الصراع على “كي”و “صناعة” الوعي” في الجولان والقدس

راسم عبيدات
راسم عبيدات

من كان يراهن على ان يتخلى العرب الجولانيين والمقدسيين عن عروبتهم وهويتهم،بعد 51 عاماً من الإحتلال،لم يحصد سوى اوهاماً،فروح وجذوة النضال والمقاومة عند اهل الجولان والقدس لم تهدأ ولم تنطفىء،فهم رفضوا كل قوانين وإجراءات الضم والتهويد،وقالوا بأن الجولان القدس لن تكونا سوى عربيتين،الجولان جزء من سوريا الأم،والقدس جزء من فلسطين وعاصمة دولتها المستقبلية.

من شاهد انتفاضة اهل الجولان في وجه الإحتلال الصهيوني ورفضهم المشاركة في الإنتخابات المحلية والبلدية تحت حراب الإحتلال،وكذلك نسبة التصويت المتدنية جداً بين العرب المقدسيين يدرك تماماً،انه رغم المسار والهرولة التطبيعية بين دولة الإحتلال والعديد من المشيخات النفطية،فإن هذا التطبيع الرسمي العربي،لم يجد له ترجمة شعبية،أي التطبيع الرسمي لم يصرف لا سياسياً ولا معنوياً عند الشعوب،،بل هناك حالة استعصاء شعبي وجماهيري كبيرة عند الجماهير العربية،والتي ترفض ما يمارس عليها من ضغوط كبيرة من قبل انظمة رسمية متعفنة سقطت بشكل مدوٍ…وكل من شاهد انتفاضة الجولان أيضاً يدرك يستنتج بأن قراها وبلداتها متمسكة بهويتها السورية وقوميتها العربية…وكذلك قال العرب المقدسيون نفس الموقف ورفعوا نفس الشعارات من خلال رفضهم المشاركة في إنتخابات تكرس شرعية الإحتلال وضمه للمدينة وتهويد أرضها وأسرلة سكانها….الإحتلال كان يريد لهذه الهرولة التطبيعية مع النظام الرسمي العربي،ان تكون بديلاً لحالة الإستعصاء والثبات الشعبي الفلسطيني والعربي الرافض للتطبيع وللمسار التفاوضي القائم على إذلال الشعب الفلسطيني وأمتنا العربية …لا جولات قادة الإحتلال على مساجد وقصور المشيخات النفطية ….ولا المال النفطي الخليجي التخريبي سيفلح في جعل دولة الإحتلال جزء ومكون طبيعي من جغرافيا المنطقة،فهذا يعاند حقائق التاريخ والغرافيا،ما دامت تحتل أرضنا الفلسطينية والعربية لن يتحقق لها ذلك…فأي مسار تطبيعي مقياسه ما يجري من ترجمات له على المسار الشعبي،واعتقد بأن ما جرى في الجولان من انتفاضة شعبية عبر فيها اهلنا وشعبنا في الجولان عن عمق تمسكهم وثقتهم بقيادتهم السورية وجيشها،وقالوا للمحتل بأن الجولان لن تكون غير سورية ولن تتلقح بغير العربية …وكذلك فعل اهل القدس الذين كان يراهن المحتل على ان ما يتعرضون له من قمع وتنكيل و”طحن” يومي سيدفعهم نحو اليأس والإحباط والذهاب نحو خيار المشاركة في الإنتخابات لبلدية الإحتلال،كأمر واقع يفرض عليهم،وبما يكرس الإحتلال لمدينتهم،وبما يجعل من مشاركتهم في هذه الإنتخابات تشريعاً وتكريساً لإحتلالها.

ولكن واضح بان الإحتلال لم يستوعب الدرس،واعتقد واهماً،بانه بعد القرار الأمريكي بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب الى القدس والإعتراف بالقدس كعاصمة لدولة الإحتلال،وكذلك حالة الضعف الداخلي الفلسطيني،نتيجة تعمق ازمة النظام السياسي الفلسطيني،وإستمرار حالة الإنقسام،وحالة الإنهيار غير المسبوقة التي يعيشها النظام الرسمي العربي،وما نشهده من تسارع والتائر و”الهرولة” التطبيعية،بين دول هذا النظام ودولة الإحتلال،ستشكل عوامل ضاغطة على المقدسيين،وتخلق مناخات يأس وإحباط بين صفوفهم،تدفعهم نحو المشاركة الواسعة في الإنتخابات لبلدية الإحتلال.

الحلقة المقدسية في الكثير من المحطات والهبات الشعبية والجماهيرية من هبة الشهيد الفتى محمد ابو خضير تموز/2014 ،وحتى هبة البوابات الألكترونية تموز/2017،كانت عصية على الكسر وأرسلت رسائلها للمحتل مهما بلغت حالة الضعف الفلسطيني القيادي،بسبب التناحر والإنقسام،فالشعب ثابت على موقفه،متمسك بعروبته وهويته …وإن وجود بعض الشذاذ والأفاقين في المدينة وتساوقهم مع المشروع الصهيوني،لن يلغي ولن يزور ولن يشطب حقيقة موقف المقدسيين،ويبقى هؤلاء مجرد طحالب طافية على السطح،تحركها مصالحها الاقتصادية والمادية مع المحتل،ويبقى شعبنا الفلسطيني في القدس حيٌ لا يموت.

الإحتلال كان أيضاً يراهن بان الحرب العدوانية التي شنت على سوريا نظاماً ودولة ومؤسسات وهوية وموقف وأرض وشعب من قبل أكثر من 60 دولة غذت ودعمت ومولت وسلحت اكثر من 105 مجموعة إرهابية في مقدمتها “داعش” و”النصرة” وغيرها من المجاميع الإرهابية،ستمكن من هزيمة سوريا وإسقاط نظامها وتفكيك جيشها وتفتيت جغرافيتها،ولذلك توهم المحتل بأن الجولان ستكون لقمة صائغة،وحصة له يرثها من نظام يترنح ويقترب من السقوط،ولذلك عنجهية وغطرسة الإحتلال،دفعت بقادته للقول بانها لن تتخلى عن الجولان وستشرعن إحتلالها وضمها وبقرار امريكي ،ولكن جاءت نتيجة الحرب لتقول بأن القيادة السورية الملتحمة مع شعبها وجيشها،قادرة على ان تصنع نصراً على هذا الحلف والطاغوت العدواني،ومع اقتراب تحقيق سوريا لنصرها النهائي على الجماعات الإرهابية والتكفيرية،وإستعادتها لدورها ومكانتها العربية والإقليمية،كل ذلك انعكس ايجاباً على معنويات اهلنا وشعبنا في الجولان السوري المحتل،الذي كانت تحاول بعض الجماعات المنهارة والمرتهنة للمشروع المعادي،ان تختطف هويتها وإنتماءها،ولكن الرفض القاطع والشامل من قبل اهلنا في الجولان المحتل للمشاركة في الإنتخابات للمجالس المحلية والبلدية التي حاول الإحتلال فرضها عليهم،قالت بشكل واضح بأن أحفاد سلطان باشا الطرش وبني معروف،هم عروبيين قوميين أقحاح،رضعوا حليب الإنتماء للوطن رضاعة،وبأنهم ينتمون للوطن الأم سوريا،بقيادة الرئيس القائد بشار الأسد،والذي لعب دوراً كبيراً في هزيمة المشروع المعادي،هذا الرئيس الذي بقي صامداً مدافعاً عن شعبه وبلده .

نعم اهل الجولان كانوا موحدين بكل ألوان طيفهم السياسي والمجتمعي ورجال الدين جميعاً كانوا في بوتقة واحدة،ويجمعهم هدف واحد،رفض المشاركة في الإنتخابات للمجالس المحلية والبلديات المعينة من قبل الإحتلال،ورفض أي هوية مصطنعة للجولان،فالجولان هويتها عربية سورية،وكذلك هي القدس هويتها عربية فلسطينية.

بقلم: راسم عبيدات

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن