“جرائم لايف” عبر الفيسبوك.. كوارث تكنولوجية بسبب غياب الرادع

الفيسبوك

لم يكتفوا بارتكاب جرائم يعاقب عليها القانون، بل حرصوا على أن ينقلوا جرائمهم إلى العالم؛ عبر بث مباشر من خلال موقع التواصل الاجتماعي الأشهر “فيسبوك”، ما ضاعف من حجم جرائمهم.

وتزامناً مع بدء خدمة البث المباشر التي تتيح للشخص أن يبث تسجيلاً مصوراً على الهواء مباشرة من هاتفه المحمول، فقد بدأ حجم الجرائم التي تم بثّها من مرتكبيها على “فيسبوك” يزايد شيئاً فشيئاً.

بالتزامن مع طرح تساؤلات حول مدى قدرة الموقع على منع بث جرائم العنف بهذا الشكل المتكرر، ورغم تعهد مؤسس الموقع، مارك زوكربيرغ، بعدم السماح بتكرار تلك الحوادث، فإنه فيما يبدو لم ينجح في ذلك حتى الآن.

وحتى الآن، برئت الدول العربية من الإصابة بداء تلك الجرائم، وما زالت بعيدة عن مناطق الجرائم الحديثة تلك.

قتل “لايف”

وكانت الجريمة الأ كثر شهرة عالمياً هي قتل أحد الأمريكيين عجوزاً، بمدينة كليفلاند بولاية أوهايو، وتصوير ذلك بالبث المباشر على “فيسبوك”، ثم انتحار القاتل بإطلاق النار على نفسه بعد الجريمة، ليحرم الكل من الفوز بمكافأة الإرشاد عنه، والتي بلغت قيمتها 50 ألف دولار.

القاتل اسمه ستيف ستيفنس، وهو من ولاية بنسلفانيا، في حين كان القتيل يدعى روبرت غودوين، ويبلغ من العمر 74 عاماً.

وربما كانت جريمة شنق تايلاندي ابنته البالغة من العمر 11 شهراً على سطح مبنى، قبل أن يشنق نفسه، في مقطع فيديو مدته دقيقتان، الجريمة الأكثر قسوة، والتي تم بثها عبر خدمة “فيسبوك لايف” للبث المباشر، وظل صراخ ابنته مطروحاً أمام العالم كله لمدة يوم كامل، قبل أن يُحذف.

التايلاندي القاتل يدعى ووتيسان وونجتالاي، ولا يزيد عمره عن 20 عاماً، وقتل طفلته بعد أن لفّ حبلاً حول رقبتها الصغيرة، وأنزلها من أحد الطوابق العليا في مبنى مهجور.

ولم يتحمل الأب، بالطبع، مواجهة العالم بعد جريمته، فانتحر شنقاً، ليتابع الجميع موت الأب وابنته بشكل مباشر.

كما تم قتل الصحفي الإذاعي لويس مانويل ميديناً في جمهورية الدومينيكان، بالرصاص، بينما كان يقرأ الأخبار مباشرةً على الهواء عبر “فيسبوك”.

وبنفس الطريقة قُتل المنتج والمخرج ليو مارتينيز، الذي كان في غرفة ملاصقة في راديو 103.5 HICC، بينما أصيبت السكرتيرة دايابا غارسيا.

وخلال البث المباشر، سُمع إطلاق نار، بينما صرخت امرأة: “رصاص! رصاص! رصاص!”، قبل أن يوقف البث.

اغتصاب على الهواء

وفي البرازيل تعرضت طفلة في الثانية عشرة من عمرها لاغتصاب جماعي من 4 شبّان، خلال حفل كانوا يحضرونه جميعاً في منطقة “بيكسادا فلومينينزي” بمدينة ريو، ولم يكتفِ الشبان بجريمتهم؛ بل نشروها مباشرة عبر “فيسبوك”.

وفي حي مورو دي باراو الفقير بنفس المدينة، تكرّرت الجريمة مع فتاة في السادسة عشرة من عمرها؛ حيث اغتصبها 3 رجال، ونشروا تسجيلاً لعملية الاغتصاب على موقع التواصل كذلك، إلا أن الشرطة البرازيلية تمكّنت في هذه الحالة من ضبط المجرمين الثلاثة.

وفي 26 أبريل/نيسان 2017، شهدت مدينة أوبسالا السويدية الحكم على 3 شبان بالسجن لمدة عامين ونصف العام؛ بتهمة الاغتصاب، في واقعة بثّها أحدهم على الهواء مباشرة على مجموعة مغلقة بموقع “فيسبوك” تضم نحو 60 ألف شخص.

حيث أُدين اثنان من المتهمين بتهمة الاغتصاب، في حين أدين الثالث بتهمة التشهير. والمتّهمون الثلاثة من مواليد الفترة بين 1992 و1998، كما قضت المحكمة بتعويض الضحية بمبلغ قيمته 330 ألف كورون (34 ألف يورو).

وعلى الهواء تم بث حادثة اغتصاب فتاة في ولاية شيكاغو الأمريكية على يد ستة رجال، وشاهد الجريمة نحو 40 شخصاً.

غضب من “فيسبوك”

ويحاول موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” وقف بث هذه الجرائم، التي وصفها بأنها “حوادث مروعة” ويجب ألا يكون لها مكان على الإطلاق على خدمتها.

وتعاونت الشبكة مع الشرطة الأمريكية في حذف أحد فيديوهات القتل في أمريكا، وذلك بعد مرور 24 ساعة، وربما كانت تلك المدة الأقل التي يتمكن موظفو الموقع من ملاحظة الفيديوهات المسيئة وحذفها.

إلا أن ذلك لم يعجب كل المتابعين، الذين اتهموا الموقع بالبطء في الاستجابة لطلبات الحذف التي ترد إلى الموقع عن وجود فيديوهات عنيفة.

واقترح الباحثون والمطّلعون أن يتم توفير بعض الأدوات أمام المستخدمين للإبلاغ عن تلك الجرائم؛ ومنها “إعطاء أولوية لفحص المقاطع التي يبلّغ عنها المستخدمون بقوة أثناء البث، وتخصيص فريق أكبر لمراقبة ما يتم بثه حول العالم وسرعة الاستجابة لحذفه”.

الأسرة هي الأساس

ومن جانبه يشير الاستشاري النفسي المصري، عثمان الشندويلي، في حديث مع “الخليج أونلاين”، إلى أن “مرتكبي تلك الجرائم ضحايا فساد الأسر، حيث لم يتلقوا رعاية أسرية كافية، فضلاً عن أن عدداً من الأسر، خاصة في الغرب، تعاني فراغاً نفسياً كبيراً، وفساداً في العلاقات بين أفراد الأسرة”.

وأشار إلى أن ذلك “ينعكس على الحالة النفسية للأبناء، خاصة الشباب، ما يدفعهم لارتكاب مثل تلك الجرائم العنيفة والشاذة”.

وأوضح الاستشاري النفسي أن “عدم وجود القدوة داخل الأسرة، بالإضافة إلى الانقياد خلف شهوة سفك الدماء، والتي يتم ترسيخها عبر الأغاني والأفلام والمسلسلات، وقبل ذلك عبر الألعاب الإلكترونية للأطفال، والتي تغذّي روح العنف بشكل مكثّف”.

ويفسر إقدام هؤلاء على بث جرائم العنف عبر “فيسبوك” -بحسب الشندويلي- بأنه “الوسيلة التي يرون أنها الأكثر مناسبة لكي تصل إلى أكبر عدد من المتلقين”.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن