الحب والمقاومة: شفيق كبها أيقونة الموسيقى الفلسطينية

الحب والمقاومة: شفيق كبها أيقونة الموسيقى الفلسطينية

واحد من المطربين الفلسطينيين الأكثر شعبية، شفيق كبها، تم اغتياله وهو في طريقه إلى منزله بعد ان احيى حفل زفاف في أم الفحم في 22 اكتوبر (تشرين الاول). وهو في عمر الثالثة والخمسين (53).

اشتهر شفيق بتأييده القوي للقضية الفلسطينية، والتي أيدها بشجاعة باعتباره من فلسطينيي 48، الذين اضطروا للعيش في ظل حكم الفصل العنصري لدولة إسرائيل. كان نهجه الموسيقي متنوعا، حديثا و ماهرا للغاية.

وقد رفض السماح لأية عقبات أن تقف في طريقه وغنى الأناشيد من أجل فلسطين حرة أينما ذهب.

ولد شفيق توفيق كبها في 24 سبتمبر 1960 في بلدة كفر قرع العربية، 20 ميلا الى الجنوب من مدينة حيفا. وعقب تقليد متبع لدى العديد من المطربين العرب الموهوبين فنيا بما في ذلك أم كلثوم، تعلم شفيق تلاوة القرآن الكريم في صغره.

التحق بأول فرقه الموسيقية في سن ال 16 ونمت شعبيته بسرعة. أحيى حفلات الزفاف، واكتسب سمعة طيبة بسبب أدائه المبهج. أنتج أكثر من 10 تسجيلات، كلها معروفة جيدا، وأكثر من 100 من عروضه الحية عممت على كاسيتات.

وقد اشاد الكثيرون بشفيق على أنه حقا مغني “عموم فلسطين”، وقد حظي بشعبية هائلة في غزة والضفة الغربية و الجليل. موسيقيا، سار شفيق على الخط الفاصل بين التراث والحداثة المتأثرة بالغرب، وغالبا ما استخدم الاورغ، والقيثارات والطبول في توزيعات جديدة للأغاني التقليدية الشرق أوسطية.

على مدى العقود التي تلت النكبة عام 1948، اتخذ المطربون الفلسطينيون هذه الأغاني كأناشيد تمثل التطلعات الوطنية من أجل الاستقلال والعودة.

غنى شفيق الإصدارات المحدثة من الأغاني مثل ظريف الطول، والتي تتوجه للمهاجرين وتدعوهم أن يعودوا إلى وطنهم.

النمط الجديد من موسيقى المجوز والذي يدمج بشكل مكثف، العزف الزخرفي للاورغ مع نمط من الغناء المتأثر بشدة بالأصوات الشعبية في المنطقة. نمط غناء شفيق أدى الى مقارنات مع المطربين العراقيين المشهورين، كناظم الغزالي مثلا، ولكن رسالته كانت فلسطينية بكل وضوح . واغنيته، “الحرية لنا، ونحن سوف نكسب حريتنا يا فلسطين، ودعوة كل الاحبة للعودة إلى أرضهم الطاهرة. عازف العود الفلسطيني، نزار روحانا قال لي: “إن شفيق ” كان رمزا للكثير من الفلسطينيين ولعب دورا هاما في الحفاظ على وفي نشر الألحان الشعبية الفلسطينية “.

كما توصل الموسيقيون الفلسطينيون الأخرون، الى أن الحفاظ على ثقافة المظلوم هو عمل سياسي. كابن لعائلة فلسطينية من الذين بقوا في الجليل (المثلث) بعد عام 1948، واجه شفيق الوصمة بأن يطلق عليه “عربي إسرائيلي”. صديقة العائلة سناء فايز تروي كيف أن شفيق

“اعتقل من قبل الإسرائيليين لأنه غنى لقيام دولة فلسطينية وغنى للفدائيين (المقاومة المسلحة)”.

اسرائيل منعته من الأداء في الضفة الغربية لمدة 10 سنوات ، وذلك بسبب القومية الثورية النارية التي بثتها أغانيه. ولكن وضعه كمواطن إسرائيلي أدى الى أنه واجه أيضا العقبات للأداء في الأردن و مصر، البلدان التي شملت مقاطعتها لإسرائيل، مقاطعة الفلسطينيين أيضا، الذين ليس لديهم من خيار سوى أن يحملوا جوازات سفر إسرائيلية. خلال الانتفاضة الأولى في أواخر الثمانينيات، حظر على شفيق زيارة مصر وأعادته السلطات المصرية إلى البيت ولم تسمح له بدخول اراضيها. المفارقة هي أن هذه البلدان كثيرا ما دافعت عن اسرائيل، ولا سيما تعاون السلطات المصرية فيما يخص حصار غزة.

تعامل شفيق مع المناورات السياسية لإسرائيل وحلفائها بلسان حاد وبروح بارعة من السخرية. ودعا الديكتاتور المصري حسني مبارك والمدعوم من الغرب ب ” السياسي الوحيد الذي يحترم القانون الدولي – انه يحترم الاتفاقات التي وقعها مع محبوبته إسرائيل.

بالرغم من العقبات الهائلة التي وقفت في طريقه، إلا أن شفيق لم يتخل أبدا عن رسالته الإيجابية لأجل الاستقلال، فغنى أغاني الحب والسياسة. كان يغني عن دفء الزواج ولكن أيضا عن “برودة يدي” الاحتلال الإسرائيلي لمرتفعات الجولان، وحيا أهالي غزة لنضالهم الشجاع.

أدت وفاة المغني الراحل الى ورود ردود الفعل من مختلف ألوان الطيف الموسيقي. وقال تامر نفار من مجموعة الراب “دام – السد” هذه المأساة هي الاكثر تعاسة وحزنا التي عايشتها طوال حياتي. وقال سائد مراد، مؤسس فرقة صابرين الفلسطينية أن ” بعض الناس المبدعين تقع على عاتقهم مهمة انتاج أشياء جديدة إلى الحياة. والبعض الآخر يبقي على قيد الحياة تقاليدنا وتاريخنا. وكان شفيق واحدا من أولئك الذين حافظوا على حياة روحنا “. الملحن وعازف العود عيسى بولس قدم احترامه ل ” الفنان الكبير الذين غادرنا قبل اوانه بكثير.

على الرغم من حقيقة أن إسهاماته وبراعته تركت بصمة عميقة على تاريخ وتطور الموسيقى والاغنية الفلسطينية، وكان بامكان شفيق ان يقدم قدرا أكبر لو بقي بيننا، وفاته خسارة كبيرة.

شفيق عنى لي الكثير، وأنا أحب صوته و التزامه بمختلف الأنواع والأنماط التي قدمها وأتقنها. كانت قدرته الصوتية رائعة و فهمه العميق للأنواع التراثية، للهجات، والنغمات تبين كيف سافر هذا “المعلم” بصوته ليظهر للجميع كيف أن “الأغنية” يمكن أن تحول المجتمعات وأن تؤثر على كيفية تفكير الناس واستيعابهم للفن.

وقال سوف نفتقد شفيق، على الرغم من أنه سيبقى حيا وسوف يشكل نقطة مرجعية رئيسية زمنا طويلا بعد وفاته”.

بعد ساعات فقط من الغناء في حفل زفاف في أم الفحم، أطلقت النار اربع مرات على شفيق من قبل مهاجمين مجهولين يستقلون دراجات نارية، على ما يبدو أخذوه على حين غرة في تقاطع البلدة قبل أن يولوا الادبار بسرعة بعيدا عن مكان الحادث . وتم نقله إلى مركز طبي محلي وهو في حالة حرجة ولكن أعلنت وفاته بعد فترة وجيزة . ترك شفيق وراءه زوجة وأربعة أبناء، ووصف بأنه رجل دافئ وذو علاقات جيدة مع كل من عرفه. وفقا لابنته فاتن، كان شفيق مطرب لا يعرف الكلل، وأحيى ما يقارب 250 امسية في السنة و اكتسب شهرته “كالوصي على التراث والفولكلور الفلسطيني”.

كل الاقتباسات الواردة في المقال على لسان الموسيقيين أعطيت مباشرة للكاتب لويس بريهوني هو موسيقي وناشط من مانشستر، بريطانيا. وهو يخطط حاليا لاجراء بحث ولنشر كتاب عن الموسيقى الفلسطينية.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن