المركز ينظر بقلق عميق إلى استمرار استدعاء واعتقال عشرات المواطنين من قبل أجهزة الأمن في قطاع غزة

ينظر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بقلق عميق إلى حملة الاستدعاءات والاعتقالات التي طالت العشرات من المواطنين، من بينهم نشطاء في حركة فتح، وأطفال، من قبل جهازي الأمن الداخلي والشرطة في قطاع غزة خلال الفترة الأخيرة، والتي رافقها أحياناً أعمال تعذيب ومعاملة حاطة بالكرامة. ويطالب المركز الحكومة في غزة بالتقيد التام بالقانون، وبالكف نهائياً عن أعمال الاستدعاء والاعتقال على خلفية سياسية. كما يدعو النائب العام في غزة لفتح تحقيقات جدية في ادعاءات تعرض عدد من المفرج عنهم للتعذيب.

ووفقاً للمعلومات التي جمعها المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان خلال الفترة الماضية، وإفادات عدد من الضحايا، فقد استدعى جهازا الأمن الداخلي والشرطة الفلسطينية (المباحث) عشرات المواطنين، من بينهم نشطاء في حركة فتح وأطفال في مختلف محافظات قطاع غزة.

وتركزت هذه الاستدعاءات منذ بداية الأسبوع الجاري بالتزامن مع اقتراب دعوة حملة (تمرد)[1] في 11 نوفمبر 2013، وذكرى وفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات والذي يصادف اليوم ذاته. وقد جرى احتجاز الأفراد المستدعين لساعات طويلة، وأحياناً بشكل يومي متكرر، في ظروف مهينة ومعاملة حاطة بالكرامة، فيما استمر اعتقال أشخاص آخرين لعدة أيام. ورافق تلك الاستدعاءات أعمال دهم وتفتيش لمنازل هؤلاء الأشخاص، ومصادرة أجهزة حاسوب ومواد أخرى.

وذكر عدد من المحتجزين المفرج عنهم في إفاداتهم لطاقم المركز بأنهم أُجبروا خلال خضوعهم للتحقيق على التوقيع على تعهدات تقضي بالالتزام بالقانون، عدم التجمهر (المشاركة في مظاهرات) أو التواجد في أماكن احتكاك مع أجهزة الأمن، والالتزام بعدم التحريض على الحكومة، تحت طائلة المسئولية القانونية والغرامات المالية. كما ذكر آخرون بأنهم تعرضوا للتعذيب سواء بالضرب بأسلوب (الفلكة)، واللكمات في مناطق مختلفة من الجسم، أو من خلال الشبح وحرمانهم من الجلوس لساعات طويلة. وفي السياق ذاته، تلقى المركز إفادات من أشخاص تعرضوا للاستدعاء المتكرر لساعات طويلة خلال أيام متتالية، قضوها فقط في الانتظار دون خضوعهم للتحقيق أو مقابلة أي من أفراد الأمن.

وأفاد احد المحتجزين المفرج عنهم[2] لطاقم المركز، بأنه فور وصوله إلى مقر جهاز الأمن الداخلي بتاريخ 09 نوفمبر 2013، وضعوا عصابة على عينيه وأجلسوه على مقعد صغير الحجم، وأضاف بأن أحد أفراد الأمن قام بإجلاسه على ركبتيه على الأرض، ومسكه من يديه وسحبهما للخلف بشدة، فيما حضر آخر من أمامه وشرع بالتحقيق معه حول حركة (تمرد) ونشاطه في حركة فتح، والاعتداء عليه بالضرب باللكمات في البطن والصدر. وأضاف الشخص ذاته، بأنه نُقل إلى غرفة صغيرة فيها كرسي حديد وكاميرا تصوير فيديو، وأمروه بالوقوف في الغرفة وعدم الجلوس، واستمر في هذا الوضع حتى ساعات ما بعد ظهر اليوم التالي.

وأفاد آخر للمركز بأنه خلال خضوعه للتحقيق حول نشاطه المزعوم في حركة تمرد أثناء احتجازه برفقة آخرين، وأضاف بأنه كان معصوب العينين وبأنه قد تعرض للضرب بأسلوب (الفلكة)، حيث قام المحققون بتقييد يديه في أنبوب حديدي صغير وُضع بشكل أفقي أسفل الركبتين بينما كان ظهره على الأرض،ومن ثم شرعوا بالاعتداء عليه بالضرب لمدة تقارب الساعتين وبشكل متقطع.

وأفاد ثالث، بأنه فور وصوله إلى مقر جهاز الأمن الداخلي في خان يونس، قام أفراد الأمن بعصب عينيه، ونقله إلى غرفة تحقيق. وأضاف بأنه خضع للتحقيق حول انتمائه السياسي، طبيعة عمله، وحملة “تمرد” لمدة تقارب الساعتان تعرض خلالهما للضرب على الوجه والصدر من قبل المحققين.

كما شملت الاستدعاءات الأخيرة، قيادات حركة فتح في محافظة شمال غزة، ونشطاء آخرين في الحركة في المحافظات الأخرى، حيث خضعوا للتحقيق حول تحضيرات الحركة لتنظيم فعاليات في ذكرى وفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات.

يُشار إلى أن الشهرين الأخيرين شهدا زيادة ملحوظة في عمليات الاستدعاء والاعتقال لعشرات المواطنين، من بينهم أطفال، على خلفية الدعوة المتعلقة بحملة “تمرد”. وفي هذا السياق تلقى عدد من الأطفال في محافظة رفح أوامر استدعاء من قبل جهاز مكافحة المخدرات، ولدى مراجعة جهاز المكافحة من قبل ذوي الأطفال يتضح بأنهم مطلوبين لجهاز الأمن الداخلي وان جهاز المكافحة يقوم بنقلهم. وذكر والد أحد الأطفال، ويبلغ من العمر 16 عاماً، لطاقم المركز، بأنه استلم بلاغين بالاستدعاء لنجله من قبل جهاز مكافحة المخدرات، وأضاف الوالد بأنه رافق نجله إلى مقر إدارة مكافحة المخدرات وبأنه قابل مدير الإدارة بعد انتظار دام نصف الساعة ليستفسر عن سبب استدعاء نجله، فأجابه المدير بأن جهاز الأمن الداخلي هو من يريده، ومن ثم حضرت سيارة تابعة للأمن الداخلي وقامت بنقله إلى مقر الجهاز.

المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إذ ينظر بقلق عميق إلى هذه الأحداث، فإنه:

1- يوضح أن الطريقة التي تتم فيها بعض الاستدعاءات تنم عن تعسف باستخدام القانون من قبل عناصر الأجهزة الأمنية.

2- يطالب الحكومة في غزة بالتقيد التام بالقانون، وبالكف نهائياً عن أعمال الاستدعاء والاعتقال على خلفية سياسية.

3- يدعو النائب العام في غزة لفتح تحقيقات جدية في ادعاءات تعرض عدد من المفرج عنهم للتعذيب.

4- يذكر بقرار محكمة العدل العليا الفلسطينية الصادر بتاريخ 20 فبراير 1999، والقاضي بعدم مشروعية الاعتقال السياسي، وأن على جميع الجهات التنفيذية احترام قرار المحكمة والامتناع عن ممارسة الاعتقالات السياسية غير المشروعة.

5- يدعو الأجهزة الأمنية الفلسطينية إلى الالتزام الكامل بالدستور والقوانين الأخرى ذات العلاقة، واحترام حقوق الإنسان.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن