“الخروب”.. تجارة مربحة تشكو موسميتها

الخروب

الوطن اليوم / غزة

مع دنو الشتاء يقل عدد بائعي السوس في قطاع غزة عن عدد أصابع اليدين، إلا ان علي أحمد (16 عاماً) ما زال يحرص كل يوم على ارتداء زيه المميز الأحمر أو الأسود المقصب، وإبريقه النحاسي المزخرف والمزين بورود صناعية، ويذهب ليبيع شراب “الخروب”، ويفخر باسم “بائع السوس”، تلك المهنة التي أجادها أجداده لدعوة المارة للتلذذ بشراب “الخروب العسل” للتغلب على العطش.

ويصنع شراب الخروب من منقوع ثمار شجرة الخروب الحلوة بعد إضافة السكر إليها بنسب قليلة لمنحها مذاقاً أحلى وألذ، لكن باعة المشروب المخضرمين يرفضون الإفصاح عن طريقتهم الخاصة في صنعه ويحافظون على لمساتهم الشخصية باعتبارها سر المهنة.

و تنضج ثمار الخروب عادة أواخر فصل الصيف، ويتم تخفيفها ثلاثين يوماً تحت أشعة الشمس، ومن ثم يتم فرمها بقوام سميك، وتباع لمصانع حيث تدخل في صناعة المشروبات والأدوية ويستخدم بواقيها كعلف عالي الجودة والقيمة للماشية ما يجعل من الخروب تجارة مربحة.

ولغاية صنع الشراب الشعبي التقليدي ينقع دقيق الخروب لمدة ثلاثة أيام في الماء الساخن ومن ثم يغلى على النار لفترة كافية، ثم يصفى من الشوائب ويبرد.

ويقول بائع السوس أحمد علي، إن هناك لمسات وطرقاً إضافية يهتم بها كل صانع أو بائع لمنح مذاق أشهى وتحقيق التميز.

ويصنع رب الخروب بذات الطريقة السابقة مع تركه وقتاً إضافيا لجعل الخلاصة أكثر كثافة وتماسكاً، ومنه قد يصنع شراب الخروب ذاته بعد تخفيفه بالماء وحلوى مهلبية “الخبيصة”، إضافة لاستخدامه كوصفات شعبية طبيعية لمعالجة اضطرابات والتهابات الجهاز الهضمي.

وأشجار الخروب معمرة وضخمة دائمة الخضرة تنمو في سفوح الجبال، حيث تتوفر لها الرطوبة التي تحتاجها، وغالباً ما تتكاثر طبيعياً في المناطق البور وغير المستغلة زراعياً،حيث لا تحتاج لعناية تذكر.

وتراجع الاهتمام الشعبي بشجرة الخروب بعد الاحتلال الإسرائيلي عام 1967بصورة ملموسة، قبل أن تشهد صحوة متأخرة خلال العقدين الأخيرين مع تجدد الاهتمام بشراب الخروب خصوصاً كتجارة مربحة، وتقديمه كضيافة في الأعراس والمناسبات السعيدة التي تستهلك كميات وفيرة منه.

ويقول “علي أحمد” الذي يعمل وأفراداً من أسرته في صناعة وبيع هذا الشراب منذ عام 2002: الخروب تجارة مربحة مالياً، وتعود بالصحة على المواطن عوضاً عن المشروبات الغازية والمصنعة من سكر وألوان حافظة مضرة، مقدراً أن عمل بائعي السوس أعاد الاهتمام بشجرة الخروب إلى الواجهة.

ويرى مزارعون – جهلوا حتى الأمس القريب قيمتها- أن شجرة الخروب إضافة إلى جمالها هي شجرة غير مدللة ولا تحتاج إلى عناية تذكر باستثناء جني المحصول،ومع ذلك تنتج أكثر من شجرة الزيتون، وهو ما دعا مؤخرا ًإلى إعادة الاهتمام بها وزراعتها خاصة في المناطق الوعرة وغير المستغلة زراعياً.

وبدا أن المزارع الفلسطيني اعتاد على تناول الخروب كطعام، وكان يخزنه بعد تخفيفه من القطين والزبيب، ويعلف دوابه مما فاض منه أو تلف، حيث كان الخروب جزءا من المونة اليومية، والمخزنة لوقت الشدة.

ويباع فنجان شراب الخروب الصغير بشيقل واحد والكبير بشيقلين، وهو سعر يعود بمردود مالي جيد على العاملين فيه ويدفع باتجاه تحول صناعة وبيع الخروب إل ىحرفة يتوارثها الأبناء عن الآباء والأجداد، ولا تقلل من أهميتها كونها موسمية تختفي أواخر الربيع وتعود مع بدايته.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن