الفراغ العربي في أفريقيا يفتح الطريق أمام اختراق إسرائيلي جديد

اسرائيل

 

تحدٍّ جديد تقدم عليه “إسرائيل” في الأشهر القادمة؛ حيث يتجه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، إلى عاصمة التوغو “لوماي”؛ لحضور قمة “أفريقيا-إسرائيل للتنمية والأمن”، المقررة في الفترة بين 23 و27 أكتوبر 2017، بمشاركة العديد من القادة الأفارقة، حيث يرجح مشاركة 20 إلى 30 رئيساً.

ومطلع الشهر الجاري، نشرت صحيفة “جروزاليم بوست” الإسرائيلية تقريراً قالت فيه إن قمة أفريقية إسرائيلية ستعقد في دولة توغو نهاية أكتوبر المقبل، مشيرةً إلى أن الأخيرة ستوجه دعوات إلى 54 دولة أفريقية للمشاركة في القمة المقرر أن تستمر 4 أيام، كما توقعت الصحيفة مشاركة 20 – 30 رئيس دولة.

تعتبر “توغو” من أحرص الدول الأفريقية على تعميق علاقاتها مع “إسرائيل”، حيث تسعى منذ وقت لاستضافة هذه القمة ونجاحها على المستويات كافة. وتعود هذه العلاقة بينهما إلى عهد الرئيس السابق، نياسنغبي أياديما، والد الرئيس الحالي.

وحسب تقارير رسمية صادرة سنة 2013، تعد توغو الشريك التجاري الثاني لـ”إسرائيل” في القارة الأفريقية بعد جنوب أفريقيا، حيث حصلت على دعم مالي إسرائيلي يزيد على 191 مليون دولار لشراء معدات أمنية.

وفي يوم 7 من شهر أغسطس الحالي، استقبل نتنياهو، الرئيس التوغولي، نياسنغمبي فور، بالقدس، الذي أكَّد أن 54 دولة أفريقية ستتم دعوتها، إلى جانب إسرائيل، لهذه الفعالية.

وفي نفس السياق، أكد نتنياهو أن 150 شركة إسرائيلية ستحضر القمة، وإلى الآن أكّدت قرابة عشر دول في غرب أفريقيا عزمها على الحضور، فضلاً عن العديد من دول أفريقيا الوسطى والشرقية، حسبما أعلن مدير لجنة تنظيم المؤتمر الإسرائيلي-الأفريقي، “برونو فينل”، التوغولي الفرنسي ذو الأصول اليهودية.

– جهود أفريقية ودولية لعرقلة القمة

سفير جنوب أفريقيا في سوريا ولبنان، شون بينفلدت، قال السبت 12 أغسطس 2017، إن بلاده ستقاطع القمة الأفريقية الإسرائيلية المرتقبة، وذلك إثر لقائه وفداً من لجنة التصدي للقمة الأفريقية الإسرائيلية المنبثقة عن الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج.

وصرّح الناطق باسم لجنة التصدي للقمة الأفريقية الإسرائيلية، زياد العالول، لـ”الخليج أونلاين”، بأن “التغلغل الإسرائيلي الموجود في أفريقيا يعكس حالة الضعف العربية، فقد كانت أفريقيا أحد أهم حلفائنا”، وأضاف أن “الهدف من هذه الحملة هو إفشال المؤتمر، وإضعاف الحضور فيه، كي يفقد الشرعية، وذلك عبر فضح سياسات إسرائيل العنصرية”.

وذكّر العالول بتاريخ أفريقيا الأسود مع العنصرية، وقال: “إن هذا ما جعل دولة مثل جنوب أفريقيا تنضم لمقاطعة المؤتمر”، وأضاف قائلاً: “يجري التواصل مع مؤسسات مناهضة للعنصرية في أفريقيا من أجل تبني موقف صارم من هذه القمة”، وأشار العالول إلى أنه “تم إرسال مراسلات للاتحاد الأفريقي والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي من أجل رفض المؤتمر، وإلزام أعضائه بعدم المشاركة فيه”.

وفي حديثه عن الخطوات القادمة للحملة، قال المتحدث باسمها، إن القائمين عليها يفكرون في قمة موازية فلسطينية أفريقية كحركة استباقية، حتى لو كانت على مستوى البرلمانات، وأفاد بأن الحملة ستحضر في مؤتمر ينظمه مركز الشرق الأوسط الأفريقي، يوم 31 من أغسطس 2017، بمدينة جوهانسبورغ في جنوب أفريقيا، وأشاد العالول بكل من المغرب وتونس والجزائر، ومواقفهم الثابتة ضد الاحتلال، كما وصفها.

– “إسرائيل” وحتمية التوغل في أفريقيا

أسهمت الأحداث الحاصلة في الشرق الأوسط، وإعادة إنتاج جغرافيا جديدة إثر الأزمات، في بحث “إسرائيل” على بديل سياسي بعيد عن المنطقة؛ لحماية مصالحها الاقتصادية والسياسية.

وفي هذا الإطار، قال مهند مصطفى، دكتور العلوم السياسية في جامعة حيفا، والباحث في المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية “مدار”: إن “اللقاء الأفريقي الإسرائيلي يأتي ضمن محاولتها المستمرة لبناء علاقات لها في القارة الأفريقية، حيث تم افتتاح ثلاث سفارات جديدة لدول أفريقية في العام 2016 (جنوب السودان، ورواندا، وزامبيا). وذلك إضافة إلى إحدى عشرة سفارة لدول أفريقية في إسرائيل”.

وأضاف مصطفى أن “إسرائيل تعمل على تعزيز نفوذها في أفريقيا عبر تزويد الدول هناك بالأسلحة الإسرائيلية، حتى بطرق مخالفة للقانون الدولي”، وهذا ما أكده تقرير للأمم المتحدة حول العقوبات العسكرية ضد حكومة جنوب السودان، في أكتوبر 2016، الذي اعتبر “إسرائيل” تدعم جنوب السودان بالسلاح والخبرات الأمنية والتكنولوجية في سعيها لقمع المعارضة للنظام، وكما يستعملها الأخير خلال الحرب الأهلية الدائرة هناك، رغم الحظر العسكري المفروض عليها دولياً.

وأشار دكتور العلوم السياسية في جامعة حيفا إلى “استغلال “إسرائيل” لانتشار حركات إرهابية انفصالية في أفريقيا”، على حسب وصفه، لتعزيز علاقاتها مع الدول الأفريقية، وخاصة منها أثيوبيا، ونيجيريا، ومالي.

وعن أهمية الدول الأفريقية عند “إسرائيل” قال مصطفى: إن “زيارات نتنياهو المتكررة لأفريقيا جاءت تجسيداً للأهمية التي تعطيها إسرائيل للعلاقات مع الدول الأفريقية في ظل الفراغ الذي تركه العرب هناك”.

وأردف قائلاً: إن “إسرائيل استطاعت أن تعمق علاقاتها مع القارة الأفريقية، وذلك كجزء من بناء تحالفات بديلة للمحاور التقليدية التي اندرجت إسرائيل في سياقها سابقاً، وقد ظهرت بوادر نجاح هذه العلاقات في امتناع دولتين أفريقيتين في مجلس الأمن عن التصويت حول قرار الدولة الفلسطينية، وهما نيجيريا ورواندا”.

وختم الباحث في المركز الفلسطيني للدراسات كلامه بضرب مثال للعلاقات بين “إسرائيل” ونيجيريا في السنوات الأخيرة، حيث قال: إن “نيجيريا شهدت تغييراً تاريخياً في علاقتها مع إسرائيل، فهذه الدولة التي كان من المفروض أن تعطي صوتها للقرار الفلسطيني، وبذلك يحصل الفلسطينيون على الصوت التاسع، امتنعت عن التصويت وسقط القرار، فعشية التصويت على القرار هاتف نتنياهو رئيس نيجيريا، جوناثان غودلاك، وضمن امتناعه عن التصويت، وبذلك سقط القرار الفلسطيني، وتتميز العلاقات بين البلدين بالتعاون في القضايا الاقتصادية والعسكرية ومحاربة الإرهاب”.

وأضاف مصطفى أن “إسرائيل زودت نيجيريا بالسلاح رغم الحظر الأمريكي على تصدير السلاح لها. وقد وقع البلدان سلسلة من الاتفاقيات الاقتصادية كان آخرها في مجال الطيران المدني، وهنالك 50 شركة اقتصادية إسرائيلية تعمل في نيجيريا وتستثمر فيها. ويزور إسرائيل سنوياً نحو 30 ألف حاج مسيحي نيجيري”.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن