خريطة التهديدات الإسرائيلية: سورية صغرى وتمدد لـداعش و4 معسكرات متناحرة

لا تبشر خريطة التهديدات التي رسمتها شعبة الاستخبارات الإسرائيلية في جيش الاحتلال (أمان) بخير من المنظور العربي، مع أنّها تحدّد سيناريوهات لمصادر تهديدات أمنيّة كثيرة لإسرائيل. ويصف تقرير التهديدات الأمنية، وفق ما نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت”، أمس الجمعة، حالة العالم العربي بأسوأ ما يمكن، من حيث تفكّك الدول القوميّة في سورية والعراق واليمن وليبيا، من جهة، وغياب لاعب دولي مساند، على الرغم من النشاط الروسي الحثيث للعب دور في إيران وسورية. كما يتطرّق إلى تفاقم الأزمات الاقتصاديّة في دول الربيع العربي، وتعمّق أزمة الفقر بفعل تراجع أسعار النفط، وهو ما يهدّد في حالة السعوديّة، التي باتت تعاني من بطالة بنسبة 30 في المائة، بازدياد أعداد الشباب المهاجر إلى “داعش” والتنظيمات الأصوليّة.

ويتوقّع التقرير أن يُسفك المزيد من دماء المسلمين على أيدي المسلمين، ما سيقود بدوره إلى تسونامي ترتفع أمواجه وتنجرف باتجاه إسرائيل من مختلف الجهات والجبهات. وسيكون على إسرائيل أن ترصد موجات هذا التسونامي أوّلا بأوّل، علماً أنّه سيصيب عملياً شخصاً واحداً بفعل المعركة الانتخابيّة، وهو رئيس أركان الجيش الجديد، الجنرال جادي أيزنكوت. فالانتخابات ستُجرى في شهر مارس/آذار المقبل، والحكومة الجديدة لن تتشكّل قبل أوائل شهر أبريل/نيسان المقبل. وفيما تنتظر إسرائيل حكومتها الجديدة، مع ما يرافق ذلك من تعيين وزير أمن جديد، فإن الزلزال في العالم العربي، والأخطار التي يُحمّلها لإسرائيل، لن تنتظر نتائج الانتخابات ولا العملية الانتخابيّة، وهو ما يزيد من تعقيدات الصورة القاتمة لتقرير شعبة الاستخبارات العسكريّة الإسرائيليّة، وسيكون كل شيء ملقى على عاتق أيزنكوت.

وتشكل حالة تفكك الدول القوميّة الوطنيّة العربيّة إحدى أكثر الملفات التي تأخذ حيزاً في التقرير المذكور. يشير التقرير إلى انقسام ليبيا إلى ثلاث دويلات، والسودان إلى دولتين. ويرصد في حالة سورية واليمن والعراق والصومال تفككاً كلياً، معتبراً أنّ هذه عملية متواصلة من شأنها أن تزحف لتطال دولاً أخرى.

سورية صغرى

يعيد التقرير السنوي حول التهديدات، الإشارة إلى أنّ سورية الكبرى التي عرفناها لم تعد قائمة، والنشاط الدولي المحموم، وتحديداً الروسي ــ الأميركي، يسير باتجاه تسوية بين القطبين، تقوم على إبقاء “سورية الصغيرة” للأسد ونظامه، والمناورة بين باقي “الكانتونات” المتصارعة. وتدخل إسرائيل في المشهد السوري، من خلال “الدعم والمساعدات الإنسانيّة التي قدمتها للمتمردين من أنصار “الجيش الحر”، فهؤلاء، ومنهم من ينتشر على امتداد الجولان، باتوا بمثابة الدرع البشري، ظهورهم لإسرائيل ووجوههم نحو الأراضي السورية يمنعون وصول مقاتلي جبهة النصرة وداعش إلى “هضبة الجولان الإسرائيلية”! أما شمالي القنيطرة، فتساند قرى درزية النظام مدعومة بخلايا لحزب الله.

إيران والاتفاق مع الغرب

ويبدو التهديد الإيراني لإسرائيل، منوطاً وفق تقرير “أمان”، باحتمالات التوقيع على اتفاق مع الغرب بشأن الملف النووي الإيراني. فإذا تمّ التوقيع على الاتفاق، سيكون ذلك سيئاً لإسرائيل، لكنّه مع ذلك، سيتيح لها تقييم وتقدير سلوك حزب الله في المستقبل. وفي حال تعثّر الاتفاق، فمن شأن إيران أن تتجه نحو الأسوأ وتكسر قواعد اللعبة كلياً، في حال عادت قوى الحرس الثوري المناهضة لسياسة حسن روحاني إلى الحكم. عندها ستكون هناك تداعيات فورية، قد تنعكس مباشرة على الحدود مع لبنان، والصراع مع حزب الله، لكن أحداً لا يستطيع التنبؤ بمآلها منذ اليوم.

“داعش” يتمدد

تعتبر شعبة استخبارات الاحتلال أنّ وجود امتدادات “سياسيّة” غير عسكريّة، كما هو الحال في عمان ومعان، يشكّل وجهاً آخر من وجوه تهديد تنظيم “داعش” على إسرائيل. وفي سيناء، أعلن تنظيم “أنصار بيت المقدس”، الذي كان محسوباً على تنظيم “القاعدة”، عن نقل بيعته وتأييده لـ “داعش”. ومنذ ذلك الإعلان، وقيادة المنطقة الجنوبيّة في جيش الاحتلال على أهبة الاستعداد تحسباً من “أوّل عملية” سيقوم بها التنظيم ضدّ إسرائيل من أراضي سيناء. ولا يغفل التقرير تصريحات زعيم “داعش”، أبو بكر البغدادي، عن كون إسرائيل جزءاً من أهداف تنظيمه.

وتواصل التنظيمات الجهاديّة الأخرى، بحسب شعبة الاستخبارات، تقدّمها في كافة أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا، وقد وصلت هذه التنظيمات إلى سيناء وغزة وسورية والعراق والصومال واليمن. كما أنّ أجندة زعيم تنظيم “القاعدة”، أيمن الظواهري، باتت تشمل وتخصّص مكاناً لإسرائيل.

4 معسكرات متناحرة

ترصد إسرائيل وجود أربعة معسكرات متناحرة في الشرق الأوسط. الأول هو المحور الراديكالي الذي يشمل إيران وسورية وحزب الله والجهاد الإسلامي، والحوثيين في اليمن. يحاول هذا المحور حالياً إعادة حركة حماس إلى صفوفه، بعد أن أعلن مسؤولون إيرانيون قبل أسبوعين فقط، عزمهم تقديم الدعم العسري لحماس في الضفّة الغربيّة.

ويشمل المحور الثاني وهو المحور المعتدل، وفق التسمية الإسرائيليّة، الأردن ومصر والسعودية ودول الخليج وقطر التي انضمت أخيراً بعد المبادرة السعوديّة وأعادت علاقاتها مع مصر. وللخطوة الأخيرة تداعيات مهمة لإسرائيل، إذ إنّ من شأنها إبعاد الإيرانيين عن “حماس”، وإعطاء دفعة وزخم لعمليات إعادة إعمار قطاع غزة بالتعاون مع السلطة الفلسطينيّة.

ويشكّل المعسكر الثالث، وفق التصنيف الإسرائيلي، الذراع السياسيّة لحركة الإخوان المسلمين. وتصل أذرع الحركة وتقوم في كل من مصر والأردن وسورية وغزة وإسرائيل (الحركة الإسلامية). ولا تستبعد الاستخبارات الإسرائيلية في هذا السياق، عودة التظاهرات إلى ميادين مصر والأردن.

أما المعسكر الرابع فهو المعسكر الجهادي، ويضمّ كلا من “داعش” / “جبهة النصرة”، وأنصار “بيت المقدس” والتنظيمات التابعة لها. وفيما تتصارع هذه المعسكرات الأربعة في ما بينها، تلعب إسرائيل دور المراقب الذي تصيبه من حين لآخر، بعض الشظايا.

في موازاة ذلك، يشير تقرير “أمان”، إلى تغييرات في مفهوم “العدو” للقوة العسكريّة ومبناها، وعلى رأس ذلك إدراك أهمية الصواريخ والقذائف القصيرة المدى التي أثبتت نجاعتها في العدوان على غزة. وعليه، فإنّ حزب الله من جهة يتزوّد بصواريخ برقان، فيما تقوم حماس باستعادة ترسانتها، وقد تمكّنت من استعادة 30 في المائة من قوّتها الصاروخيّة الأرضيّة.

إلى ذلك، يجتهد كل من “حماس” و”حزب الله”، من أجل تحسين القدرات الصاروخيّة القادرة على إصابة قلب إسرائيل بدقّة، سواء عبر استخدام صواريخ متطورة أو حتى طائرات بدون طيار، والقذائف القادرة على تدمير المباني والممتلكات والمنشآت القريبة من الحدود. وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى ميل واستعداد الطرف الآخر للتوجّه نحو إطالة أمد المواجهة العسكرية، وتوزيع ونشر قواته في أوسع رقعة ممكنة.

ولا يغفل التقرير مخاطر الحرب الإلكترونيّة “سايبر”، وأنّه على إسرائيل أن تكون مستعدة ليوم تستيقظ فيه، لتجد أنّ بناها العسكريّة والمدنيّة على حد سواء، تعرّضت لهجوم “سايبر” ظهرت نتائجها للعيان أخيراً في كوريا الشمالية.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن