خاصة، حين قسمتها إلى منطقتين، الأولى كانت “H 1” وتتبع (بالكامل للسيطرة الفلسطينية، فيما سمي القسم الأخر “H2 ” ويخضع بالكامل للسيطرة الإسرائيلية.

وبالسؤال عن حال السكان الفلسطينيين في المنطقة المسيطر عليها إسرائيلياً فهل سنجد أنها أنصفتهم كما أنصفت المستوطنين الذين مهدت لهم السبل لسرقة قلب المدينة؟، أم أن الأوضاع الاجتماعية والحياتية عامة قد تدهورت إلى الحضيض ونالت المنطقة حظها من التهميش المتعمد ..؟؟ .

اتفاقية الخليل عزل وتقسيم

وقال المحلل السياسي أحمد شحادة: ” لا يتحدث أي عاقل في الساحة الفلسطينية أو العربية عن اتفاق الخليل إلا وذكر الإجحاف بحق الشعب الفلسطيني في مدينة الخليل، وقد تحدث الوفد الفلسطيني على استحياء عن هذا البرتوكول على لسان كبير المفاوضين صائب عريقات، وذكر في لقاء تلفزيوني بأن هذا البروتوكول مجحف لأنه طبق بمنطق يمين إسرائيلي مجرد، حرص كل الحرص على عزل مدينة الخليل وتقسيمها”.

ولا يسمح الاحتلال الإسرائيلي للسكان الذين يقطنون بجوار المسجد الإبراهيمي أن يدخلوا بيوتهم إلا بتصاريح من قبل الإدارة المدنية وبتفتيش دقيق من قبل جنود الاحتلال الإسرائيلي .

خناقٌ وعزلة

وأضاف شحادة: “لم تنصف اتفاقية الخليل أهل المنطقة الجنوبية ولا بأي ميزة، بل بالعكس فقد ضيقت الخناق على سكان المنطقة، ووضعتهم في مناطق معزولة عن العالم، بل عن المجتمع المحيط بالمنطقة كالضواحي التي تحيط بالمدينة، وذلك بوضع العديد من الحواجز العسكرية التي يتم عليها إذلال الفلسطيني، وأضف إلى ذلك إغلاق الطرق الفرعية التي تربط الأحياء السكينة ببعضها البعض.

وأغلقت المحال التجارية لفترات طويلة بسبب السياسية الإسرائيلية، وأدى إلى ركود اقتصادي بل شلل اقتصادي تام في أسواق البلدة، فأصبح السكان يستغيثون المنظمات الإنسانية المحلية والدولية لتقديم المساعدة، وبالفعل تم تقديم مساعدات من عدة جهات مما أفرز شريحة واسعة من الأطفال والرجال والنساء عاطلين عن العمل همهم التسول والتسكع في شوارع وأزقة البلدة .

وأوضح أن الاتفاقية نصت على فتح شارع الشهداء ليربط شمال المدينة بجنوبها، ووقع على ذلك المبعوث الأمريكي وتم تعبيد الشارع وإضاءته وطلاء المحلات التجارية وكان من المتوقع فتح الشارع للفلسطينيين إلا أن الجميع تفاجأ بأن الشارع تم ترميمه للمستوطنين اليهود وليس للعرب وإلى هذا اليوم والشارع مغلق.

وأكد شحادة على أن الاتفاقية أجحفت بحق المدية بأكملها عندما وقع المفاوض الفلسطيني وأقر بوجود يهودي عسكري ومدني في داخل المدينة.

سهلة السيطرة

وحول أوضاع سكان البلدة القديمة، قال الشحادة بأن الاتفاقية فصلت الجزء الجنوبي عن الجزء الشمالي من المدينة في شتى المجالات، وفرقت بين سكان البلدة القديمة وسكان الأحياء المحيطة.

وأدت الأوضاع المزرية إلى إيجاد تربة خصبة لزرع عملاء للاحتلال الإسرائيلي، واستقطاب العديد من ضعاف النفوس في حبال الخيانة، كل ذلك من أجل تهجير السكان من البلدة وتفريغها ليسهل على حكومة الاحتلال السيطرة الديمغرافية على البلدة.

وما بين الاتفاقات ظالمة وواقع مرير يعيشه سكان منطقة فرضت عليهم حياة لم يختاروها ولو يفوضوا أحد بأن يختار لهم، تستمر الحياة هناك، برتابة وقتل لكل ما هو فلسطيني بشر كان أو حجر لطمس الهوية ومحو التاريخ.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن