ذا أتلانتك: الحقيقة المرعبة بشأن تغريدة ترامب حول الزر النووي!

الحرب العالمية .النووي

ترجمة – شهاب ممدوح

عندما نشر الرئيس الأمريكي تغريدة في مساء يوم الثلاثاء يقول فيها إن “زره النووي أكبر وأقوى” من زر الزعيم الكوري الشمالي النووي، وإن “زري يعمل!” بعكس زر المكتب الذي هدد “كيم يونج أون” باستخدامه ضد الولايات المتحدة خلال كلمة ألقاها في رأس السنة، أُصيب مرتادو تويتر بطبيعة الحال، بحالة قلق شديدة.

تساءل الناس عما إذا كانوا قد أُصيبوا بحالة هلوسة، أو ما إذا كانوا سيقضون لحظاتهم الأخيرة وهم “يقرأون تغريدات تويتر أثناء تساقط القنابل النووية”. كما غرّد مسؤول سابق في إدارة أوباما قائلا “الناس مرعوبون بشأن الاختلال العقلي لرجل (ترامب) بإمكانه قتل ملايين الناس من دون أخذ إذن من أي أحد”. بعيدًا عن الأمور التقنية الخاصة بتباهي ترمب (ترامب لديه حقيبة نووية، وليس زرًا نوويًا)، سنجد ان القائد العام يجاهر بصورة عشوائية على وسائل التواصل الاجتماعي بشأن الدخول في حرب باستخدام الأسلحة الأشد فتكًا في العالم، وذلك بعد مشاهدته على ما يبدو لمحطة فوكس نيوز. لقد تحدّى ترامب الرئيس الكوري “كيم يونج” بأن يثبت أن “زرّه النووي” يعمل وذلك عبر، على سبيل المثال، اختبار صاروخ يحتوي على رأس نووي حقيقي فوق المحيط الهادئ، وهو السيناريو الذي سيزيد بصورة كبيرة من احتمالات شنّ الولايات المتحدة هجومًا على كوريا الشمالية، وفقا لما قاله لي مؤخرًا العضو الجمهوري في مجلس الشيوخ “ليندزي جراهام” المقرّب من ترمب.

لكن هناك حقيقة مزعجة تكمن خلف حالة الفزع تلك: ترامب ذكر، بأشدّ المصطلحات خشونة، ما كان يذكره المسؤولون الأمريكيون لعقود. لقد جادل “كيم يونج أون” أن قدرته على ضرب الولايات المتحدة بأسلحة نووية، ستثني الولايات المتحدة عن شنّ حرب ضد كوريا الشمالية. من جانبه، بدا أن ترامب يذكّر “كيم” أنه من الأفضل له ألا يفكر في إطلاق ضربة نووية- إذ أن مخزون السلاح النووي لدى أمريكا يتفوق على مخزون كوريا الشمالية، وأن الولايات المتحدة لا تخشى استعماله. لقد كانت تغريدة ترمب المكوّنة من 280 حرفًا بمثابة ردع نووي. إن ما يجعل تلك التغريدة مخيفة، هو خلوّها من أي تجريد او تلطيف.

في عام 1958، لم يسخر الخبير الاستراتيجي العسكري “بيرنارد برودي” من القوة النووية الصاعدة في وقتها، روسيا، عبر التغريد “زرّي يعمل”، لكنه كتب أن الردع في العصر النووي يعمل وفق “مقياس متدرج” إذ يوفّر أي سلاح نووي فعّال ردعًا كبيرًا، وأن “أقصى حدّ ممكن من الردع” يتطلب “تفوقًا حاسمًا على العدو”. عندما انتهت الحرب الباردة، لم توص لجنة تابعة لوزارة الدفاع بأن تتمحور سياسة الردع الأمريكية على مبدأ “أنا أيضا أملك زرّا نوويًا”. لكنها أعلنت أن “الشعور الحقيقي بالخوف يكمن في قوة الردع الفعّالة” وأن الولايات المتحدة ينبغي عليها أن تبلغ خصومها بعبارات غامضة أنها “قد تصبح غير عقلانية وانتقامية في حال تعرّضت مصالحها الحيوية للهجوم”.

لقد أثنت تلك اللجنة على “بيل كلينتون” لإبلاغه الكوريين الشماليين أنهم لو استخدموا الأسلحة النووية، “فسيكون ذلك نهاية بلدهم”. سواء كان جون كيندي، أو رونالد ريجان، أو باراك أوباما على رأس الحكم في الولايات المتحدة، فإن الرؤساء الأمريكيين دأبوا على الحديث بشغف، ليس بشأن “ضخامة وقوة” الأسلحة النووية الأمريكية، ولكن بشأن وجود حاجة، كما قال كينيدي، لتدمير تلك الأسلحة الحربية “قبل أن تقوم هي بتدميرنا”. يشير المسؤول السابق عن مراقبة الأسلحة “روبيرت جوزيف” إلى أنه بالرغم من انخراط كل الرؤساء الأمريكيين منذ عهد ترومان في جهود الحدّ من انتشار الأسلحة النووية، إلا أنهم جميعا “سعوا للاحتفاظ، على حد تعبير جون كيندي، بقدرة نووية عسكرية ’لا تضاهيها قدرة أخرى‘”. لقد كان هناك دوما تقليد قديم يؤمن به الحزبان مفادة أن “زري النووي أكبر وأفضل من زرّك”، أو على أقل تقدير، زري كبير وفعّال مثل زرّك.

لقد أخبرنا وزير الدفاع “جيمس ماتيس” في تصريح له امام الكاميرات في البيت الأبيض وليس عبر تويتر:”أي تهديد ضد الولايات المتحدة أو أراضيها… أو ضد حلفائنا سوف يُقابل برد عسكري ساحق… نحن لا نرغب في تدمير أي بلد بشكل كامل- تحديدا كوريا الشمالية، لكن، كما ذكرت، لدينا خيارات كثيرة للقيام بذلك” . بينما يقول الجنرال في سلاح الجو الأمريكي “بول سيلفا” إنه “ليس هناك بديل عن القيام برد نووي مدمّر” بواسطة قاذفات أمريكا النووية، وصواريخها البالستية العابرة للقارات، وصواريخها التي تطلق من الغواصات، وذلك لردع ضربة عسكرية أولى يشنّها أعداء الولايات المتحدة. ويضيف الجنرال أن يتوجّب تحديث هذا الثالوث النووي باستمرار، إذ أن “الردع لا يختلف في القرن الحادي والعشرين عما كان عليه في القرن العشرين أو القرن التاسع عشر، أو القرن الأول قبل الميلاد- لو آذيتني، فسأؤذيك بشكل أسوأ. وانا أملك الادوات لفعل ذلك، وإن لم تصدقني، فجرب أن تتجاوز الخط الأحمر”.

لقد أنشأ البنتاغون مؤخرا موقعًا مصغرًا مخصصًا بالكامل لتلك المواضيع. وفي أحد الفيديوهات المصوّرة المنشورة على ذلك الموقع، أكدّ قائد العمليات النووية في الجيش الامريكي “جون هايتن” على أن “الردع الاستراتيجي، يبدأ من القدرات النووية”.وأضاف “قواتنا النووية يجب أن تكون جاهزة في كل الأوقات لتوفير قدرة الردع الأوّلية” وذلك بينما كانت صور الصواريخ والغواصات والطائرات، ومفاتيح الإطلاق، تومض عبر الشاشة. لو أن ترمب نشر تغريدة تقول “أنا أيضا أملك ردعًا استراتيجيًا، وقواتنا النووية جاهزة دومًا لتوفير قدرة الردع الأوليّة!”، لما كان قد نشر كل هذا الرعب على تويتر. ولما كان جوهر رسالته قد تغيّر كثيرا.

حتى إشارة ترمب إلى الزرّ النووي الأسطوري- الرئيس الأمريكي يملك سلطة غير مقيّدة لحد كبير في إصدار أمر باستخدام الأسلحة النووية- لها جذور في نظرية الردع. وكما كتب المؤرخ “أليكس ويليرستين”، فإنه “بالرغم من أن الضباط المسؤولين عن إطلاق الأسلحة النووية ليس من المفترض بهم تنفيذ الأوامر بطريقة آلية (في الواقع، قاومت الولايات المتحدة دوما فكرة أتمتة عملية الإطلاق بشكل كامل) إلا أنه في حال توقف هؤلاء الضباط عن توجيه أسئلة حول مدى شرعية الأوامر التي صدرت لهم، فإنهم بذلك سيعرّضون مصداقية الردع النووي الأمريكي للخطر”. إن نهج ترمب الخشن والعدواني وغير المتوقع في ممارسة السياسة الخارجية-وخاصة عندما يتعلق الأمر بمواجهة برنامج كوريا الشمالية النووي- دفع العديد من الأمريكيين للتفكير فيما لا يمكن تصوّره، ومواجهة السياسة النووية الأمريكية بصورة مباشرة.

في هذا الخريف، على سبيل المثال، عقدت لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس جلسة استماع هي الأولى منذ 41 عامًا بشأن سلطة الرئيس على الأسلحة النووية. وخلال تلك الجلسة، قال العضو الديمقراطي “إيد ماركي”، والذي قدم قانونًا لمنع الرئيس من إصدار أمر بتوجيه الضربة النووية الأولى من دون أعلان حرب يصدره الكونغرس: “دونالد ترمب يمكنه إطلاق الشفرات النووية بنفس السهولة التي يستخدم بها حسابه على تويتر”. ويضيف العضو أنه “لا ينبغي أن يملك فرد واحد مطلقًا هذه السلطة”.

لقد ذكرت “باتريس فين”- وهي ناشطة تطالب بإزالة الأسلحة النووية- شيئا مماثلاً قبيل قبولها بجائزة نوبل للسلام في العام الماضي. حيث أخبرتني بما يلي “لو كنت لا تشعر بالارتياح إزاء فكرة وجودة الأسلحة النووية تحت سلطة ترامب، فأنك بذلك ربما لا تشعر بالارتياح تجاه الأسلحة النووية، لأن هذا يعني أنك تدرك أن الردع لن يصمد دائمًا، وأن الأمور يمكن أن تسير بشكل خاطئ”. وتضيف باتريس قائلة “بمجرد أن تبدأ في التفكير بان ’هذا الشخص مناسب لهذا السلاح، وليس الشخص الآخر‘، فربما هذا يعني ان المشكة تكمن في السلاح نفسه”.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن