“اسرائيل” حين تعيش أيام الجدل والتراشق

الكاتب: عماد عفانة

تنوع اهتمامات كتاب الصحف العبرية الأسبوعين الماضيين بين عدة ملفات كان ابرزها اهتمامهم بتبعات المواجهة العسكرية مع حزب الله بعد عملية القنيطرة، اما الملف الذي احتل المرتبة الثانية في الاهتمامات فكان ملفان متوازيان: الانتخابات المرتقبة والعلاقة مع البيت الابيض، اما المرتبة الثالث فقد حظي بها مستقبل العلاقة مع غزة والاستعدادات التي تقوم بها حماس للجولة القادمة.

العميد (احتياط) نيتسان نوريئيل اوصى في مقال نشره الموقع العسكري بأن كل إرسالية من الوسائل القتالية الروسية إلى سوريا، يجب أن تُعترض أو تشوش أو تُغرق, وأن عدم تطبيق مثل هذه السياسة سيضمن استمرار المفاجآت, فإذا كان إمداد الوسائل القتالية الإيرانية يعتبر تحدٍ كبير, فإنه لا يوجد سبب لنسمح بأن يُضاف إليه وسائل قتالية روسية.

وانه يجب استهداف قدرات حزب الله أياً كانت، وأن أساس جهد التشويش والإحباط والاغتيال بكل الطرق الإبداعية وعلى كل الجبهات بما في ذلك سوريا, يجب أن يكون في صلب النشاط العسكري الإسرائيلي.
غيورا آيلاند من يديعوت رأى من جانبه أنه لا يمكن للدولة أن تنتصر على منظمة عصابات ناجعة بسبب ثلاثة شروط: العدو يوجد خلف الحدود, المنظمة تتمتع برعاية سياسية كاملة, والدولة التي تعطي الرعاية محصنة من كل رد, وخلص الى استنتاج: إذا استمرت النار من جهة لبنان نحو “إسرائيل” وقررنا أن الأمر يستدعي رداً واسعاً، فعلى هذا الرد أن يكون حرباً معلنة ضد لبنان, ولفرحتنا، فإن أحداً لا يريد دمار لبنان – لا سوريا، لا إيران، وأيضاً السعودية، الولايات المتحدة وفرنسا التي استثمرت الكثير في البُنى التحتية للدولة, وكلما كان الخوف من دمار لبنان مصداقاً أكثر، هكذا يحقق الأمر ردعاً حقيقياً ويمنع اندلاع مواجهة شاملة, أما إذا ما بدأت المواجهة على أي حال، فإن التهديد بتدمير لبنان سيؤدي إلى وقف النار في غضون ثلاثة أيام، وليس في غضون 33 يوماً.

من جانبها رأت أسرة تحرير هآرتس أن العملية في القنيطرة كانت مغلوطة من ناحية عملياتية واستراتيجية, بل إنها تطرح علامات استفهام على تفكير مقرري السياسة – رئيس الوزراء، وزير “الدفاع” ورئيس الأركان، وتساءلت اذا كانت تبرر الحساب الدموي الجديد الذي فُتح في أعقابها مع حزب الله وإيران والخطر في التصعيد الإقليمي، وغمزت الصحيفة من قناة الاجواء الانتخابية وجزمت أنه توجد صلة بين الاغتيال في جنوب سوريا وحملة “بنيامين نتنياهو”، الذي يتدهور في الاستطلاعات، واستشهدت بـ”أفيغدور ليبرمان” الذي يغرق حزبه في التحقيقات على شبهات بفساد خطير للإعلان الذي انبرى بالقول أن “على إسرائيل أن ترد بشكل غير متوازن”, متسائلة اذا كانت دعواته هذه للحرب تنبع من مصلحة سياسية ومن صرف الانتباه العام عن فساد حزبه..!!
وفي موضوع ذي صلة، تتوالى الأزمات الأخلاقية في قيادة الشرطة الإسرائيلية والتي أطاح آخرها بقائد لواء (شاي) اللواء شرطة “كوبي كوهين” والذي قدم استقالته لمدير الشرطة بعد افتضاح علاقته بشرطية تعمل تحت إمرته, وبذلك يكون “كوهين” خامس لواء شرطة يترك الجهاز بعد افتضاح أمرهم في مخالفات مالية أو أخلاقية

اما يوسي سريد فقد وصف في هآرتس مشهد الهزيمة الصهيونية بقوله ” لقد مضت “إسرائيل” في طريق طويلة منذ أن عاشت مرحلة الإجماع الوطني والتضامن إلى أن وصلت إلى أيام الجدل والتراشق: إنها طريق قصيرة جداً, لتفهموا وأن لا تشتروا روايات الحروب من ذات المصادر ومن نفس الأفواه، مستطردً “الآن يخرجون تباعاً من أوكارهم ويسجلون تحفظاتهم، طبعاً بعد حدوث الحدث، وبعد الفشل، فإلي متى تصغوا لحكماء الليل؟ إلى أن تغلقوا الشاشات وإلى الأبد.

واصفا حكام كيانه بانهم “يخرجون الآن من “البئر” ويكشفون لنا أسرار ويعرضون لنا القيادة العسكرية عارية, والآن نتذكر ملاحظات وانتقادات “نفتالي بينت” و”أفيغدور ليبرمان” الذين تبولوا داخل “البئر” عندما أرعدت صواريخ القسام, وشلت أفكارهم.

لكن المؤرخ تشيلو روزنبرغ فقد قال في معاريف “أنه في بعض الأحيان عندما يكون الخوف من الحرب لا يقل خطراً عنها فإن أياً من الأطراف المشارِكة فيها لا تستطيع أن تقدر بصورة صحيحة ماذا ستكون النتائج، وأن الحروب تندلع أيضاً من هوس الحرب وليس فقط من أسباب موضوعية, وأشار الى أنه حتى لو حاولوا في “إسرائيل” نفي أي خلط بين الانتخابات وبين أي عملية عسكرية، أو ربما، لا سمح الله، حرب، فلن ينجحوا في ذلك, إن هوس الانتخابات وهوس الحرب يؤدي إلى نتائج غير مرغوب فيها.

اما آري شبيط فقد اوصى في مقال له في هآرتس بأن ننشئ بناءً إقليمياً جديداً وثابتاً، يقلص مخاطر (الحرب)، ويزيد من احتمالات (عدم الحرب), وإمكانية إنشاء مبنى كهذا كبيرة بسبب أن معتدلين سعوديين، مصريين، أردنيين، فلسطينيين وإسرائيليين يخشون جداً مما يجري, ومن أجل استثمار هذا الجمع ومن أجل أن نستخرج الخير من داخل الشر, مطلوب قيادة، رؤيا وشجاعة سياسية، انطلاقا من أنه ليست الدول هي التي تسيطر على الأحداث، ولكن الأحداث هي التي تسيطر على الدول, وليس المحافظين هم الذين يهدئون المتزمتين، ولكن المتزمتين هم الذين يدمرون المحافظين, بدون قيادة مناسبة وبدون إستراتيجية جيدة، فإن ثرثرة الريبة والشك في هذه الأيام ستكون أكبر من أي وقت مضى.

موشيه آرنس وزير دفاع العدو الاسبق رأى من جانبه في هآرتس احتمال أن يكون وزير “دفاع” مدني أكثر ملاءمة لقيادة هذه التغييرات من شخص كان عسكرياً طوال حياته .

وأخيرا رأى أليكس فيشمان في يديعوت أن الردع ليس عِلماً دقيقاً, وحتى لو كان العدو –حزب الله- مردوعاً، فإن من يقرر الهجوم يكون أجبره على الرد, عندما تصفي جنرالاً إيرانياً، ابن مغنية وأناس آخرين في قوات حزب الله الخاصة في وضح النهار، فإنك ببساطة تفرض على الطرف الآخر اتخاذ خطوة، وتدمر، بكلتي يديك، الردع الذي حققته.

وفي موضوع متصل اشار أمير أورن في هآرتس الى سقوط المنظومة الأخلاقية لجيش الاحتلال حيث قال ان الجيش يقدّس عمليات الانتحار وقتل الجرحى الذين قد يسقطون في الأسر, وإن أحد أبطال “إسرائيل” في حرب (48)، كان قائد الوحدة “زروفوفيل هروفيتش” حيث مُنح وساماً على تفجيره مدرعة بنفسه وبزملائه الجرحى بعد أن فقد كل احتمالات الإنقاذ لمنع سقوطهم في أيدي العدو, وما زال مُخلداً ذكره في المعسكر الشمالي، لكن بدون أوسمة، من هنا فإن الجيش الإسرائيلي يمجد جنود وقادة فوضوا أنفسهم لقتل زملائهم كبديل لسقوطهم وتعذيبهم وموتهم في أيدي العدو.

أما اليساري يوسي بيلين فقال في إسرائيل اليوم عن الانتخابات أنه ليست الأفعال هي التي تجلب المرشحين إلى الكنيست بل الأشخاص الذين يعينوهم، ولهؤلاء الأشخاص قدرة أقل بكثير على الحكم من مجموعة كبيرة من النشطاء, الذين توجد لديهم أيضاً “حكمة الجماهير” التي لن تكون أبداً للفرد.
من جانبه توقع إيتان هابر ان نتائج الانتخابات سيقررها بقدر كبير أبو مازن في رام الله وخالد مشعل في قطر أو في تركيا, إذا ما نفذا على انفراد، عملية دموية في الأسبوع ما قبل يوم الانتخابات.

واضاف مستهزئا من التعاطي مع التهديدات الخارجية “ان تحذيرات زعيم حزب الله من أن منظمته يمكنها أن تطلق ألف صاروخ في اليوم نحو “إسرائيل”، و أن رجال حزب الله تدربوا على احتلال بلدات إسرائيلية في الشمال, مضحك هذا الرجل, هو؟ هم؟ ألف صاروخ في اليوم؟ احتلال بلدات؟ أي نكتة! ما يذكرني بشيء صغير: كيف قال ذات مرة الرئيس المصري، أنور السادات، إن بلاده ستضحي بحياة مليون جندي مصري كي تحرر شبه جزيرة سيناء, كيف ضحكنا، كيف هزئنا؟ مليون جندي؟ أحقاً, ولكن في آلاف البيوت في “إسرائيل” لم يعودوا يضحكون منذ سنوات كثيرة”، وقلل من قيمة الخبراء في سدة اتخاذ القرار حيث اشار الى ان”غولدا مائير” كانت محاطة بالأشخاص الأمنيين الأهم والأفضل والأكثر شهرة في تاريخ الدولة, “موشيه ديان”, “ددو اليعيزر”, “إيلي زعيرا” ولكن إلى أين ساروا بنا؟

اما في العلاقة مع البيت الأبيض فقد رأى شلومو شمير من معاريف انها كانت وما زالت ذخراً إستراتيجيا حقيقياً ومهما جداً بالنسبة لـ”إسرائيل”, ولم يتجرأ أحد على المس بمخزون الدعم والتأييد لـ”إسرائيل” المحفوظ في البيت الأبيض حتى جاء “نتنياهو” وضربه، وان “نتنياهو” الآن يدرك أنه في الحضيض، بل في وضع خطر جداً, فقد انهارت شخصية المهرج التي اشتهر بها

واضاف يوئيل ماركوس في هآرتس “إن قصة ” نتنياهو” تنقلب على نفسها, أراد أن يوضح شيئاً فوجد نفسه متهماً, “نتنياهو” الآن يدرك أنه في الحضيض، بل في وضع خطر جداً, فقد انهارت شخصية المهرج التي اشتهر بها, والشعور هو أنه لا يدرس خطواته القادمة, يوجد لـ”نتنياهو” الكثير من المشاكل، فجميع وسائل الإعلام ضده، وأغلبية العاملين في بيته الرسمي ضده وضد زوجته, أيضا “مناحيم بيغن” هوجم من وسائل الإعلام، ولكن عندما اتهمته بسفك دم الجنود أصغى لها وخرج حزيناً من التاريخ, من الصعب أن نصدق بأن “نتنياهو” لا يتحمل مسؤولية الدم المسفوك أول أمس في لبنان، والدم الذي سيُسفك بعد ذلك لنفس السبب.
امام في موضوع انفاق غزة فقد خلص يوآف زيتون في موقع (ynet): ان”هناك عدة وسائل تم تجريبها خلل الأشهر الأخيرة وأن هناك بعض النجاحات بهذا الصدد, لكنها لا تمثل حلاً لجميع التحديات”.

من جانب آخر توقع زئيف شتيرنهل في هآرتس إن تغييراً راديكالياً لن يحصل هنا ما دامت السلطة الحالية لم تُنزل على رؤوسنا أزمة وطنية كبيرة، فلا يكفينا الفشل الذي حدث كما في “الجرف الصامد” الذي يدفع ثمنه الباهظ الفلسطينيين، ولذلك فإن البديل الحقيقي يكمن في التدخل الخارجي الواسع الذي يزعزع استقرار الحياة الإسرائيلية, وعندما يشعر كل منا بثمن الاحتلال على جلده ستكون نهاية الاستعمار والتمييز العنصري الإسرائيلي, وعندما يتضرر الاقتصاد بما في ذلك مستوى الحياة العام ويتضرر الأمن كنتيجة لتعريض المصالح الأمريكية في المنطقة للخطر، يبدأ العلاج الحقيقي للقضاء على الاحتلال وضمان مستقبلنا .

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن