خليفة الرئيس محمود عباس… اليوم التالي للرئيس

يَنْشَغِلُ الاعلام الغربي وكذلك الاسرائيلي، بعد اكمال الرئيس الفلسطيني محمود عباس عقده الثامن من العمر ومضي أكثر من عشرة سنوات على رئاسته لمنظمة التحرير ورئاسة السلطة الفلسطينية، في معرفة وتحديد معالم خليفته أو اليوم التالي بعد الرئيس محمود عباس. وفي ظني أن هذا الامر طبيعي في دول العالم الثالث التي تتماها بها الدولة بالنظام السياسي وشخص الزعيم؛ بحيث يطغى شخص الزعيم على مكانة الدولة وسياساتها، وتَفْقِدُ المؤسسات روحها وتحل رغبات الزعيم وحاشيته محلها، وتغيب معه القواعد الناظمة لعلاقاتها الخارجية. أما الحالة الفلسطينية فهي أعقد من ذلك حيث يتطلب الامر فهم كنه العلاقة مع الاسرائيليين ومستقبلها، وكيفية ادارتها للمصالح الدولية المرتبطة بإسرائيل أكثر مما هي مرتبطة بالفلسطينيين.
القضية الاكثر اثارة “تشويقا” المتداولة في وسائل الاعلام هي بورصة الاسماء سواء عن حسن نية لتسليط الاضواء عليها لمعرفة مزايا وعيوب كل منها، أو بناء على معلومات وتقديرات لأوزان الاشخاص المتداولة أو مكانهم في النظام السياسي الحالي، ومدى القرب أو البعد من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وفرص نجاحها وفشلها في الخلافة، أم لسوء نية في محاولة للنيل من اقطاب النظام الحالي والدخول في معارك “جانبية” بينها على الأقل اعلاميا ما قد يُفقد ما تبقى من تماسك لهذا النظام.
تُوقِعُ الاثارةُ هذه وسائلَ الاعلام في مشكلتين رئيسيتين تتعلقان في آليات فهم اختيار الزعيم الفلسطيني القادم، أي الآليات المتبعة وفقا للقواعد الناظمة لعملية التعيين وطبيعة النظام السياسي مزدوج التركيب. والثاني المعرفة في الثقافة السياسية للفلسطينيين ومؤسساتهم الحاكمة في أوقات الأزمة أو الحرجة.
في الامر الثاني، تفيد التجربة الاولى لعملية الانتقال للسلطة بعد الرئيس ياسر عرفات أن المؤسسات الدستورية الفلسطينية الضعيفة استطاعت أن تتحمل هزة كبيرة من هذا النوع باحتكام القيادة الفلسطينية للقانون الأساسي وإعلاء سيادة القانون وعززه من خلال تولي رئيس المجلس التشريعي روحي فتوح رئاسة السلطة الوطنية وفقا لأحكام المادة 37 من القانون الأساسي لفترة ستين يوما، ومبدأ الانتخاب لرئيس السلطة الوطنية. وهي بهذه، في ظني، أنها أسست لمعايير غير قابلة للتراجع على الاقل لدى النخب السياسية الفلسطينية.
الواضح أن الوضع الحالي الأكثر تعقيدا في مسألة الانتقال مما كانت عليه الحالة الفلسطينية عام 2004، بعد رحيل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، فلم يكن هناك انقساما سياسيا بين الضفة الغربية وقطاع غزة، أو منافسا سياسيا حقيقيا لحركة فتح متمثلا بحركة حماس، أو خلافا على شرعية رئيس المجلس التشريعي تاذي من المترض ان يتولى الرئاسة المؤقتة لمدة ستين يوما. لكن هذا الامر  يحتاج الى مفاوضة  لتحقيق مكاسب سياسية أو مصلحية بين الاطراف الفلسطينية المختلفة من جهة، وتحليلا لقدرات الاطراف الفلسطينية المختلفة في التأثير  على تحديد الخليفة في ظل تعقيدات الاتفاقيات الموقعة من جهة ثانية وهذا الأمر ينطبق فقط على رئاسة السلطة الفلسطينية.
أما الامر الأول “المتعلق بآليات اختيار  الخلفية أو من يأتي بعد الرئيس محمود عباس” يفتح المجال للنظر في المناصب الرئيسية التي يتحملها أو يشغلها حاليا. وهي ثلاثة مناصب؛ رئاسة منظمة التحرير الفلسطينية، ورئاسة السلطة الفلسطينية، وزعامة “رئاسة” حركة فتح. ولكل واحد من هذه المناصب آلية محددة لشغلها.

(1)  زعامة حركة فتح
تعد الالية الوحيدة لاختيار زعيم حركة فتح أو رئيسها هي الانتخاب “الاجماع” من المؤتمر العام لحركة فتح الذي يصعب عقده في ظل ظروف ما بعد وفاة زعيم الحركة مباشرة، حيث يحتاج الى ترتيبات متعددة ومركبة ليس اقلها اختيار مكان عقد المؤتمر، وكذلك الخوف من تصدعات نتيجة المنافسة في حال انعقاده مباشرة. ناهيك عن عدم القدرة على التكهن بضمان عقدة. وبالتالي اللجوء إلى السيناريو الاكثر توقعا ان يبقى هذا المنصب شاغرا إلى حين عقد المؤتمر العام السابق على أن يُسير أعمال اللجنة المركزية لحركة فتح أمين سرها “ما يضاهي الامين العام في الاحزاب الاخرى” محمد غنيم ابو ماهر.  وهذا السيناريو الذي طبق عام 2004، حيث بقي هذا المنصب شاغرا الى أن تم عقد المؤتمر العام السادس لحركة فتح في العام 2009. وفي ظني ان رئيس منظمة التحرير سيتولى الزعامة الفعلية للحركة إلى حين انعقاد المؤتمر العام القادم.

(2)  رئاسة منظمة التحرير
يحدد نص المادة 13 من النظام الاساسي لمنظمة التحرير آلية اختيار رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بشكل واضح؛ حيث ينص البند الثاني من المادة 13 للنظام الاساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية على انه “يتم انتخاب رئيس اللجنة التنفيذية من قبل اللجنة” والتي هي تنتخب فقط من قبل المجلس الوطني الفلسطيني وفقا لنص المادة نفسها.  وبهذه الحالة يتم حصر البحث عن خليفة الرئيس محمود عباس لشغل هذا المنصب من بين اعضاء اللجنة التنفيذية من حركة فتح سواء كانوا تحت بند ممثلي الحركة أو مستقلين وهم (صائب عريقات، فاروق القدومي، أحمد قريع، زكريا الاغا).
بهذا الحصر يمكن أيضا استبعاد اثنين منهم؛ وهما فاروق القدومي وزكريا الاغا لأسباب صحية. ما يعني أن المنافسة تبقى منحصرة بين كل من صائب عريقات وأحمد قريع. الاول عضو اللجنة المركزية في حركة فتح وهو أيضا عضوا في المجلس التشريعي الفلسطيني بالإضافة لمهمته على مدار سنوات طويلة في رئاسة مفوضية شؤون المفاوضات. فيما الثاني رئيس المجلس الاستشاري لحركة فتح، وقد تولى مناصب عامة عديدة منها رئاسة الحكومة الفلسطينية مابين عامي 2003 و2006، ورئاسة المجلس التشريعي، وبالإضافة إلى ترأس الوفد الفلسطيني للمفاوضات لسنوات طويلة.

(3)  رئاسة السلطة الفلسطينية
يمثل شغل منصب رئاسة السلطة أكثر  تعقيدا من سابقيه، فهي لا تعتمد على منافسة داخلية يمكن حسمها في اطارها. كما تلعب الظروف السياسية أبعادا مختلفة ومركبة فمن جهة سيطرة حركة حماس بأغلبية كبيرة في المجلس التشريعي، ومن جهة ثانية وجود انقسام سياسي بين الضفة الغربية وقطاع غزة تسيطر حركة حماس على القطاع فيما تسيطر حركة فتح على الضفة بالإضافة الى الخلاف على شرعية شرعية رئيس المجلس التشريعي، ومن جهة ثالثة الترابط والعلاقة مع دولة الاحتلال بواقع الاتفاقيات الفلسطينية الاسرائيلية، ومن جهة رابعة المتطلبات الدستورية والقانونية المتمثلة بإجراء الانتخابات الرئاسية. في ضوء ما سبق، في ظني أمام الفلسطينيين خياران الأول دستوري قانوني والآخر سياسي. الاول مفضل والأخر غير محبب. والأول يتضمن سيناريوهين والآخر سيناريو واحد.

(أ‌)     الخيار السياسي؛ يتمثل هذا الخيار بتولي رئيس اللجنة التنفيذية الجديد رئاسة السلطة الفلسطينية بقرار من المجلس المركزي بالاستناد إلى قرار المجلس المركزي المنشأ للسلطة الفلسطينية الصادر في تشرين أول 1993. يتميز هذا الخيار بأنه سهل الاجراء يحتاج الى عقد جلسة للمجلس المركزي الفلسطيني، وقادر على التعامل مع الاطراف الاقليمية. في المقابل يحمل هذا الخيار “انقلابا” على المشاركة السياسية وتراجعا عن الانتخابات وإرادة الناخبين في اختيار قيادتهم، ويجنح نحو التفرد بالقرار الفلسطيني ويعمق الانقسام.

(ب‌)  الخيار الدستوري والقانوني؛ يتمثل بإجراء الانتخابات الرئاسية وفقا للآجال القانونية المنصوص عليها في القانون الاساسي وقانون الانتخابات؛ بحيث تجرى الانتخابات في غضون ستين يوما من شغور منصب الرئاسة. يتضمن هذا الخيار سيناريوهين، وفي كلتيهما يحتاجان إلى توافق فلسطيني داخلي بين حركتي فتح وحماس بالإضافة الى موافقة دولية وإسرائيلية لإجراء الانتخابات.

السيناريو الاول: تولي رئيس المجلس التشريعي للدورة السنوية للأولى النائب عن حماس عزيز دويك الرئاسة المؤقتة. هذا الأمر يفرض الاجابة على أمرين الاول قدرة حركة حماس على التعامل مع متطلبات هذا المنصب وما تفرضه الاتفاقيات الفلسطينية الاسرائيلية من علاقات شائكة برئاسة السلطة الفلسطينية، وكذلك صعوبة النفاذ الى المجتمع الدولي لتوفير موافقة دولية وضغط دولي لإجراء الانتخابات الرئاسية وفقا للبرتوكول الخاص بإجراء الانتخابات خاصة في مدينة القدس أي إعادة خوض التجربة من جديد لتأكيد حركة حماس على الاحترام أو الالتزام بالاتفاقيات الموقعة وفقا للمطالب الدولية السابقة. ناهيك عن القدرة على ادارة دواليب الادارة العامة في ظل الصراع وغياب الثقة من قبل اجهزة السلطة برئيس السلطة المؤقت، بالإضافة الى ازالة الشكوك الشعبية بعدم رغبة حركة حماس بإجراء الانتخابات في حال تولت هذا المنصب لتحكم السيطرة على السلطة الفلسطينية في الضفة وغزة. هذا بالإضافة الى قراءة مدى قدرة أو رغبة حركة فتح في المغامرة على ترك منصب رئاسة السلطة الفلسطينية لغريمتها حركة حماس.

السيناريو الثاني: يتمثل بعقد دورة استثنائية للمجلس التشريعية بناء على طلب من ربع اعضاء المجلس التشريعي، وفقا لأحكام النظام الداخلي، تُخصص لانتخاب رئيسا للمجلس، وهيئة رئاسة المجلس التشريعي، بالتوافق يضمن أن يكون رئيس السلطة المؤقتة من حركة فتح أو من أعضاء المجلس “الفصائل الفلسطينية الاخرى والمستقلين” تنتهي مهامه مع انتهاء مهمة الرئاسة المؤقتة. هذا السيناريو يفتح مدخلا جديدا لاتفاق عملي حول اعادة تفعيل المجلس التشريعي، وقد يسهل عملية الانتقال ويحد من الضغوط الدولية خاصة على حركة حماس، ويمنع اسرائيل من فرض حصار اقتصادي ومالي بوقف تحويل الاموال الفلسطينية “المقاصة”. في المقابل تجد حركة حماس نفسها أمام ضغط من انصارها لعدم فرض سيطرتها السياسية أو استثمار فرصة تاريخية لفرض سيطرتها، وقد تظهر بمظهر العاجز  سياسيا أمام المواطنين بعدم قدرتها على تولي المسؤوليات أو الهارب عنها ما قد يضر بمكانتها السياسية.

المتنافسون من حركة فتح لرئاسة السلطة
يتعلق ترشح أيا من قادة حركة فتح لمنصب رئيس السلطة الفلسطينية بالاجابة على حسم رئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير من جهة، ورؤية حركة فتح “اللجنة المركزية” للفصل بين منصبي رئاسة السلطة الفلسطينية ورئاسة منظمة التحرير أم الابقاء عليها من جهة ثانية، والطامحين لنيل هذا المنصب أي العوامل الشخصية والمكانة الشعبية لهذا المرشح الطامح من جهة ثالثة، وكيفية رؤية الاطراف على وحدة الحركة  من جهة رابعة. يبدو في الافق ان هناك احتمالان رئيسيين لرؤية وتحديد مرشح أو مرشحي حركة فتح في السباق الرئاسي دون اسقاط خيارات اخرى هي بالضرورة أقل أهمية، لن يتم التطرق لها، في ظل صراع حركتي فتح وحماس على السلطة.

الاحتمال الأول: في حال حسم النقاش بالإبقاء على الجمع ما بين المنصبين رئاسة منظمة التحرير ورئاسة السلطة الفلسطينية، فالأمر في هذا الحال يصبح محسوما في واحد من اثنين هما صائب عريقات وأحمد قريع. هذا الحسم لا يخلو من “مشاغبات” فتحاوية داخلية كترشح مروان البرغوثي للمنافسة كتعبير عن تيار واسع “نشطاء التنظيم في الاراضي المحتلة” يختلف في النشأة والتكوين مع كلا المرشحين لنيل هذا المنصب. لكن قد يتراجع البرغوثي عن ترشحه في اللحظات الاخيرة ويدعم مرشح الحركة الرسمي مثلما حصل في الانتخابات الرئاسية السابقة ما يفسح المجال لرئيس اللجنة التنفيذية ليترشح ممثلا لفتح في الانتخابات الرئاسية. وفي هذا الصدد، سيود  الاعتقاد أن سيناريو انتخابات 2005 سيتكرر مع مرشح فتح.  أي أن الحزب “التنظيم” يستطيع أن “يصنع” الزعيم.

آنذاك أظهرت استطلاعات الرأي في العام 2004 أن الرئيس محمود عباس لم يكن من ضمن المرشحين المحتملين لرئاسية السلطة الفلسطينية؛ ففي سؤال مفتوح للجمهور لاختيار شخصا يرغبون أن يكون رئيسا في استطلاع أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في حزيران/ يونيو 2004 (أي قبل ستة أشهر من الانتخابات الرئاسية التي جرت في 9 كانون أول/ يناير 2005) لم يحصل آنذاك على نسبة 2% من الأصوات. فيما حصل في سؤال حول ترشحه لمنصب نائب الرئيس في استطلاعات الرأي في نفس السنة على 1% في آذار، و3% في حزيران و2% في أيلول. في المقابل وبعد أن أصبح الرئيس محمود عباس مرشح حركة فتح إثر اختياره من قبل المؤسسات الرسمية لحركة فتح “اللجنة المركزية والمجلس الثوري” حصل على 65% من أصوات الجمهور في الاستطلاع الذي أجراه نفس المركز الفلسطيني بتاريخ 31/12/2004. أي أن الحركة استطاعت خلال فترة وجيزة (لا تتجاوز الشهرين ما بين وفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات ونهاية العام) أن تقدم زعيما “جديدا” لها قادر على الفوز بالانتخابات.

من مزايا هذا الخيار  “الجمع بين منصبي رئيس منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية” تجميع الصلاحيات كافة بيد جهة واحدة “شخص” مما يمنع التعارض والتناقض بين السياسات الخاصة بكل من السلطة السياسية العليا الممثلة بمنظمة التحرير الفلسطيني والذراع التنفيذي الممثل بالسلطة الفلسطينية، والصراع على الصلاحيات. في المقابل فإن التجربة الاخيرة للاستحواذ على السلطة أو وضعها لدى جهة واحدة حالت دون التنوع والتعدد، ومنعت مساحات الحرية في الحيز العام أو بمعنى آخر قلصت من المساهمة في الحيز العام.

الاحتمال الثاني: ترشح القيادي مروان البرغوثي في تحدي لمرشح حركة فتح، وفي منافسة مع مرشح حماس أو من تدعمه حركة حماس في الانتخابات الرئاسية. يستند البرغوثي إلى استطلاعات الرأي العام التي تمنحه البرغوثي تفوقا على مرشحي الرئاسة في مواجهة مرشح حماس اسماعيل هنية بفارق واسع؛ ففي الاستطلاع الاخير للمركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية الصادر في أذار/ مارس 2015  يحصل البرغوثي على أغلبية  58%  مقابل 38% لهنية، في حين لو جرت المنافسة بين الرئيس الحالي محمود عباس واسماعيل هنية فإن الاول يتفوق بفارق ضئيل جدا نقطة واحدة على الثاني (48% مقابل 47%). كما يظهر نفس الاستطلاع أن مروان البرغوثي يتفوق على كل من محمود عباس وإسماعيل هنية في حال ترشح ثلاثتهم في السباق الرئاسي؛ حيث يحصل البرغوثي على 37% فيما يحصل محمود عباس على 25% وهنية على 35%.

هذا الاحتمال يعد الأمل الوحيد للبرغوثي للخروج من السجن بضغط من المجتمع الدولي، بعد فشل الافراج عنه في صفقة تبادل الاسرى “شاليط”، وفقدان الامل؛ خاصة مع حكومة يمينية متطرفة في اسرائيل، من الوصول للسلام. وعلى الرغم من ان البرغوثي يمنح حركة فتح فوزا كبيرا على حركة حماس إلا أن موقفه من الترشح قد يضعف الحركة أو يقسّمها وان كان هو “البرغوثي” الاقرب للفوز.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن