فايننشال تايمز: قطر تحدت الحصار بـ200 مليار دولار

فايننشال تايمز: قطر تحدت الحصار بـ200 مليار دولار

سلطت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية الضوء على الحصار المفروض على قطر، بعد نحو عام على فرضه من قبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر، مؤكدة في تقرير لموفدها إلى الدوحة، سيمون كير، أن الدوحة تنفق أكثر من 200 مليار دولار على مشاريع البنية التحتية والطرق، كجزء من محاولتها لكسر الحصار وتجاوز آثاره السلبية.

يتجول سيمون كير في مدينة لوسيل الجديدة، واصفاً إياها بأنها “متاهة من الشوارع الجديدة والأبراج شبه الكاملة”، فعشرات الرافعات تلوح في مواقع مختلفة في تلك المدينة، ولا مبنى حكومي هنا سوى مبنى وزارة الاقتصاد والتجارة، في هذه المدينة البحرية القريبة من الدوحة، والتي من المقرر أن تكون جاهزة قريباً لاستقبال نحو 200 ألف شخص.

وفي العام 2022، حيث نهائي كأس العالم الذي سيقام في قطر، ستكون المباراة النهائية في ملعب لوسيل، الذي يتسع لنحو ثمانين ألف متفرج، والذي صممته شركة فوستر وما زال تحت الإنشاء.

التقدم السريع في هذه المدينة وغيرها من المباني والإنشاءات في قطر، يأتي في وقت تواجه فيه الدوحة أخطر تهديد خارجي لها منذ أكثر من أربعة عقود، فقد أغلقت المنفذ البري الوحيد معها، ومُنع سكانها من السفر إلى الدول الخليجية الثلاث منذ يونيو 2017، بالإضافة إلى عقوبات أخرى طالت شركة الطيران القطرية تمثلت في منع مرورها في أجواء الدول الأربع، بحجة دعم قطر للإرهاب.

وتسعى الولايات المتحدة بشكل متزايد لرأب الصدع بين الخليجيين، وذلك في إطار محاولاتها لتشكيل جبهة موحدة ضد الإرهاب وإيران، وتمتلك أمريكا قاعدة عسكرية في قطر، تعد الأهم في المنطقة، ولكن رغم الجهود الأمريكية فإنه لا حل وشيك للأزمة الخليجية، بحسب المراقبين.

تعتبر قطر أغنى بلد في العالم على مستوى متوسط دخل الفرد، وهي تعوض الأثر الاقتصادي الذي سببه الحصار بالمضي قدماً في برامج تطوير البنية التحتية، الذي تبلغ كلفته نحو 200 مليار دولار.

حيث تقوم ببناء شبكة من الطرق والسكك الحديدية، في حين ضخت الحكومة نحو 50 مليار دولار من الصندوق السيادي في القطاع المصرفي لحمايته من أي آثار أو تداعيات قد يتسبب بها الحصار.

بالمجمل، تمكنت قطر من التكيف مع الحصار من خلال العديد من الإجراءات التي اتخذتها لتعويض نقص التجارة وأيضاً التمويل، كما يقول جهاد أزعور، المدير الإقليمي لصندوق النقد الدولي.

اتخذت قطر خطوات بديلة وطرق تجارة جديدة من أجل التغلب على الحصار، فكان أن استعانت بميناء حمد الدولي الجديد بدلاً من ميناء جبل علي في دبي، وأيضاً أدى إغلاق المنفذ البري الوحيد مع السعودية إلى استعانة الدوحة بفتح طريق تجارة بحري مع إيران وباكستان لسد النقص الحاصل من المواد الغذائية.

قرار ترامب الأخير بالانسحاب من صفقة النووي مع إيران أثار القلق من تأثر قطر سلباً، خاصة أن الدوحة فتحت خطاً تجارياً مع إيران، إلا أن المسؤولين القطريين يؤكدون أن قيمة التبادل التجاري بين الدوحة وطهران ضئيل مقارنة بقيمة التبادل بين طهران وأبوظبي.

تقول لولوة الخاطر، المتحدثة باسم وزارة الخارجية القطرية، إن الإمارات تهيمن على ما نسبته 90% من تجارة دول الخليج مع إيران، وحتى بعد الحصار المفروض على قطر، وارتفاع الواردات القطرية من إيران، فإنها تظل أقل من واردات الإمارات.

الآن وبعد أن نجحت الدوحة في تجاوز مرحلة الحصار- تقول الصحيفة- فإنها تركز على كيفية تعزيز النمو لملء المراكز التجارية والأبراج السكنية التي ترتفع على امتداد المدينة.

ومن المرجح أن يكون العجز المالي هذا العام نحو 1.6% من الناتج المحلي الإجمالي، وأن يحقق فائضاً قدره نحو 2.8% خلال العام 2018، مستفيداً من ارتفاع أسعار النفط .

وبحسب الصحيفة البريطانية، فإن الاقتصاد القطري ورغم الحصار، يتمتع بوضع أقوى من اقتصاد جيرانه الخليجيين، حيث بلغ متوسط النمو أكثر من 12% بين عامي 2000 و2014، وهي الفترة التي ارتفع فيها سكان قطر من 600 ألف إلى أكثر من 2.5 مليون نسمة.

مراقبون يعتقدون أن الحصار المفروض على قطر لم يعد له معنى، خاصة أن الرئيس ترامب غيَّر من موقفه، فقد أوفد وزير خارجيته الجديد، مايك بومبيو، إلى الرياض، حيث أعلن من هناك ضرورة إنهاء الحصار المفروض على قطر.

تقول لولوة الخاطر: “نحن على استعداد للتعامل مع المخاوف التي لدى الأشقاء، لكننا نطلب أيضاً من جيراننا النظر إلى مخاوفنا، لقد فرضوا الحصار بين ليلة وضحاها، وطردوا مواطنينا. عليهم احترام سيادة قطر”.

يصر القطريون على أن شركاتهم الجديدة موجودة هنا في الدوحة، وأنهم لم يعودوا يرغبون بالعودة إلى الوضع السابق باعتمادهم على شركائهم الخليجيين.

ويقول وزير المالية القطري، علي العمادي: “سنواصل القيام بما هو مناسب لدعم اقتصادنا، لقد كنا دائماً نقول إننا جزء من دول مجلس التعاون الخليجي ونريد الحوار، ولكن أيضاً اقصادنا وشعبنا يأتي كأولوية بالنسبة لنا”.

تقوم قطر حالياً بتوسيع عقودها لتصدير الغاز، وتوقيع صفقات جديدة طويلة الأجل لبنغلاديش وفيتنام، وإطلاق شراكات مع القطاع الخاص لبناء مناطق لوجستية ومشاريع البنى التحتية، فضلاً عن إصلاح منظومة القوانين لتحفيز الاستثمار الأجنبي، وتأمل بجذب المزيد من السياح من خلال تخفيف شروط الحصول على التأشيرة.

يقول العمادي: “إن تغيير القانون والسماح للأجنبي بشراء العقارات في أي مكان من قطر، والسماح للأجنبي بالقيام بأعمال تجارية دون شريك محلي، كلها قرارات ستسهم في تحقيق رؤية قطر لتكون مكاناً جاذباً للاستثمار”.

Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on vk
Share on whatsapp
Share on skype
Share on email
Share on tumblr
Share on linkedin

زوارنا يتصفحون الآن