الجليل: الأراضي الزراعية بين فكي المصادرة والبناء

الجليل: الأراضي الزراعية بين فكي المصادرة والبناء

عرب 48 / قاسم بكري – محمد وتد

تعتبر الزيادة المستمرة في عدد السكان واحدة من المشاكل الضخمة التي تضطر المواطنين العرب في البلاد وخاصة الأزواج الشابة إلى بناء منازل على ما تبقى من أراض زراعية محاصرة بالأساس وتتهددها المصادرة بدعوى التطوير للصالح العام.

وبالرغم من كل المؤامرات السلطوية احتفظت منطقة الجليل بأغلبيتها العربية مع أنها المكان الذي أمعنت فيه السلطات الإسرائيلية في تطبيق سياسة التهويد، فأعلنت في أوائل عام 1975 عن خطة لتهويد الجليل تحت عنوان مشروع ‘تطوير الجليل’، وهي الخطة التي تعد من أخطر ما خططت له إسرائيل، إذ اشتمل على تشييد 8 مدن صناعية في الجليل، مما يتطلب مصادرة 20 ألف دونم من الأراضي العربية ذلك أن نظرية الاستيطان والتوسع توصي بألا تقام مظاهر التطوير فوق الأراضي المطورة، وإنما فوق الأراضي البور والمهملة، وهي التسميات التي تطلق على الأراضي التي يملكها المواطنون العرب.

البناء يلتهم ما تبقى من أراض زراعية

وقال المزارع والكاتب أحمد علي طه (82 عاما) من قرية دير الأسد لـ’عرب 48’ إن ‘البناء التهم ما تبقى لنا من أراض زراعية بسبب أزمة السكن والضائقة المتفاقمة التي تعاني منها الأزواج الشابة، فالنقص الشديد بقسائم الأرض المعدة للبناء وفي غالب الأحيان عدم توفر القسائم يضطرهم إلى بناء المنازل في أراض زراعية’.

وكان طه قد تفرغ للعمل بزراعة وفلاحة أرضه منذ عام 1990 تساعده زوجته الحاجة أم علي (76 عاما) وقاما بتشجير مساحة واسعة من أرضهم التي ورثوها عن الآباء بالتفاح واللوزيات والزيتون في منطقة جبلية خلابة (البيارة) شمالي دير الأسد، صادرت السلطات الإسرائيلية عشرات الدونمات في تلك المنطقة ومنحتها للمستوطنات اليهودية التي أقامتها في محاولة لتهويد المنطقة على حساب المواطنين العرب في دير الأسد والقرى المجاورة.

الأرض هي الوطن والوطن غال

ويروي أبو علي لـ’عرب 48′ حكاية عشقه لأرضه وتمسكه بها وحبه للزراعة والفلاحة، قائلا ‘الأرض هي الوطن والوطن غال، الأرض هي الأمل لنا بالبقاء وتعني الصمود ضد سياسات الحكومة الإسرائيلية التي تستهدف وجودنا على أرض آبائنا وأجدادنا، ومخططات لاقتلاعنا وترحيلنا عن أرضنا ووطننا، ولذلك فإن من لا أرض له لا وطن له، وهي الأمل والرصيد القوي لأحفادنا وأحفاد أحفادنا بالبقاء والصمود والثبات على أرض وطنهم’.

أين الدعم للمزارعين العرب؟

ويشرح أسباب هجرة المواطنين العرب للزراعة ومنها ‘عدم توفير الدعم للمزارعين العرب كالمزارعين اليهود في البلاد من خلال أثمان المياه واستصلاح الأراضي ومنحهم هبات مادية لتشجيع الزراعة، وهذا يهدف إلى تيئيسنا، وبالتالي لأن نترك الزراعة والأرض وتسهل عليهم مصادرتها أو ابتياعها بأبخس الأثمان’.

وأضاف: ‘لم يتبق من أراضي الفلاحين العرب في الجليل إلا الجزء اليسير، فغول المصادرة سيطر عليها والبناء المعماري حاصرها والمناطق الصناعية اليهودية تمتد على حسابها دون توقف. كانت السياسات الحكومية الإسرائيلية منذ إقامة الدولة وحتى اليوم تستهدف الأراضي العربية الزراعية’.

وخلال عام 1975 باشرت إسرائيل بتنفيذ المخطط المشؤوم، تهويد الجليل، وقي عام 1964 ومنذ ذلك الحين صادروا من أرضنا على مراحل، يقول طه ’19 دونما في منطقة البيارة وخلة العبي (بلوك 18909 و 18819) بادعاء تحريشها، ورغم محاولاتنا المستميتة لاسترجاع أرضنا إلا أننا لم نفلح بذلك ومثلنا العربي قال ‘حاكمك ظالمك..’، شعرت عندما صادروا الأرض بأنهم انتزعوا قطعة من قلبي، فالأرض غالية والوطن عزيز’.

التقدم بالسن جعلنا نتمسك أكثر بالأرض

واستطرد أبو علي قائلا إن ‘ما تبقى لنا من أرض يتعرض حتى اليوم لخطر المصادرة والنهب بفذلكة قانونية، هذه أرضي ورثتها عن والدي وجدي ومسجلة بالطابو على اسمي، ولن أسمح لهم بالسيطرة عليها مهما ضيقوا علينا. أتمتع أنا وزوجتي بفلاحتها بالقمح والشعير والفول والبصل وغيرها من الحبوب والخضار، كذلك زرعنا كرم زيتون وتفاح ولوزيات، ورغم تقدمنا بالسن فنحن نتمسك بالأرض أكثر ونعشقها أكثر فأكثر لآنها أرضنا ووطننا’.

وختم حديثه بتمنياته لو كان رصيده من الأرض المعدة للبناء أكثر حتى يبيع معظمها بأسعار معقولة للمعوزين والمحتاجين من الأزواج في قريته دير الأسد، مؤكدا أنه ‘ليس من المنطق أن تمتلك فئة قليلة عشرات الدونمات من الأراضي وتحرم منها غالبية الناس’.

نقلا عن عرب 48

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن