حكم دخول الحرم لأمر مؤقت

1

الوطن اليوم – وكالات – هل يجوز للإنسان أن يدخل الحرم المكى دون أن يكون محرما بحج أو عمرة ؟ .

الجواب : خلاصة الآراء فى هذه المسألة ما يأتى :

الذى يقصد الحجـاز أى المنطقة التى فيها الحرم المكى إما أن يكون مريدا للنسك ، أى الحج أو العمرة ، وإما ألا يكون مريدا لذلك ، كأن يريد زيارة صديق أو قضاء أية مصلحة أخرى .

ولكل حكمه :
ا – فالذى يريد النسك لا يجوز له أن يجاوز الميقات المعروف للقادمين لحج أو عمرة إلا بالإحرام ، ودليله أن النبى صلى الله عليه وسلم وقَّت المواقيت وقال فيما قال : ” هن لهن ولمن أتى عليهن من غيرهن لمن أراد الحج أو العمرة ” رواه البخارى ومسلم عن ابن عباس . بأن جـاوز الميقات بدون إحرام وجـب عليه أن يرجع إليـه ويحرم منه ، فإن لم يرجع وأحرم من مكانه يلزمه دم أى ذبح شاة .

2- أما من لا يريد النسك فهو على قسمين :

(1 ) قسم لا يريد النسك ولا يريد دخول الحرم المكى-والحرم له حدود معينة غير المواقيت

-بل يريد حـاجة فى غيره من المناطق ، كجدة أو المـدينة المنورة مثلا، فهذا لا يلزمه الإحرام ولا يجب عليه شىء فى تركه ، وهذا باتفاق العلماء ، والدليل أن النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه تجاوزوا ميقـات المدينة – وهو ذو الحليفة أو آبار على – أكثر من مرة لغير النسك فى غزوة بدر وغيرها وكـانوا غير محرمين ، ولم يروا بذلك بأسا .

(ب ) وقسم لا يريد النسك ولكن يريد دخول الحرم ، وهذا القسم طوائف :

1 – طائفة تريد دخوله لقتال مشـروع أو للأمن من خـوف ، وهذه الطائفة لا يجب عليها الإحرام ، والدليل ما رواه البخارى أن النبى صلى الله عليه وسلم دخل مكـة عام الفتح ، وعلى رأسه المغفـر. قال مالك : ولم يكـن رسول الله يـومئذ محرما . وكذلك ما رواه مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعليه عمامة سوداء بغير إحرام .
2
– طائفة تريد دخوله لحاجة متكـررة تقتضى كثرة التردد على الحرم ، ومثل العلماء لها بالحطابين ونـاقلى المؤن ومن لـه ضيعة أو تجارة داخل الحرم أو خـارجـه ومثلهم المدرسون والموظفون الذين يخرجـون من الحرم أو يدخلونه عدة مرات . وهذه الطائفة كالطائفة السابقة لا يجب عليها الإحرام عند دخول الحرم ، لأن تكليفهم الإحرام لكل دخول فيه حرج ، والدين لا حرج فيه ، والنصوص فى ذلك كثيرة مشهورة . واستأنسوا بقول ابن عباس : لا يدخل أحد مكة بغير إحرام إلا الحطابين . لكن سند الرواية عنه ضعيف .

3- طائفة تريد دخول الحرم لا لقتال ولا لحاجة متكررة كالطائفتين السابقتين ، وهؤلاء كـالسائحين والزائرين والمكلفين بمهمات مؤقتة .

وفيهم ثلاثة أقوال :

( 1 ) قول يلزمهم الإحرام عند دخول الحرم ، وهو مـروى عن ابن عباس . أخرج البيهقى عنه : ” لا يدخل أحد مكة . إلا محرما ” وإسناده جيـد ، ورواه ابن عدى مرفـوعـا إلى النبى صلى الله عليه وسلم من وجهين ضعيفين . وهذا مذهب أحمد فى ظاهره ، ومذهب الشـافعى فى أحد أقواله .

(ب ) قول يجعلهم كالحطابين وأمثـالهم لا يوجب عليهم الإحرام ، وهو مذهب الشافعى فى قوله الآخر. ومـذهب أحمد فى رواية عنه .
ودليلهم أن ابن عمر رجع من ، بعض الطريق ودخل مكه غير محـرم ، وإذا قيل بسقوط هذا الدليل لأنه معـارض بما ورد عن ابن عبـاس فى لزوم الإحرام قالوا : كان المسلـمون فى عصر النبى صلى الله عليه وسلم يختلفون إلى مكة لحوائجهم ولم ينقل أنه أمر أحدا منهم بإحرام ، كـقصة الحجاج بن عـلاط وقصة أبى قتـادة لما عقـر حمار الـوحش داخل الميقات وهو حلال ، وكان النبى قد أرسله لغرض قبل الحج ، فجاوز الميقات لا بنية الحج ولا العمرة ، فقرره صلى الله عليه وسلم . وقـالوا أيضا : إن الحرم المكى أحـد الحرمين – مكة والمدينة – فلا يلزم الإحرام لدخوله كما لا يلزم لدخول الحرم المدنى . ثم قالوا :
وجوب الإحرام للدخول يكون من الشارع ولم يرد منه إيجاب بذلك على كل داخل ، فيبقى الدخول على الأصل وهو الحل . وهذا القول قواه كثير من العلماء المحققين .

(ج ) قول ثالث لأبى حنيفة وهو التفصيل ، فإن كان من يريد دخول الحرم داخل المواقيت جاز دخوله بغير إحرام ، لأنه يعـد كأنه داخل الحرم نفسه ، وإن كان خارج المواقيت يلزمه الإحرام لدخول الحرم ، كما ذهب إليه أصحاب القول الأول .

هذا عرض لما قيل فى هذا الموضوع ، معاملة من يدخلون الحرم لأمر مؤقت . أو من يخرجون منه لحاجة مؤقتة ثم يعودون إليه -كمعاملة الحطابين وأمثالهم هو ما يؤيده الدليل ويقتضيه رفع الحرج فى الدين . قال ابن القيم فـى زاد المعاد بعد عرض الأقوال : وهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم معلوم فى المجاهد-أى لا إحرام عليه – ومريد النسك – أى فى وجوب الإحرام – وأما من عداهما فلا واجب إلا ما أوجبه الله ورسوله أو أجمعت عليه الآمة .

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن