السيسي وأولويات المصالحة:: عباس ودحلان قبل “فتح” و”حماس”

لم يعلن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، صراحةً رغبته في إنجاز مصالحة داخلية في حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح”، وبالأخص بين الرئيس، محمود عباس، والقيادي المفصول من الحركة، محمد دحلان، إلا أنّ مصادر وتحليلات ذهبت إلى رغبة السيسي في إتمام ذلك، مع إطلاق مبادرته قبل أيام نحو المضي قدماً في عملية التسوية مع إسرائيل.

وكان السيسي قد أعلن أخيراً أنه من أجل “المضي قدماً في أية عملية سلمية بين فلسطين وإسرائيل يتطلب من إخواننا الفلسطينيين تحقيق مصالحة حقيقية وسريعة وتوحيد الفصائل”، دون أن يسميها.

وتقول مصادر مطلعة في غزة إنّ السيسي كان يقصد مصالحة عباس ودحلان، وإنها مقدمة لديه على المصالحة بين حركتي “فتح” و”حماس”، وإنْ كان يرغب في ذات الوقت في أن تكون مصالحة “فتح” الداخلية مقدمة لمصالحة أخرى مع “حماس”، ليتقدم مشروع التسوية الذي يطمح في ريادته.

ويرتبط السيسي بدحلان بشكل وثيق منذ عزل الرئيس، محمد مرسي. ومنذ ذلك الوقت يحلّ دحلان، الذي يعمل مستشاراً أمنياً لولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، بشكل مستمر ضيفاً على السيسي ومصر.

ويرى مدير مركز أبحاث المستقبل في غزة، إبراهيم المدهون، في حديث مع “العربي الجديد” أنه من الصعب أنْ يؤدي النظام المصري الحالي برئاسة السيسي دوراً لتقريب وجهات النظر، وحل الإشكاليات الخاصة بملف المصالحة الفلسطينية، وتحقيق الوحدة بين حركتي “حماس” و”فتح”.

ووفقاً للمدهون، فإنّ السيسي “معني بإتمام المصالحة بين عباس ودحلان من أجل تقديمه للمشهد الفلسطيني مجدداً، في ظل البحث عن بديل لعباس بعد رحيله”، على حد قوله. ويعتبر أنّ “النظام المصري الحالي، منذ صعوده بعد عزل مرسي صيف 2013، حاول ممارسة دور كبير للضغط على عباس من أجل إعادة دحلان إلى حركة فتح وترتيب المشهد الفلسطيني في إطار بحثه عن مصالحه الخاصة”، على حد قوله.

وبحسب المدهون، فإنّ السبب من وراء ضغط السيسي المتكرر على عباس واللجنة المركزية لحركة “فتح” من أجل إعادة دحلان هو “موقع الأخير الذي يشغله في دولة الإمارات والمصالح التي تربط بين النظام الحالي وولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد”. ويشير المدهون إلى أنّ دحلان أول من بارك تحرك السيسي على الساحة السياسية الفلسطينية، وهو ما يدل على أن هناك تنسيقا مشتركا بين الرجلين ضمن مساعٍ متواصلة من أجل إعادة دحلان بشكل رسمي ومحاولة تقديمه كخليفة لعباس.

ويعتبر المدهون أنّ استمرار تعامل النظام المصري الحالي مع حركة “حماس”، على أساس العداء والتحريض المستمر من قبل وسائل الإعلام والنيابة العامة ومحاولة زجها في قضية اغتيال النائب العام المصري السابق، هشام بركات، يؤكد عدم استعداد مصر لأداء دور الوسيط في المصالحة الفلسطينية، على حد قوله. ووفقاً للكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، فإنّ النظام المصري الحالي لا يبحث إلا عن المصالح الإسرائيلية من خلال طرح السيسي في خطابه الأخير استعداده لتحريك ملف المفاوضات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل دون وجود أية مبادرة حقيقية. وبحسب المدهون، فإنّ النظام المصري الحالي يعتبر شريكاً في حصار قطاع غزة المستمر منذ عشر سنوات، من خلال رفضه التعاطي مع أية حلول للتخفيف من الواقع المعيشي المتردي، واستمرار إغلاق معبر رفح البري أمام آلاف المسافرين الغزيين.

من جهته، يقول الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، ثابت العمور، لـ”العربي الجديد”، إنّه توجد “أولويات بالنسبة إلى مصر والسيسي، وللدقة فإنّ هناك ما هو أهم وهناك ما هو مهم، وبمتابعة دور السيسي وعلاقته ولقاءاته مع عباس يلحظ أنّ مصالحة عباس ودحلان كانت دائما حاضرة”. ووفقاً للعمور، فإنه “أكثر من مرة تم تداول أخبار تتحدث عما هو أبعد من مصالحة الرجلين، وتشير إلى أن يعيّن عباس دحلان نائباً له”. ويعتبر الباحث في شؤون الحركات الإسلامية أنه “ليس منطقياً الحديث عن مصالحة بين فتح وحماس، في ظل حالة انقسام داخلي في فتح بالنسبة إلى مصر والسيسي تحديداً”.

ووفقاً للعمور، تقوم رؤية السيسي على مصالحة فتحاوية داخلية أولاً ثم مصالحة فلسطينية ثانياً ثم اتفاق سلام ثالثاً. وبحسب هذه الرؤية، فإنه لا يمكن القفز إلى تسوية سلمية وهناك انقسام بين “حماس” و”فتح”، ولا يمكن تحقيق مصالحة بين الحركتين في ظل استمرار وجود انقسام فتحاوي بين رجلين قويين (عباس ودحلان)، على حد قول العمور.

أما الجزء المسكوت عنه، وفق العمور، فهو ما يمكن فهمه من خلال الحرص على إعادة دحلان إلى المشهد السياسي الفلسطيني، وعملياً لا بد من التفكير في ما بعد عباس وليس بديلاً له، لأن البديل يعني أنه بإمكان عباس أن يستمر وهذا غير ممكن، لأن الرجل تجاوز عقده الثامن وهو لا يريد إعادة الترشح”.

ويوضح العمور أن هناك أسباباً عديدة تؤكد أنّ عباس لا يريد الاستمرار، وبالتالي الجميع الآن يبحث عمّا بعد عباس وليس بديلاً عنه، وقد يكون عباس موجوداً ويقبل أن يكون له نائب، أو يترك السلطة لأسباب صحية، لكن الجميع يريد توفير أجواء لما بعد عباس، وليس بديلاً عنه، ويبدو دحلان الأوفر حظاً، على حد قوله.وكالات

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن