الحريري يحير العالم.. محتجز في الرياض أم لا؟

الحريري يلوح باستقالة الحكومة اللبنانية
سعد الحريري

منذ أن أعلن رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، استقالته من رئاسة الحكومة اللبنانية، السبت 4 نوفمبر 2017، بدأ الحديث عن تعرّض الحريري للاعتقال في الرياض التي أعلن منها استقالته.

واختلفت حول اعتقاله من عدمه آراء سياسيين ومحللين عرب وأجانب، وفي حين أجرى الحريري زيارة إلى أبوظبي عاد بعدها إلى الرياض، الثلاثاء 7 نوفمبر الجاري، في إشارة لتكذيب خبر اعتقاله، تواصل جهات سياسية ومجتمعية لبنانية اتهامها للرياض باعتقال الحريري.

بعد خطاب الحريري المثير للجدل، الذي أشار إلى أن سبب استقالته يعود لوجود تهديد لشخصه، وقال إنه شبيه بخطة اغتيال والده، رفيق الحريري، الذي اغتيل في 2005، متهماً “حزب الله” بالوقوف وراءه، جاءت التأكيدات الرسمية من بيروت تتحدث عن عدم وجود معلومات تتعلق بمثل هذا المخطط.

نتيجة ذلك أثار ساسة ونشطاء أسئلة عن إمكانية إقدام الرياض على اعتقال الحريري، الموجود حالياً هناك، ضمن ما عُرف بـ “حملة مكافحة الفساد”، خاصةً أنه يحمل الجنسية السعودية، وتحوم حوله شبهات فيما يتعلّق بشركة “سعودي أوجيه”، التي كان يملك أسهماً فيها.

وأيضاً كان رد أمين عام “حزب الله”، حسن نصر الله، بأنه يطالب بعودة الحريري إلى لبنان، وأنه لن يتعرض له أحد، متهماً الرياض بتدبير عملية اختطاف لرئيس وزراء لبنان، وأنها تقف وراء الاستقالة.

والسبت 4 نوفمبر 2017، اعتقلت السلطات السعودية عشرات الشخصيات، بينها 11 أميراً و38 وزيراً، فضلاً عن رجال أعمال بارزين، وذلك نظراً إلى تورطهم في أعمال فساد، وفق ما أعلنته الجهات الرسمية بالمملكة.

الرياض بدورها، وعلى لسان وزير خارجيتها، عادل الجبير، نفت، الاثنين 6 نوفمبر 2017، أن تكون المملكة قد أجبرت رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، على الاستقالة، وقال الجبير إن الحريري يمكنه أن يغادر المملكة في أي وقت، في إشارة إلى أنه غير محتجز هناك.

الرأي الرسمي اللبناني يواصل تأكيده بأن الحريري مُجبر على البقاء في الرياض، وهو ما أكده مسؤولان كبيران في الحكومة اللبنانية، الخميس 9 نوفمبر الجاري.

ووفقاً لوكالة “رويترز”، قال المسؤولان إن لبنان يعتقد أن السعودية تحتجز رئيس وزرائه سعد الحريري، وسط أزمة متفاقمة أعادت لبنان إلى صدارة صراع النفوذ بين السعودية وإيران.

وقال مصدر ثالث، وهو سياسي بارز مقرب من الحريري المتحالف مع السعودية، إن المملكة أمرته بالاستقالة ووضعته قيد الإقامة الجبرية. وذكر مصدر رابع على علم بالوضع أن السعودية تفرض قيوداً على تحركاته.

وفي بيان تلفزيوني يشير إلى قلق عميق إزاء وضع الحريري، قال تيار المستقبل، وهو الحزب السياسي الذي يرأسه الحريري، الخميس، إن عودة الحريري ضرورية للحفاظ على نظام الحكومة في لبنان، واصفة إياه بأنه رئيس الوزراء وزعيم وطني.

بدوره عبّر الرئيس اللبناني، ميشال عون، الجمعة 10 نوفمبر الجاري، عن قلقه إزاء ما يتردّد عن الظروف التي تحيط بوضع سعد الحريري‭‭.

وقالت مصادر رئاسية إن عون طالب “بجلاء” الظروف التي تحيط بوضع الحريري، وذلك خلال اجتماع مع سفراء أجانب وممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية في لبنان.

في حين نقلت وسائل إعلام لبنانية عن الرئيس ميشال عون، قوله للقائم بالأعمال السعودي في لبنان، وليد البخاري، الخميس 9 نوفمبر الجاري، إنه لا بد من عودة سعد الحريري.

ونسبت التقارير إلى عون قوله للبخاري إن ملابسات استقالة الحريري غير مقبولة.

– جنبلاط يغرد بعودة الحريري

من جهته قال السياسي الدرزي اللبناني البارز، وليد جنبلاط، الجمعة 10 نوفمبر الجاري، إن الوقت حان لعودة سعد الحريري.

وفي تغريدة على تويتر قال جنبلاط: “بعد أسبوع من إقامة جبرية كانت أو طوعية، آن الأوان لعودة الشيخ سعد والاتفاق معه على استكمال مسيرة البناء والاستقرار. وبالمناسبة لا بديل عنه”.

لم يتوقف الأمر في السعي لكشف حقيقة استقالة الحريري وسرّ بقائه في الرياض على الطبقة السياسية في لبنان، بل تعداها إلى الطبقة الدينية.

وأُعلن في بيروت، الخميس 9 نوفمبر الجاري، تلقّي البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، رداً إيجابياً من مسؤولين سعوديين بشأن لقاء سعد الحريري خلال زيارته للسعودية، الأسبوع المقبل.

وقال المسؤول الإعلامي في بكركي، وليد غياض، إن البطريرك سينقل إلى المملكة رسالة مفادها أن لبنان لن يتحمّل أي صراع.

وأضاف أن اجتماعاً سيعقد “من حيث المبدأ” بين الراعي والحريري، بحسب “رويترز”.

وبالرغم من جميع هذه الاتهامات الموجّهة للرياض، بفرضها إقامة جبرية على الحريري، تنفي باريس هذا الطرح، مشيرة إلى أن الرياض لا تفرض شيئاً على الحريري.

وقال وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لو دريان، الجمعة 10 نوفمبر الجاري، إنه يعتقد أن الحريري لا يخضع للإقامة الجبرية في السعودية، وليس هناك أي قيود على حركته.

وقال لو دريان لإذاعة أوروبا 1: “نعم، على حدّ علمنا نعتقد أنه حرّ في تحركاته، والمهم أنه يتخذ خياراته”.

واجتمع سفير فرنسا مع الحريري، الخميس 9 نوفمبر الجاري، قبل زيارة لم تكن مقرّرة سلفاً، أجراها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، للرياض؛ للقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

ولم يتضح ما إذا كان ماكرون قد أجرى أي اتصال مع الحريري خلال الزيارة.

لكن الكاتب البريطاني المعروف، روبرت فيسك، أضاف معلومات جديدة في قضية الحريري.

ففي مقال بصحيفة “الإندبندنت”، كتب فيسك، إنه عندما حطّت طائرة الحريري في الرياض، كان أول ما شاهده هو عدد كبير من رجال الشرطة يحيطون بالطائرة، وعندما صعدوا على متنها كان أول ما فعلوه مصادرة هاتف الحريري النقّال وجميع أجهزة الاتصال التي بحوزة حرسه ومرافقيه، مؤكداً “وهكذا تم إسكات الحريري”.

ويشير فيسك إلى أن عائلة سعد الحريري بكاملها في الرياض حالياً، لذا فحتى لو عاد الرجل إلى بيروت فسيكون قد ترك زوجته وأبناءه “رهائن” هناك.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن