اونكتاد / الاقتصاد الفلسطيني نصف حجمه الحقيقي بسبب إسرائيل

قالت منظمة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “اونكتاد”، إن الناتج المحلي الإجمالي للأراضي الفلسطينية، كان يمكن أن يكون بسهولة ضعف ما هو عليه حاليا، لولا الاحتلال الإسرائيلي، ولانخفضت معدلات البطالة والفقر بشكل كبير.

جاء ذلك في تقرير لـ”اونكتاد” أعلنت نتائجه، اليوم الثلاثاء، في مؤتمرات صحفية متزامنة في رام الله والقاهرة وجنيف، حول كلفة الاحتلال الإسرائيلي على الاقتصاد الفلسطيني.

وفي وقت قال التقرير إنه لا يمكن وضع تقييم نقدي للمحن الناجمة عن الموت وتدمير الحياة والمجتمع المحلي والثقافة والمأوى والوطن للفلسطينيين، أشار إلىأن الاحتلال الإسرائيلي يستخدم عدة قنوات لحرمان الشعب الفلسطيني من حقه الإنساني في التنمية وتقويض دعائم الاقتصاد الفلسطيني، من بينها: الاستيلاء على الأراضي والمياه وغيرها من الموارد الطبيعية الفلسطينية؛ وتضييق الحيز المتاح لاختيار وتنفيذ السياسات العامة؛ وفرض القيود على حركة الأشخاص والسلع؛ وتدمير الأصول والقاعدة الإنتاجية؛ وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية؛ وتفتيت الأسواق المحلية؛ وعزل الاقتصاد الفلسطيني عن الأسواق الدولية وتبعيته القسرية للاقتصاد الإسرائيلي.

وقال التقرير، الذي عرضت نتائجه، نيابة عن “اونكتاد”، الدكتورة سامية البطمة أستاذة الاقتصاد في جامعة بيرزيت، إن استمرار عملية تقويض دعائم القطاعين الزراعي والصناعي، وإضعاف مساهمتهما في الاقتصاد الفلسطيني، أدى إلى تشويه بنية هذا الاقتصاد، لافتا إلى انه في الفترة من عام 1975 إلى عام 2014، انخفضت نسبة مساهمة قطاع السلع القابلة للتداول التجاري (السلع الزراعية والصناعية) في الناتج المحلي الإجمالي بمقدار النصف، من 37% إلى 18%، بينما تراجعت نسبة مساهمته في العمالة من 47% إلى 23%.

وأوضح التقرير أن المنتجين الفلسطينيين محرومون من إمكانية الوصول إلى المنطقة المسماة “ج” التي تبلغ مساحتها ما يزيد على 60% من مساحة أراضي الضفة الغربية، ومن الوصول لأكثر من 66% من مساحة أراضي الرعي، فيما تشير تقديرات إلى أن احتلال المنطقة “ج” كلف الاقتصاد الفلسطيني ما يعادل 35% من ناتجه المحلي الإجمالي (4.4 مليار دولار في عام 2015).

وفي غزة، يُحرم المنتجون الفلسطينيون من إمكانية الوصول إلى نصف مساحة الأراضي الزراعية، وإلى 85% من موارد صيد الأسماك، بينما تُقدر تكاليف الأضرار المباشرة التي سببتها ثلاث عمليات عسكرية إسرائيلية في الفترة بين عامي 2008 و2014 بمبلغ يساوي على الأقل ثلاثة أضعاف حجم الناتج المحلي الإجمالي السنوي لغزة.

ويحمل التقرير الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية عن “إحداث أزمات دائمة من البطالة والفقر وانعدام الأمن الغذائي، للفلسطينيين، ففي عام 2015، بلغت نسبة العاطلين عن العمل 25% من مجموع سكان الأرض الفلسطينية المحتلة، بينما بلغت نسبة من يعانون من انعدام الأمن الغذائي 66%، في حين وصل معدل البطالة في غزة إلى 38%؛ وبلغت نسبة السكان الذين يحتاجون إلى مساعدة إنسانية 73%.

ولفت التقرير إلى أن معدل البطالة يرتفع إلى 35% في حال عدم توفر فرص عمل للفلسطينيين في الاقتصاد الإسرائيلي، ما يعني أن العمل في إسرائيل والمستوطنات ليس خيارا، إنما إجباري أمام الفلسطينيين.

وفي مجال التجارة، قال التقرير إن التبعية المفروضة على الاقتصاد الفلسطيني للاقتصاد الإسرائيلي، والعجز الهائل في الميزان التجاري، يستنزف الموارد الفلسطينية لمصلحة إسرائيل، بما في ذلك المساعدات الدولية، وتحويلات الفلسطينيين في الخارج، ومداخيل العمال الفلسطينيين في إسرائيل والمستوطنات.

وأوضح التقرير أن التجارة تمثل 77% من الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني، ويكاد هذا الانفتاح ينحصر في إسرائيل، التي تستأثر بنحو 55% من التجارة الخارجية الفلسطينية.

وتشكل الواردات الفلسطينية من إسرائيل 70% من إجمالي الواردات، فيما تشكل الصادرات إلى إسرائيل 85% من إجمالي الصادرات، فيما يمثل العجز التجاري الفلسطيني مع إسرائيل 54% من إجمالي العجز التجاري مع العالم الخارجي.

على الصعيد المالي، قدر “اونكتاد” التسرب الضريبي يبلغ حوالي 305 ملايين دولار سنويا، تشكل 3.2% من إجمالي الناتج المحلي الفلسطيني و17% من إجمالي الإيرادات العامة، ما يكلف الاقتصاد الفلسطيني 10 آلاف وظيفة سنويا.

ولا يشمل هذا التسرب تلك الضرائب التي تجبيها إسرائيل من العاملين الفلسطينيين في اقتصادها.

وقال التقرير انه في وقت تشكل فيه المقاصة الفلسطينية 6% فقط من عمل دائرة الجمارك الإسرائيلية، فإن العمولة التي تجبيها تبلغ 3%، وتغطي ثلث نفقات الدائرة، مشيرا إلى أن تناسب العمولة مع حجم العمل فيما يخص المقاصة الفلسطينية من شأنه الحيلولة دون تسرب 50 مليون دولار سنويا.

وكلفت “اونكتاد” من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بإعداد تقرير حول التكاليف الاقتصادية للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة، ومن المقرر أن يقدم هذا التقرير إلى الجمعية العامة في 13 أيلول الجاري.

وفي المحصلة، قال التقرير إن سياسات الاحتلال الإسرائيلي أدت إلى تدمير منظم للقاعدة الإنتاجية للاقتصاد الفلسطيني، وسلبته الأرض والمياه وموارد طبيعية أخرى، وتفتيت السوق المحلية وفصلها عن الأسواق العالمية، وحصار مشدد على قطاع غزة منذ 2007، وتوسيع المستوطنات، وبناء الجدار الفاصل وإغلاق الضفة الغربية، وعزل القدس الشرقية عن بقية الأراضي الفلسطينية.

ويقترح التقرير، وفقا لما سلّمت به الجمعية العامة للأمم المتحدة في قراريها 69/20 “إنشاء إطار منهجي وقوي وشامل لتقييم التكاليف الاقتصادية المستمرة المترتبة على الاحتلال الإسرائيلي، ويخلص إلى أنه من الضروري دراسة هذه التكاليف وغيرها من العقبات القائمة أمام التجارة والتنمية الفلسطينيتين، من أجل وضع الاقتصاد الفلسطيني على مسار يُفضي إلى تحقيق التنمية المستدامة، والتوصل إلى تسوية عادلة للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي وإحلال سلام دائم في الشرق الأوسط”.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن