شباب فلسطينيون يصنعون سينما “لأجل البيئة” في الضفة الغربية

آفاق البيئة والتنمية

إن تجد مجموعة من الشبان اليافعين من مختلف أرجاء الوطن يوجهون أفكارهم وطموحاتهم ومهاراتهم تجاه القضايا البيئية، فهو أمر يستحق التقدير، وذلك لمساهمته في تعميق الثقافة البيئية لدى الشباب “الفئة الفاعلة والمبادرة في مجتمعنا” وجعلهم على تماس أكثر مع عالمهم المحيط وما يضر بعناصره الطبيعية من ماء وتربة وهواء وتنوع حيوي، فتضاف ثمرة جهودهم إلى وسائل الإعلام المحلية التي تهتم بقضايا البيئة وتعلي صوتها ومن أبرزها “مجلة آفاق البيئة والتنمية” الصادرة عن مركز معا، بالإضافة إلى عدد من المؤسسات الأهلية المهتمة بالتوعية البيئية.

خمسة أفلام وثائقية قصيرة، هي مشروع سينمائي أول يركز على البيئة قام به شبان من مناطق مختلفة في الضفة الغربية، حيث تناولوا قضايا مختلفة تحت مظلة “جمعية السينمائيين الفلسطينيين الشباب بدعم من الاتحاد الأوروبي وإشراف المخرج الفلسطيني ورئيس الجمعية “أنيس البرغوثي”.

شارك في حفل الإطلاق الذي نظم في مركز خليل السكاكيني الثقافي، يوم الـ26 من أيلول كل من الصحفية والمحررة البيئية في مجلة آفاق البيئة والتنمية الفلسطينية “ربى عنبتاوي” والمدير التنفيذي لمجلس إدارة النفايات الصلبة المهندس حسين أبو عون، فيما تغيّب وكيل سلطة جودة البيئة “جميل امطور” عن الحضور. وحضرت مديرة البرامج في الاتحاد الأوروبي “كريستل لوكاس”، بمشاركة مجموعة من الشباب والمهتمين بالشأن البيئي.

رئيس الجمعية ” البرغوثي” تحدث لمجلة “آفاق” عن بداية الفكرة والتي هي أصلاً من ضمن اهتمام الجمعية بصناعة الأفلام ذات الأبعاد الثقافية والمجتمعية بتوقيع شبان قادرين على تغيير واقعهم للأفضل، لذلك تم توجيههم لمناقشة القضايا البيئية وايلائها أهمية بدلاً من أن تظل قضايا ثانوية، بحيث تم اختيار 12 مشاركاً من أصل 72 متقدم، قاموا بدورهم بتقديم مقترحات بيئية بحكم معايشتهم لها في مجتمعاتهم، جمعوا عنها مزيدا من المعلومات للإحاطة بجوانبها المختلفة، ومن ثم تلقوا تدريبا تقنيا ونظرياً مكثفاً، وبعد التدريبات تم تطبيق خمس أفكار لأفلام بيئية بحيث عمل الطاقم كفريق لإنجاحها.

نبذة عن الأفلام

فوضى

يناقش فيلم فوضى للشاب معتز الريان، ومدته 6:25 دقائق، الكميات الهائلة من النفايات الصلبة التي تتجمع في الشوارع وتنقل إلى مكبات قريبة، بعضها يُحرق فيلوث دخانه أجواء المناطق السكنية القريبة، وبعضها يرحل إلى واحد من اثنين من المكبات المركزية في الضفة الغربية (المنيا في الخليل وزهرة الفنجان في جنين)، إلا أن أزمة النفايات ما زالت تتفاقم وتبحث عن حل جذري.

الأرض البور

مخرج الفيلم إبراهيم أبو مزنة، مدة الفيلم: 7 دقائق

أراضي جافة، أملاح، شح مياه، عدم توفر دعم أو إرشاد زراعي، مصادرة أراضي، ومنافسة منتجات المستوطنات في السوق الفلسطينية. هذه هي الظروف التي يحاول المزارع الفلسطيني في منطقة الخليل التغلب عليها، فهل ينجح؟

وادي قانا، واحة تجّف

مخرج الفيلم: شادي حمايل، مدة الفيلم: 7 دقائق

كان وادي قانا بمياهه الغزيرة وخصوبة تربته سلة للمنتجات الزراعية والحيوانية في المنطقة قبل سنوات خلت، وكان وجهةً للباحثين لقضاء أوقات ممتعة في أحضان الطبيعة، إلا انه بدأ في التحول إلى مكان مقفر يمنع استغلال أرضه بأوامر عسكرية من قبل الاحتلال ومضايقة المستوطنين المستمرة لأصحاب الأراضي.

بانتظار الزرزور

المخرج: سليمان مكركر ، مدة الفيلم 8:20 دقائق

خالد ورنا من قرية العوجا قضاء أريحا، قرّرا أن تكون الأرض بداية لهم ليزرعا بذرة الأمل في حقول أكلها الجفاف، خالد يرتبط في الأرض منذ أيام أجداده، أما رنا فقد انضمت إليه لتكون يدهُ اليمنى في مهمته، ماذا يروي لنا خالد ورنا عن أرضهم؟

غبار الموت

مخرج الفيلم: احمد شاطر، مدة الفيلم 8:17 دقيقة

تبدو منطقة جماعين منطقة صناعية بوجود مقالع ومناشير الحجر التي تملأها وتزدحم بذلك شوارعها الضيقة بالشاحنات التي تنقل الحجر من وإلى البلدة، هذا هو الواقع المزعج والملوث الذي يتعايش معه سكان قرية جماعين.

أفلام تغرد خارج سرب التقليدية الوثائقية

حين نتحدث عن أفلام وثائقية كما عرفت بطابعها العام، فإن للمقابلات العديدة والمتنوعة والتي تحيط بجوانب القضية دور بارز إلى جانب بعض المعايشة للشخصيات والأحداث، لكن الأفلام التي أنتجها الشبان تميزت ببصمة منفردة مختلفة عن الصورة التقليدية للفيلم الوثائقي، وذلك من جانب التقنيات العالية في التصوير التي ركزت على قوة وتأثير الصورة بحيث تهيمن أحياناً على المضمون، وتركيز أقل على الحوار الذاتي للشخصيات وندرة في المقابلات الرسمية.

مردُّ ذلك وفق المخرج البرغوثي، في أن المشروع انتهج من خلال الأفلام نمط  معايشة حياة الفرد ضمن البيئة المحيطة، ما سيقودنا إلى القضية العامة، أي كنوع من جذب المشاهد للتعمق في حياة الإنسان ومن ثم الخروج لمحيطه. ومن وجهة نظر البرغوثي فإن المقابلات عموماً وتحديداً مع المسؤولين، كانت ستضعف من قيمة الفيلم بمشاهده القادرة على نقل الفكرة دون تدخلات حوارية تشوش على الصورة .

فيما رأت عنبتاوي أن المقابلات كانت ستلعب عنصراً مهماً في الفيلم الوثائقي، وربما شكّلت مقابلات المسؤولين دوراً في إبراز مدى التقصير الرسمي تجاه القضايا البيئية، التي لا تأتي في سلم أولوياتهم مقابل هيمنة القضايا السياسية الأكثر إلحاحا.

وأشادت عنبتاوي بقوة المواضيع المطروحة حيث ناقشت قضايا مفصلية كأزمة النفايات الصلبة في الأراضي الفلسطينية، وشح المياه ما يهدد القطاع الزراعي برمته في مناطق الجنوب الفلسطيني، والاستيطان وتدميره لواد قانا الأخضر، وكفاح المزارعين في العوجا رغم العوائق المادية وغياب الدعم الحكومي، ومشاكل الكسارات وتهديدها للمناطق السكنية المحيطة من نواحي صحية إنسانية.

واتفقت عنبتاوي بأن الصورة والتي أدارها المخرجون الشباب الواعدون بذكاء، يعكس إدراكهم لإيقاع الحياة السريع المبني على المرئي والمسموع، بحيث نجد الحوارات أقل من التركيز على الصورة، فيما تغيب الحلول، والتي رأى البرغوثي أنها أيضاً كانت ستضعف الأفلام، لأن وظيفة السينما هي في أن تطرح قضية وتسلط الضوء عليها، فيما تُترك الحلول للجهات المختصة سواء مسؤولين وصناع قرار وقادة مجتمعيين.

واهتمت عنبتاوي بنجاح الفيلم في إبراز موضوع الجندر في الأفلام من خلال مقابلة شخصيات نسائية وأطفال، وهذا يصب في تقريب قضية البيئة من الإنسان عموماً والجندر خصوصاً، فهي لا تقتصر فقط على الذكور بل تمس النساء والأطفال أيضا.

وأشادت بتناول موضوع الكسارات مثلاً بعيداً عن التأثير البيئي في فيلم “غبار الموت” حيث انتهج الفيلم الجانب الإنساني الصحي، وهذا وفق البرغوثي يقرب فكرة الفيلم من المشاهد ويدفعه إلى التطلع أكثر إلى المشكلة الأكبر.

نقد بنّاء

أثارت المشاركة عنبتاوي بعض الملاحظات النقدية والتي كان يجب الالتفات لها مثل غياب الإحصائيات أحيانا من مجمل الأفلام، والتي من شأنها أن تدعم قضية الفيلم إن أضيفت باختصار وبلا إلحاح، لأهميتها في الإحاطة بحجم وتداعيات المشكلة البيئية.

كما ظهرت بعض المشاهد والتي سقطت سهواً مثل رش أحد المزارعين للمبيدات الكيماوية على شجر النخيل في “بانتظار الزرزو، وظهور دعاية لشركتين واحدة فلسطينية وأخرى أجنبية من خلال “بلوزتين” ارتدتهما شخصية في الفيلم، وهذا أمر كان من المهم الالتفات إليه.

خاص بآفاق البيئة والتنمية

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن