حلب ليست السودان أو غزة .. ولكنها مقسمة كما السودان ومحاصرة كغزة

قالوا عنها بأنها المدينة التي لا تنام وقالوا عنها أيضاً أنها “صين” الشرق ..وقالوا الكثير فماذا بقي من حلب التي كنا نعرف ؟

خلال زيارتك لها بعد ثلاث سنوات من الانقطاع والغياب سيخيل اليك أنك أما في أفغانستان أو في غزة ربما أو السودان.. هذه هي حلب ..وهكذا أصبحت اليوم …

لا يوجد أي منطقة آمنة في حلب، أو على الأقل لا يوجد أي مربع غير معرّض لقذائف الهاون مئات القذائف التي تنهال يومياً على كافة مناطقها وأكثرها عرضة لتلك القذائف هي الجميلية والحمدانية وسليمان الحلبي وحلب الجديدة وغيرها من المناطق التي بقيت تحت سيادة الدولة السورية .

حلب المقسمة بين شرقية وغربية لا يلزمها اليوم إلا شرطة جمارك وتأشيرة دخول لتصبح دولتين منفصلتين تماماً، أو أنك مضطر لدخول إحدى المنطقتين خلسة أو كما يطلق عليه الأهالي هناك ( تهريب ) قاطعاً مئات الكيلو مترات للوصول

فبعد الحرب الطاحنة التي شنتها “الجبهة الإسلامية” على تنظيم “داعش” استطاع الجيش السوري الاستفادة من ذلك الاقتتال وتقدم ليسيطر على معبر كراج الحجز أو ما كان يطلق عليه اسم ( معبر الموت ) وأغلقه كلياً لوقف التسلل إلى أحياء حلب الغربية بعد أن نزحت آلاف العائلات من مناطق حلب الشرقية إليها نتيجة المعارك بين “داعش” و”الجبهة الإسلامية” لينفصل بذلك شرق حلب عن غربها تماماً .

عدة مناطق يطلق عليها السكان هناك مناطق حدودية أو متنازع عليها (دوار الصاخور – الشيخ خضر – بستان الباشا – أقيل ) . نُشرت قناصة على امتداد هذه المناطق بطول 20 كم وصولاً الى منطقة العوارض في الأشرفية التي تشهد اشتباكات عنيفة يومياً، وفي الجهة المقابلة سليمان الحلبي – الميدان – السليمانية – ميسلون – الحميدية .

مابين تلك المناطق التي ذكرت مناطق محرمة تبدو كمدينة أشباح بعد إغلاق معبر الموت واحتدام المعارك على حدود “الحلبين”، فحين تود الذهاب مثلاً من حي سليمان الحلبي إلى حي الصاخور الذي لا يبعد عنه سوى 5 دقائق مشياً على الأقدام يتوجب عليك قطع مئات الكيلو مترات والتي ستستغرقك لأكثر من 5 ساعات.

والخطة تكون بأن تستقل الحافلة من دوار الموت في الحمدانية لينطلق بك برحلة طويلة سالكاً طريق خناصر- أثريا وصولاً إلى حماة، ومن ثم حافلة أخرى تنطلق بك من حماة على طريق الزربة وصولاً إلى حلب الشرقية

هكذا شرح أحمد (22 عاماً) معاناته في الدخول إلى حلب الغربية والوصول إلى جامعته : “أنا طالب طالب هندسة تقنيات الحاسوب في جامعة حلب ، يبعد منزلي الواقع في حي الصاخور والذي يخضع لسيطرة “المعارضة المسلحة “عن جامعتي حوالي الربع ساعة ولكن بعد أن شُطرت حلب بين “مناطق معارضة ومناطق نظام” توجب علي قطع مئات الكيلو مترات وذلك بأن أسافر إلى حماة سالكاً خط الزربة ثم العودة إلى حلب سالكاً خط خناصر .

يتابع : لا أستطيع العبور من أحد معابر حلب (معبر كراج الحجز أو المعبر المطل من سليمان الحلبي على الصاخور) ، فالقناصة المتواجدون هناك لا يفرقون بين مدني أو عسكري . حُرمت السنة الماضية من تقديم امتحاناتي بسبب قطع هذا الطريق والاشتباكات اليومية التي تدور عليه .

ليس أحمد فقط من يعاني من انتقال ضمن مناطق حلب، فحاله هو حال غيره من السكان ممن لديهم أشغال و مصالح في مناطق مختلفة .

يقول “عطا” والذي يعمل سائقاً لإحدى البرادات : يتوجب علي يومياً نقل بضاعتي من “الشعار” إلى “سوق الهال” في الحمدانية، كنت سابقاً أستطيع الذهاب إلى هناك والعودة أكثر من مرة في اليوم الواحد، أما اليوم وبعد إغلاق المعبر فانا مضطر للسفر إلى حماة والعودة إلى حلب مرة أخرى كي أصل إلى مستودعي ونقل بضاعتي إلى حلب في سوق الهال مرة أخرى أقود شاحنتي لأكثر من سبع ساعات من حلب إلى حلب.

يضيف : “أحياناً أحس أني بالفعل أنتقل بين بلدين مختلفين حين توقفني الحواجز التابعة للجيش السوري أو تلك التابعة للمسلحين، أقف بعض الوقت للتحقيق عن مكان إقامتي، أظن أنه يتوجب عليهم من الآن فصاعداً أن يعطونا جوازات سفر أو أن يحددوا على بطاقاتنا الشخصية إن كنا من شرقستان أو غربستان حلب .

ما عقّد الأمور أكثر هو المعارك التي تدور قرب مداخل حلب ومنها الراموسة فتلك الاشتباكات أدت إلى انقطاع حلب عن باقي المحافظات السورية، الأمر الذي أدى إلى انقطاع طرق الإمداد عن المدينة لتعيش حصاراً أشبه بحصار غزة ،

فالمدينة اليوم تعيش بين شرقية وغربية.. هكذا قسّمت مدينة حلب عبر معبر أطلق عليه الحلبيون تهكماً معبر رفح .

هي ليست السودان وليست فلسطين ..هي حلب ..ولكنها مقسّمة كما السودان.. ومحاصرة كما هي فلسطين.

 

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن