ربيع غزاوي قد تحدثه أزمة إزالة سوق فراس الشعبي

ربيع غزاوي قد تحدثه أزمة إزالة سوق فراس الشعبي

غزة – مرفت عوف

قرار إزالة سوق “فراس” الشعبي قد يحدث “ربيع غزاوي” كما يقول التجار وأصحاب المحلات في هذا السوق، فبعد ستة شهور وهي المدة التي حددتها بلدية غزة مؤخرًا سيتم نقل أكثر من 350 محلا تجاريا يعتاش منها أكثر من 8500 أسرة فلسطينية  إلى سوق الحرية الشعبي الواقع قرب ملعب اليرموك وسط مدينة غزة والتي تعتبر منطقة “ميتة” اقتصادية.

سوق فراس الذي يعتبر معلم من معالم مدينة غزة التاريخية، ويقع في منتصف شارع عمر المختار بقلب المدينة ، تعتبره بلدية غزة مكرهة صحية يجب إزالتها، فكما ذكر رئيس بلدية غزة مكي أن ما مساحته 15 دونما من أصل 33 دونما من سوق فراس مهملين لا يتم الاستفادة منهم والعائد منهم ما يقارب الـ10 ألاف دينار ، لذا قررت البلدية إقامة مشروع سيعود باستثمار قيمته 15مليون دولار.

ويقول التجار الذي يؤكدون أن المكان” اليرموك” والوقت ” الحصار” لا يسمحان بمثل هذا المشروع الآن ، وقالوا إنهم تفاجئوا بالإعلان عن توقيع اتفاقية لإنشاء مشروع جديد في المنطقة هدفها إزالة المكرهة الصحية وتطوير المنظر الحضاري للمدينة.

فرق تسد

شكل أصحاب المحال في هذا السوق لجنة لتمثليهم، واختير أشرف الجرجاوي رئيسا لهذه اللجنة، هذا الرجل تمتلك أسرته محل لبيع اللحوم في سوق فراس منذ الولاية المصرية على غزة.

ويقول الجرجاوي :” إن البلدية تفاوضت معهم فقط حول مطالبهم في السوق الجديد”، مستنكراً على هذا المشروع إزالة جزء منه والبقاء على جزء آخر ، مؤكداً أن هذا يتبع سياسة “فرق تسد “،مضيفا :”  نحن في السوق متحدين ، خاصة أن البلدية ربطت الأمر بالإسمنت الممنوع عن غزة ، رغم إعطائنا موعد لرحيل !!

ويضيف الرجل التي تجولت في سوق فراس أن الهدف هو إقامة مول كبير مخصص لطبقة الغنية بغزة وذلك باستثمار 40 مليون دولار.

ويصر الجرجاوي على أنهم لن يتحركوا من السوق ما دام السوق البديل غير جاهز وغير مناسب، ويطالب بالإزالة التامة لسوق فراس ، وإقامة سوق في منطقة مناسبة يكون شعبي لجميع المستويات ، ومرتب ونظيف وببنية تحتية جيدة ، وبه موقف لسيارات . ويضيف :” نحن مع الاستثمار ، لكن لم نسمح بأن يكون هذا على حساب لقمة عيشنا “.

لماذا جزء فقط ؟

سيتم إزالة 15 دونما تشمل سوق الخضار الموجود على شارع عمر المختار أما باقي السوق سيكون في مرحلة ثانية لم يتم الاتفاق عليها كما قالت البلدية . أما سوق الحرية الشعبي البديل فيتوقع أن يضم 60 -100 محل مخصصة للملابس والخضار والفواكه واللحوم والأسماك والمجمدات في مرحلته الأولى، على أن يُضاعف عدد المحلات مع نهاية المشروع إلى 400 محل.

المستثمر الذي التقي بأصحاب المحال التجارية وترفض البلدية الكشف عن هويته أخبرهم ر بأنه لن تتم عودتهم إلى سوق فراس.

ويوضح عماد الجاروشة “صاحب بقالة” أنه  لا اعتراض لديهم على التطوير والاستثمار ، لكن يستدرك بالقول إن الظروف صعبة عليهم كأصحاب محال وباعة وعلى الزبائن.

ويعقب الرجل على كون السوق لن يزال بالكامل ويتسأل :” من سيأتي للشراء منا في اليرموك وهنا سيبقي تجار تلبي كافة الاحتياجات “.

وقال إنه يسأل زبائن هل ستأتون لشراء من اليرموك فيجيبون :”  ما دام هنا متوفر السمانة واللحوم والخضار لسنا مضطرين لنذهب لليرموك كونها منطقة بعيدة ولا يوجد بها رصيف ، ولا جاهزية بها “.

و يشدد الرجل على إصرار التجار على عدم الخروج من سوق “فراس” ما دام الوضع غير مضمون في اليرموك.

منطقة ميتة

منذ أربعين عامًا ومحل عائلة “فودة “لبيع خضار قائم في سوق فراس ، فقبل بضعة سنوات سلم الرجل محله لأبنائه ومنهم خميس ، خريج كلية الاقتصاد قسم المحاسبة ، يقول هذا الرجل :” منذ تخرجت وأنا لا أجد إلا هذا المكان للعمل والآن أنا مهدد بسحبه منى والمجازفة بمستقبل أبنائي الخمسة لأني البلدية تريد أن  تستثمر على حسابنا “.

ويتابع القول إن الإطاحة بسوق فراس هدفه مصلحة مستثمر وبلدية فقط والنتيجة إلقائهم كتجار وباعة في منطقة ميتة كاليرموك، متسائلاً ” كيف سيأتي المواطن إلى السوق بجانب مكب نفايات يشتري طعام ؟!”.

ويستنكر تكرار المأساة عندما قررت البلدية افتتاح سوق الحرية الشعبي قبل بضعة أعوام وتم عمل مخططات فقط  هي عبارة عن  مربعات مرسومة على الأرض ، وقال إن تجربتهم مع البلدية لا تبشر بأي التزام كما حدث في هذه التجربة.

ويحذر من ربيع جديد قد يحدث بسبب أزمة سوق فراس في  قطاع غزة . وقال :” يجب على المسئولين أن  ينظروا إلى صمودنا برحمة وليس بظلم جائر “.

ويجد سلمان عطا الله ، صاحب محل خضار  في سوق فراس نفسه مضطرًا لاستكمال الحديث عن زميله فيقول :” الوقت غير مناسب لمثل هذا المشروع ، الحصار والبطالة تكبل كل شيء في البلاد ، فكيف يتم المخاطرة ونقل السوق في هذا الوقت “.

ويتابع الرجل الحديث بحرقة :” المستثمر والبلدية يريدان مصلحتهم المادية ، ونقلنا إلى منطقة ميتة اقتصاديا كاليرموك دمار علينا”. مضيفا :”  منطقة اليرموك لن ينجح فيها السوق ، أنا ابن شارع اليرموك وأعي ما أقول ، هذا المشروع يعني مص دمائنا وقوت أبنائنا “.

إشكاليات ولكن

بدوره، يؤكد أمين سر المجلس البلدي حسن أبو شعبان  أنه سيتم إزالة السوق ونقله إلى منطقة اليرموك ويفترض أن يتم تسليم الموقع للمستثمر خلال ستة شهور من الآن ، وذلك تمهيدا لإقامة مجمع تجاري كبير .

ويقول أبو شعبان لـ”الاقتصادية” إن منطقة اليرموك جاهزة بشكل نسبي الآن لاستقبال التجار والباعة لكنه يستدرك القول:” الأمر ما زال يحتاج إلى ترتيب وإعداد و البلدية ستقوم مع المستثمر بتجهيز المكان وإعداد أماكن خاصة لنقل الدكاكين الجاهزة مع تأمين المرافق الجاهزة سواء كان المياه أو الكهرباء أو موقف سيارات وإضاءة “.

وفي معرض رده على تأكيد الباعة والتجار على عدم أهلية المنطقة “اليرموك” لإقامة سوق في يقول أبو شعبان :” هذه هي المنطقة المتاحة ، وهي ليس بعيدة واشكاليتها تتمثل فقط في قربها من مكب للنفايات”، لكنه يري في كون السوق في الجهة الشمالية بعدًا نسبيا عن المكب.

ويوضح أنه كان من المفترض أن ينقل هذا المكب إلى منطقة جحر الديك، لكنه الحصار وأزمة السولار التي تمر بها البلدية يحول دون ذلك.

ويشدد أبو شعبان على أن البلدية ملتزمة بعقود ومن المصلحة أن يزال سوق الفراس لأنه مكرهه صحية.

أما عن إشكالية نقل جزء من السوق وإبقاء جزء آخر فيبررها أبو شعبان بأن المشروع عبارة عن مراحل وهذا جزء من تلك المراحل، مضيفا أنه سيتم  حاليا نقل سوق الخضار والسوق المخصص لبيع اللحوم والدجاج إلى اليرموك.

أما عن مناسبة الوقت والظروف لهذا المشروع، فيبرر أبو شعبان ذلك بالقول إنهم يأخذون بعين الاعتبار أن الوضع صعب وتمر أزمات متتابعة على أهالي غزة و الحصار يشتد ومواد البناء غير متوفرة لكنه يتسأل منذ متى كنا بعاد عن الحصار ؟، ويقول :”منذ سنوات ونحن من حصار إلى حصار ومن أزمة إلى أزمة وبالتالي علينا أن نتجاوز المشروع على أمل أن نؤمن له بناء جيد”.

 

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن