دخل أزمات طاحنة.. خبراء: اقتصاد غزة على حافة الانهيار

كرم ابوسالم مواد بناء

منذ 11 عاماً وأزمات قطاع غزة الاجتماعية والإنسانية والاقتصادية تتفاقم بشكل متسارع؛ بفعل الحصار الإسرائيلي المشدد المفروض عليه، واستمرار الخلاف الفلسطيني الداخلي، حتى وصلت أوضاعه إلى حافة الانهيار الكامل، في ظل حالة تشاؤم وقلق كبيرين يعيشها الفلسطينيون مع انعدام الحلول في الأفق.

آمال كبيرة علّقها أكثر من مليوني مواطن على تسلم الحكومة لمهامها في قطاع غزة، والسيطرة على معابره الحدودية مع مصر وإسرائيل، وإحداث انتعاشة اقتصادية أهل غزة بأمس الحاجة لها؛ بعد وصول معدلات الفقر والبطالة إلى أعلى نسبة منذ سنوات طويلة، في ظل تحذيرات أممية عاجلة لإنقاذ القطاع قبل الكارثة.

ما جرى خلال الأيام الماضية كان مخالفاً تماماً لتلك الآمال؛ فالأوضاع الاقتصادية لم تتحسن، بل زادت تأزّماً، والمعابر لم تفتح بصورة طبيعية، وأزمة الكهرباء لا تزال قائمة.

 

ويفرض الاحتلال حصاراً على غزة منذ وصول حركة “حماس” إلى السلطة بعد فوزها بالانتخابات التشريعية عام 2006، حيث أغلق أربعة معابر تجارية، وأبقى على معبرين فقط؛ هما معبر كرم أبو سالم كمنفذ تجاري، ومعبر بيت حانون كمنفذ للأفراد.

وزادت الأوضاع سوءاً وتدهوراً بعد قرارات الرئيس محمود عباس، في أبريل الماضي، بتقليص الدعم الموجه لغزة من الكهرباء، وخصومات على رواتب موظفي السلطة، وإيقاف التحويلات البنكية، في حين تصرّ الحكومة على عدم إدراج غزة ضمن موازنتها السنوية، أو حتى صرف أي أموال للقطاع.

– الكارثة القريبة

خبراء في الشأن الاقتصادي حذروا من وصول قطاع غزة إلى الأزمة والكارثة الكبيرة، وانهيار كافة قطاعاته الاقتصادية والمعيشية قريباً، في ظل الحصار القائم، والانقسام الفلسطيني، وانعدام الحلول العملية والجادة في الأفق.

ويقول عمر شعبان، الخبير الاقتصادي ومدير مؤسسة “بال ثينك للدراسات الاستراتيجية” في حديثه لـ “الخليج أونلاين”: إن “غزة مقبلة على كارثة خطيرة وكبيرة للغاية، في حال لم تتوفر حلول عملية وعاجلة تنقذ اقتصادها من الموت القريب”.

وأضاف: “الحصار المشدد على القطاع تسبّب بقتل كل مظاهر النمو الاقتصادي والمعيشي للسكان، بل وأكثر من ذلك؛ حين وصلت معدلات الفقر والبطالة لأعلى نسبة قد تجرّ القطاع بكل موارده الاقتصادية نحو الهاوية”.

ويشير شعبان إلى أن الحصار كان سبباً في ذلك التدهور، لافتاً الانتباه إلى أن “تواصل تحصيل الإيرادات المالية على معابر القطاع من قبل حكومة الحمد الله، دون إعادة صرفها وضخّها بأشكال أخرى في قطاع غزة، فاقم الأوضاع بشكل أكبر وأخطر سيؤدي إلى كارثة”.

وذكر الخبير الاقتصادي أن حكومة الحمد الله، منذ استلامها القطاع ومعابره بشكل رسمي، قبل أسابيع، بحسب الاتفاق الذي جرى بين حركتي “فتح” و”حماس”، في العاصمة المصرية القاهرة، الشهر الماضي، لم تصرف أياً من الأموال التي تحصلها من قطاع غزة على سكانه، على مستوى الخدمات، أو حتى المصروفات للوزارات، ولم تمارس أي دور لتحسين الوضع الاقتصادي بغزة، ما سيخلق أزمات جديدة وكبيرة.

وأعلنت الحكومة الفلسطينية، في الأول من نوفمبر 2017، تسلّمها كافة أقسام الجباية في معابر قطاع غزة؛ في إطار تطبيق اتفاق المصالحة، الموقع بين حركتي “فتح” و”حماس”، في 12 أكتوبر 2017، بالعاصمة المصرية القاهرة.

– منطقة منكوبة

بدوره أوضح أسامة نوفل، مدير عام التخطيط والبحوث بوزارة الاقتصاد الوطني، أن الحكومة في غزة كانت تجبي شهرياً نحو 20 مليون دولار من قطاع غزة، وتدفع منه رواتب لموظفي القطاع بنسبة 50% من حجم الراتب الكلي، إضافة إلى وجود نحو مليوني دولار كنفقات تشغيلية لوزارات القطاع.

وأكد نوفل أنه بعد توحيد الضرائب وتمكين حكومة الوفاق الوطني من العمل على أرض الواقع، فإن نحو 20 مليون دولار ستذهب مباشرة لخزينة السلطة الفلسطينية.

وأشار إلى أنه حالياً تم إلغاء نسبة 30% تتعلق برسوم التعلية التي فرضتها وزارة المالية بقطاع غزة، ورسوم إذن الاستيراد التي فرضتها وزارة الاقتصاد في القطاع قبل المصالحة الفلسطينية، والـ 70% المتبقية سيتم التعامل معها حال تمكين الحكومة من العمل على أرض الواقع.

وأكد أن أي إعفاء ضريبي يكون في مصلحة المواطن؛ “لأن غزة تعتبر منطقة منكوبة اقتصادياً، ومن ثم فالقطاع الصناعي يطالب بإلغاء الرسوم والضرائب لمدة 5 سنوات لتعويض خسائره والنهوض من جديد”.

إلى ذلك حذّر سمير أبو مدللة، الخبير الاقتصادي، من “تماطل وتجاهل السلطة والحكومة لمسؤولياتهما تجاه قطاع غزة”، مؤكداً أنه “إذا لم تكن هناك حلول عاجلة متمثلة بإنهاء الانقسام ورفع الحصار عن القطاع، وضخّ الأموال، وتنفيذ مشاريع بنية تحتية وخدماتية واقتصادية عاجلة، فغزة ستدخل في النفق المظلم”.

وأضاف أبو مدللة، أن “نسبة البطالة تصل في قطاع غزة إلى 45%، ونسبة الفقر والفقر المدقع إلى 60%، بينما يتلقّى 80% من السكان المساعدات، في حين ما زال 50% من عملية الإعمار لم يتم تنفيذها، فالوضع أصبح كارثياً وبحاجة لتدخّل عاجل من السلطة الفلسطينية”.

وأشار إلى أن “قطاع غزة يعاني من دمار وآثار كارثية لم تنتهِ بعد؛ بسبب الحرب الإسرائيلية، فضلاً عن شح في المواد الخام، ونقص في الكهرباء والوقود والماء، بالإضافة إلى خطوات الرئيس عباس العقابية، وتحصيل الحكومة للجباية بعد تسلّمها غزة، وهناك العديد من التجار الذين وصلوا إلى الانهيار المالي، وشركات أفلست، وقطاعات توقف أعمالها، ومصانع أغلقت أبوابها، وأسواق تنهار”.

وذكر أن كل هذه القضايا “تعطي مؤشرات بأن العام 2018 القادم سيكون مأساوياً على الوضع الاقتصادي”، لافتاً النظر إلى أن “أحد أهم مؤشرات العمل الحكومي المستقبلي في قطاع غزة سيكون واضحاً من خلال الموازنة العامة للعام القادم 2018، التي لم يتحدث عنها أحد حتى هذه اللحظة، ولا يعلم أحد هل أعدت بالفعل أم لا”.

وتابع : “استمرار السلطة في جباية الرسوم على البضائع والسلع على معابر قطاع غزة مع استمرارها من حرمانها من الإنفاق الحكومي، وعدم صرف أي نوع من أنواع السيولة النقدية، وتقليص الرواتب، وإحالة الآلاف للتقاعد، ستنتج في قطاع غزة أسواقاً مدمّرة لا بيع ولا شراء فيها، وستضرب بعمق كل مناحي الحياة”.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن