حكومة اسرائيل القادمة: متدينون ومستوطنون وقوميون متعصبون

نتنياهو

رام الله / وديع عواودة – بعد فرز أصوات جنود الاحتلال ثبت عدد مقاعد الحزب الحاكم في إسرائيل على 30 مقعدا، فيما حاز حزب «ميرتس» اليساري على مقعد إضافي (5 مقاعد) على حساب المقعد الرابع عشر للقائمة العربية المشتركة. وشارك في انتخابات الكنيست العشرين، 4.25 مليون صاحب حق اقتراع الغي منها 43,869 لمخالفات. وبلغت نسبة المشاركين بعملية الاقتراع 72.3%وهي النسبة الأعلى منذ 15 عاما ولدى المواطنين العرب ناهزا الـ 70 % حازت المشتركة على نحو 90 % من أصواتهم لكنها فقدت مقعدها الرابع عشر لصالح “ميرتس” بعد فرز أصوات الجنود.

تراجع عن استقالة

وأعلنت رئيسة ميرتس “زهافا غالؤون” عدولها عن استقالتها من الكنيست بعدما حاز حزبها على مقعد إضافي. وأعلنت غالؤون أول من أمس عن استقالتها متحملة مسؤولية تراجع حزبها من ستة مقاعد لأربعة.

وقبيل الانتخابات نشرت على الفيسبوك أن نجاح ميرتس هو نجاح للجميع لكن فشله فيها هو فشلها هي بالأساس وعندئذ ستبادر لخطوات ملائمة ملمحة لاستقالتها.

وأكدت في بيانها أنها ماضية في رفع راية السلام والعدالة والمساواة ومحاربة العنصرية ومواجهة حكومة اليمين. وقبل أن يعلن رئيس إسرائيل رؤوفين ريفلين المسؤول عن تكليف أحد رؤساء الأحزاب لتشكيل الحكومة القادمة شرعت هذه الأحزاب اتصالاتها ومشاوراتها قبيل بدء مفاوضات رسمية مع الحزب الفائز الليكود.

ورغم هزيمته في الانتخابات وتراجعه من 15 مقعدا إلى 6 مقاعد فقط يصّر حزب يسرائيل بيتنا  برئاسة وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان على إسناد حقيقة الدفاع له. ونقلت الإذاعة العامة عن مقربين من ليبرمان قوله إن نتنياهو وعده بحقيبة الدفاع التي يشغلها موشيه يعلون (الليكود) منذ عامين. ولا يملك نتنياهو الكثير للتهرب من مطلب ليبرمان المحرج فهو مضطر أن يوزع حقائب مهمة ومركزية على شركائه الائتلافيين لا على أعضاء حزبه لتعلق حكومته المقبلة بهم.

تقاسم الوزارات

ومن المؤكد أن تمنح حقيبة المالية لموشيه كحلون رئيس الحزب الصاعد «كلنا». وفي حال فاز ليبرمان بطلبه المشتهى فإن رئيس البيت اليهودي وزير الاقتصاد نفتالي بينيت سيطالب بوزارة الخارجية رغم أن قوته تراجعت من 13 مقعدا إلى ثمانية مقاعد ما دفع رسام الكاريكاتير البارز غاي موراد لنشر كاريكاتير في يديعوت أحرونوت يظهر فيها نتنياهو ساحرا بيده منشار وقد قطع نفتالي بينيت الممدد على طاولة لنصفين. ويبدو أن بينيت يرغب بالخارجية في إطار إعداد نفسه لمشروع رئاسة حكومة بعد خروج نتنياهو من الحلبة السياسية.

ويطالب قادة الليكود بحقائب اقتصادية- اجتماعية وربما من أجل القيام بإصلاحات يلبون فيها مطالب الإسرائيليين بتخفيف غلاء المعيشة.

ويوم الأحد سيبدأ رئيس إسرائيل رسميا المشاورات مع رؤساء الأحزاب قبيل قراره بتكليف أحد قادتها لتشكيل الحكومة يوم الأربعاء المقبل، ويبدو نتنياهو الخيار الوحيد لهذه المهمة بعد فوزه الكبير. ويفترض أن يشارك رؤساء الائتلاف الحاكم الجديد (67 مقعدا) في بلورة مبادئه وهم قادة الليكود، والبيت اليهودي ويسرائيل بيتنا وشاس ويهدوت هتوراة وكلنا.

ورغم الارتفاع الملحوظ ما زال عدد النساء المنتخبات للكنيست في 2015 أقل من الربع( 29 مرأة غثنتان منهن عربيتان حنين زعبي وعايدة توما مقابل 27 امرأة في البرلمان السابق) والحزب الأكثر تمثيلا للنساء هو «المعسكر الصهيوني» (8 نساء).

مخاطبة الغرائز

ومع هبوط غبار المعركة الانتخابية تدريجيا بدأت جهات كثيرة محاولة قراءة النتائج وأسباب نجاح « الليكود» بتجاوز «معسكر الصهيوني» في الأيام الأخيرة من الانتخابات. ويستدل أن نتنياهو استطاع كسب عطف الإسرائيليين باستراتيجية الترغيب ومخاطبة الغرائز واستغلال الأجزاء العنصرية السائدة ضد العرب. وسبق أن فعل نتنياهو ذلك من خلال التشكيك بيهودية معسكر اليسار في حديث له مع الحاخام الأكبر في منازلته لشيمون بيريز وتفوقه عليه في 1996. هذا علاوة على تصوير نفسه ضحية تآمر الصحافة وطبقات النخب الغربية وتدخل دول أجنبية. ويبدو أن تحذيراته من تدفق الناخبين العرب على الصناديق من أجل التصويت للقائمة المشتركة وإسقاط حكم اليمين عند ظهر يوم الانتخابات خلقت أجواء حالة طوارئ تسببت برد فعل دفع الكثيرين من اليهود الشرقيين المترددين لحسم أمرهم ومنح الثقة لليكود لا سيما أنهم يتهمون وبحق اليسار الصهيوني بالاستعلائية والاستخفاف بهم.

وقالت هآرتس في افتتاحيتها ان نتائج الانتخابات أوضحت انتصار اليمين بشكل واضح، مشيرة إلى أنه يمكن لنتنياهو تشكيل حكومته القادمة بمشاركة احزاب اليمين المتطرف والمتدينين وموشيه كحلون، دون ان يحتاج إلى أحزاب من معسكر اليسار الوسط. وسيعتمد الائتلاف الجديد على وعد نتنياهو بعدم قيام دولة فلسطينية وعدمالانسحاب من الأراضي الفلسطينية.

كما ان تصريحه العنصري في يوم الانتخابات عن العدد الكبير من المصوتين العرب الذين يصلون إلى صناديق الاقتراع يبشر بأن حكومته المقبلة ستواصل تطرفها بل ستعزز الخط المعادي للديمقراطية الذي قادته حكومته السابقة.

وترجح «هآرتس» أيضا ما يتوقعه قادة المشتركة  بأن تواصل حكومة نتنياهو استكمال سن قانون «القومية» الذي توقف في الكنيست السابقة، وستعمل على تقييد حرية التعبير ونشاط جمعيات حقوق الانسان، التي وصفها نتنياهو بالمتآمرة والمتعاونة مع العدو.

ويتوقع القيام بتدابير قمعية وتطهير اليسار من المؤسسات الأكاديمية والثقافية المرتبطة بالتمويل الحكومي، كما انعكس ذلك في تدخل نتنياهو في لجان التحكيم لجوائز إسرائيل. وستتعاظم ملاحقة طالبي اللجوء الأفارقة .

ولذا حذرت من غوص المعسكر الديمقراطي في الحزن والكآبة جراء الهزيمة الحارقة ودعته لمواصلة المعارضة بقوة ونادت رئيس إسرائيل لرفع صوته ضد الاعتداءات على الديمقراطية..

هزيمة 15

من جهته يرى المعلق البارز اري شبيط أن الشعب قال كلمته والانتخابات كانت حرة، سرية ومستقيمة، واتهم الصحافة بالانحياز ضد اليمين. ورغم ذلك، فإن الغالبية حددت في قرار ضد التيار، بأن نتنياهو سيكون رئيس الحكومة المقبل وان الليكود سيكون الحزب الحاكم ،وان الاحزاب الدينية والقومية المتعصبة ستكون جزءا لا يتجزأ من السلطة.

واعتبر ما جرى تمردا في الانتخابات، ليلة من المفاجآت، تتوج نتنياهو كقيصر . في المقابل يشاطر اري الكثير من المراقبين في إسرائيل، مخاوفهم من أنها على موعد مع تحديات دولية قاسية ولذا يرى أن نتائج الانتخابات كارثة. ويعلل ذلك بالقول «كانت أمام إسرائيل فرصة لحرف المقود في اللحظة الأخيرة، قبل اصطدامها بكتلة جليد اللاشرعية، لكنها قررت الاصطدام بها. كانت هناك فرصة لمنع مواجهة سياسية شعبية على الجبهة الفلسطينية، لكن إسرائيل اختارت المواجهة. بعيون مفتوحة اختارت العمى، وبرأي واضح اختارت النشوة.

ويربط اري بين نتائج الانتخابات وبين الحروب الإسرائيلية. ويقول إنه عندما تسفك الدماء هنا سيحدث ذلك لأن الغالبية الجديدة القديمة اختارت عدم رؤية الفلسطينيين والمستوطنات والاحتلال. ويضيف عندما ستضربنا العقوبات، سيحدث ذلك لأن الغالبية الإسرائيلية الجديدة القديمة، تنكرت لروح العصر. ما حدث هنا هو هزة أرضية. ويتابع يكفي النظر إلى تركيبة الكنيست الجديدة: ربع اعضائها فقط يمثلون احزابا ديمقراطية، تلتزم بالديمقراطية بشكل كامل. ويكفي النظر إلى تركيبة الحكومة المرتقبة: متدينون،مستوطنون، وقوميون متعصبون.

هذا هو الأمن أيها الأحمق

في المقابل يرى زميله المعلق العسكري البارز عاموس هارئيل أن الانتصار الواضح، المفاجئ بقوته لبنيامين نتنياهو والليكود في انتخابات الكنيست لا يمكن نسبه، كما يفعل اليسار ووسائل الاعلام فقط لتحليلات لتطورات الأيام الأخيرة، كالقول إن ما حدث هو «انتخاب قبلي» او «حملة تخويف» من جانب اليمين. ويؤكد أن النتائج شبه النهائية تعكس توجها طويل السنوات، وراسخا عماده أن الجمهور الإسرائيلي يميل إلى اليمين بشكل واضح.

ويبدو هارئيل أقرب للحقيقة بقوله إن الاستنتاج الرئيسي،المعقول، من النتائج، هو انه رغم انشغال الجمهور ووسائل الاعلام الواسع بالمصاعب الاقتصادية والفجوات الاجتماعية، فإن الواقع الأمني هو الأساس.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن