القدس والفعل الفلسطيني العربي الغائب

قلم

الكاتب: سميح خلف

لم تمضي سوى ساعات على احتفال العرب والمسلمين والفلسطينيين بذكرى الاسراء والمعراج، والتي لم تخلو المساجد من نصوص الوعظ والاعجاز لاسراء الرسول ومعراجهمن بقعة من اشرف البقع على سطح الكرة الارضية والتي تمثل في مكانها وزمانها الدائم والمستمر اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، الفلسطينيون احتفلوا بهذه الذكرى باجازة رسمية ، والعرب يقتتلون فيما بينهم على خطوط الجغرافيا والامن والسياسة وبدعوات ايديولوجية متفاوتة التفسير والتحليل واللخبطة والتزوير والتحريف بما يخدم مصالحهم السياسية وانظمة الحكم، اما الفلسطينيين وبقدرهم ووجودهم ومعيشتهم فهم اكثر الشعوب مصابين بهم القدس والامانة الدينية والانسانية والادبية للحفاظ على القدس والمسجد الاقصى

حال الفلسطينين لا يختلف كثيرا عن حال التشتت العربي والاسلامي، ولا يختلف كثيرا عن العرب من حيث الفضاء العربي المستهلك لمعادلات دولية ليس للعرب فيها الا الاقتتال البيني والمختلط لرسم خرائط سياسية ترفضها منطق الوحدة العربية والعادات والتقاليد واللغة والرسالة الاسلامية، بل اقتتال سياسي امني قد ارادت منه امريكا تعديلا جوهريا على سايكس بيكو وتعديلات جوهرية عليه واللاعبين والابطال في هذا السيناريو، والذي جعل لمفاهيم تتغير وادوار تتغير والتزامات تتحلل .

فقضية فلسطين لم تعد القضية المركزية للعرب والمسلمين، ولم تعد القدس والمسجد الاقصى من الاولويات او الثانويات سوى في الخطاب الاعلامي المستنزف للشعور الوطني والديني والاخلاقي نحو القدس، الفلسطينيون منشغلون في انقسامهم وبرامجهم ومصالحهم الفصائلية.

السلطة الفلسطينية وباقوال اكثر من مقدسي ومسؤول تغيب عنها استحقاقاتها جزء فلسطيني من موازنة السلطة، ردود الافعال نحو اجراءات اسرائيل العملية والمؤدلجة والمبرمجة لا نسمع منها الا الشجب والاستنكار والادانة، والولولة والصراخ والنعيق ليس الا.

لم يكتفي نتنياهو وفي التحضير للانتخابات الاخيرة والتي دعى فيها بعدم امكانية قبول اسرائيل بحل الدولتين….. وفي افتتاحية تشكيل حكومة الاحتلال الجديدة يعلن عن مئات الوحدات الاستيطانية في القدس وبيت لحم، هاهو اليوم في كلمته باحتفالية توحيد القدس ومنذ 48 عاما يؤكد بان القدس العاصمة الموحدة والابدية لاسرائيل، وهاهي جموع المستوطنيين بالالاف يقتحمون البلدة القديمة رافعين اعلام ما يسمى اسرائيل ومؤكدين على حقهم التاريخي في القدس بالاضافة للاقتحامات المتكررة للمسجد الاقصى من جهة باب المغاربة، ومع الاجراءات التكنولوجية تحت الارض وفوق الارض لتغيير معالم القدس ، بل منطقهم يخطو للامام امام العجز الفلسيطيني والعربي نحو ما يسمونه هيكلهم المزعوم على انقاض المسجد الاقصى.

القدس تجمع في لوحة دراما مأساة العرب والانظمة وماساة برنامج فلسطيني لا يتغير ولا يتبدل منذ عشرات السنيين، نتنياهو اسقط حل الدولتين ليس اعلاميا بل عمليا، والسلطة الفلسطينية ما زالت تتمسك بحل الدولتين والمبادرة العربية وخارطة الطريق بل مزيد من الاتفاقيات نحو الحاق الاقتصاد والامن الفلسطيني نحو حلبة الاحتلال، وربما ممول صهيوني واحد لدعم الاستيطان وشراء العقارات في القدس تفوق اضعاف ما يتبرع به العرب للقدس…

الاعلام وعلى اسحياء منهم من تذكر يوم اعلان اسرائيل لتوحيد القدس وربما كانت كلمة نتنياهو قد حركتهم وايقذتهم من قبورهم ليستنكروا ويشجبوا ويدينوا هم ومنظمة التحرير الموؤدة والمختطفة انفاسها من برنامج احباطي يائس عاجز عن صنع الجديد للفلسطينيين وللصراع وادواته والمبخسبن في قدرات الشعب الفلسطيني الذي حافظ على شخصيته ووجوده وعطاءه عبر كل العقود.

السياسة والدبلوماسية الفلسطينية التي استثنت قدرات الشعب الكامنة وغيبتها والتي تعشق رسم البالونات والاستعراضات التي لا تشكل اهمية ما دام البناء الداخلي مشتت ومجزء ومنقسم، ما زالت جامدة في مكانها وفي جمودها تمنح الاحتلال مزيدا من اتساع الوعاء الزمني لانجاز المزيد من برنامجه نحو تهويد القدس وتغيير ديموغرافي خطير في الضفة الغربية.

جيد ان تعترف الفاتيكان بدولة فلسطين وغير الفاتيكان ولكن ما قيمة ذلك مع الوقائع العملية التي تضفيها اسرائيل على واقع الارض، كان يمكن ان يكون ذلك جيدا مع تغيير وانقلاب في البرنامج الفلسطيني ، باطلاق قدرات الشعب نحو مقاومة الاحتلال والاضرار بمصالحه ووجوده على الارض، اما ما تتحدث عنه السلطة بالمقاومة السلمية للاحتلال ، فهذا مضحة ام اضحوكة تمرر مكامن القوة الزمنية والمتزامنة للاحتلال لتهويد القدس والضفة وما تدعيه يهودا والسامرى.

اذا واقع القدس المحزون فلسطينيا وعربيا واسلاميا، هل من تغيير لهذا الولقع في ظل جمود وعجز وفشل قيادة فلسطينية، وفي ظل اقتتال عربي عربي ، وحروب قبلية وعشائرية ومذهبية،، انه واقع مأساوي ينتظر القدس والمسجد الاقصى ، حقبة من الظلم والظلام، التي قد تبكي الاجيال القادمة اذا لم تبكي السلطة والعرب الان .

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن