عرب الجهالين يقاسون العيش وألم التشرد

في خيمةٍ لا تتعدى مساحتها 10 أمتار، ولا تكفي لاحتياجات عائلته الأساسية، يعيش المواطن عطاالله جهالين بعدما صادرت قوات الاحتلال الإسرائيلي وقطعان المستوطنين كرفانه الذي موله الاتحاد الأوروبي بداية العام الجاري، وشردت عائلته في العراء.

ويتذوق جهالين (40عامًا) وغيره من “عرب الجهالين” القاطنين في حي جبل البابا شرق العيزرية جنوب شرق القدس المحتلة قساوة العيش وألم الرحيل والتشرد الذي يُلاحقهم يوميًا، ويُنغص حياتهم.

وصادرت قوات الاحتلال مؤخرا ثلاثة كرفانات من أصل 18 أقيمت بتمويل من برنامج “إيكو” للمساعدات الإنسانية التابع للاتحاد الأوروبي، وكذلك الوكالة الفرنسية للتنمية، لإيواء عائلات فلسطينية شردتها الأحوال الجوية القاسية التي ضربت المنطقة في كانون الأول من العام المنصرم.

وأدان مسؤولون في الاتحاد ما قامت به “إسرائيل”، واصفين ذلك بأنه تهجير قسري للفلسطينيين، ويجب أن يتوقف على الفور، لما فيه من انتهاك للقانون الدولي.

وقالوا “في الوقت الذي نقر بأن هذه الأحداث تأتي في مرحلة سياسية حساسة حيث يتفاوض أطراف الصراع في محاولة للتوصل إلى تسوية برعاية أمريكية، إلاّ أننا في المقابل نستنكر عمليات الهدم هذه والتبعات الإنسانية المترتبة عليها، وذلك من أجل الحيلولة دون تكرارها”.

ألم التشرد

ويتحدث المواطن جهالين لوكالة “صفا” بحسرة عن تفاصيل مصادرة كرفانه البالغ مساحته 50مترًا، قائلًا “في العاشر من إبريل الجاري تفاجأنا باقتحام قوة كبيرة من جيش الاحتلال والمستوطنين حي جبل البابا، والبدء بالاستيلاء على الكرفان الذي أعيش فيه وعائلتي، دون سابق إنذار وحتى السماح لنا بإخراج محتوياته”.

ويضيف “وضعنا الآن صعب للغاية، فقد بتنا نعيش في خيمة وزعها الصليب الأحمر، ولكنها ضيقة ولا تتسع لمستلزماتنا، ونستخدمها فقط للنوم ليلًا، في حين أن الأطفال يقضون معظم أوقاتهم في العراء”، مضيفًا “الآن لا يوجد لنا سوى هذا المأوى، وبالكاد نستطيع توفير احتياجات أطفالنا وتدبر أمور حياتنا”.

وتلاحق قوات الاحتلال أهالي المنطقة لوضع اليد علي أراضيهم، وضمها إلى مستوطنة “معاليه أدوميم” القائمة على أراضيهم، ولكن رغم تلك الإجراءات إلا أنهم يتشبون بأرضهم، ويصرون على الدفاع عنها وعدم تركها.

وبهذا الصدد، يؤكد جهالين أن الاحتلال يمارس انتهاكات كثيرة، ودائمًا يداهم المنطقة ويستفز المواطنين لإجبارهم على الخروج منها، كما يمنع إقامة أي مشاريع بالمنطقة، ولكن نحن صامدون، ومهما هدموا وصادروا سنبقى في أرضنا وسنعيد بنائها.

وتفقد ممثلون عن الاتحاد حي جبل البابا، واطلعوا على الأضرار التي خلفها الاحتلال عقب مصادرته للكرفانات الثلاثة، وقد حذر مصدر دبلوماسي أوروبي من أن “إسرائيل” توشك على هدم مساكن أخرى ما زالت قائمة بالمنطقة.

وأبدى الممثلون–وفق جهالين- اهتمامًا كبيرًا بقضيتهم، وقد أثاروها دوليًا، وطالبوا “إسرائيل” بوقف عمليات المصادرة والهدم بالمنطقة.

ويطالب المجتمع الدولي والسلطة الفلسطينية وكافة الجهات بالوقوف إلى جانبهم، ودعم صمودهم، مشيرًا إلى أنه تواصل مع محافظة القدس ووزراتي الزراعة والحكم المحلي، وطالبهم بتقديم المساعدات لهم، ولكن دون جدوى.

أوضاع صعبة

والمواطن الضرير سليمان كايد جهالين (54عامًا) هو الآخر صادرت قوات الاحتلال كرفانه، وأبقته بدون مأوى وعائلته البالغ عددها عشرة أفراد.

يقول لوكالة “صفا” إن” الاحتلال لم يترك لنا مأوى ولا مكان إلا لاحقنا فيه، دون مراعاة لوضعي الصحي، وقد تفاجأنا بتفكيك الكرفان البالغ مساحته 35 مترًا، ومصادرته دون قرار من المحكمة الإسرائيلية، فهم لم يتركوا لنا أي شيء من احتياجاتنا”.

ويضيف “أعيش في هذه المنطقة قبل عام 1967، ولن أتركها مهما هدموا وصادروا، فنحن أصحاب هذه الأرض، وسنعمر منازلنا من جديد”، لافتًا إلى أن هناك وعودًا من عدة جهات لتقديم المساعدات لهم، ولكن حتى اللحظة لا تنفذ.

ويحاول جهالين وعائلته التأقلم بأي مقومات بسيطة مع الواقع الجديد رغم صعوبته، وذلك من أجل البقاء على الأرض، وعدم تركها للاحتلال ومستوطنيه.

وكانت جرافات الاحتلال هدمت خلال مارس الماضي منزلًا سكنيًا للمواطن جهالين مبنى من الطوب ومسقوف زينكو، مساحته نحو 65 مترًا، وبركسًا مساحته 40 مترًا، دون السماح لهم بإخراج احتياجاتهم.

وذكر الموقع الإخباري التابع للاتحاد “يوروأكتيف” الذي يتخذ من بروكسل مقرًا أن منطقة جبل البابا هي بمثابة “خط أحمر” بالنسبة للدول الأوروبية، مشيرًا إلى أن الاتحاد قد يعمد إلى مطالبة “إسرائيل” رسميًا بدفع تعويضات لبروكسل.

ونقل عن الدبلوماسي الأوروبي قوله إن عددًا من الدول الأعضاء في الاتحاد تنوي أن تطالب “إسرائيل” بتعويض مالي كلما دمرت مشاريع مساعدة إنسانية يمولها الاتحاد.

ويصف رئيس تجمع عرب الجهالين سامي أبو غالية مصادرة الاحتلال للمساكن المتنقلة بأنها سياسة ممنهجة لتفريغ الأراضي من سكانها، لبناء المستوطنات وجدار الفصل العنصري الذي يغلق البوابة الرئيسة لشرقي القدس.

وقال إن الاحتلال يحاول من خلال سياسته هذه أن يصل البدو بالمنطقة لحالة من الملل والكلل وصولًا إلى رحيلهم من أرضهم، ولكن رغم ذلك هم متمسكون بأرضهم، ولن يخرجوا منها مهما كلفهم من ثمن.

ويبين أن التجمع تواصل مع المؤسسة الداعمة لتلك المساكن والبركسات لتوفير المساعدة للسكان، وقد رفعت المؤسسة قضية في إحدى المحاكم الإسرائيلية، لأن الاعتداء جرى بطرق غير قانونية، ودون أي قرار من المحكمة، كما استهدف مساكن تتبع للاتحاد الأوروبي.

ويضيف “تواصلنا مع مؤسسات السلطة من أجل توصيل صوتنا وقضيتنا للعالم الخارجي، وطالبنا بتعزيز صمود المواطنين في أراضيهم”.

المصدر: وكالة صفا

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن