المشهد الأمني والعسكري وفرص التصعيد مع إسرائيل

المشهد الأمني والعسكري وفرص التصعيد مع إسرائيل

جبهات عدة متوترة، الضفة الغربية تجلس على صفيح ساخن، والجيش الإسرائيلي يحذر من عمليات لخلايا عسكرية للفصائل الفلسطينية في مناطقها، غزة على حافة الانفجار إذا استمر الحصار، وتلكأت إسرائيل في تنفيذ تفاهمات وقف إطلاق النار.

والجبهة الشمالية هي الأرجح لزيادة التوتر نظرا لزيادة النفوذ الإيراني في سوريا واعتباره إسرائيلياً خطرا وجوديا واستراتيجياً عليها.

نتناول الحديث عن عدة ملفات من بينها:

الملف الإيراني والجبهة الشمالية (لبنان، سوريا):

بعثت إسرائيل برسالة تهديد واضحة، إلى لبنان على لسان رئيسها “روفين ريفلين”، بواسطة الرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”، خلال اجتماع معه في العاصمة الفرنسية باريس قبل أيام.

هدد “ريفلين” بعدم السكوت وضرب لبنان، في حال زيادة النشاطات العسكرية الإيرانية في لبنان، محذرا من امتلاك حزب الله صواريخ دقيقة بواسطة إيران.

كررت إسرائيل القصف الجوي على مطار دمشق الأسبوع المنصرم، بزعم وجود أسلحة إيرانية هناك، وبالتنسيق مع روسيا، تواصل إسرائيل العمل العسكري بحرية في سوريا، بهدف تدمير الأسلحة الإيرانية، وابعاد شبح التواجد العسكري من محيطها.

وأعلن الجيش الاسرائيلي مطلع الأسبوع الماضي للمرة الأولى عن مسؤوليته الكاملة للضربات الجوية الاسرائيلية التي استهدفت مجموعة من المواقع الإيرانية على الأراضي السورية ليلة السبت الماضي، ويدور الحديث عن نقطة تحول ملموسة في قواعد اللعبة المتعارف عليها في الساحة السورية، حيث حافظت إسرائيل على سياسة الضبابية في سوريا طوال السنين الماضية.

نعتقد بأن إسرائيل قد هدفت من تبني مسؤولية ضرب المواقع الإيرانية في سوريا إلى إيصال رسائل واضحة من رئيس الأركان الجديد الجنرال أفيف كوخافي إلى القوات الإيرانية والسورية مفادها بأن الجيش سيزيد من حدة ضرباته صوب الأهداف الإيرانية في سوريا خلال الفترة المقبلة، وذلك كوسيلة ضغط على إيران للانسحاب من سوريا، في ظل الاعتقاد الاسرائيلي بأن التواجد الإيراني والشيعي في سوريا يمثل خطرا وجوديا على الأمن القومي الاسرائيلي.

كما نعتقد بأن هناك احتمالية لاندلاع مواجهة عسكرية قريبة بين اسرائيل وسوريا وذلك لعدة أمور من بينها :

1. سيحرص نتنياهو خلال المدى الزمني القريب على الدخول في مواجهة عسكرية، وذلك في ظل استطلاعات الرأي التي تشير بأن حزب الليكود سيخسر أكثر من 5 مقاعد في حال تم تقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو.

2. سيعمد نتنياهو على عرقلة الجهود القضائية لتقديم لائحة اتهام ضده قبل انتخابات الكنيست المقبلة في شهر إبريل المقبل، وخير وسيلة لذلك إدخال الدولة في وضع طوارئ من خلال المواجهة العسكرية.

3. تعتبر الجبهة السورية هي الأنسب من الناحية العسكرية في الفترة الحالية لفتح مواجهة جديدة معها، في ظل إجماع المنظومة الأمنية الإسرائيلية بأن تفاقم النفوذ الإيراني في سوريا وخصوصا بعد استعادة النظام السوري السيطرة الكاملة على البلاد، يشكل خطرا وجوديا على إسرائيل.4

4. قناعة المنظومة الأمنية الإسرائيلية بعدم نجاعة العمل العسكري مع جبهة غزة في الفترة الحالية، وكذلك خوف المنظومة الأمنية من التداعيات الكارثية لفتح مواجهة مع جبهة حزب الله في لبنان.

5. نشر الدفاعات الجوية الإسرائيلية بطاريات القبة الحديدية في حيفا وغوش دان، تخوفا من القصف الصاروخي من سوريا تجاه الأهداف الاسرائيلية.

6. حرص ما يسمى بـ “محور المقاومة” الذي ترعاه إيران وسوريا على تحسين صورتها أمام الجمهور العربي والإسلامي من خلال إعادة توجيه البوصلة نحو إسرائيل، والإثبات للجميع بأن هدفها في المقام الأول من نفوذها وتدخلها في السياسات الداخلية في العديد من دول الشرق الأوسط هو مقارعة “العدو الإسرائيلي”.

على ما يبدو فإن معلومات استخبارية وصلت إلى الجيش الاسرائيلي تفيد بأن إيران تستعد للرد القاسي في حال تجدد القصف الإسرائيلي على أهدافها في سوريا، حيث ستحرص إيران أن يقتصر الرد من الأراضي السورية فقط دون إشراك الجبهة اللبنانية في المواجهة، إضافة إلى إمكانية إشراك الجهاد الإسلامي برئاسة الأمين العام زياد النخالة في هذه المواجهة من خلال إطلاق صواريخ من غزة لتشتيت وإرباك إسرائيل.

الملف اللبناني

شهدت الجبهة الشمالية مع لبنان خلال الأسبوع الماضي حالة من الهدوء والاستقرار في أعقاب إعلان الجيش الاسرائيلي عن انتهاء عملية درع الشمال لتدمير شبكة أنفاق حزب الله الهجومية، إلا أن صمت الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله طوال فترة تنفيذ العملية أثار حفيظة القيادة الإسرائيلية، حيث سلطت وسائل الإعلام الإسرائيلية الضوء على هذه القضية.

حسن نصرالله سيلقي مساء اليوم السبت خطابا سيكسر فيه الصمت الذي ساد خلال الفترة الماضية حيث نعتقد بأن جميع أنظار القيادة الاسرائيلية السياسية والعسكرية والمدنية بما في ذلك وسائل الإعلام ستتجه لمتابعة وتحليل هذا الخطاب الذي سيتطرق فيه لا محالة إلى عملية درع الشمال.

الجبهة الجنوبية (قطاع غزة) :

شهدت الأيام الأخيرة الماضية سلسلة من الأحداث العارضة التي لم تكن في التقدير والحسبان، بدءا من عملية القنص التي أسفرت عن إصابة ضابط برتبة رائد من لواء المظليين، ومرورا بالرد الاسرائيلي الذي استهدف العديد من المواقع الفلسطينية، وما أعقبه من قرار اسرائيل بتجميد دخول الأموال القطرية إلى غزة، وانتهاءً برفض حماس استلام المنحة القطرية بسبب الابتزاز الإسرائيلي الصارخ.

نعتقد بأن الفترة الراهنة مع غزة تعتبر الأكثر توتراً منذ دخول المرحلة الأولى من التفاهمات والترتيبات السياسية، حيث أنه في حال لم تتدخل الوساطات الدولية والإقليمية خلال الأيام القليلة المقبلة لتثبيت الهدوء وإيجاد طرق بديلة لاستكمال المرحلة الأولى من التفاهمات، فإن الانفجار باتجاه اسرائيل هو سيد الموقف الأمر الذي قد يجرنا لمواجهة عسكرية جديدة.

الكرة الآن في الملعب الاسرائيلي، فإذا ما أراد استمرار الهدوء وعدم إجبار المقاومة الفلسطينية للرد العسكري، فعليه تقديم تنازلات جديدة تخدم تثبيت المرحلة الأولى من التفاهمات كإيجاد آلية جديدة لإدخال الأموال، والضغط على السلطة لرفع العقوبات .. ، وباعتقادنا هذا ما سيحصل في ظل عدم وجود رغبة اسرائيلية لإشعال جبهة غزة، في ظل التوتر السائد في الجبهة الشمالية مع سوريا والقناعة الاسرائيلية بأن العمل العسكري مع غزة لن يحقق أهدافاً سياسية ولن يخرج منه نتنياهو بمظهر المنتصر أمام جمهوره، في ظل إدراك و وعي الجمهور الاسرائيلي بأنه من الممكن حل معضلة غزة بطرق سياسية واقتصادية تفي بالغرض وتحول دون وقوع مئات القتلى من جنود الجيش الاسرائيلي.

يبقى خطر التصعيد مع جبهة غزة قائما من زوايا أخرى بعيدا عن القواعد السياسية المعروفة، في ظل المخاوف الاسرائيلية من إقدام الجهاد الإسلامي على إطلاق صواريخ بتعليمات من الأمين العام للحركة المقيم في طهران زياد النخالة، وذلك بإيعاز من إيران في حال اشتعلت الجبهة الشمالية مع سوريا، الأمر الذي يدخل غزة في حلبة المواجهة، وهذا ما دفع اسرائيل إلى نشر بطاريات القبة الحديدية في أسدود وعسقلان، ومستوطنات غلاف غزة، وكذلك هذا ما دفع رئيس الحكومة ووزير الجيش بنيامين نتنياهو إلى توجيه تهديد شديد اللهجة إلى غزة في زيارته التي أجراها قبل أيام بقاعدة شيزفون العسكرية جنوب إسرائيل.

سيناريو آخر يخص قطاع غزة

إسرائيل تدرس بجدية خوض جولة سريعة ضد حماس في الأسابيع القادمة، لعدة أسباب منها:-

كسب المزيد من أصوات المتطرفين من معسكري اليمين في إسرائيل.- كسب المزيد من أصوات سكان مستوطنات غلاف غزة، الذين بدأوا بالمطالبة بضرب غزة وعدم دخول الأموال لها.

– توصيل رسالة واضحة لإيران وحماس والجهاد، بأن إسرائيل مستعدة للرد العسكري خلال فترة الانتخابات.

– إعطاء فرص لرئيس الأركان الجديد، لاختبار قوة وقدرات حركة حماس بقطاع غزة.

– الحفاظ على حالة توازن في ميزان الردع المتبادل مع حماس، واستغلال هذه الجولة لتدمير أهداف نوعية جديدة للذراع العسكري لحماس بغزة.

ملف المنحة القطرية:

بعد مشاورات ومداولات في أروقة اتخاذ القرارات السياسية في إسرائيل، وبعد مد وجزر سياسي، وافق “الكابينت” على السماح بإدخال الأموال القطرية إلى غزة، بناءً على توصيات المنظومة الأمنية الإسرائيلية.

المنحة القطرية أصبحت بالنسبة لنتنياهو بشكل خاص ولبعض الأحزاب والشخصيات الإسرائيلية جزءً من الدعاية الانتخابية، تم استخدامها كذلك، لابتزاز حركة حماس من خلال فرض شروط جديدة على كيفية صرفها وتوزيعها.

إسرائيل التي تتقن فن المفاوضات، فشلت على المستوى الاستخباري من معرفة وتقدير موقف حركة حماس بشأن قبول المنحة القطرية، واعتقدت أن هذه المنحة، ستوفر لها فرصة ذهبية لابتزاز الحركة، وفرض معادلة جديدة عليها، وهي “الهدوء مقابل المال”، لوقف مسيرات العودة.

الملف الداخلي: المعركة الانتخابية أوضحت نتائج أخر استطلاعات للرأي في إسرائيل، تصدر حزب الليكود بزعامة نتنياهو، وحصوله على أعلى نسبة مقاعد في الكنيست، بالانتخابات القادمة وأشارت نتائج الاستطلاعات إلى حصول حزب جانيتس على المرتبة الثانية بعد حزب الليكود، بحصوله على 15 مقعدا في الكنيست.

كما بينت الاستطلاعات أن حزب “يش عتيد” بزعامة لبيد، سيحتل المرتبة الثالثة، بحصوله على 12 مقعدا بالكنيست. وأكدت نتائج الاستطلاعات، تراجع حزب “العمل” وحصوله على 8 مقاعد فقط بالكنيست.

على المستوى الرسمي، لم تبدأ معركة الدعاية الانتخابية، لكن فعليا، بدأت وبشراسة، ويتصدر هذه المعركة مجموعة من الجنرالات السابقين في الجيش الإسرائيلي، بحضور حضور لكل من “بيني جانتس”، وأشكنازي، ومساعي حثيثة لموشيه يعلون، الذي عرض على الوزير نفتالي بينت الشراكة، وخوض الانتخابات في قائمة مشتركة.

ليبرمان سيسعى لكسب المزيد من الأصوات من خلال التركيز على الملف الأمني والقضايا العسكرية، فنصب نفسه ناطقا باسم المنحة القطرية، وهاجم نتنياهو لسماحه بإدخالها.

وسيركز ليبرمان كذلك على ملف غلاف غزة، وتنشيط تحركاته الدعائية بمستوطنات الغلاف، وكأنه يحاول أن يصل إلى الكنيست أو منصب رفيع بالحكومة القادمة على حساب غزة وغلافها.

المستوطنات بالضفة، كان لها مكانة بارزة في الدعاية الانتخابية، فركز وزير الهجرة، يوآف غالانت على تكثيف الزيارات لمستوطنات الضفة الغربية، زاد من نسبة تصريحاته حول مستقبل الاستيطان بالضفة، وقال إنه سيعمل على فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية بعد الانتخابات القادمة.

ملف التطبيع:

للمرة الأولى زار نتنياهو دولة تشاد الأسبوع الماضي، وكانت هذه الزيارة الأولى من نوعها بعد قطيعة استمرت قرابة الأربعين عاما.

حسب وسائل الإعلام العبرية فإن المغرب ستكون محطة نتنياهو المقبلة، وتُجرى الترتيبات لزيارتها، حيث يقوم رئيس مجلس الأمن القومي “مئير بن شبات” بمباحثات سرية لترتيب الزيارة قبيل موعد الانتخابات.

ونتوقع أن يستمر هذا المسلسل من التطبيع العلني مع المزيد من الدول العربية، خلال الأسابيع والأشهر القادمة، ليس بهدف الدعاية الانتخابية الداخلية، لكن بسبب الإقبال والتهافت العربي على التطبيع مع إسرائيل، خصوصا من دول الخليج وشمال أفريقيا.

 

أعد هذا التقرير موقع “عكا” للشؤون الإسرائيلية. الأصل منشور على الرابط هـــــنـــا

 

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن