الحياة في غزة متوقفة.. قنابل أزمات مفتعلة والقادم أخطر

قطاع غزة، أزمة الكهرباء

لا يعلم سكان قطاع غزة، المحاصرون للعام الحادي عشر على التوالي داخل بقعة جغرافية صغيرة، من أين تأتيهم المصائب والأزمات الطاحنة التي تحيط بهم من كل حدب وصوب، وزادت من مرارة حياتهم، وأغلقت آخر منافذ الأمل أمام عيونهم، في واقع صعب ويُرجح أن يكون أشد قسوة خلال الأيام المقبلة.

الغزيون ما إن يخرجوا بشق الأنفس من أزمة طاحنة رافقت حياتهم اليومية كظلهم؛ مثل الكهرباء والوقود والمياه والمعابر، حتى تخرج لهم أزمة أخرى أشد وأكثر تأثيراً على حياتهم، وكأن الحصار المشدد بات قدراً لمليوني مواطن لا يمكنهم الهروب منه.

في ظل حصار بري وبحري وجوي مشدد، سكان غزة لا يزالون حتى هذه اللحظة يدفعون الثمن نفسياً وصحياً واجتماعياً، كيف لا وقد توحّدت جهود لأول مرة؛ من السلطة الفلسطينية والدول العربية و”إسرائيل”، ووصلت إلى قاسم مشترك وتنسيق متقن، في خنق القطاع حتى يرفع الراية البيضاء.

الحياة.. تموت في غزة

حاول الموقع من خلال هذا التقرير تسليط الضوء على معاناة سكان غزة، ونقل معاناتهم، وفضح بشاعة الحصار والمؤامرات التي تُحاك ضدهم، بلسان من يُكوى بنيران تلك الأزمات، بعيداً عن لغة السياسيين والمحلّلين التي تحاول دائماً رسم صورة “غزة الجميلة” بخلاف تلك المليئة بالألم والمعاناة.

“غزة تموت”.. بهذه الكلمات عبرت المواطنة جميلة نصر، ذات الـ 27 ربيعاً، عن غضبها لما يُحاك ضد قطاع غزة؛ من حصار مشدد، ومؤامرات خطيرة يشارك فيها القريب والبعيد.

وتقول لمراسل “الخليج أونلاين”: “قطاع غزة يعاني منذ 11 عاماً وحتى هذه اللحظة؛ من أزمات الكهرباء، والوقود، والمعابر، والسفر، وإغلاق الحدود، ونقص المياه، وكأن الجميع يريد للحياة في غزة أن تتوقف ويموت جميع سكانها”.

وتضيف نصر: “معاناة.. ألم.. حرمان.. وجع.. حسرة، هذه هي الصفات المشتركة الآن لكافة الغزيين الذين يقبعون تحت الحصار، فجمعيهم كُويوا بنيرانه المشتعلة، فمنهم من مات وهو ينتظر دوره للسفر عبر معبر رفح، ومنهم من احترق بنيران شمعة صغيرة، وآخر مات وهو ينتظر العلاج داخل المستشفى”.

“معاناة أهل غزة كبيرة، ولا يمكن وصفها أو حتى حصرها، ولكنها لا تزال مستمرة وتشتد يوماً بعد يوم، فما يحاك ويطبخ لغزة على نار هادئة قد يكون أخطر بكثير مما نعيشه الآن”، تنهي نصر حديثها بهذه العبارة.

حالة الغضب والحسرة التي تنتاب المواطنة “نصر” شاركها فيها الحاج ياسر البردويل، 60 عاماً، حين قال: “غزة أصبحت الآن مدينة بلا حياة، بعد توقُّف كافة مرافقها الأساسية عن العمل”.

ويضيف البردويل، الذي يواظب أسبوعياً على زيارة مستشفى الشفاء غرب مدينة غزة للعلاج: “الأمور في غزة تتعقد يوماً بعد يوم، اليوم أذهب للمستشفى للعلاج وقد لا أجد الدواء الأسبوع المقبل؛ بسبب أزمة الكهرباء الحاصلة، والنقص الحاصل في الدواء منذ شهور طويلة”.

ويتابع البردويل، “حال البلد توقف بشكل كامل؛ المصانع أغلقت، والمستشفيات أوقفت مولداتها الكهربائية بسبب أزمة الوقود الكبيرة، والمعابر مغلقة، ومعبر رفح لم يفتح منذ أكثر من شهر، وآلاف العالقين على جانب المعبر، معدلات البطالة والفقر ترتفع شهراً بعد شهر”.

وختم الحاج البردويل بطرح أسئلة طالما كانت تبحث عن إجابة واضحة وصريحة؛ “ماذا تريدون من غزة؟ هل ستدفع وتبقى تدفع الثمن لأنها قالت لإسرائيل لا؟ وهل التنازل عن المقاومة هو الشرط؟ ألا يكفي الحصار والألم والجوع الذي يعيشه أهل القطاع؟”، ويختم بالقول: “لنا الله”.

وكانت السلطة بدأت إجراءاتها ضد القطاع بخصم علاوات رواتب موظفيها في غزة، وغالبيتهم من المنتمين لحركة فتح، ثم تبعتها بمنع بيع الوقود المُخصص لتشغيل محطة توليد الكهرباء بدون ضريبة، والتي تصل إلى 115%، أي أكثر من ضعف سعره الأصلي، ما أدخل القطاع في أزمة كهرباء طاحنة.

– من المسؤول عن تفاقم المعاناة؟

وبسؤال الموقع “من المسؤول عن تفاقم معاناة غزة؟ كانت إجابة المواطنين واضحة، وتتجه مباشرة إلى الاحتلال الإسرائيلي أولاً، ومن ثم السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس، والدول العربية المجاورة لغزة.

فيقول الطالب نسيم أبو الحمص، 24 عاماً: “الكل مشارك في حصار وتجويع سكان غزة، إسرائيل رسمت الحصار المشدد والخناق، والرئيس محمود عباس وبعض الدول العربية شاركوا في تنفيذ هذا المخطط الأخطر على الفلسطينيين”.

ويتابع أبو الحمص حديثه: “الكل يريد لغزة أن ترفع الراية البيضاء، وأن تتنازل عن سلاح المقاومة، وتصبح مثل الضفة الغربية المحتلّة؛ مستباحة ليلاً ونهاراً من قبل الجنود الإسرائيليين والمستوطنين، وأن تخضع لسياسات الاحتلال وأعوانه”.

وبنبرة حادة حملت معها رسالة قوية لتحدي الحصار وما وصفه بـ “المؤامرات”، قال: “غزة لن تسقط، وسلاح المقاومة سيبقى العنوان الأبرز للمرحلة المقبلة، ومهما كانت التحديات والصعاب والأزمات فستبقى غزة قاهرة للأعداء ومقبرة للغزاة والمتآمرين، والانفجار القادم في وجه الاحتلال قد اقترب موعده”.

وبحسب معلومات رسمية حصل عليها موقع الخليج أون لاين، من نتائج اجتماع اللجنة المركزية الأخير الذي عقد في رام الله، الأربعاء الماضي، فإن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمر المقربين منه باللجوء للخطوة الثانية في مخططه ضد قطاع غزة، والضغط على حركة حماس؛ والذي بدأ بتقليص رواتب موظفي السلطة بالقطاع، وعدم دفع فواتير الكهرباء التي تغذي غزة، وإغراق غزة في الظلام ومياه الصرف الصحي.

وكشفت المصادر أن عباس أمر بتقليص كافة النفقات التي تُصرف على قطاعي الصحة والتعليم في قطاع غزة بنسبة 50%، الأمر الذي يُنذر بكارثة خطيرة على هذين القطاعين الحساسين، بوقف العمل بنظام التحويلات المرضية من غزة للخارج، وعدم إرسال شحنات الأدوية، ومطالبة بلديات غزة بدفع أثمان المياه التي تورد للقطاع، وتقليص كافة الموازنات المالية التي كانت مخصّصة للصحة والتعليم لأدنى مستوى.

وبعد تفاقم أزمتي “الرواتب والكهرباء” برزت لقطاع غزة الآن أزمات جديدة؛ كالوقود والمياه والصرف الصحي، فباتت المعاناة هي العنوان الأبرز لأكثر من مليوني فلسطيني محاصر بقطاع غزة، في حين لا يزال المجهول ينتظر المواطنين، بعد تهديدات عباس وقادة “فتح” باتخاذ خطوات حاسمة وخطيرة جديدة.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن