المسجد الأقصى في عين الخطر الصهيوني

القدس  الاقصى

رؤية – محمود سعيد

“من أراد أن ينظر إلى بقعةٍ من بقع الجنة فلينظر إلى بيت المقدس”

عمر بن الخطاب

يمر المسجد الأقصى المبارك بمرحلة هي الأصعب في تاريخه، فالمخططات التهويدية ومشاريع التقسيم، والحفريات لا تتوقف بل تتوسع.

ورغم فشل الاحتلال والمنظمات اليهودية في العثور على آثار تؤكد روايتهم الزائفة حول الهيكل المزعوم رغم عقود من البحث والتنقيب، إلا أن الأخطار تتعاظم وخصوصا أن النبوءات التوراتية تحرضهم على هدم الأقصى، ولهذا لم تعد تمر أيام علينا بدون أن نسمع عن اقتحامات للمستوطنين أو مناوشات داخل باحات الأقصى مع المقدسيين، أو اعتقال حراس الأقصى، والأخطر أن الاحتلال يستخدم مع سبق الإصرار والترصد أحماض قلوية تعمل على ذوبان أساسات الأقصى العتيقة، الأمر الذي يهدده بالانهيار في أي لحظة.

مخططات طلاب من أجل الهيكل

وقال المركز الإعلامي الصهيوني “كيوبرس”: إن ما يسمى بمنظمة “طلاب من أجل الهيكل” المزعوم أعلنت عن جملة من الخطط التصعيدية لاستهداف المسجد الأقصى، ومن بين هذه المخططات، إقامة أربعة طواقم لمأسسة العمل لاستهداف المسجد الأقصى تحت عنوان “نستعيد جبل الهيكل” -وهو المسمى الاحتلالي الباطل للمسجد الأقصى- بالإضافة إلى الإعلان عن دورات متخصصة عن المسجد الأقصى باعتباره “جبل الهيكل” بالمفهوم الاحتلالي، ويتخلل البرنامجين تنظيم وتكثيف اقتحامات المسجد الأقصى بادعاء الزيارات الميدانية.

وأوضح “كيوبرس”، أن “طلاب من أجل الهيكل” -وعبر صفحتهم على الفيسبوك- أعلنوا عن برنامج ممنهج لمأسسة العمل الذي يستهدف الأقصى، تمهيدا لتكثيف الفعاليات في هذ المضمار، حيث أعلنوا عن إقامة أربعة طواقم/ دوائر، الطاقم القانوني؛ ومهمته توثيق الأحداث في المسجد الأقصى، حالات الاعتراض أو التصدي لاقتحامات المستوطنين للأقصى، ثم متابعة قضائية وقانونية ضد أي اعتراض لأي يهودي يقتحم الأقصى، الطاقم الثاني هو الطاقم البرلماني، وميدان عمله في أروقة الكنيست المختلفة، بهدف تسريع تقديم والمصادقة على قوانين “تحفظ حق اليهود في الأقصى”، على حد قولهم.

أما الثالث، فالطاقم الإعلامي؛ يهدف لتوسيع رقعة العمل الإعلامي وتجذير  المعرفة بملف “جبل الهيكل” في المجتمع الصهيوني، والطاقم الرابع التثقيفي، والذي يهدف إلى تنظيم المحاضرات والندوات وتنشيط جمع التبرعات.

عربدة صهيونية

ورغم تصويت لجنة التراث العالمي في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) لصالح مشروع قرار “البلدة القديمة في القدس وأسوارها”، الذي يؤكد أن المسجد الأقصى -بما فيه الحائط الغربي- تراث إسلامي خالص.

وهو القرار الذي اعتبره مجلس الأوقاف الإسلامية في القدس أنه يتضمن إدانة شديدة لاقتحامات المتطرفين اليهود وقوات الاحتلال المستمرة للمسجد الأقصى، ويحث سلطات الاحتلال على منع الانتهاكات.

إلا أن قطعان المستوطنين وبتحريض من القيادات السياسية في الكيان الصهيوني مستمرين في محاولة فرض الأمر الواقع وتقسيم الاقصى مكانيا وزمانيا.

نداء مفتي القدس

وقد طالب مفتي القدس والديار الفلسطينية محمد حسين، الأمتين العربية والإسلامية بالمساهمة في حماية المسجد الأقصى، واعتبر أن زيارته أصبحت بدرجة الوجوب من أجل إثبات حق العرب والمسلمين في المدينة المقدسة، وأكد حسين، أن حالة المسجد الأقصى والمدينة المقدسة بشكل عام صعبة للغاية، في ظروف الاحتلال الغاشم الذي يحاول طمس معالم التاريخ والحضارة وتغيير الحقائق.

وحث العرب على نصرة الأقصى، مشددًا على أنه لا يكفى وقوف الفلسطينيين وحدهم في الميدان مدافعين عن القدس والأقصى، لأن المعركة شرسة وأكبر من طاقات الشعب الفلسطيني الأعزل الذي لا يملك إلا دمه للدفاع عن المقدسات العربية والإسلامية”.

ودعا مفتي القدس “كل أبناء الأمة العربية والإسلامية إلى أن يكون لهم مساهمات في حماية هذا المسجد، ولو على الأقل من خلال زيارة المدينة المقدسة”، وتابع: “الأمة مسئولة عن حماية هذه المدينة بشتى الطرق المتاحة، ومن يريد أن يأتي فلن يعدم الوسيلة إذا كان يريد ذلك فعليًا”.

حائط البراق

كما رفض خطيب المسجد الأقصى، الشيخ عكرمة صبري، أقوال رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بأن “حائط البراق ليس محتلا”.

وقال الشيخ صبري، إن “حائط البراق هو جزء من السور الغربي للمسجد الأقصى المبارك ولا يمكن للمسلمين أن يتنازلوا عنه”، لافتا إلى أن “عصبة الأمم” (المنظمة الأممية التي سبقت الأمم المتحدة)، أقرت في العام 1930 بأن حائط البراق هو وقف إسلامي وليس لليهود، وأضاف “بالتالي فإن ادعاء نتنياهو بأن هذا الحائط غير محتل، هو ادعاء باطل وفيه مكابرة وغطرسة، فالشمس لا تغطى بغربال”.

وأشار الشيخ صبري إلى أن الحي اليهودي الذي أشار إليه نتنياهو في كلمته، هو حارة الشرف التي كانت قائمة قبل الاحتلال الإسرائيلي لمدينة القدس الشرقية عام 1967، وأضاف “حارة اليهود هي في الحقيقة حارة الشرف نسبة للعائلات التي كانت تقيم فيها منذ مئات السنين، وإن ملكية هذه الحارة تعود إلى العائلات المقدسية ولديهم الحجج والوثائق التي تؤكد ذلك”، وقال “إن قوة الغطرسة لا تكسب اليهود أي حق في ادعاءاتهم”.

المزيد من الاقتحامات

وقد قررت قوات الاحتلال الصهيوني زيادة ساعة صباحية لاقتحامات المستوطنين والسياح الأجانب للمسجد الأقصى المبارك، حيث تصبح من الساعة السابعة والنصف صباحا حتى الحادية عشر قبل الظهر.

ورفضت دائرة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية بالقدس المحتلة بشدة ما أبلغته قوات الاحتلال إيّاها بزيادة ساعة صباحية للاقتحامات.

وقال مدير عام الأوقاف الشيخ عزام الخطيب إن هذا البلاغ للدائرة هو فرض واقع جديد ورضوخًا لليمين المتطرف الذي يحاول زعزعة الأمور في المسجد الأقصى، مؤكدًا أن الحكومة الصهيونية وأذرعها الأمنية تتحمل مضاعفات ما قد ينتج عنه من استفزازات واقتحامات.

وأضاف أن هذا اعتداء على وصاية الملك عبد الله الثاني بن الحسين التي سندافع عنها بكل ما أوتينا من قوة، وأن محاولة “الكيان الصهيوني” العمل على تطبيق التقسيم الزماني والمكاني ستفشل بإذن الله.

وأوضح أن هذا يعبر عن سوء نوايا “الكيان الصهيوني” في محاولة تطبيق التقسيم الزماني والمكاني، وأن هذا القرار تصعيد خطير بحق المسجد الأقصى، ولابد من وقفه.

مخططات طويلة الأجل في محيط الاقصى

وقد شهد العام الماضي ارتفاعا ملحوظا في عدد المخططات الاستيطانية الصهيونية في مدينة القدس المحتلة.

وقالت صحيفة “هآرتس” العبرية، في تقرير لها، إن عام 20166 شهد زيادة حادة في المخططات الاستيطانية التي قدمت وصودق عليها في القدس، ومنذ بداية العام الجاري صودق على بناء 1506 وحدات سكنية (استيطانية) مقارنة مع 775 وحدة في العام 2014 وفقط 395 وحدة في عام 2015″.

وقالت هآرتس إن الاستيطان في القدس، زاد عقب انتخاب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، من دون أن تقدم إحصائيات حول هذا الأمر، وقد عد “مسؤولون صهاينة” فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية كضوء أخضر لإطلاق العنان للاستيطان في الأراضي الفلسطينية، بما فيها القدس، “بسبب ما نقل عن مقربين منه بأنه لا يعارض الاستيطان ويعد القدس عاصمة إسرائيل”.

القدس في عين الخطر

مساحةُ القدس مركز الصراع وبوصلة المسلمين في كل العالم لا تتجاوز 5,6% من مساحة الأراضي الفلسطينية لكنها شهدت ضراوة سياسات المحتل التمييزية أكثر من سواها من المدن والمناطق فمن ذلك وعلى سبيل الذكر لا الحصر: رفع أثمان الأراضي في مدينة القدس، واتباع سياسة هدم المنازل بكثافة، وتطبيق نظام البطاقات الممغنطة كشكل من أشكال التغيير الديمغرافي، ووضع الحواجز العسكرية وجدار الفصل العنصري إذ يضطر أكثر من 154 ألف مقدسي عربي بشكل يومي للدخول للمدينة عبر البوابات والحواجز، وفرض ضرائب مرتفعة ومتنوعة وكثيرة على أهالي القدس منها.

واليوم في القدس يزعم الاحتلال وجود 12 ألف منزل غير مرخص قد يتعرض للهدم في أي لحظة مما يجعل المواطن المقدسي قلقًا على الدوام، كما أن أغلب المقدسيين يعانون من الربو لارتفاع رطوبة البيوت القديمة والتي يقيد الاحتلال تجديدها.

الأمر جلل، والتصريحات العنصرية وتهديد الأقصى لم يعد سرا، فالنائبة الليكودية م.ريغف في مداخلة بالكنيستقالت: لن يطول انتظار اليوم الذي يتوقف فيه نداء “الله أكبر” من المسجد الأقصى، وأصبح هناك معهد يهودي متخصص في إعداد السدنة الذين يفترض أن يديروا الهيكل بعد إقامته على أنقاض الأقصى، وهناك المنظمات الصهيونية كـ “نساء من أجل هيكل” التي تعنى الآن بجمع المجوهرات لتزيين الهيكل بعد بنائه على أنقاض المسجد.

في حين قال الوزير الصهيوني ن.بنات إن “الأقصى مقام على أقدس بقعة لنا ومن حق اليهود وحدهم الصلاة فيه”، في حين رأى الكاتب الصهيوني د. كرلي في كتابه “ملائكة في سماء يهودا”، أن المتدينين سيسيطرون على الجيش وسيدشنون “دولة الشريعة”، وسيدمرون الاقصى، أما الكاتب اليميني، يوآف شورك، إن “هذا هو الوقت المناسب لتغيير الوضع القائم في القدس عبر تفعيل السيادة اليهودية على المسجد الأقصى”.

إلا أن ثبات الشعب الفلسطيني عامة والمقدسيين خاصة وانتفاضتهم الأخيرة لنصرة الأقصى وللمقدسات الإسلامية هو الذي اجبر الباحث الصهيوني ش.بوركفيتش على القول: “بإن ما نقوم به ضد الأقصى قد يفضي إلى القضاء على دولتنا في النهاية”.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن