المعلبات الغذائية.. مواد مسرطنة تباع على مفترقات غزة

المنتج

غزة / آلاء النمر

لا يمتلك سوى ذاك المكان الذي نصب به بسطته وعليها بعض أنواع من المواد الغذائية المعلبة والتي اشتراها بثمن زاهد من أيدي النازحين إلى مراكز الإيواء الذين أذابت قلبوهم تلك الأطعمة متشابهة الطعم والشكل من خلال الإدمان عليها والمداومة على تناولها منذ انتهى العدوان الأخير على قطاع غزة.

الشاب العشريني محمد عرفة والذي يقطن شمال القطاع اتخذ من قارعة طريق الجامعة مكانا له بعد أن قطع المسافة من بيته حتى وصل مكانا حيويا بالطلبة ومدرسي الجامعات والمدارس والعديد من الفئات دون أن يضيره طول الوقوف خلف بسطته التي يعود بها آخر النهار إلى بيته خالي الجيوب سوى من شواقل معدودة بعد أن باع بعض ما عرض من معلبات الفول واللحمة.

بيع المعلبات على مفترقات الطرق باتت ظاهرة لا مفر منها بين شوارع القطاع والتي يرتكن عليها دخل مئات الأسر الفقيرة , والذي أجبر “الرأي” للحديث عن هذه الظاهرة هو مدى صحة المواد الغذائية التي تباع على مفترقات الطرق دون رعاية مباشرة من جهة معينة وذلك من خلال اللجوء لوزارة الصحة وآلية الرقابة من قبل وزارة الاقتصاد ومدى قانونية بيعها من جانب قانوني.

الانتفاخ علامة !!

مسئول الأمن الغذائي بوزارة الصحة الدكتور محمود حميد قال إنه بالنسبة للمعلبات الغذائية والأغذية المغلفة لا تحتاج إلى ظروف خاصة للحفظ ,وعملية تداولها في الأسواق أمر طبيعي ولكن المشكلة بطريقة عرضها على مفترقات الطرق وفي الشوارع الشعبية والعامة مما يزيد من أثرها السلبي من خلال ارتفاع درجة الحرارة ومقابلة أشعة الشمس لها رأسا دون أغطية أو أماكن حافظة.

وأوضح حميد أن المواد الغذائية المغلفة بمواد بلاستكية وتعرضها للهواء الطلق أو تحت أشعة الشمس بشكل مباشر يعمل على حدوث تغيير في المادة الغذائية التي يمكن أن تتفاعل مع مادة البلاستيك ويغير عملية الجودة لإنتاج المادة الغذائية , منوها إلى أن المواد الغذائية الجافة والتي لا تحتاج إلى مواصفات مكانية معينة كالمعكرونة والبقوليات حين ترتفع عليها درجة الحرارة وتمتص المادة الغذائية الماء الموجود بداخلها وبالتالي تسوء المادة الغذائية.

وأكد حميد على أن المعلبات لا تحتاج لمكان دقيق ولكن قد تسوء بعض المعلبات بشكل سريع حين تكن مطلية من الداخل , منوها إلى علامات تعطل بعض المواد الغذائية من خلال انتفاخ العلبة نتيجة تفاعل البكتيريا والفطريات داخل المادة الغذائية المعبئة أو نتيجة خلل في تعبئة العلبة ووجود مساحة لاستيعاب الهواء أو لسبب آخر يكن في رداءة المادة البلاستكية مما يعمل على تفاعلها بشكل سريع مع المادة الغذائية مما يحدث تسمم , ولأسباب أخرى كثيرة ذكرها حميد ولكن اعتبر أي علبة منتفخة عن شكلها الطبيعي تعتبر سيئة ولا يسمح باستخدامها لتحاشي الأمراض والابتعاد عن المعلبات المشبوهة.

واستطرد مدير الأمن الغذائي معقبا على الواقع الفلسطيني انه لا يمكن لوزارة الصحة منع أو ملاحقة أصحاب البسطات والمشاريع الصغيرة من بيع المواد الغذائية على مفترقات الطرق بما أنها تمثل لهم الدخل الأسري البسيط لصعوبة الوضع الذي يحياه أهالي القطاع من حصار .

لا يمكن تجاهلها

وقال مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان عصام يونس إن أهم ما يؤثر في ارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي في فلسطين هو معدلات الفقر المرتفعة الناجمة عن البطالة، والذي يرجع جزئياً إلى القيود الإسرائيلية المفروضة على الوصول والتنقل والحركة، فضلاً عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية والصدمات الاقتصادية التي يتعرض لها الاقتصاد الفلسطيني.

وتابع: “على الرغم من توفر المواد الغذائية في الأسواق الفلسطينية بكميات كافية إلا أن أسعارها مرتفعة، مما يسبب إلى الافتقار في التنوع الغذائي وانخفاض القيمة الغذائية للنظام الغذائي للأسر”.

وقد أظهرت نتائج المسح أن غالبية الأسر الفلسطينية في كلا من الضفة الغربية وقطاع غزة تنفق أكثر من نصف دخلهم على الغذاء.

وأشار يونس إلى طبيعة الواقع الذي يفرض وجود هكذا ظاهرة لا يمكن تجاهلها نتيجة الحصار وتضيق الخناق حول رقاب العائلات والأسر الفقيرة , فضلا عن لجوء الكثير من النازحين إلى تدبير دخل يومي لأطفالهم من خلال بيع المعلبات للباعة .

ويواصل الحصار المفروض على قطاع غزة منذ عام 2007، في تضييق الخناق على الاقتصاد المحلي ويمنع أي انتعاش في القطاعات الأخرى الأكثر إنتاجية. وقد تفاقمت الحالة الاقتصادية سوءاً عام 2013 بعد تقليص تجارة الأنفاق غير الرسمية، مما يعني أن المنتجات المنخفضة التكلفة القادمة من مصر عبر الأنفاق قد استبدلت بالمنتجات الأكثر تكلفة والتي تعبر قطاع غزة عن طريق “إسرائيل” عبر المعابر الرئيسية.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن القيود المفروضة على استيراد مواد البناء شكلت ضغطاً على العمالة، حيث بلغ معدل البطالة 40.8% في الربع الأول من عام 2014، أي حوالي 180,200 شخصاً وهي الأعلى خلال الخمسة سنوات الأخيرة.

ويتزامن استمرار ارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي في فلسطين مع الانخفاض المستمر في تمويل برامج الأمم المتحدة مثل الغذاء، والزراعة، والمال مقابل العمل، والتي ركزت على تقديم المساعدة لمن هم في أمس الحاجة إليها. وهذا أدى بالفعل إلى الحد من تقديم المساعدات لهذه الفئة وقد يؤدي إلى المزيد من انخفاض تلك المساعدات المقدمة في منتصف عام 2014.

بينما تؤثر التقليصات في هذه البرامج الإنسانية الحيوية تأثيراً كبيراً وخاصة مع استمرار الاحتياجات. ومع ذلك، فإن حالة انعدام الأمن الغذائي في فلسطين يمكن تحسينها بشكل مستدام بالتصدي للأسباب الجذرية لهذه الأزمة، مثل الحصار المستمر على قطاع غزة والقيود المفروضة على التنقل والحركة في الضفة الغربية.

رقابة مستمرة

مدير دائر حماية المستهلك بوزارة الاقتصاد رائد الجزار قال أن الوزارة تقوم بدورها الرقابي بشكل دوري على تلك الأنواع من الأغذية المعلبة, مستدركا بأن الاقتصاد لا يمكنها منع أولئك الأشخاص من بيع سلعهم الغذائية بعد أن أصبحت تمثل لهم مصدر دخل بسيط.

وأكد الجزار على أن المواد التي يثبت مخالفتها للقانون الصحي والأمني يتم مصادرتها بعد فحصها والتأكد منها , فضلا عن محاسبة الشخص الذي يقوم ببيعها للعامة ويتم تقديمه للمحاكمة القانونية.

وخلال متابعتها الدائمة قالت وزارة الاقتصاد إن طواقم التفتيش التابعة لها ضبطت خلال العام الجاري 711 طن من البضائع والمنتجات الفاسدة، والتي تنوعت ما بين منتجات محلية الصنع وأجنبية، فضلا عن منتجات المستوطنات الإسرائيلية المهربة.

وأضافت أن المنتجات الفاسدة تنوعت بين المنتجات الغذائية (معلبات وخضار وفواكه) والزيوت، والنفط الخام، والصناعات المعدنية، وبعض منتجات الأخشاب، وعدة أصناف من مواد البناء، مشيرةً إلى أن طواقمها أتلفت 57 طناً من منتجات المستوطنات الإسرائيلية في الأسواق الفلسطينية بالضفة الغربية.

وأوضحت، أن المضبوطات القادمة من المستوطنات تنوعت بين الأغذية والحيوانات الحية، والتبغ والمشروبات، والنفط الخام والمواد ذات الصلة، والزيوت النباتية والحيوانية والدهون والشمع، ومنتجات المواد الكيميائية، والسلع المصنعة، والمعدات وأدوات النقل.

عن وكالة الرأي

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن