جدارية تحيى ذكرى “يوم الأرض” في غزة

7324e3f9a99b9810664a48af447c171f
الوطن اليوم / غزة
 أحيا قطاع غزة اليوم الأربعاء، ذكرى يوم الارض الخالد بإطلاق أطول جدارية في العالم بطول 20300 متر، وعرض 110سم، متخطية بذلك الرقم العالمي المسجل بحوالي 150 مترا.
وحاكت الجدارية، التي حملت اسم “كلنا فلسطين”، تاريخ القدس عبر الحقب التاريخية المختلفة وصولا لنبض الانتفاضة المستمرة حتى الآن، بجانب محطات هامة ومفصلية في نضال شعبنا، واستطاع القائمون عليها تشكيلها على هيئة مجسم ضخم لقبة الصخرة وباب العامود يعد الأول والأضخم من نوعه.
الجدارية التي نفذها ورعاها ومولها مركز نوار التربوي التابع لجمعية الثقافة والفكر الحر، بالتعاون مع مئات الفنانين التشكيليين والهواة من مختلف الأعمار، أسدل الستار عنها، صباح اليوم في ذكرى يوم الأرض، في ساحة الكتيبة وسط مدينة غزة، خلال احتفال وطني حاشد، بحضور كافة القوى الوطنية والاسلامية، ولفيف من الاكاديميين والمثقفين والفنانين والاعلاميين وشخصيات اعتبارية، وممثلين عن المؤسسات الحكومية والخدماتية والاهلية والفنية، وجمهور عريض .
وجسدت الجدارية ملحمة فنية نضالية، تشتم من بين ثنايا بعض لوحاتها رائحة الزعتر والزيتون وخبز الطابون، وتنقلك لوحات أخرى للأجواء الروحية والحياتية المميزة للقدس المحتلة، وتضعك أخرى في قلب المدينة فتشتم رائحة البخور المنبعثة من قناديلها، وتلفح وجهك شالات القماش المعلقة في سوقها، وتأخذك لوحات أخرى في رحلة إلى أعماق الروح، وتقودك إلى أبواب المسجد الأقصى المبارك، وتجلسك على نوافذ قبة الصخرة، وتقرأ ببعضها جانبا من تراث الأجداد وأسلوب حياتهم، وخصوصيتهم التي تميزهم عن الآخرين، لتشكل في مجملها وثيقة فنية تؤرخ لجغرافيا المكان والزمان، وتقرأ فصولاً من التراث الحضاري والإنساني للبيئة المحلية الفلسطينية عبر العصور، وتبرز صفحات مهمة من تاريخ نضال الشعب الفلسطيني وصولا للهبة الجماهيرية في القدس والضفة الغربية. واستطاع الفنانون تجسيد معانى يوم الأرض وحكاية الفلسطيني مع أرضه وتشبته بجذورها، ومقاومته المستميتة لكل محاولات اقتلاعه بشكل فنى مبهر، وبرمزية عالية المضمون.
وقال الفنان ضرغام: “الفن عموما ترجمة لنبض الشعوب بلغة حضارية تفهمها جميع الشعوب، ونحن ترجمنا برسوماتنا نبض الشارع الفلسطيني في تطلعه للحرية وتمسكه وتجذره بأرضه عبر تجسيد ومحاكاة لتاريخ القدس عبر العصور المختلفة”.
بدوره، أوضح الفنان محمد عاشور (25 عامًا) والذى رسم بالتعاون مع زميله الفنان رعد صقر عشرات الأمتار من الجدارية، “بمجرد طرح الفكرة تحمست للمشاركة، لان الفنان ابن لمجتمعه يعبر عن قضاياه وهمومه بشكل فني ابداعي، ومشاركتنا بهذه الجدارية لنقول للعالم إن شبابنا متجذر ويعرف تاريخه جيدا ويناضل بكافة الوسائل من اجل استرجاع ارضه”.
واعتبر زميله صقر بأن مشاركته في هذا الحدث الوطني شكل من أشكال المقاومة ضد الاحتلال، مشيراً الى أنه يقاوم بالفرشاة، لإيصال صوته الى العالم الحر لوقف الاعتداءات الصهيونية التي يتعرض لها الفلسطينيون. من جهتها، بينت المشاركة أبرار الأسطل، أن مشاركتها طريقة تعبير راقية عن الوطن والأرض، ومثّلت فرصةً لمتابعة تجاربها الفنية بما يخدم قضيتها الفلسطينية وحق شعبها بالحرية والاستقلال وإقامة دولته وعاصمتها القدس.
واعتبر شيخ الفنانين الفلسطينيين فتحي غبن، أن الجدارية غنية بصورها ودلالاتها الرمزية، وتصوّر مرحلة هامة من تاريخ القدس عاصمة الدولة الفلسطينية، والحقب التاريخية التي مرت بها، ودعما للمقدسيين المرابطين في المسجد الأقصى المبارك، وتوثيقا فنيا للحق الفلسطيني في ارضه. وحول أسباب استخدام اللونين الأسود والابيض، أوضحت مدير مركز نوار التربوي المشرف على تنفيذ الجدارية نجوى الفرا، بسبب حجم العمل الضخم وتنوع مشاركات الفنانين والهواة واختلاف مدارسهم الفنية، فكان من المهم المحافظة على تجانس الجدارية لتعطى صورة بصرية متجانسة ومريحة للنظر.
وعن المدة التي استغرقت لإنجاز الجدارية ونوعية المشاركات، أوضحت أنها انجزت خلال 4 أشهر تقريبا، وشارك في انجازها اكثر من 300 فنان تشكيلي وهاو من مختلف الاعمار، مشيرة الى أن اكبر المشاركات سنا كانت في العقد السادس وأصغرها طفل بالعاشرة. وعن الصعوبات، قالت: “واجهنا العديد من الصعوبات، مثل التمويل والتنسيق مع الفنانين وايجاد مكان مناسب لعمل ورشات الرسم وغيرها من الصعوبات والتي تغلبنا عليها بفضل الله أولا وبإيمان فريق العمل بالفكرة، والتحدي برفع اسم فلسطين عاليا وباختيار بدائل مناسبة وبأقل تكلفة”.
بدورها، قالت مدير عام جمعية الثقافة والفكر الحر مريم زقوت: هذه الجدارية هي رسالة حضارية من شباب فلسطين للاحتلال وللعالم بفنهم المقاوم، تؤكد ارتباط الفلسطيني بأرضه وامتداد جذوره في أعماقها ورفضه بشكل قاطع فكرة تركها وهو ما حدث في يوم الأرض عام 1976، حيث دافعوا عن أرضهم وتصدوا لمحاولات الاحتلال الإسرائيلي لمصادرتها. وتابعت: “تكمن أهمية هذه الجدارية الأطول في العالم في هذا الوقت بالذات لما تتعرض له القدس من هجمة خطيرة في هذه الأيام، والصمت الدولي واستمرار الانقسام البغيض، لنلقي الضوء من خلالها على الممارسات الإسرائيلية لتهويد الاقصى، وتفريغ المدينة من سكانها الفلسطينيين الأصليين”.
وأكدت زقوت أن هذ التحدي الذى رافق إنجاز الجدارية في ظل مجمل الظروف السياسية والاقتصادية التي يمر بها القطاع، ما هو الا تأكيد على أن شعبنا هو رمز للنضال لكل شعوب العالم التي تكافح من أجل الحرية والعدالة ضد الظلم والاحتلال الذي لم يسرق الأرض فقط “وإنما يحاول سرقة تاريخه وحضارته وثقافته”.
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن