بطريركية الأرثوذكس بالقدس.. ذراع إسرائيلية لتنفيذ مخططات التهويد

بطريركية الأرثوذكس بالقدس

يبدو أن البطريركية الأرثوذكسية اليونانية في فلسطين لا تكترث كثيراً لموجات الغضب الكبيرة ضدها منذ سنوات، بعد الكشف عن دورها في إتمام صفقات مشبوهة؛ وبيع أملاك وعقارات فلسطينية خاصة لسماسرة إسرائيليين وأجانب، لتواصل طريقها كذراع ثانية للاحتلال بدعم مخططات تهجير وتهويد القدس.

الصفقات المشبوهة التي دائماً ما يكون بطلها البطريرك الحالي ثيوفيلوس الثالث، لم تتوقف عند الفضيحة الأخيرة التي كشف عنها في باب الخليل بالبلدة القديمة، وبيع ستة دونمات في باب ساحة برج الساعة في مدينة يافا، ليتم الكشف عن فضحية جديدة لبيع حي في مدينة القدس المحتلة قبل خمس سنوات لشركة استثمارات في الخارج مقابل 3 ملايين دولار فقط.

وأكدت ثلاث وثائق أن البطريركية الأرثوذكسية اليونانية، باعت ستة دونمات في منطقة دوار الساعة في يافا لجهات إسرائيلية، وتشمل عشرات الحوانيت، مقابل مبلغ 1.5 مليون دولار فقط، و430 دونماً في قيسارية، تشمل أجزاءً كبيرة من الحديقة الأثرية والمدرّج الروماني، مقابل مليون دولار.

وتقضي هذه الصفقات بتأجير البطريركية العقارات مدة طويلة، 99 عاماً في غالب الأحيان، لكن بعد انتهاء المدة تصبح العقارات “المؤجرة” ملكاً للجهات التي دفعت ثمنها، كما أن ثمن المباني الموجودة في هذه الأراضي يقدر بمئات ملايين الشواقل.

– خيانة عظمى

التسريبات التي يتم الكشف عنها، ومسلسل فضائح بيع العقارات المستمر للبطريرك الثالث، أثار موجات غضب، وقوبل بضجة كبيرة، خصوصاً في أوساط أبناء الطائفة الأرثوذكسية العربية في الداخل، وكذلك في الأوساط الفلسطينية والأردنية، كما صدرت دعوات بمقاطعة راعي البطريركية الأرثوذكسية اليونانية وإقالته من منصبه.

المطران عطا الله حنا، رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذوكس في القدس، حذر من خطورة التسريبات التي يتم الكشف عنها بقيادة البطريركية الأرثوذكسية اليونانية وبيعها وتأجيرها لمستثمرين أجانب وإسرائيليين، مؤكداً أن ذلك يشكل خطورة كبيرة على المدينة المقدسة بأكملها.

وقال المطران حنا : “ننظر بخطورة بالغة لتلك العقارات التي يتم بيعها لجهات أخرى غير فلسطينية وعربية، وهذا الأمر يعد من أخطر المشاريع التي تستهدف الهوية الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة، ويجب التصدي له بكل قوة”.

وأضاف: “ما يقوم به البطريرك ثيوفيلوس يصل إلى درجة الخيانة العظمى، ويجب على جميع الأوساط الفلسطينية والأردنية أن تتيقظ جيداً لتلك المخططات، ووضع استراتيجية واضحة وسريعة للتعامل مع تلك التجاوزات الآن، خوفاً من أن تكون هناك صفقات أخرى مشبوهة يجري الاتفاق عليها سراً تكون أكثر خطورة”.

وعبر رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذوكس عن رفض طائفته “القاطع لكل مشاريع تهويد المدينة المقدسة عبر بيع وتأجير طويل الأمد لأراضيها الحساسة والهامة لملاك أجانب وجمعيات استيطانية وتوراتية”، مشدداً على أن “ذلك يشكل خطراً على الوجود الفلسطيني والحقوق الوطنية والدينية”.

وفي بيان شدد اللهجة، أكدت القوى الوطنية والإسلامية في مدينة القدس والمجلس المركزي الأرثوذكسي، أن “أراضي الكنيسة العربية الأرثوذكسية هي قضية وطنية بامتياز، ومن يفرط في أراضي الوقف، مسيحية كانت أم إسلامية، هو خارج الصف الوطني، ويعتبر خائناً لوطنه وشعبه”.

واعتبرت القوى الوطنية “ما قام به البطاركة اليونان من بيع وإيجار طويل الأمد لأملاك الكنيسة الأرثوذكسية لجهات مشبوهة تعمل لصالح الاحتلال، يندرج في إطار جرم الخيانة الوطنية، ولذلك فالموقف الشعبي بكل مكوناته ومركباته وأطيافه يقف صفاً واحداً في دعم ومناصرة الطائفة العربية الأرثوذكسية وممثليها”.

 

– تفاصيل الصفقة

وفي تفاصيل الصفقة الأخيرة، قالت صحيفة “هآرتس” العبرية التي كشفت عن تلك العقود، إنها رأت ثلاثة عقود بين الكنيسة وشركات استثمارات خاصة مسجلة في ملاذات ضريبية كاريبية، ما يكشف حدوث الصفقات قبل عدة سنوات مقابل أسعار منخفضة جداً.

وأحد العقود جنوب غربي القدس المحتلة، ويضم 240 شقةً ومركزاً تجارياً، أظهر أنه تم بيع الأرض عام 2012 لشركة “كرونتي” للاستثمارات، المسجلة في جزر العذراء، مقابل 3.3 ملايين دولار.

وبحسب الصحيفة، تم بيع الأرض مرة أخرى بعد خمس سنوات إلى شركة “أورانيم”، المسجلة في جزر كايمان، مقابل مبلغ لم يتم الكشف عنه، فيما اشترت كنيسة الروم الأرثوذكسية نحو 4.500 دونم من العقارات في مركز القدس خلال القرن التاسع عشر، من أجل الزراعة.

وفي خمسينيات القرن العشرين، وافقت على تأجير الأرض للصندوق اليهودي الوطني لمدة 99 عاماً، مع إمكانية التمديد، وحسب الصحيفة ينتهي العقد مع الصندوق اليهودي الوطني في “جفعات أورانيم” بعد 52 عاماً، مضيفةً “أن مالكي العقارات في القدس يخشون من أنهم عند انتهاء العقد سوف يضطرون إما إلى دفع مبالغ مرتفعة لتجديده، أو البيع والمغادرة”.

في المقابل، تم بيع 6 دونمات من العقارات الثمينة المحيطة ببرج الساعة الشهير في يافا، والتي تشمل عشرات المتاجر، عام 2013 مقابل 1.5 مليون دولار فقط لشركة “بونا تريدينغ”، المسجلة في “سانت فنسنت والجرينادين”، وينتهي عقد إيجارها بعد 81 عاماً.

وفي عام 2013، ورد أن الكنيسة باعت الأراضي التي كانت تستأجرها شرطة “قيساريا للاستثمارات” إلى شركة مسجلة في جزر الكاريبي اسمها “بونا” للتجارة مقابل 5.2 ملايين شيكل (143 مليون دولار).

وقالت الصحيفة، إنه يتبين من جميع الوثائق الثلاث أن الجهات التي استأجرت أو اشترت العقارات هي شركات خاصة أجنبية مسجلة في دول تعتبر “ملجأ الضرائب”، التي تتهرب الشركات فيها من دفع ضرائب، وغالباً ما تكون شركات مشبوهة، ولا يمكن الحصول على معلومات حول أصحاب الأسهم في هذه الشركات أو معرفة هوية الموقعين على الصفقات.

– مخطط تهويد وتهجير

من جانبه أكد الدكتور حنا عيسى، الأمين العام للهيئة الإسلامية والمسيحية، أن ما تقوم به البطريركية الأرثوذكسية اليونانية في فلسطين، مخالف لكافة القوانين الإسلامية والمسيحية، وجزء من مخطط لتهويد المدينة المقدسة بأكملها لصالح الاحتلال الإسرائيلي.

وأضاف عيسى : “المجتمع المسيحي بأكمله يرفض بيع أو تأجير ممتلكات الكنيسة الأرثوذكسية للاحتلال الإسرائيلي، وما يتم الكشف عنه من خلال صفقات مشبوهة وسرية مثير للقلق، ويضع المدينة المقدسة بأكملها في خطر حقيقي”.

وأوضح أنهم وجهوا رسالةً عاجلةً إلى الكنيسة الأرثوذكسية تطالب بتزويد اللجنة الرئاسية العليا لشؤون الكنائس في فلسطين بأية معلومات تساعد على كشف الحقائق كاملةً في هذه القضية، “ونحن الآن ننتظر الرد الرسمي”.

وشدد عيسى على أنهم لن يسمحوا بمرور تلك الصفقات، وسيحاولون جاهدين الكشف عنها وعن تفاصيلها بكل الطرق الممكنة وفضحها أمام الرأي العام، ومساءلة ومحاسبة كل الضالعين فيها، معتبراً ما يجري “خيانة عليا للوطن”.

وناشد الأمين العام للهيئة الإسلامية والمسيحية، السلطة الفلسطينية وكل الجهات المختصة بالوقوف صفاً واحداً لحراسة الممتلكات الإسلامية والمسيحية من البيع وتحويلها لمواقع يهودية، لافتاً النظر إلى أن هذه القضية تعد خطوة في طريق تهجير المسيحيين والعرب من الداخل المحتل.

وختم حديثه بالقول: “الممتلكات المسيحية في فلسطين كانت منذ قرون تحت حماية أنظمة الحكم المسيحية والإسلامية المتتابعة، وكان المسلمون لا يتعرضون لها بأي أذى، ولكن اليوم يأبى هذا الاحتلال إلا تهويد هذه الممتلكات والسيطرة عليها، لكونه احتلالاً يقوم على التمييز العرقي والعنصري الذي يستدعي محاربة وطرد كل من هو ليس من ذات العرق”.

وتعتبر البطريركية اليونانية الأرثوذكسية ثاني أكبر مالك عقارات في فلسطين المحتلة عام 1948، لكن حجم العقارات التابعة لهذه البطريركية تضاءل بشكل كبير بسبب صفقات نفذت مع جهات إسرائيلية.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن