المالكي: الهيمنة الأميركية على عملية السلام أصبحت من الماضي

رياض المالكي
رياض المالكي

أكد رياض المالكي وزير الخارجية الفلسطيني، أن الهيمنة الأميركية على عملية السلام “كُسرت وانتهت وأصبحت من الماضي”، وأن ثمة تفهما دولياً للموقف الفلسطيني، مكرراً المسعى إلى تشكيل إطار دولي متعدد الأطراف يؤدي إلى تفعيل العملية السياسية وتكون أميركا جزءاً منه.

وقال المالكي في مقابلة أجرتها معه صحيفة “الحياة” اللندنية في موسكو على هامش زيارة الرئيس محمود عباس، إن الزيارة تأتي في إطار التنسيق والتشاور والاستفادة من النصائح العميقة التي يمكن أن يقدمها الرئيس فلاديمير بوتين، واصفاً العلاقة مع موسكو بأنها استراتيجية وعلاقة شراكة.

وكشف أن الرئيس عباس سيكرر في خطابه أمام مجلس الأمن في ٢٠ الشهر الجاري، الموقف الفلسطيني من إعلان الرئيس دونالد ترامب القدس “عاصمة لإسرائيل”، وسيطرح أفكاراً واقتراحات للخروج من هذا الوضع. وأشار إلى إجماع دولي في مرحلة التبلور في شأن الأفكار الفلسطينية.

في ما يأتي نص المقابلة:

ماذا طلبتم من بوتين؟ وماذا كان الرد الروسي؟

– لم نأت من أجل أن نطلب. نحن نقيم علاقات مميزة، علاقات صداقة تاريخية وعميقة، ونعتقد بأن هذه العلاقة استراتيجية، وضمن شراكة. لهذا يحرص الرئيسان على عقد اجتماعات دورية بينهما للتشاور في الكثير من القضايا، وعلى رأسها القضية الفلسطينية وتطوراتها. ومن الطبيعي، بعد قرار الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة إلى المدينة، وبعد جولات عباس ومشاوراته مع المنظمات الإقليمية والدولية والدول المختلفة، أن تستكمل باللقاء مع بوتين والقيادة الروسية للاستماع إلى نصائحهم المخلصة لتحديد الخطوات المقبلة الواجب أن تتخذها القيادة الفلسطينية في مواجهة القرار الأميركي. عباس ينوي أن يخاطب أعضاء مجلس الأمن في ٢٠ الجاري، ومن الطبيعي حتى هذا الموعد أن يستكمل هذه الجولة والاتصالات مع قيادات العالم. هذه الزيارة أتت في إطار التنسيق والتشاور والاستفادة من النصائح العميقة التي يمكن أن يقدمها بوتين لعباس، والتي ستكون لها فائدة عميقة ومردود على القضية الفلسطينية.

 هل لمستم خلال جولاتكم في عواصم عدة وجود نية لكسر احتكار الولايات المتحدة وهيمنتها على رعاية عملية السلام الفلسطينية- الإسرائيلية؟

– بالتأكيد. نعتقد أن الهيمنة الأميركية كُسرت وانتهت وأصبحت من الماضي، بالنسبة إلينا كفلسطينيين وكمجتمع دولي. لسنا وحدنا من أعلن كسر هذه الهيمنة الأميركية، فاللقاءات التي أجريت على المستويين الإقليمي والدولي، ساهمت بتوضيح الصورة، وأثمرت عن تفهم كبير للطرح الفلسطيني بل وتبنٍ له، ونعتقد أن الأجواء والظروف أصبحت أكثر مواءمة مع الطرح الفلسطيني وتبنيه على المستوى الدولي، وأن هناك تفهماً كبيراً في هذه الدول لموقفنا. وفي مجلس الأمن، سيكرر عباس الرفض الفلسطيني لموقف ترامب، ويطرح أفكاراً واقتراحات للخروج من هذا الوضع. ونعتقد أن إجماعاً دولياً بات في مرحلة التبلور في شأن الأفكار الفلسطينية التي بدورها ستتحول أفكاراً دولية، ويتم التعاطي معها بكل جدية. ونأمل بتسريع هذه الخطوات عبر مشاركة الرئيس في مجلس الأمن.

هل لمستم أي تغيرات في الموقف الأميركي أخيراً في موضوع التسوية مع إسرائيل؟

– القرارات الأميركية جعلتنا نرفض التعامل مع الولايات المتحدة كما في السابق، وهي عزلت نفسها عن العملية السياسية، وأثبتت أنها دولة منحازة بالكامل إلى إسرائيل والرواية الصهيونية الاستيطانية. وبناء على ذلك، فإن أي عملية سياسية مقبلة بهدف إحياء العملية التفاوضية لن تكون حكراً على الأميركيين، ولا بد من تشكيل إطار دولي متعدد الأطراف يحمل هذه المسؤولية، ويهيئ الظروف المناسبة ويصوغ آليات للعودة إلى المفاوضات بمرجعية الأمم المتحدة وقراراتها والقانون الدولي.

بالتأكيد، لا نستطيع تجاهل دور الولايات المتحدة وتأثيرها وثقلها الدوليين، لهذا لسنا مع شطب الإدارة الأميركية من هذا الموضوع، ولكن لن نقبل باحتكار مطلق لها في العملية السياسية. وهذا ما سمعناه أيضا من (مفوضة الشؤون الخارجية للاتحاد الاوروبي) فيديريكا موغوريني في حديثها مع الرئيس بحضور 28 وزير خارجية أوروبي. وهذا ما قاله عباس في القمة الإسلامية الأخيرة في إسطنبول، وقمة الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا. وكل هذا يعني أن رأياً عاماً دولياً بدأ يتشكل يرفض الهيمنة الأميركية، ويقبل بإطار دولي متعدد الأطراف لتفعيل العملية السياسية تكون أميركا جزءاً منه. ولن تستطيع الإدارة الأميركية، ما دمنا نرفض، فرض أي شروط جديدة مرتبطة بالعملية السياسية، حتى لو وافقتها اسرائيل.

كان لافتاً في بداية اللقاء مع بوتين قوله إنه تحدث مع ترامب الذي نقل أمنيات طيبة لعباس، هل تلعب روسيا دور وساطة بين الفلسطينيين والأميركان؟

– قطعا لا… أنا أفهم أن الاتصال جاء للتعزية بسقوط الطائرة المدنية الروسية، وتمت الاستفادة من الاتصال للحديث في الهموم المشتركة، والأزمات المختلفة، بما فيها كوريا الشمالية وسورية، إضافة إلى القضية الفلسطينية. وفي الحديث الهاتفي، قال بوتين إنه سيلتقي عباس، فرغب ترامب في أن ينقل بوتين بعض الملاحظات إلى الرئيس الفلسطيني في شكل شخصي. لم يتم الطلب من روسيا الاتحادية أن تلعب دور الوسيط، ولن نتعامل مع الإدارة الأميركية ما دامت متبنية القرارات حول القدس. وكانت هناك محاولات سابقة من الكثير من الأطراف للوساطة. على الاطلاق، الرئيس بوتين لم يثر هذا الموضوع إطلاقاً. ولو أراد الكشف عن فحوى اللقاء لفعل ذلك.

قوة روسيا في تصاعد، وهناك مطالبات دولية لها بالمساعدة في حل أزمات عدة. هل لمستم أن روسيا قادرة وراغبة في لعب دور كبير في ما يخص الشأن الفلسطيني؟

– لم نطلب من الروس لعب دور. بوتين وجه سابقاً دعوة الى عباس و(رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين) لحضور قمة ثلاثية في موسكو في أيلول (سبتمبر) 2016، وحينها تراجع نتانياهو في آخر لحظة، وأثبت أن حديثه عن السلام مجرد ادعاءات، بينما كان أبو مازن مستعداً وجاهزاً للحضور إلى موسكو، وإسرائيل أفشلت الدعوة إلى مؤتمر في موسكو للسلام. بالتأكيد روسيا جزءٌ من اللجنة الرباعية الدولية، وعضو دائم في مجلس الأمن، وهي لاعب مهم، ونرغب في أن نرى دوراً لها في أي جهود دولية للوصول إلى اتفاق سلام ينهي الاحتلال الإسرائيلي ويسمح ببناء الدولة الفلسطينية على حدود 4 حزيران (يونيو) 1967 بعاصمتها القدس الشرقية.

هل اتفقتم عن آليات محددة لكسر هيمنة الرعاية الأميركية لعملية التسوية، مثلاً إضافة أطراف معينة للرباعية أو غيرها؟

– الرئيس الفلسطيني يتحدث دائماً من أجل تسهيل الأمور لنثبت أننا دعاة سلام، وأن لدينا توجهات إيجابية، وهو يطرح أفكاراً قد تساعد جهة أو جهات للاستفادة في تفعيل عملية التسوية. وبعد إعلان انتهاء الاحتكار الأميركي، الرئيس يذكّر بأن هناك رباعية دولية ويمكن تفعيلها وتوسيعها بإضافة دول إليها، وفي الوقت ذاته يتحدث عن مؤتمر موسكو للسلام كشكل أيضاً يمكن الاستفادة منه، وكذلك مؤتمر باريس. وفي النهاية لا تحفظ لدينا على أي شكل آخر يمكن أن يطرح ما دام الهدف إنهاء الاحتكار الأميركي ووجود مسؤولية جماعية للبحث عن حل يضمن انتهاء الاحتلال وبناء دولة فلسطينية.

 أي دول يمكن أن توافقوا عليها؟

– يجب أن يكون هناك حضور للدول الوازنة صاحبة الثقل السياسي والتي لا تقف إلى جوار طرف على حساب الآخر. ويمكن الحديث عن ممثلين عن القارات، أو تمثيل سياسي ومؤسساتي إقليمي كامل لتحمل المسؤولية. لا نقف عند 4+2 ما دام هناك توافق دولي على الإطار القانوني للشرعية الدولية، وعلى أن الهدف النهائي إنهاء الاحتلال، ودولة فلسطينية على حدود عام ١٩٦٧ بعاصمتها القدس الشرقية. ونشترط أن يكون هناك إطار زمني مقبول للتوصل إلى اتفاقات وتنفيذها. ولا تحفظ لدينا على أي دولة بعينها.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن