بحر غزة.. قبضة الموت التي لا ترحم

بحر غزة.. قبضة الموت التي لا ترحم

غــــزة – عز الدّين الرنتيسي
رفقا بنا يا بحر غزة، يكفينا ما بنا من هموم، رفقاً بمصطافيك الذين تقطعت بهم سبل الحصار ولم يبق أمامهم غير شواطئك لعلهم يستريحوا من عناء مآسيهم وأوضاعهم المتدهورة وينسوا قليلا “أكذوبة” المصالحة ويخففوا عن أنفسهم التي لا تتوقف عن مكابدة واقع مؤلم، فأرجوك لا تنصب لهم الكمائن فكمائن الاحتلال كافية.. أرجوك احرص على حياتهم.

ذلك هو لسان حال سكان قطاع غزة المحاصرين منذ ما يقارب الثمانية سنوات، والذين يكابدون واقعهم المؤلم، فمع دخول صيف 2014 أصبح الغزيون يستقبلون أخبار الغرق المفجعة بشكل شبه يومي، كان آخرها غرق ثلاثة فتيات أمس السبت في بحر السودانية شمال قطاع غزة.

العميد سعيد السعودي مدير عام الدفاع المدني، أوضح أن حصيلة الغرقى في قطاع غزة منذ بداية الصيف وصلت إلى ثمانية حالات، أربعة حالات في بحر غزة، وثلاثة حالات في برك زراعية خارجة عن المراقبة الحكومية، وحالة واحدة في بركة سباحة مرخصة جرى على إثرها إغلاق المسبح إلى حين اتخاذ الاجراءات اللازمة.

وأوضح السعودي، اليوم الأحد، أن جهاز الدفاع المدني أعد خطة توعوية وعملية لاستقبال الصيف والحفاظ على أرواح المواطنين، حيث بدء بتطبيقها في شهر أبريل الماضي لمنع حالات الغرق التي تحصد أرواح الأبرياء نتيجة عدم معرفتهم بأسس السباحة وأوقاتها وأماكنها.

وبيّن أن أطقم الإنقاذ التابعة للدفاع المدني توجهت إلى مكان الحادث الذي وقع أمس والذي أسفر عن وفاة ثلاثة فتيات من عائلة أبو جراد، فور تلقيها نداء الاستغاثة إلا أنها تعرضت وسيارات الإسعاف لإطلاق نار من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي القريب من المكان.

ولفت إلى أن الفتيات كن يسبحن بمنطقة معزولة ممنوع فيها السباحة في أقصى شمال بلدة بيت لاهيا وتبعد 50 مترًا عن الحدود البحرية مع الاحتلال الإسرائيلي والتي لا يسمح بالاقتراب منها على مسافة 2 كيلو متر، ولا يتوفر في تلك المنطقة منقذون ولا أبراج مراقبة نظرًا لقربها من السياج الأمني مع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.

وأشار إلى أن هناك علامات على شاطئ البحر في تلك المنطقة توضح أقصى مكان يمكن السباحة فيه، والتي تأتي إلى الجنوب من المنطقة المعزولة التي كانت تسبح فيها الفتيات.

وناشد السعودي كافة المواطنين للانتباه الجيد والالتزام بالإشارات والعلامات البحرية المنتشرة على امتداد الشاطئ من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب والالتزام التام بتعليمات المنقذين للحفاظ على أرواحهم وأرواح أبنائهم.

وشدد على أن الوقت المسموح فيه للسباحة يبدئ من الساعة 8:00 صباحًا وحتى 8:00 مساء، وهي فترة دوام المنقذين، محملاً الأهالي المسئولية التامة في حال السباحة في أوقات خارج عمل المنقذين.

ولفت إلى أن الدفاع المدني حاول في السنة الماضية منع المواطنين من نزول البحر بعد الساعة الثامنة، ولكنهم تعرضوا إلى صدامات ومشاكل كبيرة مع المواطنين، قائلاً “هم أدرى بحالهم ولن نتصادم مع أحد ولن نخرج أحد من البحر وسنعمل ما علينا من توعية وإرشاد عبر وسائل الإعلام كافة ومن يخالف تلك القوانين فليتحمل مسئولية نفسه”.

وبهذا يلقي جهاز الدفاع المدني بصفته المسئول عن تأمين حياة المواطنين، الكرة في ملعب المواطنين الذين يقومون بمخالفة القوانين والارشادات التي وضعها وأعلن عنها منذ أكثر من شهرين، مؤكداً أنه سيقوم بدوره على أكمل وجه في الأماكن التي حددها.

أما الأهالي المكلومون بفقدان أحبابهم فلا يملكون سوى النظر بحرقة إلى بحر ممتد مرأى البصر، ودموعهم تسيل بصمت على وجناتهم، وقلوبهم يعتصرها اللوعة والألم، يحدثون أنفسهم “ماذا فعلنا بك يا بحر حتى تخطف منا أحبابنا وفلذات أكبادنا؟”.

المصدر: فلسطين الآن

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن