التطبيع بين مصر وإسرائيل.. علاقة للكبار فقط

نتنياهو وشكري

على أعتاب عامها الأربعين تستمر علاقة التطبيع بين القاهرة وتل أبيب، في  إثارة الأزمات في الداخل المصري بسبب هذا التفاهم الذي قام على إثر اتفاقية للسلام جاءت بعد حرب وكانت مرفوضة بشكل شبه كامل من القطاعات الشعبية ومازالت.

بالطبع وضعت السلطة في مصر مع توقيع هذه الاتفاقية مع العدو المزمن، قواعد تجعل العلاقات رسمية لا يتدخل فيها الشعب أو الأفراد البعيدون عن السلطة بالإيجاب، ويسمح لهم بالتعامل السلبي من خلال مظاهرات مناوئة للكيان الإسرائيلي حتى تظل العلاقة رسمية.

علاقة التطبيع بين مصر وإسرائيل هي للكبار فقط، وذلك بحسب وصف مراقبين ودبلوماسيين تحدثوا عن الخلط الذي تتعامل به بعض الشخصيات المصرية في الفترة الأخيرة عن أحقيتهم في التعامل مع إسرائيل، بحجة أن الدولة مبرمة لاتفاقية سلام، وأنه بهذا المعنى لا تكون إسرائيل عدوا.

وهي نظرية يرفضها مراقبون لهذا المسلسل الذي كانت الصورة الأخيرة له، لقاء القيادي السلفي نادر بكار مع وزيرة خارجية إسرائيل السابقة وزعيمة حزب “كاديما” في الولايات المتحدة وأيضا لقاء النائب البرلماني السابق توفيق عكاشة مع السفير الإسرائيلي بالقاهرة.

وجهة النظر التي يبرر بها بعض الشخصيات المصرية، هذه اللقاءات بأن الدولة مطبعة، جاءت من القيادي السلفي نادر بكار، الذي قال في أول تعليق خلال لقائه مع الجمهور السلفي حول لقائه مع رئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني  “اسألوا الدولة”، الأمر الذي يحمل تلميحا أن الدولة تقيم علاقات مع إسرائيل.

عشرات الوقائع حول هذا الأمر تشهده الأجهزة الأمنية والسيادية، فهل من حق الدولة التطبيع مع إسرائيل، في حين يتم رفض الأمر حين يتعلق بشخصيات سياسية أو حزبية.

في هذا السياق، أشار مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير حسين هريدي إلى أن “هناك علاقات دبلوماسية تربط مصر على المستوى الرسمي بإسرائيل، وبالنسبة للأشخاص الذين يطبعون خارج الإطار الرسمي للدولة فهذا أمر متروك لهم، وقد اعتدنا أن يكون الرد هنا من جانب الشعب الذي يرفض أو يعاقب هذه الشخصيات التي تتعامل مع إسرائيل خارج إطار الدولة”.

وقال هريدي إنه “من حق الدولة أن تتعامل بنوع من الريبة مع هذه الشخصيات التي تطبع بدون إخطار الأجهزة الأمنية”، لافتا إلى أنه “لا توجد مقارنة بين الدولة المصرية الموقعة لمعاهدة سلام وتديرها على الملأ أمام الجميع، وشخص يتعامل بمفرده مع كيان تحكمنا في التعاملات معه رواسب تاريخية وحيطة وحذر حاليا ومستقبليا”.

من ناحيته، اعتبر مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتورمحمد صادق إسماعيل، أن هناك فرقًا بين تعاطي الدولة مع إسرائيل بموجب اتفاق يحكم التعامل بينهما، وبين تواصل أشخاص لا يمثلون كيانا حكوميا”.

وقال إسماعيل إن “هناك خطوطا موضوعة في التعامل الرسمي مع إسرائيل، والأشخاص لا يدركون شكل وطبيعة هذه الخطوط”، موضحا أن “الاتفاقية قائمة والدولة تعمل في إطار اتفاقية سلام وأجهزة تدير هذه العلاقات بشكل حساس”.

وأوضح إسماعيل أنه “من الطبيعي أن هناك علاقات بين البلدين على الجانب الرسمي بعد معاهدة كامب ديفيد عام 1979، ولكن على المستوى الشعبي هناك رفض للتطبيع مع تل أبيب في كل المجالات، وهذا يتضح من خلال الرفض الشعبي لممارسات إسرائيل مع الشعب الفلسطيني بالإضافة إلى طلاب الجامعات الذين يتظاهرون سنويا يطالبون بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي ومنح الفلسطينيين حقوقهم الكاملة، وبالتالي فإن الأشخاص لا يمتلكون التعامل بعيدا عن الدولة أو بدون إذنها على الأقل”.

بدوره، رأى مدير سابق للاستطلاع في دائرة المخابرات العسكرية فضل عدم ذكر اسمه، أن “مصر وقعت اتفاقية بعد حرب والظروف هي التي فرضت عليها هذه الاتفاقية”.

وقال المدير الأمني السابق إن “هناك أجهزة تعمل في إطار خطوط تراعي الأمن القومي المصري والعربي، وأشخاصا يعملون في أجهزة الدولة يدركون العمل في إطار ثوابت واضحة”، معتبرا أن “الأشخاص يختلفون عن الأجهزة فهم ليسوا مخولين بذلك، لأن العلاقة بين البلدين رسمية بمعنى أنها ليست علاقة طبيعية مثل علاقات مصر مع دول أخرى”.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن