“اليرموك” يواجه مخططاً إقليمياً ودولياً لتصفية قضية اللاجئين

الوطن اليوم / وكالات لم يدر في خلد الفلسطينيين يومًا، أن تعود كرّة اللجوء والتشريد مرة أخرى في بلاد لجأوا إليها لحين انجاز مهمة التحرير والرجوع إلى قراهم وبلداتهم، إذ لم تكن هجرة أربعينيات القرن الماضي سوى حلقة من مسلسل طويل بدأت فصوله على يد العصابات الصهيونية وتتواصل اليوم بيد عصابات أخرى يسري على لسانها كلام العرب!.

مخيم اليرموك أكبر مخيمات اللجوء الفلسطيني وما يحلو للاجئين تسميته بـ”عاصمة الشتات”، هو واحد من هذه المخيمات التي تواصل دفع الثمن في أقسى مشاهده، في ظل استمرار مشاهد الموت وتدفق شريان الدم النازف، ومواصلة جز الرؤوس وتعليقها على أسوار المخيم الذي فرغ من 95% من لاجئيه بفعل الحرب الدائرة في سوريا.

وأصبح المخيم بعد عامين من سيطرة تنظيم الدولة بمساعدة جبهة النصرة، مسرحًا للمواجهة بينهما. وبحسب احصائيات شبه رسمية وثقتها مجموعة العمل لأجل فلسطيني سوريا، فإن (1247) ضحية قضت من أبناء مخيم اليرموك منذ بدء الصراع في سورية، فيما بلغ عدد ضحايا الحصار ونقص الرعاية الطبية (186) ضحية.

وتؤكد الاحصائيات ، أن (163) ضحية من أبناء مخيم اليرموك قضوا تحت التعذيب منذ بداية الأحداث في سورية، فيما قضى (86) فلسطينياً على الأقل منذ اقتحام داعش لمخيم اليرموك في شهر إبريل من عام 2014م.

وتشير تقديرات المجموعة إلى أن 5 آلاف مدني، بينهم أطفال ونساء وكبار سن، ما زالوا يعيشون في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب العاصمة السورية دمشق، من أصل مليون شخص كانوا يقيمون فيه.

ولا يزال المخيم يخضع لحصار مشدد من قبل الجيش السوري والجبهة الشعبية -القيادة العامة، إضافة إلى فصائل أخرى تخضع لقرار النظام السوري، بينما يسيطر تنظيم الدولة على 70% من مساحة مخيم اليرموك، منذ اجتياحه للمخيم قبل عامين.

وطبقًا لشهود عيان ، فإن المخيم المحاصر “لا تكفي فيه المساعدات المالية احتياجات المواطنين، مما ينذر بخطورة كبيرة على حياة سكان المخيم في ظل تعطل إدخال المساعدات”.

وأفاد أحد شهود العيان أن الخدمات الطبية، والتي كانت تعمل أساساً بأدنى مستوياتها بسبب الحصار الذي يفرضه النظام السوري، تكاد تكون معدومة، في ظل وجود العشرات من الجرحى نتيجة القصف والاشتباكات المستمرة.

وقال : “لا توجد أية ممرات آمنة لإخراج الجرحى من داخل المخيم، حيث يوجد العشرات منهم ينزفون دون علاج”.  أوضاع قاسية وأكدّ المدير التنفيذي لمجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا أحمد حسين، أن مخيم اليرموك يعيش أوضاعًا إنسانية قاسية، جراء عملية القصف والاشتباكات المتواصلة في المخيم الذي أنهكه الجوع جراء الحصار المتواصل.

وقال حسين : إنّ المخيم يفتقر لأدنى الاحتياجات الأساسية من مأكل ومشرب، حيث أن تنظيم داعش بات يسيطر على نقاط توزيع المياه التي يعتمد عليها الأهالي بشكل كامل بعد انقطاع شبكة المياه عن المخيم قبل 207 أيام”. وأضاف “المواطنون امتنعوا عن النزول إلى الشوارع كي لا يتم استهدافهم وقتلهم خاصة بعد ورود أنباء عن خطف العشرات بين أنصار داعش والنصرة”.

وأشار إلى وجود حوالي 6500 صورة لضحايا قضوا تحت التعذيب في سجون النظام السوري استطاعت المجموعة أن تحصي منهم 78 ضحية فلسطينية بالاسم والتفاصيل، بينما يعتقد أن الأعداد الحقيقية للضحايا أكبر بكثير من الاحصائيات الرسمية، وفق حسين.

وقال: إن مخيم اليرموك على رأس قائمة الضحايا بواقع 1241 ضحية من أبنائه، ثم مخيم درعا 229 ضحية وثالثاً مخيم خان الشيح 142 ضحية، أما عن مسببات الوفاة فإن القصف يأتي أولاً وقد حصد أرواح 1056 ضحية فلسطينية حتى الآن، ثم الطلق الناري 691 ضحية ويليه الموت تحت التعذيب 427 ضحية، ولا يمكن المرور عن 185 ضحية جوع ونقص رعاية طبية بسبب حصار مخيم اليرموك”.

وأوضح أن مخيم اليرموك هو أقسى محطات اللجوء، فبعد تنفيذ سلسلة اغتيالات بحق النشطاء الإغاثيين والسياسيين تمكن تنظيم داعش بالتآمر مع فرع جبهة النصرة في المنطقة من اقتحام المخيم والسيطرة عليه مرتكباً المئات من الانتهاكات بحق المدنيين والنشطاء على حد سواء.

وذكر أن التنظيم تسبب باستهداف المؤسسات الإنسانية وسرقة مخازنها وإيقاف عمل المستشفيات ومحطات توزيع مياه الشرب، فضلاً عن التسبب بنزوح بقية المدنيين لينخفض العدد من 20 ألفاً إلى 6 آلاف فقط.

ولفت إلى وجود تخوف من تسليم مخيم اليرموك للنظام السوري، بعد تسريبات متلاحقة حول إتمام اتفاقية بين النظام وداعش تنص على انسحاب الأخير باتجاه الرقة دون الإفصاح عن مصير المخيم، الذي فقد 185 مواطنًا نتيجة الجوع الشديد، كان آخرهم المسنة نبيلة خطاب.

وقد تسببت القبضة الأمنية المشددة في تهجير حوالي 95% من سكان مخيم اليرموك، إضافة إلى تهجير سكان مخيم الرمل نحو تركيا وأوروبا، عدا عن تفريغ مخيم الحسينية بالكامل من سكانه، بحسب افادة حسين.

حشائش الأرض

ووفق عضو مجموعة العمل من أجل فلسطيني سوريا إبراهيم العلي فإن كل بيت في مخيم اليرموك يعد مأساة، موضحا أن سكانه كانوا طيلة فصل الشتاء يعتمدون على حشائش الأرض لسد رمقهم كالخبيزة أو زراعة الكوسا والملوخية وما يزيد عن حاجتهم يتم توزيعه على الجيران.

وذكر أن حملة الوفاء الأوربية ساعدت العام الماضي في إدخال بعض المواد الغذائية، بحيث تم توزيع سلة غذائية لكل عائلة تكفيهم مدة أسبوع، مشيرا إلى أن الاونروا منذ ستة أسابيع لم توزع أي مساعدات نتيجة لوقوع اشتباكات قرب أماكن التوزيع. وأوضح العلي أن سوء الأوضاع الانسانية داخل المخيم دفع العديد من أبنائه إلى الهروب خارجه من خلال الحالات المرضية التي يساعدها الهلال الاحمر والاونروا بالعلاج خارج المخيم.

وبحسب قوله فإن مخيم اليرموك قبل الثورة كان شريان الحياة لمدينة دمشق وريفها فقد كان يأتيه الناس لشراء الأطعمة والألبسة المختلفة، لكن الأوضاع التي حدثت في سوريا قلبت كل شيء وبات المخيم بحاجة من يجاوره.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن