الطفل “الدواوسة”.. الموت مرتين

استحم الطفل ابراهيم الدواوسة عشرة أعوام وتطيب، وخرج من البيت ملوحا لأمه بكفة يده، ذاهبا لأداء صلاة الجمعة الأولى بعد التهدئة المؤقتة لبحث سبل وقف إطلاق النار، إلا أن النار لم تتوقف وأصابته في مقتل، فارتقى أول شهيد بعد انقضاء مدة التهدئة (72 ساعة).

هذا الطفل مات مرتين، بداية عندما استهدف الاحتلال ارجوحة للأطفال في اليوم الأول لعيد الفطر في مخيم الشاطئ، فنجا بأعجوبة بعدما أصيب إصابة بالغة في ذراعه الأيسر، لكن الموت لاحقه بعد نحو عشرة أيام وأجهز على أحلامه.

الصغير ابراهيم هو الثالث في أسرته المتواضعة، خرج من القصف في المرة الأولى يبرز تحديا للاحتلال، بأنه لم يقضِ على طموحه بأن يحمل في المستقبل الشَهَادَة الجامعية، إلا أن قدر الشَّهَادَةُ كان أسرع وأقرب.

وقد حّل نبأ استشهاد الطفل المدلل لوالديه، حتى تغيبت والدته أم جمال عن الوعي تماما، لاسيما أنها ما لبثت أن تفرح بنجاته من الموت، حتى يباغته مرة أخرى ويقضي على آمالها بأن تراه شابا يافعا ينضب حيوية وعلما.

ولقد كانت الجبيرة الملتفة على ساقه دليل على أنه ارتقى وهو مازال يدفع ثمن القصف العشوائي (الإسرائيلي) على المدنيين، لاسيما الأطفال والنساء.

وركض أبو جمال الدواوسي ذلك الرجل ذو الشعر الأبيض، نحو مشفى الشفاء بغزة حتى يطمئن على صحة طفله، إلا أنه اصطدم بهول ما رأى، حيث كان طفله مسجيًا على سرير المشفى وقد جاء شظايا الصاروخ على مؤخرة رأسه ففتتها.

حين إذن فقد الرجل صوابه، وأخذ يضرب وجهه على هول ما رأى، وقال “ما ذنب هؤلاء الأطفال يقتلون بهذه البشاعة والإجرام.. لقد بلغ الحقد مبلغه في قلوب الصهاينة والجيش الأرعن”.

واستهدف الطيران الحربي مجموعة من الأطفال قرب مسجد النور المحمدي بحي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة، مما أسفرت عن استشهاد الطفل الدواوسة وإصابة 5 آخرين.

ويقول أبو جمال في الخمسين من العمر، إنه كان شديد الحرص على طفله بألا يخرج للعب واللهو في هذه الاوقات العصيبة، خصوصا بعد أصيب في اليوم الاول لعيد الفطر، غير أن حرصه لم يمنع عنه أن يلاقي ربه شهيدا.

وجلست صغار أسرة الدواوسة يحتضنون صورة ابنهم الشهيد، وهم يبكون فراقه، فيما أخذ والده يطالب المؤسسات الحقوقية بضرورة وضع حد لهذا الإجرام الصهيوني بحق الأطفال والمدنيين.

وقال: “ماذا صنع هذا الصغير حتى يفتتوا جمجمته ويردوه قتيلا، لقد كان يحب الحياة ويحلم بالمستقبل، لكن الاحتلال اراد لأطفالنا أن يموتوا حتى لا يسترجعوا حقوقهم المسلوبة، لكن الأيام عودتنا على أن الصغار لن ينسوا”.

ويشير شاهد عيان إلى أن طائرة استطلاع القت صاروخ على الأقل على المنطقة بجوار المسجد، بينما كان الناس يتحضرون لأداء صلاة الجمعة، فأصيب الطفل ابراهيم بشظية كبيرة طالت رأسه، وقتلته على الفور.

وبارتقاء الطفل الدواوسة يصل عدد الشهداء من الاطفال إلى 409 طفلا، من أصل 1898 شهيدا، ونحو 9850 جريحا، منذ بداية الحرب على غزة في السابع من يوليو الماضي.

المصدر/  الرسالة نت

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن