الأمن القوميّ الإسرائيليّ: عملية “الجرف الصامد” جرفت الرأي العام نحو فلسطين

رأت دراسة جديدة صادرة عن مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ أنّ عزلة إسرائيل باتت حقيقة صعبة وجرعة مرّة للغاية، واقترحت على صنّاع القرار في تل أبيب تشكيل وزارة خاصّةٍ لدرء هذا الخطر، الذي اعتبرته إستراتيجيًا على إسرائيل.

واللافت، أنّ مُعّد الدراسة هو المحامي غلعاد شير، الذي كان شريكًا في المفاوضات بين سوريّة وإسرائيل وبين الفلسطينيين وإسرائيل، والذي أكّد على أنّه لا يُمكن التقليل من خطورة هذه الظاهرة، وذلك على ضوء التغييرات التي عصفت بالقارّة العجوز من ناحية نبض الشارع، فالمُظاهرات المعادية لإسرائيل، التي عمّت أوروبا خلال العدوان على غزّة، لاقت ترحيبًا كبيرًا في الرأي العام الأوروبيّ، وبات هناك نوعًا من السبق بين الأوروبيين مَنْ يكون معاديًا ومناهضًا أكثر لإسرائيل، على حدّ تعبيره.

وقال المحامي شير أيضًا إنّ معركة نزع الشرعيّة عن إسرائيل تدور رحاها في أربع ساحات: السياسيّة-الدبلوماسيّة، الإعلام، الاقتصاد والقضاء، وبين هذه العوامل يوجد تواصل واتصال، الأمر الذي يمنح المعركة زخمًا وقوّةً، لافتًا إلى أنّ الصور التي كوت وعي الأوروبيين جاءت من غزّة، وأدّت إلى إقناع عشرات ملايين الأوروبيين بأنّ إسرائيل هي التي سببت في قتل الأطفال، زاعمًا أنّ التغطية الإعلاميّة كانت أيضًا معادية بشكلٍ سافرٍ لإسرائيل، على حدّ زعمه.

وشدّدّ الدبلوماسيّ الإسرائيليّ السابق على أنّ المعركة لا تقتصر فقط على المجال الإعلاميّ واستمالة الرأي العام لصالح الفلسطينيين، بل أنّ التهديدات ضدّ شرعية إسرائيل باتت عميقة وواسعة جدًا، وقد وصلت هذه الأمور إلى العديد من صنّاع القرار في القارّة العجوز، مشدّدًا على أنّ عملية (الجرف الصامد) الأخيرة، هي العملية الثالثة التي قامت بها إسرائيل منذ الانفصال أحادي الجانب من طرف واحد في العام 2005، والذي حاولت من خلاله إسرائيل استعادة قوّة الردع وجلب الأمن والآمان لسكان مستوطنات جنوب إسرائيل، وللمدن القريبة منها، جازمًا أنّ كلّ عملية عسكريّة إسرائيليّة ضدّ الفلسطينيين في قطاع غزّة تجبي ثمنًا باهظًا من إسرائيل في الرأي العام العالميّ، علاوة على أنّها تخسر العديد من النقاط في المفاوضات مع الفلسطينيين، وبالتالي، أضاف المحامي شير، فإنّ الحديث لا يجري فقط عن مشكلة في الإعلام، وخصوصًا أنّ صور القتل من غزّة هيمنت على الرأي العام، ولم تتمكّن ماكينة الدعاية الإسرائيليّة، عبر الناطق العسكريّ من مواجهة هذه الصور، على حدّ قوله.

ولكنّه أضاف قائلاً إنّ تطوع العديد من المسؤولين الإسرائيليين لدفاع عن موقف دولتهم هو خطوة مباركة، ولكنّ يتحتّم علينا، شدّدّ شير، الاعتراف بأنّ المعركة لا تدور حول صورة إسرائيل فقط، بل على الرواية الإسرائيليّة برّمتها، ومن هنا يُمكن القول والفصل إنّ المعركة تدور على مستقبل إسرائيل وأمنها، بحسب قوله.

وأوضح أنّه بعد أنْ وضعت الحرب الثالثة على غزّة أوزارها، بدأت المعركة على صورة إسرائيل في العالم، لافتًا إلى أنّ حملة المقاطعة ضدّ إسرائيل توسّعت كثيرًا في العالم، في المجال السياسيّ وفي مجال استمالة الرأي العام.

وأوضح أنّه بغضّ النظر عن انضمام السلطة الفلسطينيّة إلى المحكمة الدوليّة في لاهاي، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ تشديد الإعلام الأوروبيّ والعالميّ على جرائم الحرب التي ارتكبتها، حسب زعمهم، إسرائيل، في الحرب الأخيرة، يجعل من إسرائيل في نظر العالم دولة من القتلة والمجرمين، وبالتالي حذّر الدبلوماسيّ السابق من أنّ عملية مقاطعة إسرائيل قفزت درجة عالية جدًا بعد عملية (الجرف الصامد) ضدّ غزّة، الأمر الذي من شأنه أنْ ينعكس سلبًا على تأييد المواقف الإسرائيليّة في المحافظة على أمنها، وبالتالي يجب على صنّاع القرار في الحكومة الإسرائيليّة اتخاذ الإجراءات والتدابير قبل فوات الأوان، والتشديد على الخطوات الإستراتيجيّة في هذه المعركة الصعبة، على حدّ تعبيره.

وخلُصت الدراسة إلى القول إنّه توجد أمام الحكومة مهمّة وطنيّة من الدرجة الأولى، ومن واجبها أنْ تقيم وزارة جديدة، وتخصيص ميزانيات طائلة لها، لمواجهة هذا المدّ العالميّ، الذي يسعى بخطى حثيثة لنزع الشرعيّة عن إسرائيل، على حدّ قوله، خصوصًا وأنّ عزلة إسرائيل ونزع الشرعية عنها باتت حقيقة واضحة وجليّة ولا يُمكن أنْ يتمكّن هذا أوْ ذاك من إخفائها، على حدّ قوله.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن