عشية الاستعداد للانتخابات.. هل يتخلى بوتين عن ميدفيديف “بطل معركة التوريث”؟

ميدفيدف وبوتين

باتت الغيوم تخيم على المشهد العام للسلطة في موسكو منذ أن اكتسحت كبريات المدن الروسية المظاهرات المنددة بالفساد، إذ طالب آلاف المتظاهرين بمحاسبة رئيس الحكومة الروسية دميتري ميدفيديف كرمز من رموز الفساد.

ميدفيديف أصبح الشغل الشاغل لرموز المعارضة؛ ما جعل الغموض يكتنف مستقبله وهو الذي سبق ولعب أهم الأدوار إلى جانب الرئيس فلاديمير بوتين بما في ذلك شغله لمنصب الرئيس “مؤقتا” إلى حين عودته من العطلة الإجبارية الدستورية خلال الفترة 2008-2012.

وفيما تشير نتائج استطلاع الرأي التي أجراها “صندوق مكافحة الفساد” الذي يترأسه “زعيم المعارضة” الكسي نافالني إلى تناقص شعبية ميدفيديف حتى 10% ، قالت مصادر أخرى لمركز “ليفادا” أحد أبرز مراكز قياس الرأي العام في روسيا إن نسبة مؤيدي ميدفيديف لا تزيد عن 8% في أبريل الجاري، ما جعل وكالة “بلومبرج” تتوقع احتمالات التضحية بميدفيديف مع حلول عام 2018 ، أي قبيل الانتخابات الرئاسية المرتقبة التي يتوقع الكثيرون أن يخوضها بوتين للفوز بمأمورية رابعة تستمر حتى عام 2024.

وإذا كان هناك من يتوقع أن تنعكس التضحية بميدفيديف على ارتفاع شعبية بوتين وامتصاص غضب الكثيرين من طول أمد ما يسمونها بفترة الركود الاقتصادي، فإن هناك آخرين ومنهم نافالني المعارض الطامح في خوض انتخابات الرئاسة المرتقبة في روسيا، ممن تراودهم آمال تحقيق المكاسب من وراء هذه الخطوة، التي يربطونها بجهودهم في فضح ما يسمونه بفساد رئيس الحكومة، إذ يقولون إن بوتين لن يسمح لآخرين ومنهم نافالني بالاستفادة من هذه الخطوة لتحقيق مآرب ذاتية، على حد قول “جليب بافلوفسكي” أحد رجال بوتين السابقين.

وثمة ما يشبه الاجماع في أروقة السياسة الروسية شبه الرسمية، أن بوتين لن يقدم على “التضحية” بمدفيديف في ظل الظروف الحالية وهو الذي يشغل دستوريا المنصب الثاني في الدولة، بسبب عدم وجود منصب “نائب الرئيس” في روسيا والذي كان ألغاه الرئيس السابق بوريس يلتسين في أعقاب خيانة نائبه ألكسندر روتسكوي له في عام 1993.

وكان ميدفيديف سبق وأفصح في نهاية مأموريته الرئاسية السابقة عن “رغبة مكتومة” في الاستمرار في الرئاسة لولاية ثانية، بحجة الانتهاء من تنفيذ ما وضعه من خطط وبرامج؛ ما رفضه بوتين بشكل حاسم، مكتفيا بقبول اقتراح ميدفيديف بالعودة الى رئاسة الحكومة كحل وسط يقيهما شرور خوض الانتخابات كمرشحيْن متنافسيْن.

ووفق كل هذه المحطات وحسبما تشير دلائل كثيرة، يتوقع متابعون كثر أن يستمر ميدفيديف في منصبه رئيسا للحكومة حتى ما قبل انتخابات الرئاسة المرتقبة في مطلع العام المقبل.

أما عن الأسباب فهي أيضا كثيرة ومنها كون ميدفيدف لا يزال مانع الصواعق الذي يمكن أن يمتص كل أشكال الغضب تجاه سياسات الرئيس بوتين، وفق اندريه كوليادين أحد العاملين السابقين في إدارة الكرملين؛ ما يفسر احتدام الجدل حول هذه القضية على ضوء ردود الأفعال التي تعالت تجاه نتائج استطلاع الرأي الذي أجراه مركز “ليفادا” من جانب الأوساط القريبة من رئيس الحكومة من جانب، ومن دوائر الكرملين من جانب آخر.

وكان المراقبون فسروا تناقص شعبية ميدفيديف حسب نتائج “ليفادا” إلى الحملة الضارية التي تواصلها أوساط المعارضة وترويجها لشريط فيديو يثبت عمليات فساد تورط فيها رئيس الحكومة بما في ذلك امتلاكه لعقارات في روسيا وإيطاليا تقدر قيمتها بزهاء مليار دولار، حسب المعارضة.

أما عن الهجوم الذي شنته ناتاليا تيماكوفا الناطقة الرسمية باسم الحكومة الروسية والسكرتيرة الصحفية لميدفيديف ضد نتائج استطلاع مركز “ليفادا”، فقد وصفه ليف جودكوف رئيس المركز “بأنه “رد فعل غير ذكي” من جانب ممثل رئيس الحكومة، وأن مسألة هبوط شعبية ميدفيديف ليست وليدة اليوم، بل تعود الى أشهر عدة نتيجة لاستمرار الأزمة في البلاد”.

ولذا كان طبيعيا أن يصدر عن الكرملين ما يفيد بضرورة توخي الدقة، ودراسة ما أسفرت عنه استطلاعات مركز “ليفادا” من نتائج.

أما دميتري بيسكوف الناطق الرسمي باسم الكرملين فقد اكتفى بالإشارة إلى “أن الأوضاع الاقتصادية في البلاد بالغة التعقيد، وأن الحكومة تتحمل أعباء اتخاذ الكثير من القرارات المتعلقة بإدارة الأمور الاقتصادية الحيوية”. وفي فحوى ذلك ما يفيد بأن الوقت “لم يحن بعد للحديث عن نقاط الخلاف مما يدور على الأصعدة الرسمية، وما تتعجل أوساط المراقبين الخوض في تفاصيله ونهش مفرداته”.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن