المالكي: الجانب الفلسطيني إكتشف مؤخراً مسارات سياسية لا تقل أهمية عن “المسار التفاوضي”!

رياض المالكي
رياض المالكي

قال وزير الخارجية رياض المالكي، إن ما تم التوافق عليه ضمن القيادة الفلسطينية تم تبنيه عربيًا، وأصبح هذا التوجه الفلسطيني له حاضنة وتوجه عربي، وهذا ما كانت تقصده القيادة الفلسطينية دائمًا بأن أي توجه يجب تعزيزه بدعم وإسناد عربي حتى يحظى بالدعم في مواجهة أي صدمات يمكن أن نواجهها في طريق تنفيذ قرارات من أي منظومة دولية قد تعترض الطريق.

وأضاف المالكي في تصريحات خاصة لـ’وفا’ الفلسطينية الرسمية ووكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية قبيل مغادرته القاهرة اليوم الجمعة، ‘إن القرارات التي صدرت عن لجنة متابعة مبادرة السلام العربية، الأربعاء الماضي في مقر الجامعة العربية، وبمشاركة الرئيس محمود عباس، هي قرارات مهمة كانت قد اتخذتها القيادة الفلسطينية في الاجتماع الطارئ الذي عقدته وذلك لبحث الاعتداءات المستمرة من قبل المستوطنين وآخرها جريمة حرق عائلة دوابشة في قرية دوما نهاية الشهر الماضي.

وأشار، الى أن الرئيس محمود عباس، قدم شرحا وافيا لوزراء الخارجية العرب في لجنة المتابعة، حيث تم التركيز على ثلاثة عناوين رئيسية: ‘الأوضاع على الارض الفلسطينية واعتداءات المستوطنين، والاستيطان وعمليات الاغتيال، بالإضافة الى إمكانية العودة للمفاوضات.

وأوضح المالكي، أن الرئيس اطلع اللجنة على الجهود التي تبذل من أجل تعزيز المصالحة الفلسطينية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تذهب بنا إلى انتخابات رئاسية وتشريعية، بالإضافة الى العوائق التي تواجه مهمة إعادة الإعمار لقطاع غزة والعراقيل التي تضعها حركة حماس.

وقال، ‘إن سيادته تحدث بوضوح عن هذه المعيقات التي تضعها حركة حماس والتي تحول دون استكمال عملية المصالحة وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وتحول دون إمكانية تفعيل كل الالتزامات المالية التي تعهدت بها الدول المانحة من أجل إعادة إعمار قطاع غزة.

وأضاف: فيما يتعلق بالأزمة المالية التي تواجه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ‘الاونروا’ فقد تم إحاطة اللجنة الوزارية بأن هذه الأزمة وما يترتب عليها ستهدد سبعمائة ألف طالب فلسطيني بعدم إمكانية استكمال تعليمهم في كلا من قطاع عزة، والضفة الغربية، والأردن، ولبنان، بالإضافة الى سوريا، مؤكدا ان الرئيس حاول أن ينقل هذه الأزمة أمام أعمال الدول الأعضاء في لجنة المتابعة وأن يحثهم على تقديم المساعدة والعون للوكالة، من أجل عدم إغلاق هذه المدارس وانعكاساتها في حال أغلقت هذه المدارس خلال هذا الشهر.

وقال المالكي، ‘إن الرئيس يحرص دائما في اطلاع ووضع الدول العربية بصورة هذه التطورات، وهو تواصل مستمر يرغب الرئيس في الحفاظ عليه لوجود شفافية فيما يتعلق بطبيعة العمل والعلاقة مع الدول العربية، وإشراك الدول العربية في مسؤوليات معالجة مثل هذه القضايا أيضا التي تعصى على القيادة الفلسطينية معالجتها في إطارها المنفرد.

وفيما يتعلق بتقييم الدور الاميركي في هذه المرحلة، قال المالكي، نستطيع أن نقول بأنه كان دورا فعالا، وكانت هناك محاولات منذ بداية إدارة الرئيس أوباما لإيجاد مخارج لما تعانيه العملية السياسية التفاوضية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وإيجاد حلول لها ولكن فشلت تلك الجهود، مشيرا انه مع عودة انتخاب الرئيس أوباما ثانية تم تفعيل دور وزير الخارجية ‘جون كيري’ للوصول إلى معالجة، وقد تفاعل في هذا الموضوع وكانت هناك لقاءات بلغت نحو سبعين لقاء جمعت الرئيس محمود عباس بكيري، مما يعكس على الأقل أنه كان هناك اهتماما، وإلا لما كانت كل تلك الاجتماعات مستمرة وأحيانا كانت تدوم ساعات طويلة، وهذا كان يعكس الاهتمام من قبل الإدارة الأميركية ورغبة حقيقية من قبل وزير الخارجية الأميركي وبتعليمات من الرئيس الأميركي بالعمل الجاد في هذا الملف والوصول إلى نتيجة.

وأوضح المالكي، انه الان ضمن هذا الجهد الأخير كانت هناك التزامات تمت .. ساهم فيها ‘كيري’ وهي إطلاق سراح 104 أسرى ما قبل أوسلو على أربع دفعات وبما فيها أيضًا وقف النشاط الاستيطاني، الا أن الجانب الإسرائيلي التزم ببعض منها وتراخى في تنفيذ ما تبقى، وعلى ضوء ذلك لم يقم الجانب الاميركي بإلزام الجانب الاسرائيلي بتنفيذ الجزء الاخير من الاتفاق كونه الضامن لهذا الاتفاق.

وأوضح وزير الخارجية، انه اصبح هناك أولويات مختلفة لدى الجانب الاميركي وهي تحقيق نجاح فيما يتعلق بالمفاوضات مع إيران، بعد أن كان يعتقد أن مدخله إلى التاريخ هو تحقيق الاتفاق الفلسطيني الإسرائيلي، وذلك بعد أن تبين له أن هذا لم يعد ممكنا، حيث أن الجهود تتركز على أن تدخل بوابة الاتفاق النووي مع ايران التاريخ، وبالتالي هو بحاجة إلى مثل هذا الاتفاق ويعمل عليه والجميع يدرك ذلك، ولكن كنا نتمنى أن يبذل في القضية الفلسطينية نفس الجهد الذي بذل في الحالة الإيرانية، لكن بالتأكيد الظروف مختلفة والواقع مختلف، وإيران ليست إسرائيل.

وأكد المالكي، أن الوزير كيري أبلغ الرئيس أنه بحاجة إلى مساحة من الزمن مرتبطة أولا بالتوصل لاتفاق مع إيران، وقد تم ذلك، ومن ثم مساحة إضافية أخرى من أجل تمرير هذا الاتفاق داخل الكونجرس الأميركي، وبالتالي هو يعتقد أن هذا سوف ينجح وعليه توقعاتنا كما أعلمنا بها أن الجهد الأميركي سوف يعود للتفاعل من جديد مع بداية شهر سبتمبر، وتحديدا فيما يتعلق بانعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نهاية شهر سبتمبر.

وأردف، أن هناك من يقول بأن الإدارة الأميركية ستكون مثل البطة العرجاء لن تستطيع أن تعمل شيء خاصة فيما تبقى لها من عمر في الإدارة الثانية، ولهذا السبب سوف نجد أنفسنا نغرق في متاهات الانتخابات الأولية ما بين الأحزاب المختلفة المتنافسة على البيت الأبيض مما يضعف من إمكانية التركيز على القضية الفلسطينية، وهناك من يقول أن النجاحات فيما يخص الاتفاق مع إيران خاصة في الكونجرس قد تعزز الفرص لدى ‘كيري’ و’أوباما’ لأنه لن يكون هناك قضية أخرى سيتم التركيز عليها فيما تبقى لتلك الإدارة للتركيز على القضية الفلسطينية، لعل وعسى أن تكون هناك انجازات يمكن أن تضاف إلى سجل الانجازات التي يتم تسجيلها لصالح إدارة أوباما الحالية.

وقال، ‘نحن بدورنا مستعدون أن نتفاعل ونتعامل مع كل الجهود التي تبذل كانت جهود أصولها أميركية كما هو الحال مع إمكانية عودة اهتمام ‘كيري’ بمتابعة الملف الفلسطيني الإسرائيلي، أو بالجهود الفرنسية التي بدأها ‘لوران فابيوس’ وزير الخارجية الفرنسي، قبل عدة أشهر والتي أكد خلال زيارته الأخيرة إلى المنطقة وإلى رام الله ولقائه بالرئيس عباس، بأن فرنسا سوف تعود للاهتمام بأفكارها الخاصة مع بداية شهر سبتمبر، وتحديدًا فيما يتعلق بتشكيل ما يسمى لجنة المتابعة الدولية لعملية السلام وأيضًا فيما يتعلق بالأفكار الفرنسية في مجلس الأمن، لافتا الى ان الرئيس محمود عباس اكد في كلمته أمام لجنة مبادرة السلام العربية، أن القيادة الفلسطينية على استعداد للعودة للمفاوضات مع الجانب الإسرائيلي في حال التزمت إسرائيل بإطلاق سراح الدفعة الرابعة والأخيرة من معتقلين ما قبل أوسلو، وأيضًا وقف النشاط الاستيطاني.

واوضح المالكي، انه من المهم أن تكون تلك رسالة واضحة لكل من يفكر من قبل أي دولة أو مجموعة دول تفكر ببذل جهد ما من أجل تفعيل الاهتمام الدولي بعملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية، لان الجانب الفلسطيني من حيث المبدأ مستعد وموافق، وليس هناك شروط إنما هناك التزامات إسرائيلية يجب استكمالها حتى تتحقق المناخات والظروف المناسبة لكي نعود للعملية التفاوضية.

وتابع، ‘اننا ندرك أن الجانب الإسرائيلي غير مهتم بالعملية التفاوضية، حيث انه يعلن مرارا انه يرفض العودة للمفاوضات ويرفض حل الدولتين والانسحاب ووقف النشاط الاستيطاني إلى آخره ولم يظهر أي اهتمام بالعودة للمفاوضات، وبالتالي نحن نريد في نفس الوقت أن نظهر للعالم مدى جاهزية الجانب الفلسطيني مقابل رفضية الجانب الإسرائيلي، وأن ذلك يجب أن يترجم إلى مخرجات تصب في الصالح الفلسطيني بما فيها الزام الدول التي التزمت بالاعتراف بدولة فلسطين في حال أن العملية التفاوضية لا تتحرك أو في معاقبة أيضا الجانب الإسرائيلي الذي لا يبدي أي رغبة أو استعداد للاهتمام والانخراط في أي عملية تفاوضية مستقبلية’.

واشار المالكي الى أن الجانب الفلسطيني اكتشف خلال السنوات الأخيرة أن هناك مسارات أخرى مهمة لا تقل أهمية عن المسار التفاوضي وهي مسارات مرتبطة بالعمل السياسي الدولي والدبلوماسية الدولية والإطار القانوني الدولي، وبالتالي القيادة الفلسطينية تعمل على تفعيلها بشكل حثيث جدا وهذا ما أوصلنا إلى النجاحات التي حققناها خلال السنوات الأخيرة والتي ساهمت في رفع منسوب النجاحات الفلسطينية على المستوى الدولي وفي تعزيز عزلة إسرائيل دوليا، ولابد أن يستمر في المستقبل لأننا نعتقد أن الاستمرار به سوف يضيف مزيد من النجاحات ويساهم في عزلة إسرائيل بشكل أكبر.

وأوضح أن فلسطين عضو في محكمة الجنايات الدولية، والآن بداية التحقيقات الأولية فيما يتعلق بالجرائم التي ارتكبت من قبل إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، والنجاح الذي تم في ‘اليونيسكو’ والقرارات التي خرجت بخصوص هذا الموضوع خاصة فيما يتعلق بالقدس القديمة وداخل الأسوار، مضيفا ان ما صدر عن مجلس حقوق الإنسان وما صدر عنه من تسجيل لجان مستقلة لتقصي الحقائق والتي أخرجت مجموعة من التقارير التي يجب أن نتابعها، والقرار الذي صدر عن مجلس حقوق الإنسان والذي يتضمن لأول مرة وبدعم أوروبي عن ضرورة محاسبة إسرائيل على ما ترتكبه من خروقات حتى هذه اللحظة تسمى خروقات، لكن قد ترتقي إلى مستوى جرائم بحق الشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة.

وقال وزير الخارجية، ‘اننا لا زلنا نعمل على حصد المزيد من الاعترافات من قبل العديد من الدول التي لم تعترف بنا حتى الآن والانجاز الأخير الذي تم مع السويد، ودولة الفاتيكان، في غاية الأهمية، والاعترافات التي تمت من قبل العديد من برلمانات الدول الأوروبية يجب البناء عليها، وما يحدث الآن بخصوص قرارات الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بوضع الإشارات لمنتجات تأتي من المستوطنات وكيفية التعامل مع المؤسسات التي تعمل في داخل المستوطنات أو مع البنوك الإسرائيلية التي تتعامل مع مستوطنات .. كل ذلك يسلط الأضواء على جوانب جديدة نخوضها بشكل جديد’.

واضاف انه ‘يجب أن نسلط الأضواء على النظام القانوني في إسرائيل، وهل هو نظام صحيح مستقيم ديمقراطي عادل أم أنه يميز بشكل كبير بين الفلسطيني والإسرائيلي؟ مضيفا انه تم البدء للتحضير في مثل هذه الملفات لنقول على سبيل المثال أن ما يتم فتحه من ملفات ضد الفلسطينيين في المحاكم الإسرائيلية يتم تجريم الفلسطيني بنسبة 99% من تلك القضايا التي تفتح، بينما القضايا التي تتعلق بالجانب الإسرائيلي خاصة المستوطنين لا يصل للمحاكم منها إلا 7% من تلك القضايا ومنها 1.9% يتم إصدار الحكم عليه!.

وتابع ‘لهذا يجب أن نعلم أن هناك واقع يجب أن يتم التركيز عليه وخاصة عندما تبدأ محكمة الجنايات الدولية بالنظر في هذه القضايا يجب أن تصل المحكمة لاستنتاج أنها لا تستطيع أن تعتمد على الجسم القانوني في إسرائيل لكي يكون هو البديل عن المحكمة في عمل التحقيقات أو في مباشرة تلك الادعاءات’.

وقال المالكي، ‘إن هذه بعض الجوانب التي نعمل عليها في الخارجية الفلسطينية، والتي تتطلب منا جهدا غير عادي دبلوماسيا لتجهيز التقارير والملفات، ولابد ان نركز في الفترة القادمة على متابعة الملفات التي قدمت الى الجنائية الدولية والعودة للخارجية السويسرية لتفعيل اتفاقية جنيف، وتفعيل دور مجلس حقوق الانسان، بالإضافة الى العودة وما يدور في مجلس الأمن من خلال بعثتنا هناك.

واكد المالكي ان وزارة الخارجية ستستمر في أدائها لتعزيز مكانة دولة فلسطين على المستوى الدولي. وقال ‘نتعهد بتحقيق المزيد من النجاحات خلال الفترة القادمة’.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن