حمزة أبو الهيجاء: الشهيد الذي لم يعرف الخوف

959

عام مضى على رحيله والمخيم مقفر يشتاق إلى وثباته، عام مضى وأفواه الرجال لم تمل تذكر بطولاته، هي حكاية الثورة التي لم تهدأ في صدره.. قبل وفاته كتب: “لقد وطنا أنفسنا على أن نعيش أحرارا عظماء، أو نموت أطهارا كرماء”.. حمزة أبو الهيجا يا زين الرجال.. ارقد بسلام.

“استشهاد حمزة لن يفت من عضد العائلة التي اختارت طريق الجهاد، نحن صابرون، ونعرف تماما الثمن الذي ستدفعه العائلة لسلوك هذا الطريق”.

بهذه الكلمات بدأت “بنان” شقيقة حمزة، نجل القيادي في كتائب القسام الأسير جمال أبو الهيجا حديثها عن الشهيد الذي قالت، إنه “كان صلبا وعنيدا، وطالما حلم بالشهادة، وقد طلبها بصدق فرزقه الله إياها”، مشيرة إلى أنَّ الاحتلال يحاول أن ينتقم من العائلة بكل الوسائل لكنه لن يفلح.

يذكر أنّ الشيخ جمال أبو الهيجاء يقضي حكما بالسجن المؤبد تسع مرات، فيما بترت يده على خلفية دوره القيادي في معركة مخيم جنين عام 2002، وهو معتقل منذ ذلك الوقت، فيما نجله البكر عبد السلام معتقل أيضا، وقد قضى أكثر من 11 عاما في سجون الاحتلال، وكان قد أصيب خلال معركة مخيم جنين.

الاستسلام مُحال

لم يقبل الشهيد حمزة أبو الهيجاء (22 عاما)، وهو المطلوب لقوات الاحتلال وأجهزة السلطة الأمنية معا، الاستسلام لقوات الاحتلال، وأصرّ على المقاومة حتى آخر طلقة بحوزته، مؤكدًا أنّ جنود القسّام لا يسلمون أنفسهم بل يرتقون إلى العلا شهداء مقبلين غير مدبرين.

وروى شهود عيان كانوا في المنطقة التي استشهد فيها حمزة في طلعة الخبر المطلة على مخيم جنين، أنّ قوات الاحتلال التي حاصرت المنزل، طلبت من حمزة تسليم نفسه والخروج من المنزل رافعا يديه.

وأضاف المواطنون أن حمزة بدأ يصرخ بصوت عال لجنود الاحتلال أنه لن يسلم نفسه، وأنه يتمنى الشهادة، ثم بادر بخوض اشتباك مسلح عنيف مع قوات الاحتلال التي شرعت بقصف المنزل بصواريخ حارقة ورصاص من العيار الثقيل.

وأكد شهود عيان لمراسلنا، وقوع إصابات مؤكدة في صفوف قوات الاحتلال حين باغتهم الشهيد حمزة بإطلاق الرصاص بشكل مفاجئ في بادئ الأمر.

وهرعت سيارات الإسعاف الصهيونية إلى المنطقة لنقل الجرحى، في حين أكد المواطنون أن جنديا واحدا على الأقل قتل في الاشتباك وسط انطلاق صيحات التكبير من حمزة وهو يخوض الاشتباك المسلح.

أم لا تلين

وفي مشهد لا يقل بسالة عن مشهد إصرار حمزة على الشهادة كان موقف تقبل والدته أم العبد لخبر استشهاده بعد وصول جثمانه مسجى لمستشفى الشهيد الدكتور خليل سليمان في مخيم جنين.

وكانت والدة الشهيد حمزة “أم العبد” قد نقلت إلى المستشفى قبل ثلاثة أيام بعد تدهور حالتها الصحية؛ حيث تعاني من أمراض مزمنة، وأورام في الرأس، ليأتي إليها خبر استشهاد نجلها المطارد وهي على سرير المستشفى، وسط حضور المواطنين لتستقبل خبر الاستشهاد بكل فخر وتعبر عن اعتزازها بالشهادة والشهداء.

يقول وزير الأسرى السابق المهندس وصفي قبها: “إنَّ الشهيد حمزة مقاتل عنيد رفض الاستسلام لقوات الاحتلال، ولم يكن في ثقافته سوى إحياء روح المقاومة والجهاد في زمن الاستسلام”.

وأكد أن الشهيد حمزة اختار طريق الشهادة مبكرا، وحمل السلاح وهو يضع نصب عينيه “الجهاد إما نصر أو استشهاد”، مستذكرا أنه ينحدر من بيت القائد جمال أبو الهيجاء.

مطارد لأمن السلطة

وكان الشهيد مطاردا لأجهزة السلطة الأمنية التي لاحقته بضراوة خلال الفترة الأخيرة، ونكلت بعائلته في إطار عمليات البحث عنه، وعبثت بمحتويات منزله مرات عديدة، وداهمت منازل أصدقائه، وأصدرت التهديدات بالتعرض له أكثر من مرة إن لم يسلم نفسه.

كما أن الشهيد حمزة تعرض خلال السنوات الأخيرة للاعتقال لدى أجهزة السلطة عدة مرات وتم التنكيل به.

وبدأت قصة معاناة حمزة بعد أن لاحقته أجهزة أمن السلطة متهمةً إياه برفع رايات حركة حماس تضامنًا مع والده الشيخ جمال؛ الذي أضرب عن الطعام فترة مرض الأسير ميسرة أبو حمدية في شباط الماضي، وكذلك المشاركة في فعاليات غاضبة عقب استشهاد أبو حمدية في الثاني من نيسان 2013.

واقتحمت الأجهزة منزل أبو الهيجا عدة مرات وبطرق وحشية، في محاولةٍ لاعتقاله، وفي كل مرةٍ كان سكان المخيم يخرجون للتصدي لأمن السلطة.

وقد جاء الاقتحام الأخير لمنزل الشيخ أبو الهيجاء عشية تحويله مع نجله عبد السلام للتحقيق مجددًا في سجن الجلمة الصهيوني.

تحول حمزة إلى مطاردٍ لأجهزة السلطة، وسرعان ما تم استهدافه من قِبل الوحدات الخاصة الصهيونية بعد عجز الأجهزة الأمنية الفلسطينية عن الإمساك به، يغدو مطلوبًا لجيش الاحتلال وأجهزة أمن السلطة على حدٍ سواء.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن