العسل بين المطبوخ والسكر “مختبرات غزة تعطي تحليلات مجتزئة ومواد مسرطنة بالمناحل

عسل

غزة / الوطن اليوم

يترقبُ أهالي قطاع غزة في مثل تلك الأيام من كل عام موسم جني العسل على”أحر من الجمر” للحصول على تلك المادة الدوائية والغذائية التي سخرها الله للإنسان والتي كرمها في أكثر من موضع بالقرآن الكريم.

إلا أن الغزيين يقعون فريسة للغش نتيجة شجع بعض النحالين الذين يمتهنون تلك النعمة لإدرار عوائد مالية كبيرة من خلال التلاعب في العسل، ومن جانب آخر يقعون فريسة للمرض عبر العسل الذي يقصدون فيه الدواء نتيجة جهل بعض النحالين في تربية النحل، والذي يؤدي لمضاعفات خطيرة على صحة الإنسان.

ويتنوع الغش في العسل بين “العسل المطبوخ”، والذي لا علاقة له بالاسم ولا يحوي ذرة عسل واحدة، والعسل القائم على السكر في نسب متزايدة وعالية وليس على رحيق الأزهار، ويهدف التجار من وراء ذلك لتحقيق عائد مادي كبير دون النظر إلى حرمة تلك الأفعال الشنيعة من النواحي الشرعية والقانونية بل والأخلاقية.

وتعرف الموسوعة العالمية ويكيبيديا عسل النحل على انه عبارة عن مادة دوائية وغذائية هامة تحتوي علي سكريات أغلبها أحادي وخمائر وأحماض أمينيه وفيتامينات متنوعة ومعادن، ويتم تصنيع العسل من رحيق الأزهار الذي تجمعه شغالات النحل من الأزهار المتنوعة والمنتشرة في حدود المرعي حول المنحل وبعد أن يتحول هذا الرحيق عبر عمليات الهضم الجزئي وتقليل الرطوبة إلى  سائل سكري يخزن في العيون السداسية وتختم عليها بأغطية شمعية.

ويعتبر منتوج العسل إحدى الموارد الاقتصادية التي يستفيد منها المواطنين في غزة.

ويقدر عدد المناحل في غزة بحوالي 17 الف خلية و450 نحال منهم 300 يعتمدون في رزقهم على العسل.

العسل المطبوخ

الباحث الفلسطيني في علوم النحل ورئيس جمعية النحالين بقطاع غزة م. راتب سمور أوضح أن الهدف الأساسي من غش العسل من بعض التجار الجشعين هو تحقيق عائد مادي فقط دون مراعاة لأية ضوابط قانونية أو أخلاقية أو دينية.

سمور يؤكد, أن بعض النحالين الغزيون يغشون العسل عبر تقنية “الطبخ” التي لا تدخل فيها ذرة عسل واحدة، وأنها قائمة فقط على مواد كيماوية مصنعة، ويدخل فيها المحليات والروائح والأصباغ الضارة.

ويقول سمور:”هناك من يغش العسل بطريقة احترافية لدرجة أن المختبرات في غزة غير قادرة على كشفها، حيث أن هناك أناس مختصون في علم الكيمياء يأخذون السكر الثنائي الذي يتكون من جلوكوز وفركتوز، ويعملون على فصلها عبر درجة حرارة معينة ومواد تحليلية معينة على فصل العناصر للتناغم مع الخصائص الموجودة في العسل وهي فركتوز وجلكوز منفصلين”.

وأضاف :”بعض فصل مركبات السكر فركتوز وجلوكوز كما هو موجود بالعسل الطبيعي يضيفون أصباغ على لون العسل، ورائحة الحمضيات الاصطناعية، وكمية من الماء العادي”.

ويشير سمور أن “العسل المطبوخ المغشوش” قد يدخل على خبراء في مجال العسل وتربية النحل، وان المختبرات في قطاع غزة عاجزة تمام العجز عن كشفها؛ نظراً لضعفها مقارنة بالموجود بالدول الخارجية، حيث أن المختبرات في غزة قادرة فقط على إظهار السمات العامة للعسل كنسبة الرطوبة والجلوكوز والفركتوز والسكروز، وعاجزة عن الكشف التفصيلي عن مكوناته.

ولفت الخبير في علوم النحل والعسل ان المواصفات والمقاييس في العسل المغشوش قريبة من النسب التي يحويها العسل النقي إلا ان الأول خالي تماماً من القيمة الغذائية ولا ينفع كدواء (لا يغني ولا يسمن من جوع)؛ مشيراً ان العسل المطبوخ المغشوش لا يؤدي إلى مضار صحية بقدر من انه يفقد القيمة الغذائية المطلوبة.

وأشار إلى أن نسبة العسل المغشوش كانت كبيرة في السنوات السابقة في الأسواق الغزية، قائلاً “قد يكون موجود الآن في الأسواق ولكن عسل السكر موجود في السوق وبكثرة”.

عسل السكر

وفي النوع الثاني من الغش، وفي مفهومه لغش العسل عبر  تغذية النحل على السكر وليس على رحيق الأزهار من المراعي البرية أوضح أن بعض النحالين الجشعين والجهلاء في علوم تربيته يعكفون على تغذية النحل على محلول سكروز أو سكر محول بكميات كبيرة لزيادة إنتاج العسل من المناحل.

وأكد سمور إلى أن تغذية النحل عبر السكر تُعتبرُ عنصر هام وخاصة في فترات عدم تواجد الأزهار وهو أمر مباح ولكن بكميات علمية قليلة في أوقات محددة، مشيراً ان مدى غش العسل بالسكر يعتمد على وقت وكمية السكر التي يضعها النحال.

وقال :”الأزهار في غزة محدودة لذلك يجب علينا وضع السكر، خاصة أن موسم التزهير في غزة يكون في أجواء باردة نسبياً بالنسبة للنحل فيكون لازماً على النحالين وضع محلول السكر لتنشيط النحل لمواجهة قساوة الجو ولتمكينهم من القدرة للخروج لجمع الرحيق”.

وأضاف :”النحال المتميز يحسب مدة التزهير ومتى يكون نحله أقوى ما يكون، ويحسب بدقة متناهية تلك المتغيرات، كما عليه حساب موعد نضوج الزهرة وحتى تفتحها مع دراسة الطقس، وبالتالي يضع السكر في كميات بسيطة ومقننة حتى لا تؤثر على جودة العسل.

وتابع :”المشكلة في النحالين الجشعين يطعمون النحل السكر بكميات كبير، بعد التزهير لتحقيق إنتاج اكبر على حساب جودة العسل”.

وقال :”لا شك ان هناك نحالون يسعون لإنتاج متميز من العسل، وهناك من يعمل فقط للتجارة، وهناك إمكانية لإنتاج كميات جيدة اقل وبيعها بأسعار مناسبة وبذلك يعوض الفارق عن العسل المغشوش”.

وحسب المقاييس الفلسطينية فإن نسبة السكر في العسل يجب أن تتراوح بين 4 – 8 وان الزيادة عن ذلك تعتبر مخالفة للمقاييس.

وأوضح في دراسة أعدها مسبقاً أن أربعة عوامل أثرت على إنتاج العسل وجودته وهي من وجهة نظره دفعت التجار إلى الغش لزيادة العسل، وهي إصابة النحل بفايروس “الفاروة” وهو عبارة عن مرض فطري، يصيب يرقات النحل في الأقراص ويقضي عليها؛ الأمر الذي أثر على كمية الإنتاج ودفع التجار للغش لزيادة الكميات.

والعامل الثاني يتلخص في تجريف الاحتلال لمساحات واسعة من الأراضي الزراعية التي تعتبر مرعى للنحل ومكامن لغذائه، والثالث الزحف العمراني الكثيف في قطاع غزة والذي قضى على أماكن التزهير المطلوبة لتغذية النحل.

والرابع يتمثل في الظروف البيئية التي تؤثر سلباً على الإنتاج والتي من بينها أن موسم الربيع والتزهير في قطاع غزة يكون في ظروف جوية متقلبة وباردة الأمر الذي لا تستطيع المناحل مقاومتها.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن